قمة “الخطوط الحمراء”| معركة شد حبال بين بايدن وبوتين حول القرصنة والتسلح وعودة السفراء وسوريا
وكالات
اتفق الرئيس الأمريكي جو بايدن ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في قمة بجنيف، أمس الأربعاء، على بدء حوار ثنائي متكامل بشأن الاستقرار الاستراتيجي لوضع الأساس لإجراءات مستقبلية للحد من الأسلحة وخفض المخاطر.
وجاء في بيان مشترك صدر بعد القمة “تمديد معاهدة نيو ستارت مؤخرا هو تجسيد لالتزامنا بالحد من الأسلحة النووية. واليوم نعيد التأكيد على مبدأ أنه لا فائز في حرب نووية بل يجب ألا تحدث (هذه الحرب) أبدا”.
وقال البيان إن بايدن وبوتين “أظهرا أنهما، حتى في أوقات التوتر، قادران على إحراز تقدم في تحقيق أهدافنا المشتركة المتمثلة في خفض خطر النزاعات المسلحة وتهديد الحرب النووية”.
كما اتفق الرئيسان الأمريكي والروسي على عودة سفيري البلدين، وأكد بايدن أنه لا يعتقد أن بوتين يرغب في الانخراط بحرب باردة جديدة.
وذكر سيرجي ريابكوف، نائب وزير الخارجية الروسي، أن الاجتماع الأول بين روسيا والولايات المتحدة في إطار الحوار حول الاستقرار الاستراتيجي سينعقد على الأرجح خلال أسابيع قريبة.
وقال ريابكوف، في حديث لصحيفة “كوميرسانت” الروسية، الأربعاء: “علينا تحديد الموعد، لكن كل المؤشرات تدل على أن هذا الأمر مسألة أسابيع وليس أشهر”.
وأوضح ريابكوف أنه لم يتم حتى الآن تحديد الاتجاهات التي ستعمل عليها فرق منفصلة، لكنه أضاف: “المهم بالنسبة لنا هو اتفاق الرئيسين على إطار كبير ومبدئي، ونحن سنعمل بعد ذلك على تطبيق (الاتفاق)”.
وأكد مسؤول رفيع المستوى في الإدارة الأمريكية، أثناء موجز صحفي نشرته وزارة الخارجية، أن بايدن وبوتين ناقشا الملف السوري، بالإضافة إلى أفغانستان، بين القضايا الإقليمية التي تتطابق فيها بعض مصالح دولتيهما حيث تم الاتفاق على البحث عن سبل للتعاون.
وتطرق المسؤول إلى الملف السوري قائلا إن “اختبارا” سيأتي بعد نحو شهر في الأمم المتحدة لتحديد ما إذا كان سيتم توسيع الممر الإنساني في هذا البلد.
وردا على سؤال عما إذا كان بايدن تلقى أي التزامات من بوتين بإبقاء أو حتى توسيع عملية تقديم المساعدات الإنسانية عبر الحدود إلى سوريا، قال المسؤول: “لم تكن هناك أي التزامات، لكننا أكدنا بوضوح أن هذا الأمر يحظى بأهمية كبيرة بالنسبة لنا، وإذا كان هناك أي تعاون في المستقبل بشأن سوريا، فينبغي أن نرى بالدرجة الأولى توسيع الممر الإنساني”.
وقال نائب وزير الخارجية الروسي في مقابلة نُشرت على موقع وزارة الخارجية على الإنترنت يوم الخميس 17 يونيو 2021 إن موسكو تتوقع أن تبدأ محادثات الحد من التسلح مع الولايات المتحدة التي تم الاتفاق عليها في قمة جنيف في غضون أسابيع.
كما حدد الرئيس الأمريكي، خطوطا حمراء واضحة جدا لنظيره الروسي فلاديمير بوتين في مجال الأمن الإلكتروني، مع لائحة من 16 كيانا “يجب عدم المساس بها” مهددا روسيا برد في حال تجاوزتها.
بعد تعرض قطاعات كبرى في الاقتصاد الأمريكي لقرصنة بينها توزيع المحروقات، هيمن ملف الأمن الإلكتروني على أول قمة بين الرئيس السادس والأربعين للولايات المتحدة ونظيره الروسي في جنيف.
وعبر الرئيسان عن رغبتهما في مواصلة الحوار ما بعد القمة. وقال بوتين بعد محادثات استمرت ثلاث ساعات ونصف الساعة “اتفقنا على بدء مشاورات حول الأمن المعلوماتي”.
وأوضح بايدن “اتفقنا على الطلب من خبراء من البلدين تحديد ما هو غير مقبول بالنسبة لكل منا وضمان حصول متابعة” لأي هجمات تصدر من روسيا أو الولايات المتحدة.
رغم هذه الرغبة المعلنة في الحفاظ على التواصل، تضمن اللقاء شد حبال، بدون حصول تنازلات.
فقد نقل الرئيس الأمريكي إلى نظيره لائحة تتضمن 16 من “البنى التحتية الحساسة تراوح من قطاع الطاقة إلى أنظمة توزيع المياه” في الولايات المتحدة، لا يمكن بنظره “المساس بها”.
وقال لوسائل الإعلام “لقد أبلغته بأن لدينا قدرة إلكترونية كبيرة” مضيفا أنه إذا انتهكت روسيا بعض “المعايير الأساسية، فسنرد. هو يعلم ذلك”.
واستهدفت الكثير من الشركات الأمريكية ، ومجموعة المعلوماتية “سولارويندز” وشبكة أنابيب النفط “كولونيال بايبلاين” أو حتى عملاق اللحوم العالمي “جي بي أس” في الآونة الأخيرة بهجمات فيروس الفدية وهو برنامج يقوم بتشفير أنظمة الكمبيوتر ويطلب فدية لإعادة تشغيلها.
ونسبت الشرطة الفدرالية الأمريكية هذه الهجمات إلى قراصنة على الأراضي الروسية، وكان جو بايدن أعلن أنه سيستغل فرصة لقائه مع فلاديمير بوتين لكي يحضه على تحمل مسؤولياته في هذا المجال.
واليوم الخميس، سأله مجددا عن شعوره في حال هاجم قراصنة حقول نفط روسية، وقال “الدول المسؤولة يجب أن تتحرك ضد المجرمين الذين يشنون هجمات من نوع فيروس الفدية انطلاقا من أراضيها”.
من جهته، اعتبر بوتين الاثنين فكرة أن بلاده تقوم بحرب إلكترونية ضد الولايات المتحدة “سخيفة”، وأعاد الأربعاء مجددا الكرة الى ملعب الأمريكيين.
وقال “غالبية هجمات المعلوماتية في العالم مصدرها الفضاء الأمريكي” متهما واشنطن بعدم التعاون ضد قراصنة المعلوماتية.
وأضاف “في 2020، تلقينا 10 طلبات من الولايات المتحدة تتعلق بهجمات إلكترونية على بنى تحتية أمريكية تم تنفيذها، بحسب قولهم من الفضاء الإلكتروني الروسي واثنين هذا العام، وكنا نرد عليهم دائما بشكل شامل”.
وتابع أن روسيا نقلت 45 طلبا مماثلا إلى الولايات المتحدة في 2020 و35 منذ كانون الثاني/يناير “بدون أن تتلقى ردا واحدا”.
وفي واشنطن، اعترف مسؤول كبير بأنه لم يوجه طلب مساعدة قانونية متبادلة لروسيا بعد الهجمات على “كولونيال بايبلاين” أو شركة “جي بي أس”. وقال جون ديميرز مسؤول الأمن القومي في وزارة العدل، “لقد وصلنا إلى مرحلة لم يعد فيها ذلك مجديا”.
وأضاف “لقد قدمنا طلبات كهذه في السابق، لكن رأينا الروس يعارضون جهودنا خصوصا في مجال تسليم المجرمين”.
وقال إن روسيا تحمي القراصنة المقيمين على أراضيها في مقابل الحصول على مساعدتهم “في مجالات تكون فيها مصالح حكومية”.
وأوضح أن الحكومة الروسية “لا تكتفي بالتسامح معهم، إنما تقف في طريق جهود السلطات الأمريكية لمكافحتهم” خصوصا عبر إعادة القراصنة الذين توقفهم دول أخرى، الى روسيا.
ويبقى معرفة ما إذا كانت قمة جنيف ستغير هذا الوضع. وخلص جو بايدن إلى القول “هل ستتحرك موسكو؟ سوف نرى”.