عن أزمة الكهرباء وحكاية “تروح الحكومة في 60 داهية”..  ما الكلفة التي على شعب عدن أن يدفعها لإتمام التسوية مع ميليشيات إرهابية؟  

كتبت – شيماء مطر

لا تبدو تصريحات  اللواء أحمد سعيد بن بريك رئيس الجمعية الوطنية، بشأن أزمة الكهرباء بعدن، حينما قال “تروح الحكومة في ٦٠داهية”.. على أنها جملة من تعليقات تعكس انفعالا ينتقد به حاضرا كارثيا، إنما كانت انتقاد لأوضاع يصعب تخيلها بعد أن جالت صور المعاناة ووجوه الشهداء في ذاكرته.

كأنّ وابلاً من أعداد ضحايا الحرب العبثية، وأضف إليها ضحايا القهر والظلم وتطول قائمة معاناة الشعب اليمني إلى ما لا نهاية، انهمرت عليه فجأة.

عكست تصريحاته أوضاع صعبة التخيل، فالكهرباء مطفأة في عدن منذ أسابيع.. حالها حال عدد كبير من المدن والمحافظات الواقعة في جنوب اليمن التي تعاني أيضا من تدهور متسارع في العملة وغلاء الأسعار.

ينتقل “بن بريك” من دبلوماسيته في تصريحاته إلى وسيلة تعبير الأكثر انحيازا لمعاناة الشعب ليعبر عن المأساة التي تحاك على حساب شعب يحلم بمستقبل لدولته، ليخرج عن صمته برسالة واضخة: ” تروح الحكومة في ٦٠داهية “.

* وقود مغشوش !

قد لا نعرف الحقيقة الكاملة عن كيف ولماذا تزودت محطات الكهرباء بعدن بوقود مغشوش ؟

ما نعرفه أن انقطاع الكهرباء التي كانت تعاني منه عدن لبضعة ساعات تحول إلى انقطاع كلي ودائم منذ ثلاثة أسابيع!.. ما نعرفه أن هناك أخبار عن وفاة مرضى وكبار في السن بسبب انقطاع الكهرباء وآخرين مهددين  بالمستشفيات.

حاولنا البحث عن أسباب الأزمة، فاصطدمنا بروايات مختلفة حول أسباب الشلل التام في محطات الكهرباء في عدن وسط درجات حرارة تتجاوز ٤٠ درجة مئوية.

تقول مؤسسة الكهرباء بعدن إن قلة الوقود وانتهاء منحة سعودية للمشتقات النفطية منذ الشهر الماضي هي السبب الرئيسي، مؤكدة أنها خاطبت الحكومة منذ اللحظة الأولى لانتهاء منحة الوقود السعودية لكن دون جدوى.

وكانت قد اعلنت السعودية أواخر سبتمبر الماضي عن منحة مشتقات نفطية جديدة قيمتها 200 مليون دولار لدعم قطاع الكهرباء المتعثر في اليمن في المحافظات الخاضعة لسيطرة الحكومة في جنوب البلاد وشرقها. ولكن لم تصل هذه المنحة بسبب اشتراط السعودية على الحكومة اليمنية القيام بإصلاحات هيكلية وتمويلية في قطاع الطاقة.

* طفح الكيل

في الأثناء، حمّل أعضاء لجنة مناقصات شراء الوقود، وهي لجنة مكونة من ممثلي وزارة الكهرباء والطاقة ووزارة النفط والمعادن وممثلي شركة مصافي عدن، رئيس وزراء اليمن  المسئولية. بعد أن تقدموا  باستقالة جماعية احتجاجا على تقاعسه لمواجهة الأزمة.

وأوضح ، بيان الاستقالة، أن الآلية المتّبعة من قِبل رئيس الوزراء لشراء وقود محطات الكهرباء في اليمن مخالفة للقانون، حيث وافق على شراء  وقود بكميات صغيرة مجزئة بعد نفاذ المخزون.

كما حملوا وزارة المالية والبنك المركزي مسئولية تأخر التعزيز المالي وتسديد مستحقات بالمخالفة للمادة  ٢٦٦ لقانون المناقصات. حيث أن تعثر تسديد المستحقات الموردين ولأشهر عديدة  أدى إلى عزوفهم عن تقديم عروض.

وفي السياق، حاولنا التواصل مع رئيس وزراء اليمن عبر تطبيق “واتس آب”، ولكن دون جدوى، فحاولنا التواصل مجددا مع  سكرتير مكتبه، حسن باجبير،  ولكنه لم يجيب، راسلنا هذه المرة حسين هديل، مدير المراسيم بمكتب رئيس الوزراء اليمن، ولكننا لم نتلق أي إجابة أيضا.

* سياسة عشوائية

وزير الكهرباء والطاقة في الحكومة اليمنية، مانع بن يمين، كشف عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”، عن السبب قائلا: “يجب أن يعرف كل مواطن في هذا البلد أن موارد الدولة لا تكفي لتشغيل الكهرباء بشكل يومي وسببها الجوهري هو العمل العشوائي دون الرجوع لأصحاب الاختصاص “.

بينما يرى رواد مواقع التواصل الإجتماعى من عدن أن تأخير إمداد محطات التوليد بالوقود هو عقاب جماعي على المطالبة بتقرير المصير.

* استهتار حكومي

أزمة الكهرباء  اليوم في عدن، لا تأتي في خانة الأزمات  المؤقتة، وإنما تفاقمت الأزمة لتجسّد الفساد الذي يرتقي لجريمة سياسية في حق الشعب..وليس سبب ذلك كامنا في قلّة كفاءة النظام، وإنما في طبيعته.. فكمّ من مرة اتجهت الحكومة للتفكير في حلّ مستدام لانقطاع الكهرباء المتكرر، وكم من مرة تتجاهل الحكومة وتظهر بعد  استفحالٍ الأزمة؟!.

بالعودة إلى  الروايات الرسمية، نجدها اتفقت على أن الأزمة كانت متوقعة، ورغم ذلك لم  تتحرك الحكومة لحلها ومواجهتها، وكأن السلطة الحاكمة باليمن تريد أن تقول للشعب: “الحكومة غير مهتمة  بتوفير الحد الأدنى من حقكم بسبب انشغالها المستمر في قضايا أكثر جوهرية تتعلق بالصراع على النفوذ على الأرض!”.

ووسط تسابق “العليمي” على النفوذ، لا يهتم أيضا رئيس مجلس الوزراء اليمن، معين عبد الملك  بمصالح الشعب ولا يهتم بالفاتورة الذي يدفعها الشعب وحده.

كان على ،”معين “و”العليمي”،   أن يتوليا مسؤولية الحكم بشكل أكثر موضوعية وأخلاقية، بدلاً من الانغماس في الصراعات  على حساب حق المواطن في الحفاظ وعلى الحد الأدنى من مقومات الحياة.

* لا الرحلة بدأت ولا الدرب انتهى

جاء ذكرٌ “واعد” نجل الكاتب والسياسي صالح شائف، في المقال السابق.. كتبت عن  الفصل الأول و الأجمل في قصته ..حين تنتقي أى شوائب في القصة  علقت بأرواحنا، ولم اقص عليكم  باقي قصته حينما عاد إلى موطنه بجنوب اليمن  وكله حماس وهو يقول :” البلد محتاجة للرجال ..البلد محتاجة لأبنائها “.

غمرت الفرحة ‘واعد”  بالعودة إلى موطنه، إلا أن ذلك لم يكن كافياً.  كانت رسائل “واعد” احيانا تأتى مباشرة عن انقطاع الكهرباء والانترنت وقد تتحول في مقامات أخرى إلى غموض يعكس أطوار المشاعر  المتقلبة بين الهدوء والصخب والطمأنينة والقلق، والصمت والحماس..حالات تعكس أحداث تعيشها بلاده التى تسكنه في أي نقاش حتى في أحلامه.

كان شغله الشاغل  كيف يقدِّم شيئًا لبلده، ارسل لى رسالة  ذات مرة عام ٢٠١٧،  يطلب منى المساعدة في  مخاطبة جهات إغاثية بالقاهرة   لتوفير مولد كهربائي لإحدى المراكز الصحية في الضالع،جنوبي اليمن وهى تعد جبهة مشتعلة خاصة لمواقعها الجغرافي على الحدود التى تربط بين جنوب وشمال اليمن المسيطر عليها الحوثي،   وفي حالة أى مصاب أو مريض يضطر نقله ٣ساعات إلى عدن حيث المستسفيات المجهزة وقد يلفظ أنفاسه قبل الوصول إلى المستشفي .

بات حلم “واعد” الجنوبي الهوى والطباع والأصل، ممكنا في وجود ضمير حى يمتلكه صديقي الدكتور أحمد حسين، كان حينها رئيسا لإحدى اللجان الإغاثية بالقاهرة  ، و وافق على الفور دون تردد بعد أن علم بكم الضحايا التى يمكن أن تنقذ أرواحها في حال توفر مولدا كهربائيا ، وأصدر تعليماته بسرعة تجهيز حملة إغاثية لجنوب اليمن .. وبدئنا خطوات للتجهيز باستلام خطاب رسمي من مدير المركز الصحي بالضالع ، بقائمة المستلزمات الطبية الناقصة والضرورية في إجراء العمليات الجراحية بالإضافة إلى المولد الكهربائي .

حدثني واعد وكان صوته يشتعل حماسة ، وأخبرني على انه سافر الضالع ليشرف على سير  الخطابات الرسمية  بنفسه،وتوالت الاتصالات بأطباء الضالع  ومدير المركز الصحي الذي كان يؤكد في كل مكالمة على  أنه في حالة لم تتمكن اللجنة من شراء كافة المستلزمات فالأولوية للمولد الكهربائي .

وخلال التجهيز لحملة الإغاثة استقال الدكتور أحمد حسين من اللجنة ، واوصى قبل مغادرته باستكمال حملةإغاثة لجنوب اليمن .

وانتقلنا إلى مرحلة مخاطبة شركات طبية لإرسال عروض أسعار بالمستلزمات الطبية الناقصة، وبعد مرور شهرين واقتراب إنهاء خطوات التجهيز لإغاثة جنوب اليمن ، فوجئت بالرئيس الجديد للجنة يعرفني على رجلا يدعى ” م.ع”  أنه من نقابة أطباء اليمن  جاء للقاهرة  ليحذره من مخاطر  تهدد سلامة فريق الإغاثة في الطريق المؤدي إلى الضالع   !. .

* إجهاض الحلم

حاول، عضو نقابة الأطباء اليمنية، إقناع رئيس لجنة الإغاثة بالقاهرة بتحويل مسار الإغاثة إلى أماكن أكثر أمانًا -على حد وصفه –  مدعيا أن المحافظات الواقعة بين عدن والضالع مسيطر عليها تنظيم القاعدة !!. وليس هناك ممرات آمنه إلى الضالع -على حسب قوله –

حاولت التأكد من صحة كلامه وتواصلت مع  ثلاث مصادر أمنية وعسكرية  في عدن  ،جميعهم أكدوا  أن أى حديث عن سيطرة القاعدة على الطرق المؤدية من عدن إلى الضالع هو حديث عار من الصحة، طلبت منهم إرسال ما يؤكد ذلك بخطابات رسمية حتى يطمئن رئيس اللجنة، وبالفعل أرسلوا  خطابا رسميا بعنوان ” الطريق آمن”، يفيد الخطاب بالقضاء على القاعدة في هذه الأماكن منذ عدة سنوات.  

الأمر أثار الشكوك حول عضو مجلس نقابة الأطباء اليمني، خاصة أنه تعمد أن يظهر أن خط سير الأغاثة إلى الضالع غير آمن، وما آثار الشكوك أيضا أنه كيف علم بترتيبات اللجنة بالقاهرة لإغاثة الضالع فى حين أنها  كانت  سرية.. وببحث بسيط عن اسمه تبين أنه عضو في حزب الإصلاح -الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين في اليمن -.

وحاول ، م.ع، عودة الاتصال برئيس اللجنة لإقناعه بتحويل مسار الإغاثة إلى صنعاء-شمالى اليمن المسيطر عليها الحوثي- كما طلب أن تكون حملة الإغاثة كاملة تحت إشرافه بحجة ضمان سلامتنا .وكانت هذه المحادثة كافية لفهم أهدافه الغير معلنة والمتسقة مع ممارسات الإخوان والحوثي في سرقة الإغاثة وإعادة بيعها والمتاجرة بها.

فلم يكتف حزب الإصلاح بنهب ثروات اليمن حين تحالف مع علي عبد الله صالح، رئيس السابق لليمن، منذ حرب ١٩٩٤م، بل حاول الالتفاف حول قافلة إغاثية من القاهرة وتغيير مسارها.

وتزامن ذلك  مع أنباء الإبلاغ عن سرقة المساعدات الغذائية، وعن  قيام حزب الاصلاح الذي كان يسيطر على الشرعية حينها ،بسرقة الاغاثة من مركز الملك سلمان ووضعوا عليها لواصق تحمل (التجمع اليمني للاصلاح) ووزعوها على حسب الانتماء للحزب لا على حسب الحاجة المناطق المنكوبة مستغلين نفوذهم وسيطرتهم على حكومة الشرعية .

* خطوة التانجو السياسية

ورغم  تضافر جهودٌ عديدةٌ من قيادات أمنية وسياسية وطبية في عدن  في إرسال خريطة بخط سير الإغاثة وما يثبت أن الطريق آمن، فضلا عن تأكيدات بتوفير الحماية الكافية لفريق الإغاثة.فاجئنى الرئيس الجديد للإغاثة أن ملف إغاثة اليمن قد تم  إغلاقه!

حاولت تذكيره بكم  الجهود المبذولة من أطباء الضالع وعدن ،وكم جهود القيادات العسكرية لتقديم  كافة الأوراق التى تثبت مدى حاجة  المستشفيات في جنوب اليمن للإغاثة ،جمعت ملف كامل بالصور لقصص لجرحى لفظت أنفاسها وحالت دون اسعافها  بسبب انقطاع الكهرباء  ..حاولت تجميع له كافة الاحصائيات الصادرة من منظمات دولية تؤكد أن هذه المناطق تعيش اسوأ أزمة إنسانية ،حاولت  نقل له توسل الأطباء في جنوب اليمن :” أنهم في أمس الحاجة لمولد الكهربائى”..وأمام كل الأسباب الإنسانية التى تستوجب سرعة إغاثة تلك المناطق جاء رده كالاتي :” الانتخابات اقتربت والأولوية لها   “!!. حيث كانت انتخابات نقابية  على الأبواب علما بأن اللجنة الإغاثية هى لجنة منفصلة عن أى عمل سياسي !.

في هذه اللحظة ادركت أن من تولى خلف ” حسين ”  المنصب ليس مهتما بإغاثة شعب  ،  بل مهتما بالتسابق على السلطة يفاوض من أجل افضل المناصب ،يعرقل إتمام اغاثة لشعب منكوب في سبيل انشغاله بمعركة شخصية لنيل منصب !.

في هذه  اللحظة أدركت أن عهد دكتور أحمد حسين انتهى  ..ومن هذه اللحظة قررت أن اخدم أى بلد انحاز لمعاناة شعبه  بقلمي وعدستى  كصحفيه وليس عن طريق الإغاثة، وأغلقت باب التطوع في أى لجنة إغاثية منذ عام ٢٠١٧م، وظلت القصص والتأملات والحكايات متأصلة في أعماقنا التي تستجلب الماضي، حين كان الدكتورأحمد حسين رئيسا للجنة الإغاثة ، حين كان عالم الإغاثة في نظري مثاليا، كنقيض لزمن التشوهات الذي نعيشه اليوم ؛فلو لم يترك “حسين” اللجنة  ،لكان التصدي لمحاولات التفاف الإخوان على  الإغاثة محسوبة وكان  أصر على إيصال المولد الكهربائي والمستلزمات الطبية الناقصة حتى لو سافر بنفسه ليتأكد من  إيصالها دون أن يسرقها أحد.

أثق في موقف “حسين” في مثل هذه المواقف ، فهو ينحاز للإغاثة الإنسان ،فكان يحمل على عاتقه إغاثة الشعب  في سوريا وفسلطين ،وكان يسعى لخدمة شعب اليمن  مهما كانت المخاطر التى يتعرض لها ، فكانت تربطنى مع “حسين “الهموم ذاتها ،مقربين في أهدافنا وأولوليتنا ،عانينا من سقوط أقنعة في محطات مختلفة منذ أحداث ثورة يناير حتى اليوم  .

كنت ارافقه في المستشفيات تارة واجتمع به صدفة على باب المشرحة لنوثق الضحايا ونقدم المساعدة ..عرفته في عهد “مبارك ” و” مرسي ” و” السيسي” ، وكان أحمد حسين لا يتغير .. نوع فريد لا يعرف المساومة ولا الرياء ولا خطوة التانجو السياسية خطوة إلى الأمام وخطوتين الي الوراء ،وهو من أقنعنى التطوع معه في الإغاثة ووافقت لوجوده على رأس اللجنة الإغاثية لإنى اثق في مبادئه .

لم يتخلى “حسين” يوما ما عن قناعاته حتى لو اضطر أن يكون منبوذا ،يعيش وفق أفكاره وليس كما تريد له العشيرة ..ثابت على موقفه فإذا أدمى الشوك قدمه لن ينال من عزيمته بل هو على دربه صامدا، كنت شاهدة  على إشرافه على حملة  لإغاثة لشعب السوري خلال الحرب عام ٢٠١٦، و شاهدة على أنه بذل قصارى جهده في إغاثة المنكوبين  بالزلزال فى سوريا خلال هذا العام -فكان  لا يرتاح ولا يخلد للنوم الا وقد اطمئن على وصول الإغاثة لمستحقيها مهما كانت حجم المخاطر .

* شتاء واعد الطويل

اليوم وبعد مرور ٧سنوات على إجهاض حلم توصيل المولد الكهربائي إلى جنوب اليمن مازالت أزمة الكهرباء مستمرة بل تفاقمت لانقطاع كلي ،اتابع أخبار عدن المظلمة وأتذكر

حماس واعد ،وهو يحكى لى عن مشاريع مستقبلية التى كان يتخيلها ويحلم بها لخدمة بلده ، اليوم حزنت أكثر لحال واعد وغيره ممن تاهت أحلامهم وسط حرب عاصفة لما تبقي بالروح لتحيا .

في تلك السنوات المحملة بثقل المعاني ،اختفى “واعد ” فى دربه الخاص واستقر في عدن  ،  لكنه يبقى كطيف يظلل الحكاية بأسرها، اختفى “واعد ” بعد أن واجه عالما بلا قيم ولا مبادىء  ..هذه هى حكاية إجهاض حلم “واعد” لإيصال مولدا كهربائيا لإنقاذ مصابي الحرب والمرضى، ولكن يبدو أن  الحلم ليس كافيا.

كل هذه الحكايات تأتي لتصبّ في حكاية اغتراب الروح فى ظل حروب صامته داخلية وخارجية جعلت الشعب متعب يحوم فوق ما تبقي له من إرادة حتى لا يستسلم.

في ظل صراعات الحكومة، لا خيار للشعوب في قرار الحياة بسلام، لا تهتم بأن هناك شعوباً معطوبة من القتل والموت وانعدام مقومات الحياة من ماء وكهرباء ، لا يهتمون بشعب يحلم أن يعيش ولو مرة واحدة بنصف سلام .لا يهمهم كيف يعاني الشعب وما الفاتورة الذي يدفعها وحده .

شعب سئل مرارا  تكرارا  «وين الدولة؟»..الإجاية :” الدولة في الرياض تعيش في فنادق بها كهرباء وتكييف وماء صالحة للشرب “.

صحيح هناك  هدنة  للحرب لكن مازالت عدن في حالة حرب بل عدة حروب صامتة  في الوقت التى تجري فيه  تسوية مع الحوثيين، وهم يعلمون ما  الذي يطمح  إليه الحوثي من السيطرة علي اليمن شمالا وجنوبا فما الذي متوقع أن تصل له التسوية على حساب الشعب ؟

وهو ما دفع أهالى عدن أن لا تثق في السلطة القائمة ولا تثق في أى ضمانات وهمية قبل التأكيد على عدم المساس بحقوقهم .وهم في حالة ترقب دائم لنتائج الجولات الآتية من المفاوضات، والسؤال  الواجبُ طرحُه قبل الحديث عن نتيجة المفاوضات : ما الكلفة التي على عدن وشعبها أن تدفعها في إطار التسوية مع ميليشات إرهابية ؟

أريد في النهاية أن أقول لواعد  ولأطباء الضالع وعدن  إنني لم أكتب هذا المقال كي أعتذر لكم عن اجهاض حلم توفير مولد كهربائي لانقاذ المصابين والمرضي بعد كل هذه السنوات  ، بل كي أروي لكم كيف تترابط حكايات مآسي المحافظات المحررة ، لدفع ضريبة ثباتهم وعدم استسلامهم في سبيل  استرداد وطنهم  ..وكيف أننا لا نزال في انتظار أن ينهض الضمير  من تحت الركام لينصف شعب  من حقه تقرير مصيره.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *