“قانون استقرار ليبيا” الكونجرس الأمريكي يتجاهل التدخل التركي ويقر تشريعا ضد التدخل الروسي (تحليل إخباري)
تعاني ليبيا حرباً أهلية يغذيها التدخل الأجنبي على حساب حياة ومستقبل الشعب الليبي.. ونص القانون الأمريكي يقتصر على التدخل الروسي
تحليل تكتبه – ريهام الحكيم
فيما فشلت الجهود الدبلوماسية الدولية في وقف القتال بين الميليشيات المتحالفة مع “حكومة الوفاق الوطني” التي يرأسها فايز السراج في طرابلس، و”الجيش الوطني الليبي” بقيادة المشير خليفة حفتر في شرق البلاد. أقر الكونجرس الأمريكي بالاجماع يوم الخميس الماضي 19 نوفمبر، ما عرف بمشروع “قانون استقرار ليبيا”، بعد تقديم مقترح القانون للموافقة عليه وذلك في سبيل فرض عقوبات على الجهات الخارجية التي تتدخل في الشأن الليبي.
وقال عضو الكونجرس ورئيس اللجنة الفرعية للشرق الأوسط وشمال إفريقيا، تيد دويتش، في تغريدة على “تويتر”: “اليوم، أقر مجلس النواب “قانون استقرار ليبيا”.
وأضاف دويتش: “يدعو القانون الولايات المتحدة إلى القيام بدور أكثر فاعلية في الدبلوماسية لحل النزاع من أجل دعم المساعدات الإنسانية والحكم الديمقراطي والمجتمع المدني والانتخابات المستقبلية، ولتحسين الإدارة المالية للقطاع العام في ليبيا، وتحديدا البنك المركزي والمؤسسة الوطنية للنفط”. وتابع: “من شأن القانون أيضا أن يعاقب الذين يدعمون الجنود المرتزقة والميليشيات، وينتهكون حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة”.
ونص القانون الذي أقره الكونجرس الأمريكي الذي سمي بـ”قانون استقرار ليبيا”، والذي تمت الموافقة عليه بالإجماع في مجلس النواب الأميركي نهاية الأسبوع الماضي، على منح سلطة قانونية لأمر تنفيذي صدر في 19 أبريل 2019، بفرض عقوبات على الممتلكات وحظر تأشيرة الولايات المتحدة على الذين يسهمون في العنف بليبيا. وينطوي على فرض العقوبات على أي شخص أجنبي يدعم أو ينخرط عمداً في تعاملات مالية كبيرة مع شخص آخر يعمل في ليبيا نيابةً عن روسيا بصفة عسكرية، أو يشارك في أفعال كبيرة تهدد السلام، أو الاستقرار في ليبيا، أو يرتكب أفعالاً تنطوي على “اختلاس” أصول الدولة الليبية، أو مواردها الطبيعية، أو ينخرط عن علم في انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان في ذلك البلد، أو متواطئ فيها.
ويعاقب “قانون الاستقرار في ليبيا” أيضا من ينشر المرتزقة، ويدعم الميليشيات، وينتهك حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة، وينتهك حقوق الإنسان في ليبيا وحدد القانون انتهاء هذه العقوبات في 31 ديسمبر 2024.
ودعمت تركيا حلفاءها في طرابلس وأمدتهم منذ نهاية العام الماضي بالميليشيات المسلحة التي نقلتها من سوريا ووفرت لها العتاد العسكري، في حين تدعم روسيا المشير حفتر، الذي يحظى أيضاً بدعم مصر والإمارات، فهل يطبق القانون على الطرفين أم ينحاز لطرف على حساب الآخر؟.
اقتصر نص القانون على ذكر التدخل الروسي من دون أن يذكر الجهات الخارجية الأخرى التي ترسل المحاربين والسلاح إلى الغرب الليبي. وفي عدة تقارير، انتقدت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاجون) ، الدعم الروسي لـ”الجيش الوطني” المتمركز في شرق البلاد.
كما حذر وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو عقب توقيع الاتفاق الليبي لوقف إطلاق النار في جنيف أكتوبر 2020، من استمرار تداعيات التدخل الروسي، ما قد يسهم في فشل تطبيق الاتفاق، الذي ينص صراحة على خروج كل القوات الأجنبية من ليبيا، ووقف توريد السلاح لأطراف النزاع فيها.
الحرب في ليبيا ساهمت في وضع موطئ قدم لروسيا في شمال أفريقيا، ونفوذاً على صناعة الطاقة في ليبيا، كما ساهمت في تقويض حلف شمال الأطلسي “الناتو” ، واصبحت مصدر تهديد للأمن الأوروبي، وزعزعت استقرار ليبيا وشرق البحر المتوسط على نطاق أوسع، وفاقمت الأزمة الإنسانية وأزمة المهاجرين.
المتحدث باسم الرئاسة الروسية (الكرملين) دميتري بيسكوف قال: “إن الجيش الروسي لا يشارك بأي عمليات عسكرية في ليبيا، مضيفاً أنه لا علم لديه “عن وجود نشاط لمجموعات منظمة من المواطنين الروس في ليبيا”.
و يستبعد المراقبون أن تمثل ليبيا أولوية لدى الإدارة الأميركية الجديدة برئاسة جو بايدن، والذي عمل نائباً للرئيس السابق باراك أوباما خلال الانتفاضة الليبية التي شهدت تدخل طائرات حلف شمال الأطلسي لإسقاط نظام معمر القذافي
تمتلك ليبيا أكبر احتياطي نفطي في القارة الافريقية وشريطاً ساحلياً على البحر المتوسط بطول ألفي كيلومتر , وعدد سكانها لا يتعدى السبعة ملايين نسمة.
ويعد التدخل الأميركي في ليبيا، وخاصة منذ الحرب في طرابلس، اقتصر على مساندة واضحة للدعم التركي المباشر في ليبيا واستعماله المسلحين السوريين.
وتحدثت صحيفة ” الجارديان” البريطانية في وقت سابق عن عقود وقعتها حكومة ” الوفاق الوطني” في طرابلس لمدة ستة أشهر لآلاف المرتزقة السوريين للعمل بجانب قواتها في الحرب ضد قوات حفتر والحصول على الجنسية التركية في نهاية المدة.
وتكثف الوجود التركي في ليبيا عبر فصائل عسكرية سورية وشخصيات من المعارضة السورية عمدت لتجنيد آلاف المقاتلين السوريين للقتال في ليبيا عبر تقديم اغراءات مالية كبيرة لهم.
وصلت طلائع هؤلاء المقاتلين أواخر العام الماضي بعد خضوع البعض منهم للتدريب لفترة قصيرة في معسكرات داخل تركيا. أما عناصر الفصائل المقاتلة الموالية لها فتم نقلهم من سوريا إلى المطارات التركية وبعدها إلى ليبيا فوراً بوساطة طائرات مدنية.
ترافق وصول ( المرتزقة السوريين ) مع تعزيز تركيا لدعمها العسكري لحكومة السراج عن طريق إرسال مدرعات ومستشارين وضباط وطائرات مسيرة وأنظمة تشويش ودفاع جوي. وتحدثت تقارير عن مشاركة بوارج حربية تركية في المعارك ضد قوات حفتر, وهناك فئة اخرى من المقاتلين السوريين من أصول تركمانية وهم موضع ثقة تركيا أكثر من غيرهم، يقاتلون إلى جانبها أينما كان من منطلق قومي.