عدو.. فيلم عن الديكتاتورية الجديدة.. (الفوضى نظام لم يفهم بعد)
شاهده لكم – حسين هلال
التاريخ يعيد نفسه, في المرة الأولى تكون مأساة, والمرة الثانية تكون مهزلة .
(كارل ماركس)
راوية الكاتب الأسباني (خوسيه سارامجو), طرحت الرواية باسم (المزدوج) لكن قدم الفيلم عام ٢٠١٣ باسم (عدو), الرواية شبيهة برواية للكاتب الروسي (ديستوفيسكي).
كتابات ( خوسيه سارامجو ):
كتاباته أقرب إلى الواقعية الفوضوية ….خبيثة ,منطقية,واقعية,هذلية و(فوضوية).
كتابات ( ديستوفيسكي):
كتاباته خيالية تشائمية.. لكنها لاتقدم لك الحل أو الجديد لتفعله بل تدعوك إلى الانتحار في هدوء.
لكن من أين يأتي التشابه؟
التشابه هو أن كلا الكاتبين أقرب إلى ممثلين من كاتبين, عند كتاباتهم لأنماط الشخصيات تظهرمقدار قوة الكتابة في التشريح النفسي للشخصيات الأساسية في الأحداث, لتفهم كيف تفكر الشخصية وكيف ستتصرف بناءا علي نمط قد وضعه الكاتب منذ أول كلمة وقعت عينيك عليها, أيضا كلاهما, لن أقول رافضين للواقع (دستوفيسكي ) رافض للواقع بشكل سلبي ثوري أي (انتحاري) اما ( سارامجو ) ليس رافضا للواقع في كتاباته, كتاباته (كحشرة دخلت تفاحة حمراء ناضجة تلتهمها قضمة بقضمة حتي تقضي عليها) .
النمط المتكرر :
التاريخ يعيد نفسه كما قال فلاسفة كثر, لكن الحداثة هزمتنا، الظلم هو الظلم لكن ظلم اليوم عصري, ظلم الغد أكثر عصرية وخبثا أما ظلم الأمس واضح وصريح.
يتحدث الفيلم عن حياة شخص يعمل كمدرس جامعي (أدم), حياته روتينية بشكل بشع, يذهب إلى الجامعة ويرجع للبيت ليصنع خلافات بينه وبين عشيقته ثم ينام, وفي العطلة يذهب إلى نادي تحت الارض لمشاهدة النساء الفاتنات عرايا, تأتي الحبكة عندما يقترح عليه أحد اصدقائه مشاهدة فيلم ما في المنزل, يشاهد الفيلم ويري نفسه يمثل في الفيلم, لكن الممثل يسمي (أنثوني ) وهو مطابقا له كالتوأم .
الخروج من النمط يصنع مشاكل:
بدأ يبحث عن الممثل المطابق له في الشكل, لكن لماذا ؟
وجد عنوانه ورقم هاتفه الأرضي واتصل بمنزله لتجيب زوجة (أنثوني) وتتحدث معه بشكل طبيعي كأنها تكلم زوجها, يحاول أن يشرح لها أنه ليس زوجها لكنها تأخذ كلامه بسخرية و تبلغه انه يجب ان يأتي للمنزل باكرا .
المقابلة:
يقابل (أدم) شبيهه (أنثوني) في غرفه فندق بعد تحدثهما علي الهاتف, كلاهما متطابقان, يهرب ( أدم ) من الغرفه ويرتعب .
مم يرتعب؟
المباني: لاتمثل المباني إلا الأشخاص الذين يعيشون بداخلها, أنت الآن لاتمثل نفسك, بل سيارتك ووظيفتك وأموالك وملابسك هي التي تمثل عنك فالمباني شكلها ممل لا جديد فيها لكنك تكذب علي نفسك, حتي الحداثة مملة .
تبديل:
يبدل كلاهما حياة الآخر, هذا يحصل علي زوجته وهذا علي عشيقته, لا تشعر كلا السيدتين بأي اختلاف لكن الرجلان لم يتأقلما بعد علي حياتهما الجديدة, كلا الرجلين يريدان أن يغيرا حياتهما لكي يستطيعا الإستمرار في الحياة الروتينية .
النهاية أم بداية جديدة:
يموت (أنثوني) وعشيقة (أدم) في حادث سيارة.. وكأن زوجة (انثوني) تتمني حدوث ذلك منذ فترة بعيدة , وتعيش بشكل عادي مع (أدم) ¸لكن ما الجديد؟ انت الآن مع زوجة وبيت ووظيفة وكل شيء كان موجودا في السابق .
من هو (أدم):
هو الحياة الجديدة التي خرجت وتمردت من نمط الروتين, وظيفة جديدة, زوجة جديدة , اسم جديد (روتين جديد).
من هو ( أنثوني) :
هو الحياة القديمة المتعلقة بالروتين والأفعال السابقه لكنها تتشوق إلى الروتين الذي يسبقه .
من هي ( الأم ):
مشهد جلوس ( أدم ) علي الطاولة , وسؤاله لأمه هل لدي أخ ؟
أمه لاتمثل شيئا إلى العقل الباطن الذي يخبرنا ويكذب علينا اننا صالحون و نفعل مانريده بحياتنا و لن نموت إلا إذا كسرنا الروتين, لنحيا من جديد . ( أنت ابني الوحيد, وأنا أمك )
هل يمكن كسر الروتين؟: الإجابة هي الفوضي المؤلمة
ما هو المفتاح ؟ :
المفتاح الذي يستخدمه (أدم) للدخول للنادي لا يمثل إلا الفوضى لكسر الروتين, لكن حتى الفوضى تصبح روتينية, يجب أن تكون الفوضى عنيفه لكسر الروتين .
آخر مشاهد الفيلم, تتحول فيه الزوجة إلى عنكبوت عملاق أي أن حياة (أدم) الجديدة تحولت هي الأخرى إلى روتين هل سيقتله الروتين أم أنه سيقتل الروتين؟ أم سيتعايشان من جديد ؟.
الروتين يدخل في كل أنحاء حياتك بأتفه التفاصيل، حتي الممارسة الجنسية تصبح عاده ثقيلة علي القلب .
الدكتاتورية :
كل دكتاتور لديه هاجس واحد وهو التملك.. يحد من الثقافة والطعام والتعليم, انت تظن ان الديكتاتورية قد انتهت لكنها مازالت مستمرة حتى في البلاد الديمقراطية, إن وجد الروتين وجدت الديكتاتورية والعكس صحيح .
المهزلة:
التاريخ يعيد نفسه المرة القادمة القريبة ستكون مهزلة , فناء الأنظمة وانتهائها الفعلي لن يحدث إلا بالفوضى المطلقة الفوضى ليست روتينية لكنها أزليه, تحقيق قيام نظم أخرى مضادة للنظم القديمة لن يتحقق إلا بمرور الفوضى في المنتصف لكن يجب أن يتم التعامل مع الفوضى هي الأخرى كنظام كامل له أهدافه وفلسفته الواعية والمنطقية, حتي يمكن القضاء عليه والقيام بالنظام الجديد, لا يمكننا بناء نظام جديد على انقاض نظام أخر حتي الأنقاض يجب التخلص منها نهائيا .
الفوضى نظام يجب أن يدرس, الثورات اختلف مفهومها وسيختلف يوما بعد يوم, الثورات القادمة على اي شيء ستكون تخريبية, لأن الجيل القادم ليس لديه وعي أو ثقافة فالثورة المجتمعية و السياسية لن تكون رحيمة بأي شيء ان لم نستعد لها بالتكيف علي تقبل الألم حتي انتهاء الضرب سنهلك, الخوف هو من انقضاض رجال الدين علي الوعي المجتمعي في هذه الفتره العصيبه .
وفي الختام
هل تستطيع التخلص من الروتين؟ , ان استطعت فأخبرني عندما تصنع روتينا جديدا ,انك تخلصت من الروتين .
أنت عدو نفسك الوحيد.