فلسطينيون يروون شهاداتهم على مجزرة رفح: جثث مكدسة وخيام تحولت إلى رماد (تفاصيل)
شاب: ابنة ابن عمي طفلة لا تتجاوز 13 عامًا كانت بين الشهداء.. ولم تبق لها ملامح على الإطلاق لأن الشظايا فتتت رأسها
أحد طواقم الإسعاف: جثامين متفحمة ويوجد طفل مقطوع الرأس.. نقص الوقود وشح المياه جعلا مكافحة الحريق صعبة
شاب يبكي: عندما سمعنا صوت الانفجار أضاءت السماء فجأة.. وآخر: ليتني كنت معك يا أخي يا حبيبي
فلسطيني: من ضمن المشاهد التي رأيتها أم قدمها مقطوعة تبحث عن أولادها المشهد مؤلم لا يتخيله عقل
مواطن: جئنا من شمال غزة إلى رفح قبل خمسة أشهر بعدما ألقوا منشورات تطالبنا بالذهاب إلى المنطقة الإنسانية في تل السلطان
كتب: وكالات وصحف
في مخيم النازحين في رفح الذي تعرّض لمجزرة ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي، الليلة الماضية، كان مواطنون ينظرون بصدمة إلى بيوت الصفيح والخيام المتفحمة، والدمار وآثار الدماء.
وكانت طائرات الاحتلال، قد قصفت النازحين في مخيم نزوح أُنشئ حديثا قرب مخازن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في حي تل السلطان شمال غرب رفح، ما أسفر عن استشهاد 45 مواطنا، بينهم 23 من النساء والأطفال وكبار السن، وإصابة 249 آخرين.
ويقع المخيم ضمن مناطق حددتها قوات الاحتلال مسبقا على أنها آمنة، ودعت النازحين إلى التوجه إليها، ولم يصدر أي بيانات أو تحذيرات للنازحين وسكان المنطقة لإخلائها.
وقال الشاب محمد حمد (24 عاما): “لم يصب الناس أو يقتلوا فحسب، بل تفحموا”.
وأضاف “ابنة ابن عمي، طفلة لا تتجاوز 13 عاما كانت بين الشهداء. لم تبق لها ملامح على الإطلاق لأن الشظايا فتتت رأسها”.
وتسبّبت الغارات الإسرائيلية في نشوب حريق في المخيم، ما أدّى إلى تحويل الخيام والملاجئ إلى رماد.
وأظهرت لقطات نشرتها جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني مشاهد ليلية لمسعفين في سيارات إسعاف وهم يهرعون إلى موقع المجزرة ويقومون بإجلاء الجرحى، وبينهم أطفال.
كانت طائرات الاستطلاع الإسرائيلية المسيرة أو “الزنانات” تحلّق الاثنين فوق المخيم المحترق الذي لم يبق منه سوى صفائح معدنية سوداء وألواح وأوتاد متفحمة. وبدت آثار دماء على بعض ألواح الصفيح.
وقال حمد: عندما تسقط هذه الصواريخ على برج يكون هناك عشرات الشهداء، فكيف عندما يكونون في خيام؟
وروى مواطن آخر قدّم نفسه باسم مهند شهد الحادث لوكالة (فرانس برس) “عندما سمعنا صوت الانفجار، أضاءت السماء فجأة”.
وقال أحد طواقم الإسعاف والإنقاذ عقب مشاركته في إخماد الحريق: “هناك جثامين متفحمة بفعل الحروق، ويوجد طفل مقطوع رأسه”، مشيرا إلى أن مسببات الحريق “استخدام أسلحة تنتج عنها درجة حرارة تزيد عن سبعة آلاف درجة مئوية تصهر جسد الإنسان وتحرق الأخشاب المتواجدة في خيام وغرف النازحين”.
وأضاف أن “عمليات الإنقاذ انتهت الليلة الماضية، فيما استمرت جهود إخماد الحريق لمدة 45 دقيقة”، مضيفا أن نقص الوقود وشح المياه جعلا مكافحة الحريق صعبة.
وأشار الى أن بين الإصابات “جرحى مبتوري الأطراف”، وبين الشهداء “أطفال ونساء وكبار في السن”.
في عيادة تل السلطان في رفح، جُمعت الجثث، ورُسم سهم يشير الى المشرحة كتب عليه بالانجليزية “بلاك زون” (منطقة سوداء). وجلس رجال القرفصاء من مختلف الأعمار ينتحبون بصوت عال.
وقال أحدهم “لم يكن لدي غيرها”. بينما قال آخر أمام كفن آخر، “ليتني كنت معك يا أخي يا حبيبي”. وقال رجل وهو يبكي “جهزنا للطفل الجديد. ذهبت والطفل معها”.
في المشرحة، وضعت الجثث بأكياس بيضاء كتب على بعضها “إمرأة”، “طفل”، “مجهول”، أو “إمرأة مجهولة”.
كانت نساء في المكان يبكين ويعزين بعضهن البعض. في شاحنة صغيرة في الخارج، وضعت جثث فوق بعضها البعض.
وقال المواطن محمد حمد “من ضمن المشاهد التي رأيتها أم قدمها مقطوعة تبحث عن أولادها، المشهد مؤلم لا يتخيله عقل معظم الشهداء أطفال ونساء ولا يوجد اي مستشفى برفح إلا المستشفيات الميدانية”.
وأضاف: “المشهد صعب. للمرة الأولى، أشاهد مجزرة بهذا الحجم… مقطعين وأشلاء ومحروقين. طوال الليل لم أستطع النوم من الكوابيس التي رافقتي”.
ولفت إلى أن المجزرة جاءت “بعد قرار محكمة العدل الدولية بوقف الحرب والعملية العسكرية في رفح. لكن ما الجدوى؟ كالعادة لا شيء يوقف إسرائيل”.
والجمعة، أصدرت محكمة العدل الدولية، أعلى هيئة قضائية في الأمم المتحدة، أوامر، لإسرائيل القوة القائمة بالاحتلال بوقف فوري لعملياتها العسكرية في محافظة رفح، وضرورة المحافظة على فتح معبر رفح، لتمكين دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.
ويقول المواطنون في المكان إنهم لجأوا إلى هذه المنطقة بعد أن طلب منهم جيش الاحتلال الإسرائيلي إخلاء منازلهم في أمكنة أخرى من رفح.
وقال المواطن أبو محمد النازح من شمال غزة قبل خمسة أشهر الى رفح، “ألقوا منشورات تطالبنا بالذهاب إلى المنطقة الإنسانية في تل السلطان، فامتثلنا وجئنا إلى هنا”.
وأضاف “بالأمس، بينما كنت أتناول العشاء، شعرت فجأة وكأنه زلزال. اهتزّت الأرض بعنف”.
وقال المواطن محمد أبو قمر (27 عاما) النازح من شمال قطاع غزة “جئنا إلى المنطقة الآمنة كما ادعى الاحتلال، فتمّ قصف المكان الآمن بصواريخ حربية”.
وأضاف: “اشتعل الحريق في المكان واحترق الأطفال والنساء والشيوخ… كلّ يوم في غزة، نعيش محرقة ومجزرة جديدة”.
ومنذ 6 مايو الجاري، تشن إسرائيل هجوما بريا على رفح، واحتلت في اليوم التالي الجانب الفلسطيني من معبر رفح البري، ومنعت تدفق المساعدات الإنسانية وخروج المرضى والجرحى لتلقي العلاج.
ويواصل الاحتلال الإسرائيلي عدوانه على قطاع غزة، برا وبحرا وجوا، منذ السابع من شهر أكتوبر الماضي، ما أسفر عن استشهاد 36050 مواطنا، أغلبيتهم من الأطفال والنساء، وإصابة 81026 آخرين، في حصيلة غير نهائية، إذ لا يزال آلاف الضحايا تحت الأنقاض.
الصحفيين تُدين «محرقة الخيام»
وأدانت نقابة الصحفيين محرقة الخيام، التى نفذتها قوات الاحتلال الصهيونى الفاشى ضد النازحين العزل فى رفح برعاية أمريكية، التى راح ضحيتها أكثر من 100 شهيد ومصاب غالبيتهم من النساء والأطفال، وعدد كبير منهم تم حرق جثثهم.
وأكدت النقابة في بيان لها، الاثنين، أن هذه الجريمة الوحشية، واستمرار المجازر فى حق الشعب الفلسطينى تتحمل مسؤوليتها الإدارة الأمريكية، وكل مَن يشارك بالصمت والتبرير، مع استمرار مثل هذه الأعمال، معتبرة أن استهداف مخيمات النازحين على الحدود المصرية يشكل انتهاكًا صارخًا لمعاهدة السلام.
وطالبت النقابة كل الأطراف الدولية بضرورة التحرك لوقف العدوان الصهيونى على الفلسطينيين، ومحاكمة مجرمى الحرب، ووقف العدوان الهمجى على الشعب الفلسطينى فورًا، والعمل على مواجهة الحصار المفروض على الشعب الفلسطينى، ووقف منع وصول المساعدات له عبر احتلال قوات صهيونية لمعبر رفح من الجانب الفلسطينى.
وأعادت النقابة التأكيد على أن استمرار وجود القوات الصهيونية على معبر رفح هو خرق واضح لاتفاقية السلام، ويمثل إعلان حرب لا بد من اتخاذ كل السبل للتصدى له.
واستهدفت قوات جيش الاحتلال خيام النازحين الفلسطينيين فى رفح، وأحرقتها فى واحدة من أبشع الجرائم، التى تأتى امتدادًا للوحشية والهمجية الصهيونية خلال 8 شهور من العدوان راح ضحيتها أكثر من 36 ألف شهيد، و80 ألف مصاب، هى واحدة من أكبر الجرائم الوحشية بحق المدنيين فى التاريخ الحديث.
وقالت نقابة الصحفيين إنها إذ تثمّن الحكم الصادر من محكمة العدل الدولية، الذى أمر حكومة الاحتلال بضرورة وقف العدوان على رفح، فإنها تؤكد أن المجازر المستمرة فى حق المدنيين والنازحين هى تحدٍ صارخ لهذا الحكم برعاية أمريكية وتواطؤ دولى، ويثبت بما لا يدع مجالًا للشك أننا أمام جريمة إبادة جماعية مع سبق الإصرار والترصد.
وتابع: إذ تحيى نقابة الصحفيين الدول الغربية، التى أعلنت اعترافها بالدولة الفلسطينية، فإنها تطالب الحكومات العربية بضرورة التحرك العاجل لوقف العدوان الصهيونى على فلسطين، وقطع العلاقات الدبلوماسية مع حكومة الاحتلال، ووقف كل أشكال التعاون معها، وتجريم كل أشكال التطبيع مع الكيان المحتل.
وأضاف البيان: تحيى نقابة الصحفيين نضال الشعب الفلسطينى الباسل وصموده فى وجه العدوان الإسرائيلى، كما تحيى مقاومته الباسلة.