عيد ميلاده الثالث في محبسه| هشام فؤاد.. السجن أنت بتهدمه في كل خطوة الأرض تحفظها أمل (بروفايل)
“السجن أنت بتهدمه، في كل خطوة الأرض تحفظها أمل، وبتهدمه في كل بيت أنا أنظمه، ياللي أنت أشعارك عمل”.. عيد ميلاد ثالث يمضيه الصحفي والمناضل الاشتراكي هشام فؤاد داخل محبسه، بينما يزداد نزيف الروح وتتدهور الصحة وتزداد الأوضاع صعوبة، لا يخفف من وطأتها سوى أمل قريب في مغادرة القضبان مع رفقائه إلى غير رجعة، “أمل على قضية الأمل”.
أشهر تلو الأخرى يقضيها فؤاد داخل محبسه، وسط تدهور ملموس في حالته الصحية، دون استجابة لمطالب أسرته ومحاميه بإنقاذه: “مش قادرة أنسى نظرة هشام لفاطمة وسيف وهو خارج معهم من غير ما يودعنا وتم منعنا من الخروج من باب الشقة”، تقول زوجته الزميلة مديحة حسين، واصفة لحظات رعب وفزع العائلة من مشهد القبض عليه.
ويأتي عيد ميلاد ثالث لفؤاد في محبسه، يقضيه بعيدا عن أسرته وأصدقائه، الذين قرروا ألا يفوتون الفرصة قبل المطالبة بالإفراج عنه وإنهاء معاناته، والتأكيد على ضرورة إنهاء معاناة كل المحبوسين احتياطيا ويعيشون في أوضاع صعبة بعيدا عن أسرهم.
وفي هذه المناسبة، قالت الزميلة الصحفية مديحة حسين، رسالة مقتضبة موجهة لهشام في محبسه. تمنت مديحة إنهاء حبس زوجها حتى يستردون حياتهم وحياته، قائلة: ” كل سنة وأنت طيب يا اتش، عقبال سنين كتير وأنت حر.. ده ثالث عيد ميلاد لك وأنت بعيد عننا.. ندعي ربنا يزيح الغمة ونتجمع من تاني ونسترد حياتنا”.
اشتبك فؤاد خلال عمله الصحفي بملف العمال، وكان مهموما بقضاياهم ونقل أصواتهم من خلال تغطية أخبارهم والإضرابات التي يقومون بها من حين لآخر، وكان له دور بارز في دعم النقابات المستقلة بعد 2006 مثل نقابة “هيئة النقل العام، والبريد”، بجانب دعم وتأسيس “النقابة المستقلة للضرائب العقارية”، كما شارك هشام في تأسيس حركة كفاية المناهضة لحكم الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك التي كانت ضد التوريث وكان أحد العناصر القيادية بها.
هشام من عائلة لها تاريخ وطني وسياسي مشرف وتمتلك سجلي نضالي عظيم، فوالده هو المناضل الكبير فؤاد عبد الحليم الذي سجن لمدة 10 سنوات كاملة لكفاحه ضد الاستبداد والظلم ومطالبته بحقوق الفقراء والعمال والفلاحين، وعمه الشاعر والأديب والروائي والمحامي الكبير كمال عبد الحليم، من أبرز القادة التاريخيين لمنظمة حدتو في مصر التي شاركت في التحضير لثورة 23 يوليو 1952 وفي تنفيذها، وعمه الثاني هو الصحفي الكبير إبراهيم عبد الحليم رئيس تحرير دار الهلال الأسبق.
ويعاني الصحفي اليساري الكبير من قرحة شديدة بالمعدة، كما يعاني من آلام الانزلاق الغضروفي، التي زادت في الفترة الأخيرة بعد قيام إدارة السجن بنقله لزنزانة أخرى بعنبر الإسلاميين عقابا له على دخوله في إضراب كلي عن الطعام احتجاجا على تجاوزه عامين بالحبس، وهي مدة حبسه احتياطيا المقررة قانونا على ذمة “قضية الأمل”.
دخل هشام في إضراب عن الطعام بداية من ١٠ يوليو الماضي وأنهاه في ٢٣ يوليو بعد تدهور شديد في حالته الصحية ما يزال يعاني منه حتى الآن، حيث أنهكه الإضراب جسمانيا بشكل كبير طوال الفترة الماضية، علما بأنه خلال فترة الإضراب عن الطعام لم يتم نقله للمستشفى، ولم يعاينه الطبيب، بل تم الاكتفاء بقيام ممرض بقياس الأكسجين والضغط فقط، ما عرض حياته للخطر.
وقالت مديحة في رسالة سابقة منها: “أكتب أليكم في ظل ما يعانيه زوجي الصحفي هشام فؤاد من مشاكل صحية في محبسه تستدعي التدخل العاجل إنقاذا لحياته والحفاظ على صحته، فقد علمت مؤخرا وخلال جلسة محاكمته، بإصابته بشرخ شرجي، وبحسب طبيب السجن فقد حدد له فترة علاج 3 أسابيع، وإذا لم تتحسن حالته خلالها لابد من إجراء جراحة عاجلة له”.
لم يغب فؤاد عن أي فاعلية أو حدث يهم الصحفيين أو العمال أو يتعلق بأي من قضايا الوطن، شارك في تأسيس اللجنة القومية للدفاع عن الفلاحين عام 1997 ضد قانون الإصلاح الزراعي، وفي 2003 كان أحد مؤسسي حركة “مناهضة الحرب على العراق”، وتجده حاضرا في ثورة 25 يناير وما قبلها وما بعدها، وفي مطلع صفوف رافضي بيع جزيرتي تيران وصنافير، وفي كل خطوة على طريق قضايا الوطن.
وكانت أخر جلسات تجديد حبس هشام ومن معه في قضية الأمل، بتاريخ 14 سبتمبر الجاري، ولكنه ومن معه في باقي القضية، بحسب المحامي الحقوقي أحمد فوي، لم يتم إحضارهم من محبسهم لحضور الجلسة وتقرر تأجيل موعد تجديد حبسهم.
وتضم القضية رقم 930 لسنة 2019 أمن دولة، كلا من، المحامي زياد العليمي والصحفيين هشام فؤاد وحسام مؤنس والنقابي العمالي حسن بربري ورجل الأعمال عمر الشنيطي ورامي شعث.
يذكر أن من فؤاد والعليمي ومؤنس وآخرين من بين المتهمين في القضية، تمت إحالتهم إلى محكمة جنح أمن الدولة العليا على ذمة قضية منسوخة من القضية الأساسية “قضية الأمل”. وقررت الدائرة السابعة مدني بالاستئناف العالي تأجيل نظر دعويي فؤاد والعليمي، برد قاضي جنح أمن الدولة طوارئ، لجلسة 26 أكتوبر القادم، لحين حضور الموكلين من محبسهما لإبداء أسبابهما بشخصيهما.
في فجر 25 يونيو 2019، اقتحمت قوات الأمن لمنزل الصحفيين هشام فؤاد وحسام مؤنس واعتقالهما أمام أطفالهما، عقب ذلك توقيف المحامي الحقوقي زياد العليمي في أحد شوارع حي المعادي واعتقاله هو الأخر دون الكشف عن أسباب الاعتقال، بالإضافة إلى رامي شعث، منسق حركة “بي دي أس- مقاطعة إسرائيل”، الذي اعتقلته قوات الأمن وظل رهن الاختفاء القسري لمدة أسابيع، قبل ظهوره في نيابة أمن الدولة بعد ذلك متهما على القضية نفسها.
وفي صباح اليوم التالي، اقتحمت قوات الأمن مكتب الحقوقي العمالي حسن بربري مؤسس مبادرة “مستشارك النقابي”، واعتقاله واعتقال محامي المبادرة أحمد تمام، فضلا عن اعتقالات متشابهة في مناطق متفرقة استهدفت باقي المتهمين في القضية.
وفي اليوم التالي مباشرة، ظهر جميع المعتقلين في نيابة أمن الدولة العليا، يجري التحقيق معهم على ذمة قضية حملت أرقام 930 لسنة 2019 حصر أمن دولة عليا، والتي عرفت بعد ذلك باسم “تحالف الأمل”، وحصلوا جميعا على 15 يوما في الحبس الاحتياطي، قبل أن يتواصل حبسهم حتى الآن لفترة تزيد عن عامين.
تعيش أسرة هشام وأصدقاؤه على أمل يتجدد كل يوم في الإفراج عنه والاستجابة للمطالبات بحصوله على الرعاية الصحية المناسبة في محبسه إلى حين الإفراج عنه، ضمن قوائم إخلاءات مرتقبة ينتظرها وجميع رفاقه، يرونه بعيدا ونراه قريبا.