عامان على حبس م. يحيى حسين عبد الهادي.. “فارس مقاومة الخصخصة” من مواجهة سرقة الشعب للسجن بسبب رأي (بروفايل)
دافع عن عمر أفندي.. وقاوم الخصخصة.. وساند الثورة وعارض الإخوان وتم سجنه بسبب مقالاته عام 2019
قالوا عنه.. الحركة المدنية: مناضل شريف معروف بدفاعه عن الوطن وسعيه لتحقيق العدالة للملايين من الفقراء
المحامي الحقوقي أحمد فوزي عن عبد الهادي: رجل مستقيم ووطني يدير اختلافاته بمنتهى الاحترام فينال احترام المختلفين والمؤيدين له
كتب- حسين حسنين
أكمل المهندس يحيى حسين عبد الهادي، المتحدث باسم الحركة المدنية الديمقراطية، عامين في الحبس الاحتياطي، منذ القبض عليه فجر يوم 29 يناير 2019 بعد اقتحام قوات الأمن منزله واقتياده لجهة غير معلومة.
وبموجب القانون، يجب الأفراج الفوري عن يحيى حسين عبد الهادي، خاصة وأن القانون حدد مدة الحبس الاحتياطي عامين فقط، أي تجاوز لها فيه مخالفة للقانون تستوجب الإفراج.
وتتزامن ذكرى مرور عامين على حبس يحيى حسين عبد الهادي مع تصاعد المطالب بالإفراج الفوري عنه، خاصة مع ما يعانيه من انتهاكات في محبسه، سواء بالمنع والتضييق في الزيارات أو بسبب حالته الصحية التي تحتاج إلى رعاية عاجلة تتطلب الإفراج عنه.
أراء يحيى حسين عبد الهادي كانت واضحة في كتاباته ومقالاته المنشورة بعدد من الصحف والمواقع الإلكترونية، التي أغلقت بعد ذلك الباب في وجهه، ما دفعه للكتابة على صفحته الخاصة بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”.
وفي هذا اليوم، يقول المحامي الحقوقي أحمد فوزي “اليوم يمر سنتين بالتمام والكمال على حبس الراجل المحترم عفيف اليد واللسان المهذب جدا يحيى حسين عبد الهادي، تعاملت مع ناس في العمل العام كتير، ده إنسان طيب وعفوي واللي في قلبه على لسانه ومستقيم وجدع”.
المهندس يحيى حسين عبد الهادي هو المتحدث السابق باسم الحركة المدنية الديمقراطية، حيث اختارته الحركة في الذكرى الثانية لتأسيسها وأعلنت ذلك في بيان لها. وكان مديرا لمركز إعداد القادة، وهو أيضا من مؤسسي المركز، وأصبح مديرًا للمركز ووكيلًا لوزارة الاستثمار عام 2004.
كما أصبح عضوًا باللجنة الرئيسية لتقويم شركة “عمر أفندي” التي ضمت 15 عضوًا من قيادات قطاع الأعمال والخبراء، وكان موقفه واضحا من صفقة بيع سلسلة محلات “عمر أفندي”، فهو من أشد الرافضين لها لذلك تقدم ببلاغ ضد الحكومة ووزير الاستثمار على خلفية بيعها.
في ٢٩ يناير ٢٠١٩، ألقت قوات الأمن القبض على عبد الهادي، فجرا من منزله، عقب مطالبة الحركة بإطلاق سراح 5 من أعضاء “تيار الكرامة”، بسبب مشاركتهم في احتفالية ذكرى ثورة 25 يناير.
ظل مختفيا لساعات طويلة من القبض عليه- بحسب محاميه نجاد البرعي- الذي كتب وقتها منشورا على صفحته الخاصة على “فيسبوك” قائلا: “بحثنا عن المهندس يحي حسين عبد الهادي في كل مكان قسم أول مدينه نصر وقسم ثان مدينه نصر وذهبنا إلى نيابة أمن الدولة لا وجود له”.
نحو 24 ساعة مضت على اختفاءه، حتى ظهر بنيابة أمن الدولة على ذمة القضية 277 لسنة 2019، بتهمة نشر أخبار كاذبة ومشاركة جماعة غير قانونية في تحقيق أغراضها.
أسندت النيابة للمتهمين في قضية “اللهم ثورة” ومن بينهم المهندس يحيى حسين عبد الهادي، اتهامات بالانضمام لجماعة أنشأت خلافا لأحكام القانون تعمل على منع مؤسسات الدولة من أداء عملها، والإعداد والتخطيط لارتكاب أعمال عنف خلال شهري يناير وفبراير، واستغلال ذكرى ثورة 25 يناير للقيام بأعمال تخريبية ونشر الفوضى في البلاد.
وحكى المحامي أحمد فوزي تفاصيل مناقشات بينهم كانا الاثنين على خلاف في وجهات النظر، قائلا “لما كنت بقوله في اجتماعات الحركة المدنية أنا مختلف معاك في الموقف الفلاني، كان يدير اختلافاته بمنتهى الاحترام، فينال احترام المختلفين والمؤيدين له في أي موقف”.
وطالب فوزي بإخلاء سبيل يحيى حسين عبد الهادي “مش مكانه السجن، واعتقد أن سنتين من الحبس الاحتياطي في ظروف إنسان في سنه ومقامه وحالته الصحية كتير برضك، وأرجو أن من بيده الأمر يتدخل للإفراج عن يحيى حسين عبد الهادي، الراجل كان متحدث باسم الحركة المدنية الديمقراطية”.
اعتقال عبد الهادي ليس المرة الأولى، ففي نوفمبر ٢٠١٨، تم إخلاء سبيله بكفالة عشرة آلاف جنيه بعد ساعات من التحقيق معه في بلاغ تقدم به مواطن يتهمه بإهانة رئيس الدولة ونشر أخبار كاذبة وتكدير السلم العام.
وعن حالته الصحية، قال محامي الشبكة العربية، الذي كان حاضرا التحقيقات معه ومازال يحضر جلسات تجديد حبسه، إنه من اللحظة الأولى للقبض عليه “قدم المحامون ما يفيد حالته الصحية الحرجة وحاجته المستمرة للعلاج”.
وفي رحلته لمواجهة إهدار المال العام في صفقة بيع عمر أفندي، تقدم عبد الهادي ببلاغ للنائب العام ضد كل من وزير الاستثمار ورئيس الشركة القابضة بتهمة الضغط على لجنة التقييم التي كان عضوا منتدبا فيها لتسهيل الاستيلاء على المال العام لصالح شركة أنوال السعودية بمبلغ 450 مليون جنيه في حين أن التقييم الحقيقي 1.3 مليار جنيه أي هناك إهدار لـ600 مليون جنيه مصري.
وتقول الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، عن قرار عبد الهادي اللجوء للمحكمة: “كانت قضية عمر أفندي الحالة الوحيدة التي خرجت للنور بعد بلاغ عبد الهادي وقراره محاربة عملية البيع هذه مهما بلغت الضغوط التي سيتعرض لها هو وباقي أعضاء لجنة التقييم”.
لم تكن قضية “عمر أفندي” هي القضية الوحيدة التي ناضل فيها المهندس يحي حسين عبد الهادي من أجل الحفاظ علي ممتلكات الدولة والوقوف ضد نهب أموال الشعب ، فطبقا للمركز المصري للحقوق افقتصادية والاجتماعية كان لعبد الهادي باع طويل في مكافحة الفساد منذ عهد الرئيس المخلوع مبارك، مثل تصديه لبيع بنك القاهرة، وبيع أراضي الدولة لهشام طلعت مصطفى بأثمان زهيدة.
وتعتبر حركة “لا لبيع مصر” التي شارك في تأسيسها عام 2007، إحدى الحركات القوية التي وقفت في وجه الخصخصة وبيع أملاك المواطنين مع شبهات الفساد المالي والإداري.
ويقول عبد الهادي في حوار سابق عن تأسيسه هذه الحركة، التي ساهمت في تعطيل العديد من إجراءات بيع وخصخصة شركات ومصانع مملوكة للدولة “الهدف من قيام تلك الحركة هو حظر البيع لأي أصل عام قبل أن يقول الشعب كلمته في كيفية التصرف في ممتلكاته الباقية من خلال استفتاء حقيقي وبإشراف قضائي كامل”.
ورغم عدم انتمائه لأي حزب سياسي، لكنه اشتهر كسياسي معارض واختاره المفكر الراحل عبد الوهاب المسيرى ليكون ضمن اللجنة التنسيقية لحركة كفاية، وبعد انضمامه لكفاية أعد عبد الهادى بياناً اعتبر فيه أن ما يحدث بمصر وقتها هو تنفيذ لأجندة خارجية لتدمير مصر وتخريب أصولها فثقافة البيع هى عنوان هذه المرحلة لمصر وأن الحل للخروج من هذه التجاوزات هو تغيير النظام بسياساته.
وبعد القورة التي انخرط فيها ودافع عنها واصل عبد الهادي دوره في مقاومة الفساد والدفاع عن مصر التي يريدها، وهو ما استمر ايضا خلال حكم الاخوان، وفى 27 يونيو 2013 أصدر يحيى حامد، وزير الاستثمار في عهد مرسي قراراً بإقالة يحيى حسين من منصبه كمدير لمركز إعداد القادة بسبب استضافة المركز لرموز المعارضة ضد الرئيس المعزول محمد مرسى وجماعة الإخوان المسلمين فى هذا التوقيت. ليعود لمنصبه بعد أيام بعد سقوط حكم الاخوان ، وفي الخميس 30 يناير 2014 تم إعداد حفل تكريم للمهندس يحيى حسين رئيس مركز إعداد القادة بعد تقاعده وإحالته على المعاش لبلوغه سن الـ60، وحضر الحفل لفيف من رموز السياسة والفن والثقافة فى مصر على رأسهم مصطفى حجازى المستشار السياسى لرئيس الجمهورية وحمدين صباحى المرشح الرئاسي الأسبق، وجلال سعيد محافظ القاهرة، ومحمد غنيم العالم والطبيب المصرى، والحقوقي جورج إسحاق، والفنان سامح الصريطى ومحفوظ عبد الرحمن وغيرهم.
ورغم مطالبات كثيرة من نشطاء وسياسيين وشخصيات عامة لتمديده في منصبه، طبقا لما نشره المرز المصري للحقوق الاقتصادية، إلا أنه رفض قائلا“إنه لم يطلب المد بعد وصوله لسن الستين مشيراً إلى أن هذا الأمر طبيعى ولكنه على مدار الثلاثين عاماً الماضية لم نجد مسئولاً أو وزيراً يخرج إلا بعد سن السبعين فمهما كانت كفاءة المسئول يجب أن يخلى مكانه فى هذا السن ويكفيه أن يخرج بعد أن يشهد له الجميع بالكفاءة والنجاح، وأيضاً ترك هذا المنصب لإيمانه بتداول المناصب، موضحاً أنه كان يهاجم الرئيس الأسبق حسنى مبارك بسبب عدم تركه السلطة، وبالتالى لا يجب عليه الاستمرار بعد بلوغه السن القانونية.
عُرف عبد الهادي بمناصرته الشديدة لثورة يناير من خلال مشاركته في أحداثها، وبعد ذلك أيضاً مقالاته التي كانت تنشر في عدد من الصحف، ولكن الصحف توقفت عن نشر مقالاته، خلال حكم الرئيس السيسي فلم يصبح أمامه نافذة، غير بعض المواقع المحجوبة كالبداية ومن بعدها كاتب وكذلك صفحته على وسائل التواصل الاجتماعي ليعبر فيها عن آرائه .
وفي عام 2017 شارك عبد الهادي بشكل فاعل في تأسيس الحركة المدنية الديمقراطية المعارضة لنظام الرئيس عبد الفتاح السيسي، كما كان أحد معارضي اتفاقية تيران وصنافير وواصل دفاعه عما يؤمن به من خلال مقالاته والتي تسببت في التحقيق معه أو لقاءاته التليفزيونية حتى تم القبض عليه.
من جانبها طالبت الحركة المدنية الديمقراطية، بضرورة الإفراج الفوري عن يحيى حسين عبد الهادي وإسقاط كافة الاتهامات عنه، والتي قالت الحركة إنها “اتهامات مرسلة وواهية يتم توجيهها لكل معارضي النظام الحالي دون سند أو دليل”.
وقالت الحركة في بيان تعليقا على القبض عليه إن “الأجهزة الأمنية التي وجهت للمهندس يحيى حسين التهمة المطاطة المسماة بالمساعدة في تحقيق أهداف جماعة إرهابية دون تحديد ماهية هذه الجماعة الوهمية، بجانب قائمة الاتهامات المعتادة الأخرى كبث إشاعات كاذبة واساءة استخدام وسائل التواصل، الخ، تناست أن هذا الرجل الوطني قد تم فصله من عمله على يد وزير الاستثمار السابق في سنة حكم جماعة الإخوان بسبب استضافة معهد اعداد القادة لرموز المعارضة ضد الرئيس المعزول محمد مرسى وجماعة الإخوان المسلمين”.
واختتمت الحركة بيانها، بـ”لا مبرر لاستمرار الحبس التعسفي للمهندس يحيى وعشرات آخرين من المناضلين الشرفاء المعروفين بدعمهم لدولة أساسها حكم القانون واحترام الدستور وتداول السلطة والسعي لتحقيق العدالة الاجتماعية للملايين من فقراء المصريين”.