عشرات الوفيات في حرائق الغابات بالجزائر والمغرب وتونس.. والسلطات تجلي سكان المناطق المحيطة
لقي عشرات الأشخاص مصرعهم في موجة من حرائق الغابات في الجزائر والمغرب وتونس، هذه الأيام، في ظل ارتفاع كبير لدرجات الحرارة تأثرا بالتغير المناخي، في الوقت الذي لجأت السلطات إلى إجلاء سكان المناطق المحيطة مؤقتا تجنبا لوقوع مزيد من الضحايا.
وأعلنت وزارة الداخلية الجزائرية وفاة 26 شخصاً على الأقل في حرائق اندلعت في غابات شرقي البلاد.
وقال وزير الداخلية كامل بلجود للتلفزيون الرسمي إن 26 شخصاً على الأقل قتلوا وأصيب العشرات في حرائق غابات اجتاحت 14 منطقة شمال الجزائر الأربعاء.
وأوضح بلجود أن 24 شخصاً توفوا في حرائق بولاية الطارف، قرب الحدود مع تونس، إضافة إلى وفاة شخصين في وقت سابق في ولاية سطيف.
وقال بلجود إن “الحرائق تسببت في اتلاف نحو 1800 هكتار من الأحراش و 800 هكتار من الثروة الغابية في ولايات الطارف وسطيف وسوق أهراس وجيجل وسكيكدة وتيبازة”.
وتتعامل السلطات الجزائرية مع حرائق ضخمة اتسعت رقعة انتشارها، خاصة في المناطق الشرقية، جرّاء موجة الحرّ التي تجتاح منطقة شمال أفريقيا.
وقدم الرئيس عبد المجيد تبون، تعازيه لأسر الضحايا، مؤكداً وقوف الدولة بجانبهم والعمل على إخماد هذه الحرائق، بحسب وكالة الأنباء الرسمية، وأكد “تسخير كافة الإمكانيات البشرية والوسائل المادية لإخماد الحرائق والتكفل بالمصابين”.
وأعلنت هيئة الحماية المدنية في سطيف وفاة امرأتين جراء النيران: أم تبلغ من العمر 58 عاماً وابنتها البالغة من العمر 31 عاماً.
وتحيي هذه الحرائق الجدل بشأن نقص عدد قاذفات المياه الذي سبق أن هزّ البلاد الصيف الماضي. وبحسب موقع “مينا ديفينس” المتخصص، فقد ألغت السلطات الجزائرية بعد خلافها مع إسبانيا عقداً مع مجموعة بليسا الإسبانية المتخصصة التابعة لمجموعة إير نوستروم للطيران، للتزود بسبع طائرات قاذفة للمياه.
وفي أواخر يونيو، علّقت الجزائر “معاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون” التي أبرمتها عام 2002 مع إسبانيا، بعدما غيّرت مدريد موقفها في ملف الصحراء الغربية لدعم موقف المغرب، وقالت وسائل إعلام عدة إنّه لم يتمّ وضع أي خطة بديلة لاستبدال الطائرات الإسبانية.
وفي سوق أهراس، إلى الشرق بالقرب من الحدود الجزائرية مع تونس، شوهد الناس يفرون من منازلهم مع انتشار الحرائق قبل نشر طائرات الهليكوبتر لمكافحة الحرائق.
وقالت السلطات في وقت سابق إن أربعة أشخاص في سوق أهراس أصيبوا بحروق وأن 41 آخرين يعانون من صعوبات في التنفس. وذكرت تقارير إعلامية أنه تم إجلاء 350 ساكناً من المنطقة.
وأوضحت هيئة الحماية المدنية أن “39 حريقاً مازال مشتعلاً حتى الآن في 14 ولاية”، مشيرة إلى أن الطارف كانت الأكثر تضررا، مع استمرار 16 حريقا، واستخدمت طائرات الهليكوبتر لإلقاء المياه على الحرائق في ثلاث ولايات، بما في ذلك سوق أهراس.
وشهدت الجزائر اندلاع 106 حرائق منذ بداية أغسطس، دمرت أكثر من 2500 هكتار من الغابات، وقال وزير الداخلية بلجود إن بعض الحرائق كانت بفعل فاعل وتسبب فيها أشخاص.
وبحصيلة الأربعاء يرتفع العدد الإجمالي للقتلى في حرائق الغابات هذا الصيف إلى 30 قتيلا في الجزائر.، وتتأثر المناطق الشمالية كل عام بحرائق الغابات، وهي مشكلة تفاقمت بسبب تغير المناخ.
وفي العام الماضي، لقي 90 شخصاً على الأقل حتفهم في حرائق الغابات التي اجتاحت شمال الجزائر، ودمرت أكثر من 100 ألف هكتار من الغابات.
وقُتل ثلاثة عناصر من فرق الإطفاء إثر سقوط مركبتهم في واد شمال المغرب فيما كانوا يشاركون في جهود مكافحة حريق في إحدى الغابات، حسبما أفادت السلطات المحلية الثلاثاء، مشيرة إلى توقيف 4 أشخاص يشتبه بأنهم أشعلوا النيران.
في هذا الإطار، قالت سلطات محافظة المضيق: “إن ثلاثة من أفراد المديرية العامة للوقاية المدنية لقوا مصرعهم الإثنين، فيما أصيب اثنان آخران بجروح بليغة إثر سقوط المركبة التي كانوا يستقلونها في منحدر واد”.
ووقع الحادث “أثناء أدائهم لواجبهم المهني في مكافحة الحريق” الذي اندلع في غابة تقع بمحافظة المضيق الفنيدق، وتم نقل عنصري الإطفاء المصابين إلى مستشفى متخصص بمدينة طنجة المجاورة، لتلقي الإسعافات الضرورية، وأسفرت تحقيقات أولية للشرطة عن توقيف أربعة أشخاص “يشتبه في وقوفهم وراء إضرام النيران”.
وفي هذا السياق، أكد الوكيل العام بمحكمة تطوان المجاورة في بيان أن النيابة العامة “ستتعامل بالصرامة والحزم اللازمين مع كل مشتبه في تورطه في هذه النازلة، وكذا مع أي حالة مماثلة تستهدف تدمير الوعاء الغابوي ببلادنا”.
واستمرت الجهود ليل الثلاثاء لإخماد الحريق الذي اندلع منذ مساء الإثنين، حيث كثفت ثلاث طائرات متخصصة في إخماد النيران طلعاتها إلى نحو 40 لكل منها، وفق ما أضافت السلطات المحلية مساء الثلاثاء، مشيرا إلى أن الجهود منصبة بالأساس على “تحويط النيران ومنع انتشارها باتجاه المناطق المأهولة”، فيما ارتفعت حصيلة الغطاء النباتي المتضرر إلى حوالي 120 هكتارا.
وكانت حرائق غابات اندلعت في بؤر عدة شمال المملكة، تسببت بمقتل أربعة أشخاص في يوليو، وأتت هذه الحرائق التي تزامنت مع موجات حر شديدة، على ما يقارب 10300 هكتار في عدة غابات شمال البلاد، بحسب تقديرات رسمية.
وشهد المغرب خلال السنوات الأخيرة اندلاع حرائق غابات خلال الصيف بسبب ارتفاع درجات الحرارة، وتفاقمت النيران هذا العام بفعل جفاف استثنائي أثار إجهادا مائيا. وللتصدي لآثار هذه الحرائق أعلنت السلطات في يوليو/تموز عن برنامج لإعادة تشجير نحو 9 آلاف هكتار من الغابات المتضررة، إضافة إلى دعم مالي للمزارعين وسكان القرى المجاورة الذين تضررت بيوتهم.
كما اجتاحت الحرائق غابات في ولايتي باجة وجندوبة التونسيتين المتجاورتين في مناطق طبرقة وعين دراهم وفرنانة وفي غابات على الحدود مع الجزائر.
وتسببت موجات من الرياح الساخنة في توسع الحرائق. وتكافح فرق الإطفاء للسيطرة على الحرائق بمساعدة طائرة عسكرية لمنع تمددها إلى المناطق السكنية.
وقال مدير الدفاع المدني في باجة معز بن خليفة لإذاعة «موزاييك» الخاصة: إن ستة حرائق اندلعت في المنطقة، بينما جرى إجلاء 5 عائلات من سكان الغابات بجبل المسيد من معتمدية نفزة، مشيراً إلى أن النيران اشتعلت في أحد هذه المنازل بعد عملية الإجلاء. واندلع حريق آخر صباح أمس في جبل السرس بولاية القيروان وسط تونس، كما اشتعلت النيران في جبل بمنطقة الهوارية شمال شرق البلاد.