في انتظار الأمل.. هشام فؤاد 3 سنوات من الحبس والمعاناة بتهمة “حب الوطن” (الحرية حقه)
كتب- محمود هاشم:
في السجن، تتشابه الساعات والأيام ويختلط الليل بالنهار فلا يعرفان من بعضهما سوى بتوقيت خاص لا يحسبه سوى القابعون بداخله، الوقت ثقيل وفارغ، وكل نفس يحمل معاناة جديدة وأمل جديد في انتهائها، هذا هو الواقع الذي يعيشه الصحفي والمناضل الاشتراكي هشام فؤاد يوميا، منذ ما يزيد عن 3 سنوات حتى الآن، محروما من حريته وأسرته وأحبابه وأبسط معاني الحياة.
تخطى فؤاد ما يزيد عن 3 سنوات خلف القضبان ليس لشيء سوى حبه للوطن وإخلاصه في “الأمل” بمستقبل أفضل له، في الوقت الذي تنتظر أسرته تحقيق الوعود المتكررة بالإفراج عنه ضمن قوائم عفو رئاسي مرتقبة، بينما تزداد معاناته النفسية والمرضية، التي كان آخرها إصابته بفيروس كورونا المستجد داخل محبسه، وفق ما أكدت زوجته الزميلة الصحفية مديحة حسين.
“شقيقة هشام فؤاد لاحظت معاناته من إعياء شديد وارتفاع ملحوظ في درجة الحرارة، خلال زيارتها له، الأحد الماضي، حيث أخبرها بإصابته بكورونا، وحصوله على مضاد حيوي وأقراص من عقار كونجستال، قبل أن أحضر له البروتوكول الكامل للعلاج من الفيروس”، تقول مديحة لـ”درب”.
تحكي زوجة المناضل الاشتراكي عن معاناته من الانتظار داخل محبسه، مضيفة: “آخر مرة زرته فيها كانت في ثاني أيام عيد الأضحى، وكانت حالته النفسية سيئة، بعد تلقيه معلومات بوجوده ضمن مجموعة المخلى سبيلهم قبل عيد الفطر، وهو ما لم يحدث حتى الآن، لكننا نتمنى تنفيذ وعود الإفراج عنه قرييا”.
اشتبك فؤاد خلال عمله الصحفي بملف العمال، وكان مهموما بقضاياهم ونقل أصواتهم من خلال تغطية أخبارهم والإضرابات التي يقومون بها من حين لآخر، كما كان صاحب دور بارز في دعم النقابات المستقلة بعد 2006 مثل نقابة “هيئة النقل العام، والبريد”، بجانب دعم وتأسيس “النقابة المستقلة للضرائب العقارية”.
كما شارك في تأسيس حركة كفاية المناهضة لحكم الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك التي كانت ضد التوريث، وكان أحد العناصر القيادية بها.
ويقبع المناضل الاشتراكي خلف القضبان منذ إلقاء القبض عليه فجر 25 يونيو 2019 من منزله أمام أطفاله، حيث جرى حبسه على ذمة القضية رقم 930 لسنة 2019، ويعد عيد الأضحى المقبل، هو العيد الثالث الذي يقضيه في الحبس بعيدا عن زوجته وأبنائه.
في 14 يوليو 2019، تقدمت مديحة بمذكرة رسمية لنقيب الصحفيين ضياء رشوان، لتدخل النقابة ومخاطبة النيابة بإخلاء سبيل زوجها بضمان النقابة، وزيارته ومخاطبة إدارة السجن لتحسين ظروفه المعيشية والصحية، والسماح بدخول مراتب ووسادات ومروحة وكتب وأدوية.
وأوضحت أن هشام يعاني من انزلاق غضروفي وتم منع دخول بعض الأدوية، كما طالبت النقابة أيضا بمخاطبة إدارة السجن للسماح له بالتريض كل يوم بحد أدنى ٥٠ دقيقة وفقا للائحة السجون، فخلال مدة احتجازه لم يسمح له بالتريض.
في ١٤ يوليو ٢٠٢١، صدر أمر بإحالة هشام فؤاد وزياد العليمى وحسام مؤنس للمحاكمة أمام محكمة جنح أمن الدولة طوارىء، وتحددت جلسة عاجلة لمحاكمتهم فى اليوم التالى مباشرة.
وأصدرت المحكمة في 17 نوفمبر 2021 حكمها بحبس كل من زياد العليمي 5 سنوات وللصحفيين حسام مؤنس – الذي أفرج عنه مؤخرا بعفو رئاسي – وهشام فؤاد 4 سنوات في القضية رقم 957 لسنة 2021 ج أ د طوارئ مصر القديمة.
ويواجه فؤاد، ومعظم الصحفيين المحبوسين، اتهامات ببث ونشر أخبار كاذبة وإساءة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، ومشاركة جماعة إرهابية في تحقيق أهدافها، رغم اختلاف القضايا المحبوسين على ذمتها.
وجرت المحاكمة أمام محكمة استثنائية وتخللت المحاكمة التي استمرت أكثر من 4 أشهر العديد من المخالفات بينها رفض المحكمة لجميع طلبات المحامين المقدمة لها ومنها طلب الاطلاع على القضية، وتمثلت أحراز القضية في مجموعة من المقالات ومقاطع الفيديو والتدوينات على مواقع التواصل الاجتماعي، بعضها يعود لسنوات.
ورغم طعن المحامين بسقوط الاتهامات وعدم وجود أدلة فنية تؤكد نسب التدوينات المنشورة للمتهمين وطعن المحامين على التلاعب بمقاطع الفيديو فإن المحكمة التفتت عن كل ذلك لتصدر حكمها.
كان المحامون طعنوا بعدم دستورية مواد الإحالة وعدم دستورية محاكمة فؤاد وزملائه أمام محكمة استثنائية منشأة بقانون الطوارئ والذي تم وقف العمل به خلال نظر القضية وهي الدفوع التي تم الالتفات عنها أيضا.
نشطاء وحقوقيون وشخصيات عامة أطلقوا في وقت سابق حملة توقيعات على خطاب مفتوح موجه إلى رئيس الجمهورية لإلغاء أحكام محاكم الطوارئ ضد سجناء الرأي، وحفظ الدعاوى وإطلاق سراحهم. ورصد الخطاب المفتوح لرئيس الجمهورية، ما قال إنه “ضمانات محاكمة عادلة افتقرتها محاكمة المتهمين، مثل حقهم في الحصول على دفاع فعّال، حيث لم يتاح لمحامييهم الحصول على نسخة من أوراق القضية لتحضير دفوعهم أو التواصل الفعّال مع موكليهم”.
وفقا للخطاب، لم تنصت المحكمة لطلبات المتهمين المتمثلة في الحصول على نسخة ضوئية من أوراق القضية التي تجاوزت الألف صفحة للاطلاع عليها وتحضير الدفوع، كذلك، صدرت إدانتهم من قبل محكمة، أحكامها نهائية لا يجوز الطعن عليها بطرق الطعن التي يكفلها القانون المصري في المحاكمات الطبيعية، وهي جميعًا خروقات أخلت بشكل صارخ بحق المتهمين في محاكمة عادلة وفقًا للدستور المصري وللمعايير الدولية.
وجاء أيضا في الخطاب أن “هؤلاء جميعا قد أمضوا رهن الحبس الاحتياطي ما يزيد عن العامين بالفعل، وهو الأمر الذي يتنافى مع قواعد العدالة ويجافي ما أعلنتموه من مرتكزات ومبادئ سوف تتبع في تطبيق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان التي أعلنت منكم في 11 سبتمبر المنصرم”.
واختتم الموقعون على الخطاب والعريضة “أن الاتهامات الموجهة لهم في كلا القضيتين لا تعدو كونها تعبيرا عن الرأي، وأن جميعهم ما عرف عنهم سوي حبا وتضحية وانتماء لوطنهم وشعبهم، لذلك يجب إلغاء أي أحكام إدانة صدرت ضدهم، وحفظ الدعاوى ضدهم، وإطلاق سراحهم.
وفي وقت سابق، قالت زوجته لـ”درب”: “زرت هشام مؤخرا في محبسه، وهو ما يزال يعاني من أزمات صحية نتيجة إصابته بعدد من الأمراض المزمنة، كما أنه يعاني أيضا من استمرار حبسه طوال هذه المدة”.
وأضافت مديحة: “تلقينا وعودا بالإفراج عن زوجي ضمن قوائم لجنة العفو الرئاسي، لكنها ما تزال وعودا دون تنفيذ حتى الآن، هشام ما يزال لديه أمل في ترجمتها على أرض الواقع، لكن ليس هناك شيء بأيدينا”، وتابعت: “هشام سجين رأي من دون اتهامات حقيقية، ومكانه بيته وعمله وليس السجن”، مستكملة: “ربنا يهون”.
كان الاتحاد الدولي للصحفيين دعا السلطات المصرية ولجنة العفو الرئاسية إلى سرعة الإفراج عن الصحفيين المسجونين، ومن بينهم الصحفي هشام فؤاد، حيث ما يزال 26 صحفياً مسجونين في مصر، في الوقت الذي أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسي في أبريل، إعادة إطلاق “لجنة العفو الرئاسية”، المكلفة بمراجعة قضايا السجناء والتوصية بالإفراج عنهم.
وأوضح الاتحاد، في بيان له، أنه معظم هؤلاء الصحفيين رهن الاعتقال والحبس المطول وغير المحدود قبل المحاكمة، وهذا هو حال هشام فؤاد، المحتجز منذ 25 يونيو 2019، الذي صدر بحقه حكم قضائي من محكمة استثنائية بالحبس 4 سنوات وتم تمديد بعض هذه الاعتقالات السابقة للمحاكمة إلى ما بعد المدة القصوى التي يسمح بها القانون المصري”.
وقال الأمين العام للاتحاد الدولي للصحفيين أنتوني بيلانجر، إن “جميع هؤلاء الصحفيين تعرضوا لمخالفات إجرائية، بما في ذلك الحرمان من الاتصال بمحاميهم، والاحتجاز لفترات طويلة للغاية قبل المحاكمة، والحرمان من الرعاية الطبية، وعدم الامتثال للإجراءات القضائية، ويجب إطلاق سراح 25 صحفيا آخرين على الفور”.
وفي منتصف نوفمبر 2021، أدانت لجنة حماية الصحفيين الحكم بسجن فؤاد ومؤنس بتهمة نشر أخبار كاذبة، وطالبت السلطات المصرية بالإفراج عنهما على الفور.
وقال شريف منصور، منسق برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في لجنة حماية الصحفيين، إن الحكم الصادر اليوم على الصحفيين المصريين هشام فؤاد وحسام مؤنس بالسجن لمدة 4 سنوات لكل منهما أمر غير مقبول ، وعلى السلطات الإفراج عنهما على الفور ودون قيد أو شرط.
وقالت اللجنة – حينها – إن الحكم يوضح أن السلطات المصرية ستفعل كل ما يلزم لعدم مغادرة الصحفيين السجن حتى بعد مرور أكثر من عامين على حبسهما.
كما طالبت المفوضية المصرية للحقوق والحريات، بالإفراج عن الصحفي هشام فؤاد، مع اقتراب إكماله 3 سنوات في الحبس وبالتزامن مع اليوم العالمي لحرية الصحافة 3 مايو.
وقالت المفوضية المصرية للحقوق والحريات، إنه “العيد الثالث الذي يقضيه الصحفي هشام فؤاد بعيدا عن زوجته وأولاده بسبب حبسه في قضية تعبير عن الرأي.
وفي وقت سابق، عبر نقيب الصحفيين والمنسق العام الحالي للحوار الوطني ضياء رشوان، عن أمله في خطوات أخرى للإفراج عن المحبوسين غير الملوثة أيديهم بالدم أو المنخرطين في جرائم الإرهاب، وخصوصا زملائنا أعضاء نقابة الصحفيين، الذين لا يملكون لخدمة وطنهم ومهنتهم سوى أقلامهم وكاميراتهم وريشهم، ويلتزمون بكل الواجبات والحقوق التي أوردها الدستور وقوانين البلاد.
وخلال الفترة الماضية، أطلقت قوات الأمن سراح العديد من المحبوسين في قضايا حرية رأي وتعبير، بعد سنوات متفاوتة من الحبس الاحتياطي، بقرارات من نيابة أمن الدولة العليا، لكن ذلك لم يتلاءم مع تطلعات القوى المدنية وأهالي السجناء، مع إعلان لجنة العفو وجود أكثر من 1000 سجين ضمن قوائم مرتقبة.
ووجه الرئيس عبدالفتاح السيسي خلال حفل إفطار الأسرة المصرية – في حضور سياسيين ومعارضين وقيادات حكومية ومسئولين عسكريين ومواطنين – بإعادة تفعيل عمل لجنة العفو الرئاسي وتوسيع قاعدة عملها بالتعاون مع الأجهزة المختصة ومنظمات المجتمع المدني المختصة.
وقالت لجنة العفو الرئاسية إنها تتلقى أسماء عدد من المحبوسين والمسجونين من مختلف الأحزاب والقوى السياسية والمجلس القومي لحقوق الإنسان ولجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، على أن تقدم قائمة جديدة للعفو خلال فترة قريبة.
وفي منتصف مايو، أعلن المحامي طارق العوضي عضو لجنة العفو الرئاسي، فحص ملفات 1074 من المحبوسين السياسيين، لاتخاذ قرارات بشأنهم، تمهيدًا للإفراج عنهم، مضيفا أن هذه الحالات تخص محبوسين احتياطيًّا أو صدرت ضدهم أحكام، وإنه من الممكن الإفراج عنهم على دفعات.
ولفت إلى أنّ اللجنة أجرت زيارات لأسماء بعينها خلال عيد الفطر الماضي، حيث نسّقت زيارة لهيئة الدفاع عن المحامي الحقوقي زياد العليمي، استمرت لأكثر من ساعتين داخل محبسه، كما زار أعضاء من اللجنة محبوسين آخرين، ولدينا عدد من القضايا التي نضغط لحلها سريعا، ومن بينها قضية موظفي شركة مصر للتأمين المحبوسين حاليا، فضلا عن الضغط لإغلاق “قضية الأمل”.
وأضاف أن كثيرا من المحبوسين على ذمة قضايا مرتبطة بأعمال عنف، فُهمت منشوراتهم على وسائل التواصل الاجتماعي بالخطأ أنها دعوات للعنف، ونحن نضغط للنظر في ملفاتهم.
وتابع: “هناك حالة خرجت في قوائم عفو سابقة وارتكبت تفجير كنيسة لاحقا، لكن لا يجب أن يستخدم هذا الأمر ككارت إرهاب للعدول عن الإفراج عن محبوسين آخرين غير متورطين في عنف، أنت لو خرجت هشام فؤاد أو حسام مؤنس – الذي خرج بعفو رئاسي مؤخرا – مش هيطلعوا يعملوا عمليات إرهابية”.