عامل “يونيفرسال” يكشف لدرب أسباب محاولته الانتحار: رفضوا منحي سلفة من مستحقاتي لسداد ديوني وزوجتي هجرتني وبعت أثاث المنزل.. ماذا تبقى لدي لأعيش؟
حنفي: النيابة والشؤون القانونية حققا معي وتلقيت وعدا بحل الأزمة.. هل ينبغي على كل عامل الانتحار للحصول على حقه؟
أزمتي جزء من مأساة أكثر من 3 آلاف عامل بالشركة.. وأخشى محاولة آخرين التخلص من حياتهم نتيجة ليأسهم
كتب- محمود هاشم
كشف أمين محمد حنفي، العامل في قسم سيخ الشواية بمصنع 24000، صباح اليوم الاثنين، عن تفاصيل محاولته الانتحار داخل مقر الشركة، قبل تمكن عدد من زملائه من إنقاذه، بعد سكبه “التنر” على جسده في محاولة لإحراق نفسه، في خامس محاولة انتحار بين عمال الشركة، نظرا لمرورهم بأزمات مالية شديدة، نتيجة عدم وفاء الإدارة بتعهداتها بصرف مستحقاتهم.
وقال حنفي لـ”درب”: “حصلت على قروض بضمان المرتب، للمساهمة في الإنفاق على أسرتي، إلا أنني عجزت عن سداده، بسبب عدم حصولي على مرتبي منذ 3 أشهر، فضلا عن الحوافز والبدلات المتأخرة منذ فترة طويلة”.
وأضاف: “البنك لم يصدق أنني لم أحصل على مرتبي حتى هذه اللحظة، وطالبني بسرعة سداد قيمة القرض المستحقة، خاصة أن الشركة لا تعطي العاملين أوراقا تفيد بتأخر مرتباتهم، زوجتي أيضا تركت المنزل منذ فترة لعدم قدرتي على الإيفاء بالتزاماتي الأسرية، وفشلت محاولاتي لإعادتها حتى الآن، نتيجة استمرار الوضع على ما هو عليه”.
وتابع: “اضطررت إلى بيع جزء كبير من أثاث منزلي، فضلا عن غرفة الأطفال وجهاز الكمبيوتر الخاص بي، لسداد جزء من ديوني المتراكمة نتيجة عدم حصولي على مستحقاتي، ولم يتبق لدي سوى ملابسي، فماذا تبقى لدي غير ذلك”.
طالب حنفي إدارة الشركة بمنحه سلفة من متأخراته، إلا أن طلبه قوبل بالرفض، فلم يكن أمامه سوى التخلص من حياته، بعد فشل كل محاولاته الحصول على حقوقه، وبعد انهيار حياته الأسرية، فضلا عن تراكم الديون على كاهله.
يوضح: “صباح اليوم، الاثنين، توجهت إلى مقر عملي، وسكبت مخفف طلاء الدهان القابل للاشتعال “التنر” على جسدي، وشرعت في إشعال النار في نفسي، قبل أن يهرع عدد من زملائي لإثنائي عن الانتحار، بعدها تم تحويلي للتحقيق في الشؤون القانونية بالشركة، فضلا عن التحقيق معي من طرف النيابة، لمعرفة دوافعي لمحاولة الانتحار”.
بعد انتهاء التحقيق، عرض مسؤول بالشركة منح حنفي 1000 جنيه فقط من مستحقاته، إلا أن العامل رفض المساومة على حقوقه، خاصة أن المبلغ زهيد للغاية، ولا يكفي لسداد حتى جزء قليل من ديونه والتزاماته المادية، قبل أن يعده محمد رزق رئيس قطاع الموارد البشرية بالشركة، بالنظر في حل أزمتهه، خلال اجتماع معه، صباح غد الثلاثاء، حسبما يحكي.
ويواصل: “قضيتي جزء بسيط من مأساة 3165 عامل بالشركة يعانون من الظروف نفسها، ولست الوحيد الذي يحاول الانتحار نتيجة تنصل الإدارة من سداد مستحقاتنا المتأخرة، فقد سبقني 4 آخرون، وقد يلحق بي غيرهم، هل ينبغي على كل عامل الانتحار للحصول عللى حقوقه”.
واستكمل: “فشلت في محاولتي التخلص من حياتي بسبب وجود زملائي بالصدفة في مكان الواقعة، لكن أخشى أن تتكرر المحاولة مع زملاء آخرين حال استمرار الوضع الحالي، نحن نعيش مأساة حقيقية يوميا، لابد لها أن تنتهي، قبل أن تحصد المزيد من الأرواح، نتيجة ليأسهم في الحصول على حقوقهم الطبيعية”.
كان أحد أعضاء اللجنة النقابة لعمال “يونيفرسال”، إن إدارة الشركة أخضعت العامل للتحقيق بالشؤون القانونية، عقب محاولته الانتحار داخل مقر الشركة، حيث انتهي التحقيق منذ قليل، في انتظار معرفة نتائجه، بحسب بيان صادر عن المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، اليوم الاثنين.
وأضاف أن عمال الشركة الذين يزيد عددهم عن 3 آلاف عامل ما يزالون لم يحصلوا على مستحقاتهم لدى الشركة، ومن بينها مرتبات 3 أشهر منذ مايو الماضي، فضلا عن البدلات المتأخرة من ضمنها ما يزيد عن 50 شهرا بدل طبيعة، و10 حوافز أخرى تشمل أيضا متأخرات من العام الماضي.
وأوضح عضو آخر باللجنة النقابية في “يونيفرسال”، أن الشركة شهدت ما يقارب 5 حالات انتحار، آخرها محاولة أمين محمد حنفي، صباح اليوم، الذي حاول إشعال النار في جسده بعد رفض إدارة الشركة منحه سلفة من مستحقاته بعد تعثره في سداد قروض بنكية بضمان مرتبه.
وأشار إلى أن الواقعة سبقتها محاولة محمد فؤاد، أمين المخازن في مصنع المغازية، تلاه عاصم عفيفي، العامل بقسم التجميع الذي انتحر، في فبراير الماضي، بسبب سوء ظروفه المادية وعدم إيفائه بمتطلبات أسرته، فضلا عن محاولتي الانتحار الأخيرتين لزميليه أحمد محمود، وعامل آخر في مصنع المغازية أيضا.
وتابع: “عمال الشركة يعانون من أزمات مادية شديدة، حيث لم نعد نستطع الإيفاء بالتزاماتنا أو الصرف على أسرنا، وتراكمت علينا الأعباء والديون، في الوقت الذي تواصل إدارة الشركة التنصل من تعهداتها، في ظل عدم تدخل الجهات المسؤولة للرقابة والتأكد من تنفيذ هذه الالتزامات”.
ويعاني العمال من اضطراب نظام المرتبات والأجور الأمر الذي أدى إلى توقف الإنتاج بمصانع الشركة، وتلاعب إدارتها بأجورهم، وتعريضهم لأحوال معيشية ومادية سيئة، أدت بأحدهم إلى الانتحار في شهر فبراير الماضي، والقبض على مجموعة منهم ثم إخلاء سبيلهم.
من جهته، طالب المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية وزارة القوى العاملة بالوفاء بتعهداتها بشأن اتفاقيات العمل الجماعية السابق إبرامها بين إدارة الشركة وممثلي العمال وبحضور ممثلي الوزارة، كما دعا الجهات المسؤولة بالدولة وعلى رأسها وزارتي القوى العاملة والاستثمار ولجنة القوى العاملة بالبرلمان بالتدخل الفوري وتقصي حقيقة ما يحدث من انتهاكات ضد عمال الشركة حرصا على إعلاء قيمة القانون، وتوفير الحماية الكافية لهم، وعدم تركها فريسة للتلاعب، وترك مصائرهم ومصائر عائلاتهم في مواجهة المجهول وسط ظروف معيشية صعبة.
وشدد المركز على أن استمرار تجاهل حقوق العمال ينذر بوقوع كارثة إنسانية جديدة، على غرار عاصم عفيفي، وزملائه، داعيا الجهات المسؤولة إلى صرف إعانات عاجلة لهم للمساهمة في تخفيف الأزمات الاقتصادية التي يعانون منها، فضلا عن الضغط على إدارة الشركة لصرف مستحقاتهم المتأخرة، وإعادة العمال المفصولين بسبب دفاعهم عن حقوق زملائهم.
يذكر أنه تم إبرام اتفاقية عمل جماعية بين الإدارة وممثلي العمال بحضور مندوبي القوى العاملة ومندوبي النقابة العامة للعاملين بالصناعات الهندسية، بتاريخ 16/10/2019 التزمت فيها إدارة الشركة بتحقيق مطالب العمال العادلة والضرورية لتوفير بيئة عمل آمنه ومناسبة، وهو الأمر الذي لم تلتزم به الإدارة فاضطر العمال لمعاودة الاحتجاج، واللجوء للقضاء للحصول على حقوقهم المهدرة.
كما تم إبرام اتفاقية أخرى بتاريخ 9/10/2021 التزمت فيها الإدارة بمطالب العمال مرة أخرى والتي كان من أخصها الانتظام في صرف المرتبات، والحوافز الشهرية، وتعهدت لإدارة بالدخول في مفاوضة جماعية جديدة عقب استقرار الأوضاع العمالية داخل الشركة بشأن أي مطالب مستقبلية للعمال والاحتكام إلى وسائل فض منازعات العمل الجماعية وإنهاء الخلافات بالطرق الودية.
وأصدرت إدارة الشركة عدة قرارات تنفيذية منها القرار رقم 1/1/22 في 3 يناير 2022 المتعلق بجدولة صرف المرتبات المتأخرة، والثاني في 1 يونيو 2022 بشأن استقرار بيئة العمل وإقرار صرف المستحقات المالية المتأخرة، ليفاجأ العمال باستمرار ذات الأوضاع التي سبق وتظلموا منها، ومواجهة مطالبهم للإدارة بالوفاء بالتزاماتها بطلب فصلهم.
وكان المركز تقدم بـ20 صحيفة إعلان بالطلبات الموضوعية في دعاوي الفصل التعسفي لصالح العاملين بشركة يونيفرسال، لمحكمة جنوب الجيزة الابتدائية، تخص 20 عاملاً من المفصولين تعسفيًا بشركة، من بينهم 10 نقابيين، حيث يُطالب العمال بالتعويض عن فصلهم تعسفيًا ومقابل مهلة الإخطار والراتب المتأخر والحافز، وبدل طبيعة العمل ورصيد الإجازات.
وخلال الشهور الماضية، استقبل فريق محاميي المركز 60 شكوى فصل تعسفي من عمال شركة يونيفرسال، لتقديم الدعم القانوني اللازم لحماية العمال، والدفاع عن حقوقهم، في ظل أزمات معيشية صعبة يعاني منها، وتتطلب إعطاء العمال حقوقهم لا إهدارها.