في شوارع خالية: أيوب وعيسى ومحمود .. 3 عمال يومية خرجوا للبحث عن عمل في «شم النسيم»: «يمكن ربنا يكرم»
عاملان: قدمنا في منحة العمالة ولم يتصلوا بنا .. والثالث: قالوا الشروط لا تنطبق عليك
بقينا نيجي نقعد طول اليوم ندعي ربنا يفرجها.. وعامل : كنت بشتغل يوم واقعد أسبوع لكن دلوقتي مفيش شغل خالص
كتب- إسلام الكلحي
رغم أنه لا يخرج بحثا عن عمل في يوم مثل «شم النسيم»، جلس أيوب، عامل يومية، على الرصيف بشارع فيصل، متكئا على أدواته، لعل وعسى، يطلبه أحد المارة لأداء بعض الأعمال البدنية الشاقة، مقابل مبلغ مالي يساعده في سد بعض من التزامات أسرته التي تعيش في دير مواس بالمنيا.
يقول أيوب لموقع «درب» إنه منذ ظهور فيروس كورونا في مصر و«الحال وقف خالص»؛ يأتي ويجلس منذ الصباح الباكر حتى المساء، ولا يطلبه أحد للقيام بأي أعمال تحتاج أدواته من مطرقة ومرزبة وشاكوش.. «في الأول كنت بشتغل يوم، واقعد أسبوع من غير شغل، لكن دلوقتي مفيش شغل خالص».
ويضيف: «نزلت النهارده وقولت يمكن ربنا يكرم بأي شغل رغم أني عارف الشغل في يوم زي ده (شم النسيم) بيكون قليل».
لا يعرف أيوب، الذي تخطى عمره الأربعين عاما، ماذا سيفعل ليوفر نفقات أسرته المكونة من زوجة وثلاثة أبناء في ظل هذا الوضع، مشيرا إلى أنه تقدم بطلب للحصول على الإعانة التي أعلنت الحكومة عن صرفها للعمالة غير المنتظمة لدعمهم في مواجهة تداعيات انتشار كورونا، لكن لم تصله رسالة إلى الآن.
يذكر أن الحكومة المصرية أعلنت في مارس الماضي صرف 500 جنيه منحة استثنائية للعمالية غير المنتظمة.
وبحسب المركز الاعلامي لمجلس الوزراء، وصل إجمالي المتقدمين للمنحة نحو 1.5 مليون مواطن بعد تصفية الكشوف.
ورغم انتهاء مهلة الأسبوعين المحددين لتسجيل طلبات الحصول على المنحة، يطالب بعض العمال بإعادة فتح الباب من جديد.
ويقدر الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء العمالة غير المنتظمة بحوالى 5.6 مليون عامل يومية في مصر، بالإضافة إلى نحو 277 ألف عامل يومية، و233 ألف عامل موسمي في داخل المنشآت الحكومية، ويضاف إلى تلك الأعداد نحو 609 آلاف عامل موسمي، و3.7 مليون عامل متقطع في القطاع الخاص.
مثل أيوب، تقدم عيسى، عامل يومية بطلب للحصول على المنحة التي أعلنت عنها الحكومة، ولم تصله رسالة تفيد بأنه سيحصل على الـ500 جنيه التي قالت الحكومة إنها ستقدمها كدعم للعمالة غير المنتظمة.
«لو كنت بشتغل يوم زمان كنت بقعد قصاده عشرة، بس الحمدلله الدنيا كانت ماشيه، لكن دلوقتي مبقيش فيه شغل خالص من يوم الموضوع ده (فيروس كورونا) وبقينا نيجي نقعد طول اليوم ندعي ربنا يفرجها».. يقول عيسى، واصفا الأوضاع التي يعيشها هو وجميع عمال اليومية في الفترة الحالية.
يسكن عيسى، وهو من إحدى قرى مدينة دير مواس، التابعة لمحافظة المنيا، في غرفة بشقة بمنطقة فيصل مقابل 400 جنيه شهريا يدفعها هو و3 آخرين من بلدته جاءوا مثله إلى القاهرة للعمل باليومية، حتى يدبروا نفقات أسرهم، لكنه بسبب الظروف الراهنة لا يعرف ما إذا كانوا سيستطيعون في نهاية الشهر الجاري تدبير قيمة إيجار الغرفة، ويجدون ما يرسلوه لأسرهم أم لا.
لدى عيسى، البالغ من العمر 33 عاما، طفلين.. لم يرهما منذ نحو 3 أشهر تقريبا، لكنه لا يفكر في العودة إلى بلدته، متمسكا بالأمل وأن «ربنا يفرجها»، لافتا إلى أنه من أجل توفير احتياجات أسرته يقضي أحيانا شهور عدة يعمل فيها بالقاهرة.. «ممكن نقعد بالست شهور لولا ما نسافر عشان أكل العيش».
ورغم ظروفهما الصعبة، لم تغادر الابتسامة أيوب وعيسى وهما يتحدثان إلا قليلا، لكنهما رفضا أن نلتقط لهما أي صور حتى ولو من «الخلف» دون أن تظهر ملامحهما، وذلك خوفا من أن يرى هذه الصور أحد من بلدتهم.. وقال أيوب «لا يا باشا مينفعش احنا نتصور»، وعاد الاثنان للجلوس.. لعل هناك من يأتي ليطلبهما للعمل.
وعلى عكس أيوب وعيسى، لم يتقدم محمود عبدالحميد، عامل يومية، بطلب الحصول على المنحة الاستثنائية، وقال لـ«درب»: «روحت اقدم أول ما فتحوا باب التسجيل قلولي الشروط متنطبقش عليه»، لافتا إلى أنه متزوج ولديه طفل، ولا يعرف ماذا يفعل في ظل الظروف الحالية.
وأضاف عبدالحميد: «لو أنا شغال مع مقاول ومتسجل مش هحتاج المنحة دي قد اللي مش متسجل خالص وعلى باب الله».
يذكر أن دار الخدمات النقابية والعمالية، أشارت في دراسة لها صدرت في 7 أبريل، حول أوضاع العمال في ظل أزمة وباء كورونا، إلى أن المنحة الاستثنائية التي قررت وزارة القوى العاملة صرفها للعمال المضارين لا تصل بسبب المعايير التي حددتها الوزارة لصرفها إلا لـ«قلة قليلة» من قوة العمالة غير الرسمية، وهى تلك المسجلة بالفعل، التى حصلت على قياس للمهارة من قبل مدريات القوى العاملة والمسجلين بقاعدة بيانات المديرية، ويحملون كارنيه من إدارة العمالة غير المنتظمة.
وشددت دار الخدمات النقابة والعمالية في دراستها، على ضرورة إتاحة الفرصة أمام تسجيل العمال لأنفسهم دون تحديد موعد نهائي لذلك، وصرف منحة شهرية للعمال مقدارها ألف جنيه، لمدة ثلاثة أشهر تبدأ من ابريل الجاري لحين استقرار الأوضاع الناجمة عن أزمة وباء الكورونا.