فيديو|علاء عوض: الجائحة كشفت عوار البحث العلمي.. والأبحاث الطبية في يد شركات “عينها على البورصة”
علاء عوض: نسبة وفيات “سارس” وصلت لـ 10% وبـ”متلازمة الشرق الأوسط” لـ 30% وكورونا أسرع تفشيا وهذا سبب الارتباك
“العبء الفيروسي” هو العنصر الأهم.. وأعضاء الأطقم الطبية معرضون لمخاطر شديدة جدًا لأنهم يتعاملون مع مرضى حالتهم متقدمة
شركات الدواء لم تستكمل إنتاج دواء “سارس1” بعد اختفائه.. لأنه لم يعد هناك أسواق
دواء “هيدروكسي كلوروكين” تعرض لهجوم شديد لأنه ليس له حقوق ملكية وتستطيع أي دولة في العالم أن تنتجه وتستخدمه وبالتالي هو ليس خاضعا للاحتكار الدوائي
الجائحة كشفت عوار البحث العلمي.. وهناك تخبط موجه لصالح احتكارات دوائية تحاول أن تجد لها نصيبا في كعكة علاج كوفيد 19
أبحاث اللقاحات تجرى في مختبرات من المستوى الثالث والرابع.. وليس لدينا في مصر مختبرات سوى من المستوى الأول والثاني
كتب – أحمد سلامة
في حوار أجراه الزميل الصحفي أحمد عابدين، عبر موقع يوتيوب، وصفحة “صحفيون في مواجهة الوباء” التي أطلقها مجموعة من الصحفيين العرب، تحدث الدكتور علاء عوض الأستاذ بمعهد تيودور بلهارس، عن طبيعة مخاطر فيروس كورونا وتركيبه الجيني وأسباب الارتباك العالمي بسببه.
كما تحدث عوض أيضًا عن شركات الدواء المتحكمة في إجراء الأبحاث اللازمة، ولماذا توقفت أبحاث علاج “سارس 1” وهي الأبحاث التي كان يمكن أن تشكل فارقا في علاج كورونا إذا استمرت وتم التوصل إلى علاج نهائي.
د. علاء عوض تحدث أيضًا عن كيفية إجراء اختبارات اللقاحات، وعن اللقاحات المرشحة للنجاح، ولماذا لا تشارك مصر في أبحاث اللقاحات.
وإلى نص الحوار ..
الدكتور علاء عوض الأستاذ بمعهد تيودور بلهارس، قال إن تحديد ما يواجهه العالم اليوم من تفشي وباء “كوفيد 19” له دور كبير في مجابهته، مشيرًا إلى أن “فيروسات كورونا” هي عائلة كبيرة منها ما يصيب الإنسان ومنها ما يصيب الحيوانات ومنها ما ينتقل من الحيوان إلى الإنسان وهي من أنواع العدوى الشائعة.
وأضاف، علاء عوض خلال لقائه المباشر مع صفحة صحفيون في مواجهة الوباء “ما نتعرض له الآن هو أحد تحورات فيروس من عائلة “بيتا كورونا” وهي فيروسات ليست من شائعة الانتشار إلا إذا حدث فيها تحور، مشيرًا إلى أن التاريخ المعاصر عرف شهد حالتين من الفيروسات المتحورة هما “السرس” وظهرت في الصين في 2003، والحالة الثانية ظهرت في 2012 بالمملكة السعودية وسُمي بـ”متلازمة الشرق الأوسط الإفريقية”.. لافتًا إلى أن هذين النوعين كانا يسببان مشكلات في الجهاز التنفسي تصل في بعض الأحيان إلى التهاب رئوي شديد.
وتابع أن الفارق بين هذين التحورين وبين “كوفيد 19” هو أن التحورين الأولين انتشرا في حدود إقليمية، بينما انتشر كورونا على مستوى العالم وهو ما يمكن أن نطلق عليه “الجائحة”.. مضيفًا أن “السارس” كان أكثر شراسة ونسبة وفيات المصابين به وصلت إلى 10% لكنه ظهر واختفى في غضون 9 أشهر ولم يظهر له آثار بعد ذلك”.
واستكمل “متلازمة الشرق الأوسط كانت أخطر، ونسبة الوفيات وصلت إلى 30% وبالتالي هو أخطر من السارس ومن كورونا، لكن كان الانتقال من الإنسان لإنسان أصعب من الـ”كوفيد 19″ فهو كان بحاجة إلى اختلاط لفترة طويلة مع المريض”.
وأردف “الفارق بين تحورات (بيتا كورونا) وغيرها، أن تحورات بيتا كورونا غير مُسجلة ضمن قاعدة بيانات الجهاز المناعي للإنسان ويتعرف عليها الجسم لأول مرة وبالتالي لا تعمل أجهزته المناعية بالشكل الكامل”، مشيرًا إلى أن سرعة انتشار كورونا وانتقاله بين القارات هو ما تسبب في حالة ارتباك واضحة في تعامل السلطات والمنظمات الصحية معه.
“العبء الفيروسي”.. مخاطر تتعرض لها الأطقم الطبية
وحول التباين في الأعراض بين المصابين، قال د. علاء عوض “إن أي مرض هو تعبير عن معركة ما بين جسم الإنسان والفيروسات، وهذه المعركة تتحدد خصائصها بخصائص الفيروس، وخصائص الجسم الذي هاجمه هذا الفيروس، هذا التباين يأتي من عوامل عديدة من بينها مناعة الشخص أو وجود أمراض مزمنة”.
وفي هذا السياق نبه علاء عوض إلى أن “بعض الشباب يتعرضون لأعراض عنيفة من كورونا بينما لا يتعرض كبار السن لمثل تلك الأعراض، وهذا يعني أن الأمر لا يقتصر على المناعة فهناك عوامل تخص الفيروس أيضا تتعلق بتحور السلالة، فكل فترة تتغير تركيبة الفيروس وتتغير جيناته، وقد حدث بالفعل أن ظهرت سلالات عديدة من الفيروس أدت إلى نتائج مرضية مختلفة”.
وأشار إلى أن العامل الأهم هو “العبء الفيروسي”، وهو ما يعني كمّ الفيروسات التي تدخل إلى جسم الإنسان، مضيفًا “لو دخل الجسم ألف فيروس يختلف الأمر عن لو دخل الجسم 10 آلاف فيروس كما يختلف عن دخول مليون فيروس.. لذلك نجد أن أعضاء الأطقم الطبية معرضون لمخاطر شديدة جدًا لأنهم يتعاملون مع مرضى حالتهم متقدمة تحتاج إلى تواجدهم بالمستشفيات وبالتالي فهم معرضون لكمية أكبر من الفيروسات”.
شركات الدواء تضع أعينها على البورصة
وحول إمكانيات البحث العلمي، قال عوض “الحقيقة أن هذه الجائحة كشفت عوار البحث العلمي والبحث الطبي، فعند ظهور (سارس1) في الصين عام 2003 تم إجراء أبحاث ودراسات قطعت شوطًا جيدًا لكنها توقفت تماما بالكامل بعد ذلك لأن هذه الأبحاث تمولها شركات الدواء، وهذه الشركات تبحث عن أسواق محتملة لكي تخدم الأبحاث أغراضها التسويقية من أجل تحقيق أرباح.. واختفاء (سارس1) أدى إلى توقف هذه الأبحاث لأنه لن يكون هناك أسواق”.
وتابع “هذا يطرح أمرًا غاية في الأهمية، وهو تمويل البحوث الطبية”، متسائلا “هل من المنطقي أن نترك هذه العملية بالكامل في يد شركات الدواء؟ هذه قضية هامة للغاية وتحتاج إلى أن تجد البشرية كلها صيغة لتمويل الأبحاث ولوضع أجندتها خارج إطار السياسات التطبيقية لشركات الأدوية”.
وعن التضارب في العلاجات المقترحة لفيروس كورونا، قال د. علاء عوض، “لم يكن هناك فرصة لتطوير عقار جديد، فبدأت الاستعانة بعقارات موجودة فعليا تستخدم لأمراض أخرى ويُرجح أن يكون لها صلة بالفيروس المتفشي، فعلى سبيل المثال هيدروكسي كلوروكين كان يستخدم في البداية لعلاج الملاريا ثم استخدم لعلاج بعض الأمراض الطفيلية ثم استخدم في علاج بعض الأمراض المناعية، والصين أكدت أنه كان مفيدا في علاج بعض حالات (سارس1).. لكن ما يلفت النظر أنه رغم وجود عدة بروتوكولات للعلاج إلى أن هذا الدواء هو الوحيد الذي هوجم من أطراف عديدة جدا على مستوى العالم، وهذا بسبب أن حقوق الملكية الخاصة به قديمة وتستطيع أي دولة في العالم أن تنتجه وتستخدمه وبالتالي هو ليس خاضع للاحتكار الدوائي”.
وأوضح “كلامي هذا ليس دفاعا عن دواء هيدروكسي كلوروكين، ولا لتحديد حجم إفادته، ولكنه لتفسير أسباب تعرض هذا المنتج تحديدًا للهجوم من جانب أطراف عدة”.
وأشار إلى دراسة نشرت في إحدى أشهر المجلات الطبية عن تجارب سريرية قام بها فريق من الباحثين في بريطانيا استخدموا ملفات المرضى الذين تعرضوا للعلاج بـ”هيدروكسي كلوروكين” في أكثر من دولة ثم نشروا الدراسة والتي بناء عليها قررت منظمة الصحة العالمية تعليق التجارب السريرية للدواء، بعدها بأيام وفي إحدى الدوريات العلمية الشهيرة تم نشر اعتذار تم من خلاله التأكيد على أن النتائج التي تم التوصل إليها جاءت عن طريق شركات الأدوية وهي نتائج مشكوك في دقتها ثم تم سحب البحث بالفعل.
وأردف “هذا يوضح كمّ التخبط والارتباك، وهو تخبط موجه لصالح شركات واحتكارات دوائية أخرى تحاول أن تجد لها نصيبا في كعكة علاج كوفيد 19، هذه الشركات تضع أعينها على البورصة، فعلى سبيل المثال إحدى الشركات أعلنت أنها توصلت إلى علاج لكورونا كان مستخدما في علاج الإيبولا، وعلى الفور ارتفعت أسهم الشركة في البورصة بنسبة كبيرة جدا”.
ونبه إلى أن بعض الأخبار غير الدقيقة المتعلقة بفيروس كورونا هي إما معلومات موجهة من الشركات أو بعض الكيانات الاقتصادية صاحبة المصالح، أو بعض المعلومات لأغراض “الترافيك” وتحقيق الشهرة مثل الخبر الذي ادعى أن التدخين قد يحمي من كورونا.. “هذه مشكلة كبيرة ولابد من جهة ما في هذا العالم تكون هي المصدر الخبري صاحب المصدقية والحقيقة أن المنظمات الصحية العالمية لا تسد هذا الفراغ الحاصل”.
أربع مستويات لمختبرات اللقاحات
وعن اللقاح، قال د. علاء عوض، إنه “باختصار عبارة عن مادة لها علاقة بالتركيب الجيني الموجود في الفيروس وحينما يتم حقنها في الجسم لكي تحقق الاستثارة المطلوبة للجهاز المناعي (دون عدوى)، اللقاح هو الحل الأمثل لمكافحة أي وباء، لكن هناك اشتراطات أبرزها أن يُجرى في مختبرات على درجة عالية جدا من العزل، لذلك يتم تقسيم مستويات المختبرات إلى أربع مستويات ويجب أن تُجرى الأبحاث حول الفيروسات المستجدة تجرى في مختبرات من المستوى الرابع أو على الأقل من المستوى الثالث، وطبعا جدير بالذكر أن مصر ليس فيها مختبرات فيروسات سوى من المستوى الأول والثاني لأنه ليس مطروحا لدينا أن نقوم بأبحاث حول تطوير اللقاحات”.
واسترسل “تدخل بعد ذلك اللقاحات مرحلة التجارب، وهي تتم على 3 مراحل، المرحلة الأولى هدفها دراسة مسارات اللقاح داخل الجسم وهي تتم على مجموعة من المتطوعين، ثم يدخل اللقاح المرحلة الثانية وتجرى على عدد ليس كبيرا من البشر لدراسة درجة الأمان والفاعلية وظهور أعراض جانبية، أما المرحلة الثالثة وهي الدراسة على عدد كبير”.. مشيرًا إلى أن بحوث اللقاحات تُجرى على أصحاء وليس مرضى.
ولفت عوض إلى أن بعض اللقاحات ظهرت مع فيروس “اتش1 إن1” وانتشرت لكن تم سحبها من الأسواق بعد ذلك، لذا فإن مسألة اللقاحات يجب التمهل فيها وعدم التسرع.
وأردف “حتى الآن أبرز التجارب على اللقاحات هو ما تقوم به جامعة أكسفورد والذي يُفترض أن يُطرح في شهر سبتمبر القادم، والدراسات التي أجريت عليه مبشرة لكن لا نستطيع الحديث الآن حول درجة أمانه أو فاعليته”.
واختتم د. علاء عوض كلامه مؤكدًا أن النقطة الأهم الآن هي مسألة توفير اللقاحات، فلا يمكن الاعتقاد بأن شركة مهما اتسعت أنشطتها يمكنها توفير لقاحات لـ 7 مليار إنسان على مستوى العالم.