عيد ميلاده في الحبس: خالد داود سيرة نضال في الصحافة والسياسة.. “محبوس يا طير الحق” ( بروفايل)
محمود هاشم
“محبوس يا طير الحق، قفصك حديده لعين، قضبانه لا بتنطق ولا تفهم المساجين، قضبانه لا بتعرف، ولا تفهم الإنسان، ولا الحديد ينزف، لو تنزف الأوطان”، لم يفقد الصحفي والسياسي البارز خالد داود الأمل طوال حياته المهنية والسياسية، وكان دوما صوتا لمن لا صوت له، مدافعا عن قيم الحرية والعدالة والديمقراطية، في مواجهة حملات استهداف وتشويه وتنكيل من الأنظمة المتلاحقة.
يتزامن اليوم مع ذكرى ميلاد داود، التي يقضيها هذا العام في محبسه بسجن ليمان طرة، بعيدا عن أهله وأحبابه، منذ ما يقارب 10 أشهر حتى الآن، بعد القبض عليه على ذمة القضية 488 لسنة 2019، المعروفة بـ”فخ اصطياد المعارضين”.
وفي عيد ميلاده أرسل عدد من أصدقاء خالد داود رسائل تطالب بالإفراج عنه يقول المحامي الحقوقي أحمد فوزي الأمين العام السابق للحزب الديمقراطي الاجتماعي، عنه ” النهاردة عيد ميلاد الصديق العزيز خالد داود ، انا عاشرت خالد سنوات طويلة فى جبهة الإنقاذ فترة حكم الإخوان ، ثم جمعتنا أعمال تنسيقية ومهام حزبية مشتركة، ثم فترة الحركة المدنية الديمقراطية ، وحملة خالد على، فى كل المحطات دى ‘أكثر ما لفت انتباهى هو انني قدام شخص طيب القلب بطريقة تفرس، انسان متصدقش من كتر طيبة قلبه والخير اللي جواه انه فى السن ده أو الخبرة دي، و أن لسه فى ناس كده ، وتحس انه بيستعبط مثلا ، لكنه فعلا طيب وصادق وعلى نياته وشجاع وجسور ، والله واحشنى منكفاتى معاك يا خالد والفرسة اللي كنت بتفرسها لى بطيبتك وسماحتك وفطرتك الطيبة، كل سنة وانت جدع ويارب الأيام الجاية يفرجها عليك انت وزياد وحسام وهشام وعمرو إمام واسراء ونهى وعبد الناصر وقصاص وباقر وعلاء ودومة وكل الطيبين اللي المفروض مكانهم مش في السجن”
وألقت قوات الأمن فجر الأربعاء 25 سبتمبر الماضي، القبض على داود، من منزله بالقاهرة أثناء توجهه لزيارة والده، بعدها تم اقتياده إلى وجهة غير معلومة، ليظهر بعد ساعات في نيابة أمن الدولة العليا على ذمة القضية، وصدر قرار بحبسه احتياطيا لمدة 15 يوما على ذمة التحقيق، ومنذ هذا الحين يتجدد حبسه
وشملت قائمة الاتهامات الموجهة لداود مشاركة جماعة إرهابية لتحقيق أغراضها مع العلم بأغراضها، ونشر وإذاعة أخبار كاذبة الهدف منها زعزعة الأمن والاستقرار في البلاد، وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وتضم إلى جانبه الدكتور حازم حسني، والمناضل العمالي كمال خليل، والمحاميين الحقوقيين عمرو إمام وماهينور المصري، والصحفيين إسراء عبدالفتاح وسولافة مجدي وزوجها حسام الصياد، والناشط محمد صلاح، والباحث إبراهيم عز الدين، وآخرين.
ومنذ القبض عليه تقدم خالد داوود بعدة شكاوى للنيابة من سوء أوضاع احتجازه في سجن ليمان طره، حيث عانى لشهور من منع دخول أي متعلقات شخصية أو ملابس، وأكد المحامي محمد عبدالعزيز عدم وجود أي إجراء قانوني يمكن اتخاذه في قضية الزميل – الذي يجدد حبسه الآن كل 45 يوما- سوى الانتظار حتى عودة الجلسات مرة أخرى.
في منتصف أبريل، أظهر مقطع فيديو نشرته وزارة الداخلية خالد داوود، والناشط السياسي أحمد دومة الناشط السياسي وهما يجريان تحليل فيروس كورونا المستجد داخل السجن، وقال متضامنون إن السجن ليس مكانًا لأمثال خالد ودومة، وشاركوا في هاشتاج: “الحرية لمعتقلي الرأي”.
وفي 15 مايو، توفيت الزميلة منال داود شقيقة خالد، وهو في محبسه، وبعد مناشدات حقوقية واسعة، سمحت الأجهزة الأمنية بخروجه د لحضور عزاء شقيقته، حيث قدم العزاء لوالده وأسرته في رحيلها قبل دفنها في وقت لاحق في مدافن الأسرة.
وأوضحت مصادر أن الزميل خالد داوود، حضر قبل المغرب، وأفطر مع أسرته وظل معهم حوالي ساعة، قبل أن تعود به المأمورية مرة أخرى إلى السجن.
وداود هو صحفي وسياسي مصري، ويشغل منصب مساعد رئيس تحرير جريدة الأهرام ويكلي، كما أنه أستاذ في كلية الأعلام بالجامعة الأمريكية، التي تخرج فيها عام 1989، وحصل منها على الماجستير في الإعلام في السنة اللاحقة، كما حصل على درجة الماجستير في العلوم السياسية من جامعة لندن.
وبعد تخرجه عمل داود مراسلا للأهرام في العاصمة الأمريكية واشنطن، لمدة ما يقارب 4 سنوات حتى 2006، كما كان مراسلا لقناة الجزيرة في الأمم المتحدة منذ 2006 حتى 2011، فضلا عن عمله مع العديد من المؤسسات الإعلامية الدولية وعلى رأسها: رويترز، وبي بي سي، والجارديان.
وداود أكثر من مجرد اسم في الحركة السياسية المصرية، ففي فترة حكم الإخوان وحتى ثورة 30 يونيو، كان المتحدث الرسمي لجبهة الإنقاذ المعارضة، التي قادت الحراك ضد توجهات الجماعة والرئيس الأسبق المنتمي لها محمد مرسي، وتعرض في سبيل ذلك للاعتداء ومحاولة اغتيال من عدد من أنصار الجماعة، لكن موقفه من الجماعة لم يشفع له أمام النظام للقبض عليه بتهمة الاننتماء لجماعة إرهابية.
بالإضافة إلى ذلك شغل داود منصب الرئيس السابق لحزب الدستور قبل قراره الاستقالة من منصبه، كما أنه المتحدث باسم الحركة المدنية الديمقراطية، التي تجمع عددا من الكيانات الحربية والسياسية والشخصيات العامة المنتمية للتيار المدني المعارض، والتي يقبع العديد من أعضائها إلى جانب داود داخل السجون حتى الآن.
في مارس الماضي، أعلنت نقابة الصحفيين تجهيز مذكرة لتقديمها للنائب العام للمطالبة فيها بإخلاء سبيل الزملاء الصحفيين المحبوسين احتياطيا حفاظا على صحتهم بعد انتشار فيروس كورونا.
وحثت منظمة العفو الدولية، السلطات المصرية، في ذكرى اليوم العالمي لحرية الصحافة، على وقف الرقابة على الصحفيين ومضايقتهم وترهيبهم، على حد تعبيرها وإطلاق سراح المعتقلين “لمجرد قيامهم بعملهم”.
وطالبت المنظمة، في تقرير نشرته في 3 مايو، بـ”وضع حد لما وصفته بالقمع المتواصل لوسائل الإعلام، وتخفيف قضبتها الخانقة على حرية تدفق المعلومات ووصل المواطنين لها”.
وقالت المنظمة إن الصحافة في مصر أصبحت فعلاً جريمة على مدى السنوات الأربع الماضية، في الوقت الذي تشدد فيه السلطات على المنافذ الإعلامية وتلكم المعارضة.
وقالت المنظمة الحقوقية ومقرها لندن في تقرير نشر إن عدد الإصابات بالفيروس التاجي في مصر في تزايد مستمر، بينما تعزز الحكومة سيطرتها على المعلومات بدلاً من دعم الشفافية.
وذكر تقرير العفو، أنه منذ عام 2016 تعرض الكثير من الصحفيين والعاملين في وسائل الإعلام إلى العديد من الانتهاكات، لافتا إلى وجود 37 صحفيا خلف القضبان بسبب ممارسة حقهم في التعبير، بينهم 20 صحفيا تم القبض عليهم بسبب قيامهم بعملهم، كما تمت مداهمة ما لا يقل عن 5 منافذ إعلامية، إلى جانب تعرض المئات من المواقع الإلكترونية المحلية والدولية للحجب.