قبل تفاقم الأزمة| المستشفيات التكاملية حل آخر لمواجهة كورونا.. ومذكرة أمام “الوزراء” لاستغلالها
النائب أحمد طنطاوي: تقدمت بمذكرة لمجلس الوزراء لاستغلال المستشفيات التكاملية كمستشفيات عزل
منى مينا: العزل المنزلي يواجه مشكلات في التنفيذ خاصة بالأحياء الشعبية.. واستغلال المستشفيات التكاملية أفضل
إلهامي الميرغني: يجب تحقيق التوازن بين الخدمات الصحية المقدمة لمصابي كورونا.. والمقدمة لأصحاب الأمراض المزمنة
كتب – أحمد سلامة
خلال السنوات الماضية، أثار ما تردد عن طرح المستشفيات التكاملية للبيع ضجة إعلامية كبيرة بين مؤيد ومعارض، فقد أبدى كثير من الخبراء تخوفهم من هذه الخطوة حيث أن هذه المستشفيات تعد أصولًا وممتلكات وأحد أركان البنية التحتية للدولة يجرم الدستور المصرى بيعها.
544 مستشفى تم بناؤها عام 1997، بهدف تحويل المستشفيات القروية إلى مستشفيات وسيطة بين وحدات الرعاية الأساسية ومستشفيات المستوى الثاني من الرعاية الصحية، لكن هذا ما لم يتحقق.
في الثاني والعشرين من ديسمبر عام 2016، أكد الرئيس السيسي عزم الحكومة طرح عدد من المستشفيات الحكومية التكاملية على المستثمرين والجمعيات الخيرية والاستفادة من الأسرة التي لا يتوافر ميزانية لتجديدها والاستفادة منها.
ووجه السيسي، وزير الصحة على هامش افتتاح المرحلة الرابعة من تطوير المجمع الطبي بكوبري القبة أن ما يُنفذ ما سبق وتم الاتفاق عليه منذ ثمانية أشهر، عبر توفير دخل عبر بيع تلك المستشفيات وتوفير دخل يسمح للوزارة بتوفير آلية ثابتة لتقديم خدمة طبية لغير القادرين بدلًا من وجود مستشفيات لا تستخدم لنقص الأجهزة بها.
وأشار السيسي، حسب الخبر المنشور بجريدة الأهرام الرسمية، إلى ضرورة التصرف بإجراءات أخرى لتوفير دخل وعلاج المواطنين المحتاجين ما دمنا عير قادرين بالأساليب الحالية.
الأمر الذي دفع عدد من أعضاء مجلس النواب إلى إبداء تخوفهم من اتخاذ هذه الخطوة.. هيثم الحريري عضو مجلس النواب، قال حينها، إن الدكتور أحمد عماد وزير الصحة عرض خصخصة المستشفيات التكاملية على لجنة الصحة في البرلمان وتم رفضه بالبرلمان، موضحًا أن العيب ليس في المستشفيات ولكن في كون الحكومة ليست قادرة على إدارتها.
الخلاف الذي ثار بسبب المستشفيات التكاملية، دفع وزارة الصحة والسكان إلى إصدار بيان رسمي في 23 ديسمبر 2016 أكدت فيه أن توجيهات السيسي بطرح عدد من المستشفيات التكاملية على المستثمرين والجمعيات الخيرية، ليس بهدف خصصتها أو بيعها كما يردد البعض، وإنما بهدف الاستفادة من الأسّرة التي لا تتوافر ميزانية لتجديدها، وتقديم خدمة طبية متكاملة للمرضى في القرى والمناطق النائية بأجر رمزي، وأن الشراكة ستكون مشروطة بتقديم «خدمات بأجر رمزي».
وأكدت الوزارة أنها تسعى بشتى الطرق لتشغيل مستشفيات التكامل للنهوض بالمنظومة الصحية، وتقديم الخدمة الطبية اللائقة للمواطن المصري بجميع محافظات مصر.
تفشي كورونا أعاد الحديث عن المستشفيات التكاملية مرة أخرى، خاصة مع تصاعد مؤشرات الإصابة خلال الآونة الأخيرة، ما مثل ضغطا كبيرًا على المستشفيات والمنظومة الصحية ما زج بالبعض إلى الخوف من ندرة الأماكن بالمستشفيات بل وانعدامها خلال الفترة القادمة ما يزيد من صعوبة مواجهة الجائحة.
السؤال الذي طرحته “درب”، هل يمكن استغلال المستشفيات التكاملية كأماكن مخصصة للعزل في ظل تفشي فيروس كورونا؟
“بالطبع يمكن”، هكذا علق عضو مجلس النواب أحمد طنطاوي، الذي أضاف أنه تقدم بالفعل بمذكرة إلى مجلس الوزراء منذ أيام من أجل استغلال هذه المنشآت الطبية، لافتًا إلى أن كثير من المستشفيات التكاملية يقتصر دورها في الأغلب على كونها وحدات تنظيم الأسرة وتطعيم الأطفال.
وتابع “طالبت في المذكرة المرفوعة إلى مجلس الوزراء بتخصيص المستشفيات التكاملية للعزل خاصة للذين لا يعانون من أعراض أو يعانوا من أعراض بسيطة”.
وأشار طنطاوي إلى أن فكرة تحويل المستشفيات التكاملية إلى (طب الأسرة) هي فكرة بائسة عارضها كثير من أعضاء مجلس النواب في وقتها، مشيرًا إلى أن معظم هذه المستشفيات كانت بحاجة إلى تطوير بسيط للغاية من أجل تحويلها إلى منشآت طبية جيدة الكفاءة.
ونبه إلى أن كثير من هذه المستشفيات عانت من “تكهين” الأجهزة الموجودة بها بعد توقف استخدامها لفترات طويلة.. وهو ما مثل خسارة فادحة للقطاع الطبي.
وحصلت “درب” على نص المذكرة التي تقدم بها النائب أحمد طنطاوي إلى رئيس مجلس الوزراء وجاء فيها:
(معالي دولة رئيس الوزراء، بعد التحية
نظراً للظروف الصعبة التي يمر بها العالم وبالأخص ووطننا الحبيب مصر من حيث إنتشار وباء كورونا في شتى بقاع الدوله وزيادة أعداد المصابين، أرجو من سيادتكم النظر في استخدام مستشفيات التكامل التابعة لوزارة الصحة كمستشفيات عزل لمصابي كورونا الذين لا يعانون من أعراض أو يعانوا من أعراض بسيطة بناءً على الفحص الطبي ولا يستطيعون تنفيذ العزل المنزلي لضيق منازلهم أو يصعب توفير أماكن لهم في مستشفيات العزل الحالية وهم الغالبية العظمى من الحالات حيث يوجد داخل كل مركز في محافظات مصر بضع من هذه المستشفيات يقتصر دورها في الأغلب على وحدات تنظيم الأسرة وتطعيم الأطفال ويتواجد في البعض منها وحدات غسيل كلوي أقترح على سيادتكم نقل الخدمات الموجوده بها إلى الوحدات الصحية الموجودة بالقرى المجاورة لها بحيث يقتصر دور مستشفيات العزل الحالية على استقبال حالات كورونا ذات الأعراض العنيفة والحالات التي قد تحتاج إلى رعاية مركزة واستخدام جهاز تنفس صناعي، وتستمر المستشفيات العامة والمركزية في أداء دورها المعتاد في التعامل مع الأمراض الأخرى دون الكورونا بأمان ودون تقصير حيث توجد خطورة عالية جداً من حيث إنتشار العدوى في حالة استقبال مرضى كورونا ومرضى غير كورونا في نفس المستشفى مهما كانت وسائل الوقايه متبعه.
كما أقترح على سيادتكم نظراً لقلة أعداد أجهزة التنفس الصناعي المتاحة في المستشفيات الحكومية وصعوبة الاستيراد في الوقت الراهن وعدم القدرة على التصنيع المحلي إستئجار أجهزة من المستشفيات الخاصه طوال فترة تواجد الفيروس بمصر.. وفقكم الله لما فيه الخير والصواب).
وحول الموارد البشرية اللازمة لتشغيل المستشفيات، قال طنطاوي إن قطاع التمريض يتيح استغلال المستشفيات، مضيفا “صحيح أن هناك عجز نسبي بالأطباء لكن هذه مشكلة يمكن تجاوزها خاصة وأن معظم حالات الإصابة بفيروس كورونا في مراحله الأولى لا تحتاج إلى عدد كبير من الأطباء ويكفي توافر العدد اللازم للإشراف على الحالات ومتابعة تطبيق البروتكولات الطبية مع أعضاء فرق التمريض”.
عن تأسيس المستشفيات التكاملية والطاقة الاستيعابية، كان الدكتور هشام شيحة رئيس قطاع الطب العلاجي السابق بوزارة الصحة، قد أدلى بتصريحات قال فيها “في عام 2006 توليت العمل مديرًا عامًا لمستشفيات وزارة الصحة في عهد الدكتور حاتم الجبلي، ثم وكيلا ووكيل أول وزارة حتى عام 2012، حيث قمت أنا وزملائي بعمل دراسة علمية وافية عن هذه المستشفيات التي كانت تعاني من صعوبات كبيرة في التشغيل أخصها عدم توافر القوى البشرية لتشغيلها وقد بلغ عدد هذه المستشفيات 544 مستشفى منها 109 كانت تحت الإنشاء وذلك بسبب عدم توفر الاعتمادات المالية علما بأن عدد كبير من هذه المستشفيات تبرع بالأرض وساهم في الإنشاء أهالي كل منطقة، وتم إعادة تأهيل أكثر من ستين مستشفى للعمل كمستشفي مركزي بـ (طاقة سريرية) تتراوح من 25-50 سريرًا”.
الدكتورة منى مينا، وكيل نقابة الأطباء السابقة، قالت في تصريحات لـ”درب” إن هناك ضرورة لاستغلال المستشفيات التكاملية كمستشفيات لعزل الحالات المصابة بفيروس كورونا.
لكنها أوضحت أن هذه المستشفيات بإمكانياتها الحالية لا يمكنها استقبال الحالات المتقدمة في الإصابة، بينما يمكنها استقبال المخالطين والمصابين في مراحلهم الأولى حيث يحتاجون إلى رعاية طبية أبسط مقارنة بالحالات المتدهورة التي تحتاج رعاية خاصة.
وحول الكوادر البشرية، قالت منى مينا “الحقيقة أننا نعاني عجزًا في الأطباء والممرضين، لكن المستشفيات التكاملية وفقا لهذا المقترح لا تحتاج إلى فرق طبية كبيرة، كما أنه يمكن الاستعانة بأعضاء الفرق الطبي الأخرى بخلاف الأطباء والممرضين لتقديم الرعاية الصحية على أن يتم نقل الحالات المتدهورة كالمصابين الذين يحتاجون إلى أجهزة تنفس صناعي وغير ذلك إلى المستشفيات الكبرى”.
وعن الفرق بين “مستشفيات العزل التكاملية” بمقترحها المطروح والعزل في المنزل، قالت “المشكلة الأساسية تكمن في إمكانية الأسر البسيطة في الأحياء الشعبية على توفير غرف عزل خاصة للمصابين، فكلما زاد عدد المصابين في الأسرة الواحدة كلما استحال تتفيذ ذلك، كذلك هناك مشكلات تتعلق بالثقافة الصحية لدى قطاع كبير من البسطاء الذين قد تضطر الظروف بعضهم إلى ممارسة عملهم رغم الإصابة أو يخالط آخرين في أحوال مختلفة”.
وأردفت أن الإبقاء على المصابين داخل مستشفيات عزل مخصصة لذلك وتحت رعاية طبية أفضل كثيرا من العزل المنزلي الذي قد لا يتحقق، وبالتالي يتم بالفعل محاصرة الوباء ومقاومة انتشاره.
الخبير الاقتصادي، ومنسق حملة “الحق في الصحة”، إلهامي الميرغني، لفت في تصريح لـ”درب” إلى أهمية إحداث توازن بين الخدمات الصحية المقدمة لمصابي فيروس “كورونا” وبين ما يحتاجه المرضى الآخرون.
وقال الميرغني، إن الضغط الواقع على المنشآت الطبية والمنظومة الصحية بسبب تفشي فيروس كورونا يجعل من الصعب على أصحاب الأمراض الأخرى كالأمراض المزمنة والسرطان والفشل الكلوي الحصول على خدمات صحية في ظل هذا التكدس بالمستشفيات.
وأضاف أن تحويل كثير من المستشفيات العامة والحكومية وعددها ٣٢٠ مستشفى إلى مستشفيات عزل يزيد من معاناة باقي المرضى ويعرضهم لمخاطر انتقال العدوى.
وتابع “هناك ضرورة لتخصيص مستشفيات للعزل من اجل تخفيف الضغط والعبء الواقع على المستشفيات العامة، وأرى أن استغلال المستشفيات التكاملية هو أمر يمكن تنفيذه”.