عقاب امتد إلى القراء وحرمان من “معرض الكتاب”| 10 سنوات “تنمية”.. وخالد لطفي من محبسه: أعلم أني حاضر في قلوب من أحبوها
كتب – أحمد سلامة
في وقت تحتفي فيه مكتبة ودار تنمية للنشر بمرور عشر سنوات على تأسيسها، يقبع مؤسسها خالد لطفي خلف الجدران بتهمة “نشر أخبار كاذبة”.. عشر سنوات قضتها دار النشر في تدعيم الحركة الثقافية المصرية لكنها لم تحل أبدًا دون بقاء رائدها في السجن.
من محبسه أرسل خالد لطفي رسالة إلى جمهور تنمية، قال فيها “عشرة أعوام مضت ولم أشعر بها، عشرة أعوام مضت وكأنها عشرات السنين، عشرة أعوام مضت وكأني لم أعش غيرها، غبت عنها لبعض الوقت، ولكني أعلم أني حاضر بين الجميع ممن أحبوا تنمية”.
ويضيف لطفي في رسالته “كل يوم يزداد حبي لها وإصراري على بذل المزيد لأصل بها إلى أعلى مكانة، أشكر كل من ساعدني وأعدكم أن نكون دائما عند حسن ظن الجميع”.
في ديسمبر من العام 2019، كانت محكمة النقض العسكرية قد أيدت حكما بسجن الناشر خالد لطفي، البالغ من العمر 38 عاما، لخمس سنوات، بعد إدانته بتهمتي نشر أخبار كاذبة عمدا وإذاعة أسرار دفاعية من خلال تداوله وبيعه لكتاب (الملاك: الجاسوس المصري الذي أنقذ إسرائيل) دون الحصول على تصريح من الجهة المختصة.
لكن مصادر متنوعة أكدت أن نسخة الكتاب أرسلت إلى الرقابة قبيل النشر بالفعل، ولم يأتِ رد، لافتة إلى أن ذلك يعد موافقة ضمنية متعارف عليها في مجال النشر، وبعدها تم توزيع الكتاب على المكتبات.
رسالة لطفي من محبسه لاقت صدى، وأكدت ما للمكتبة من أثر لدى جمهور القراء الذين أبدوا تعاطفًا كبيرا معه ومع رسالته، فعبر صفحة المكتبة على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك” علّق كثير من المتابعين معربين عن أمنياتهم بسرعة الإفراج عنه.
أحد المعلقين قال “ربنا يفك أسرك يا أستاذ خالد عاجلا غير آجل وترجع بالسلامة لبيتك ولشغلك وأن يسعدك ويسعد ايامك .. وإن شاء الله تعالى تكون مكتبة تنمية هي رقم واحد في العالم علشان هي فعلا في نظر القراء رقم واحد”، بينما أضافت متابعة “أنت اخترت أصعب مشروع ممكن يتفتح في البلد دي ودفعت تمن غالي أوي دفاعا عنه كل سنة وتنمية دايما أحسن وأجمل مكتبة في مصر والدنيا كلها”.
وتوالت ردود المُعلقين على الرسالة، “كل سنة و فكرتك اللى بقت مشروع، ومشروعك اللي بقى بيتنا كلنا، وخلانا نقدرك ونحبك ونحترمك حتى من غير ما نتقابل بخير و سلام يا أستاذ خالد، وإن شاء الله السنين اللي جاية نحتفل كلنا وانت معانا و بينا بعد ما ربنا يفرج كربك”.. فيما أضاف آخر “الحلم اللي بقى واقع، من أول يوم فتحتوا فيه وأنا كنت بخرج من شغلي عليكم، ولما اتغير مكان شغلي عمري ماقطعت زياراتي لكم، في يوم هنحتفل معاك يا خالد باليوبيل الفضي لـ(حلمنا)”.
بدأت فكرة مكتبة فكرة، عندما لاحظ خالد لطفي ارتفاع أسعار الكتب وصعوبة شرائها بالنسبة للقارئ المصري، ثم تواصل مع دور النشر المختلفة للوصول إلى اتفاقيات لتخفيض أسعار الكتب داخل مصر، ثم وصل إلى فكرة “الطبعات المصرية المشتركة”.
كان للطبعات المصرية المشتركة هدفين رئيسيين أولهما تقليل الفجوة بين أسعار الكتاب المصري والكتاب القادم من خارج مصر، وثانيهما محاربة ظاهرة تزوير الكتب.. وبالتعاون مع دور النشر العربية المختلفة، أصدرت تنمية طبعات مصرية من العديد من الكتب والروايات الهامة والأكثر مبيعًا في الوطن العربي، بأسعار مخفضة تصل إلى نصف السعر أو أقل، وقد نجحت الفكرة، التي بدأتها تنمية، نجاحًا كبيرًا وبدأت بعض دور النشر المصرية بتطبيقها.
بدأت تنمية الاشتراك في معرض القاهرة الدولي للكتاب داخل صالات العرض منذ عام 2010، وقد أثبتت قدرتها على تمثيل الوسط الثقافي والعاملين بمجال النشر والطباعة حتى عام 2012، حيث بدأت المشاركة بجناح خاص رئيسي على بوابات المعرض (في مقره القديم بأرض المعارض مدينة نصر) مباشرة، وقد حقق الجناح نجاحًا وحضورًا قويًا بالمعرض منذ ذاك الحين، حتى صار لـ تنمية ثلاثة أجنحة في المعرض في العامين الأخيرين من إقامته في مدينة نصر.
لكن، ومنذ بداية الأزمة، حُرمت مكتبة تنمية من التواجد في معرض الكتاب، وهو المعرض الذي تم تأجيله هذا العام إلى أواخر شهر يونيو بسبب تفشي جائحة كورونا، لكن القائمين عليها استعاضوا عن ذلك بإقامة “معرض خاص” يضم مختلف الكتب الصادرة عن دار النشر.
السبب المعلن من القائمين على تنمية هو أن الأمر يعود لنقص أماكن العرض، ومشاكل خاصة بالأوراق الثبوتية، وذلك على الرغم من استيفاء المكتبة لكل الشروط، وزيارة المسؤولين في المكتبة لمكاتب القائمين على تنظيم المعرض مرارًا، محاولين الوصول لنقطة التقاء وتفاهم.. لكن ذلك لم يحدث طوال السنوات الماضية.
العقاب الذي تم توقيعه على خالد لطفي، امتد إلى جمهور القراء وحرم الكثيرين من الاستفادة من القيمة المضافة التي يمكن أن تشكلها مكتبة “تنمية” للحركة الثقافية المصرية.
وفي محاولة لتفادي الخسائر جراء ذلك، أقامت تنمية بفرعيها في وسط البلد والمعادي، معرض كتاب موازٍ بخصومات ومسابقات، حفزَّت القرَّاء على زيارتها.. واستعداد لذلك خلال العام الجاري، أعلنت دار النشر عبر صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي عن إقامة “معرض كتاب تنمية لعام 2021” كجزء من “احتفالاتنا بمرور 10 سنوات على بداية نشاطنا”.
وأشارت الصفحة إلى أنه حرصًا على سلامة المتابعين وحرصا على تطبيق الإجراءات الوقائية فإنه يمكن شحن الكتب لكافة محافظات مصر، لافتة إلى أن العرض يبدأ من 18 يونيه ويستمر حتى 18 يوليو 2021.
وفي أبريل 2020، جدد اتحاد الناشرين الدولي، نداءه إلى السلطات المصرية للإفراج عن الناشر خالد لطفي.
وكرر اتحاد الناشرين الدولي في بيان صحفي، مناشدته للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، للإفراج عن لطفي، وقال إنه قد قضى بالفعل أكثر من ثلث حكمه بالحرمان من الحرية في السجن.. قائلا في بيان إن “خالد لطفى مؤهل لمثل هذا الإفراج، نأمل أن يتم لم شمله مع عائلته”.
ويشار إلى أن اتحاد الناشرين الدولي كان قد منح في مايو من عام 2019، جائزته السنوية للمدافعين عن حرية النشر للمصري خالد لطفي. وناشد وقتها، خوسيه بورجينو الأمين العام لاتحاد الناشرين الدولي الرئيس السيسي منح لطفي عفوا رئاسيا.