ضحايا لم يصبهم الفيروس.. حكايات (صحفي وموظف ومندوب مبيعات) مع المعايش وأعباء الحياة ومصاريف كورونا

 مرتباتهم تتراوح بين 3500 و4500 للايجار والاكل والدواء والمواصلات.. زادت عليهم مصاريف الوقاية (كمامات وكحول)

محمود يواجه كورونا بكمامة بـ5 جنيه وعادل يلجأ لـ«تحويشة الميراث» لشراء المطهرات.. ومحمد يطلب «سُلفة» شهرية للمعايش

علاء يضطر للنزول رغم توصيات السلطات للمواطنين بالبقاء في المنزل للحصول على حافز 300 جنيه لصاحب المبيعات الأعلى

كتب- إسلام الكلحي

يتقاضي محمود عبدالرحمن، شهريا 3500 جنيه، بالكاد كانت تكفي التزاماته الشهرية، التي لا تُبقي له من أجل ولادة زوجته المنتظرة بعد بضعة أشهر إلا القليل؛  ومع انتشار فيروس كورونا وما فرضه من تداعيات يعيش في حالة من القلق بشأن تدبير أموره المالية لتجاوز هذه الأزمة بسلام.

ظهر فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، في ديسمبر الماضي في الصين، ومنها انتشر في كل قارات العالم باستثناء أنتاركتيكا (القارة القطبية الجنوبية)، وهو يعرقل الحياة اليومية والدورة الاقتصادية في عدد متزايد من الدول ومن بينها مصر. وكانت منظمة الصحة العالمية قد صنفت المرض كجائحة عالمية.

الآن، ومع تزايد عدد الحالات المكتشف إصابتها بفيروس كورونا في مصر، والتي تجاوزت حتى كتابة هذه السطور 440 حالة، أصبحت الأقنعة الطبية «الكمامات» والكحول ومستحضرات تعقيم اليدين، على رأس قائمة المشتريات الشهرية، وبدأ مواطنون في تخزين السلع الغذائية، رغم التأكيد المتكرر من جانب المسئولين في الحكومة بأن مصر لديها رصيد كبير من السلع يكفيفها لشهور طويلة.

في هذا التقرير، يرصد موقع «درب» كيف كان يواجه 3 أشخاص أعباء الحياة قبل ظهور فيروس كورونا، وما زاده ظهور الفيروس من أعباء على كاهلهم.

كمامة رخيصة عشان الميزانية ماتخرمش

يعمل عبدالرحمن، صحفيا في إحدى المؤسسات الخاصة، تلتهم التزاماته الشهرية معظم راتبه، حسبما يقول لـ«درب»؛ ما بين إيجار شقة (750 ج) وفواتير شهرية (400 ج) ومصاريف البيت (1100 ج) وأدوية لزوجته الحامل (300 ج)، ومواصلات (750 جنيه)، تجعل ما يتبقى له نهاية كل شهر حوالي 250 جنيها تقريبا؛ فهو صاحب الدخل الوحيد للأسرة.

قبل فيروس كورونا، كان يدخر عبدالرحمن ما يتبقى من راتبه حتى يوفر «مصاريف الولادة»، لكن ظهور الوباء في مصر وانتشاره قلب الأمور رأسعا على عقب. يقول الصحفي البالغ من العمر 28 عاما، إن المؤسسة التي يعمل فيها لا تسمح للعاملين بدخول مقر العمل إلا وهم يرتدون الكمامات، لذا كان مضطرا لشراء واحدة.

لكن الكمامة التي اشتراها عبدالرحمن لم تكن من النوع الذي يوصي بها الأطباء للحماية من كورونا، حيث يقول «مكنتش قادر أجيب الـ N95 عشان بـ100 جنيه، فجبت واحدة بـ5 جنيه، عشان اعرف أجيب كحول ومطهرات في البيت، والميزانية ماتخرمش عشان فيه التزامات تانيه».

يقول الصحفي الشاب إنه كان يشتري احتياجات البيت مرة واحدة بحوالي 1100 جنيه، لكنه مع ظهور المرض واتجاه كثير من الناس لتخزين السلع، رفض أن يفعل ما كان يفعله سابقا حتى لا يساهم في التكالب على السلع الغذائية لما قد يسببه ذلك من أزمة.. «مش عايز أشارك في ده عشان غلط».

لكنه حتى لا يواجه أزمة كبرى حال تفاقم الأمر، يشتري عبدالرحمن، يوميا عند عودته إلى المنزل بعض الاحتياجات البسيطة بجانب الموجود في المنزل، ليكون لديه مخزون لأسبوع على الأقل حال حدوث أي طارئ.

السحب من فلوس الميراث

«كل الناس ماشية بالستر»، يقولها عادل سعيد (اسم مستعار)، الذي تتجاوز التزاماته الراتب الذي يتقاضاه وهو 3500  جنيه شهريا. يدفع منه 1200 جنيه إيجار شقة، وحوالي 600 جنيه فواتير للمياه والكهرباء، و350 جنيها مواصلات، و250 جنيه للانترنت والتليفون المحمول، فيما تصل «مصاريف البيت» لحوالي 2000 جنيه.

مع ظهور كورونا في مصر، لم يغير سعيد، البالغ من العمر 32 عاما من عاداته الشرائية، حيث يقول «فكرة التخزين هتلبسنا في الحيط»، لكنه يعترف أن الأمر زاد عليه بعض الأعباء المالية المتمثلة في شراء أقنعة طبية ومطهرات وجل تعقيم ومناديل ورقية، وأصبح يشتري معظم احتياجات المنزل «أون لاين» وهو ما يجعله يدفع أموالا إضافية من أجل خدمة التوصل للمنزل.

زوجة سعيد، كانت تعمل صحفية في إحدى المؤسسات الصحفية وتتفرع حاليا لرعاية طفلهما، لكنها تساعده في بعض الأحيان بالعمل بشكل حر مع المنصات التي تقبل بالعمل عن بعد، ما يزيد دخل الأسرة شهريا من ألف جنيه إلى ألفي جنيه. إلا أنه يقول إن ذلك لا يحدث دائما، لذا يضطرون في حالة الطواريء لـ«السحب من فلوس ميراث حاطينها في البنك عشان نقدر نمشي أمورنا».

تفشي فيروس كورونا كان بمثابة إعلان لحالة طواريء بالنسبة لسعيد، لذا لجأ إلى سحب ألف جنيه من حسابه في البنك ليوفر الاحتياجات الإضافية (سوائل التعقيم) التي فرضها زيادة انتشار المرض في مصر.

دوامة «خصومات السلف»

وعلى عكس عبدالرحمن وسعيد، تسببت تداعيات انتشار فيروس كورونا في أزمة كبرى بالنسبة لمحمد علاء، البالغ من العمر 39 عاما، ويعمل في مسؤول مبيعات في إحدى الشركات الخاصة.

يتقاضى علاء حوالي 4350 جنيها في الشهر، كانت قبل تعويم الجنيه كافية جدا بالنسبة له، لكن ما تلى قرار البنك المركزي المصري بتحرير سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية ليتم التسعير وفقا لآليات العرض والطب، جعل القيمة الشرائية تقل إلى النصف، حسبما يقول لموقع «درب».

لدى علاء طفلين، وزوجته لا تعمل؛ وكانت مصاريفه الشهرية تتجاوز مرتبه بحوالي ألف جنيه، ما يضطره مؤخرا إلى أخذ سلف من شركته بعد أن صرف عشرة آلاف جنيه بالكامل كان يضعها في البنك للطواريء حيث يقول إنه يدفع شهريا 1500 إيجار شقة، فضلا عن 600 جنيه قسط شقة تمليك في إحدى المشورعات السكنية الجديدة، لكنه لم ينتقل بعد للعيش فيها.

ويشير علاء إلى أنه يُخصم من مرتبه 500 جنيه لسداد سلف تحصل عليها؛ فيما يضع بنزين لسيارته بما لا يقل عن 1000 جنيه في الشهر ، ويدفع 300 جنيه للكهرباء، و100 جنيه للمياه، و50 جنيها – على الأقل – للغاز الطبيعي، فيما يخصص 1500 جنيه لـ«مصاريف البيت» من أساسيات وسلع غذائية.

تلك كانت التزامات محمد علاء، قبل كورونا، ومع ظهور الوباء وما خلفه من تداعيات أصبح في «ورطة»، فلجأ إلى مدير الشركة ليأخذ سلفة جديدة، تجعله يغرق في دوامة «خصومات السلف»، حيث يقول: «اضطريت استلف من الشركة عشان اواجه الظرف ده لأن الفلوس اللي كنت شايلها في البنك خلصت».

ويضطر علاء للنزول والعمل كما كان الحال قبل ظهور فيروس كورونا، بالرغم من توصيات السلطات للمواطنين بالبقاء في المنزل، وذلك حتى يحصل على حافز تعطيه الشركة للعاملين بها مرتبط بنسب المبيعات  قدره 300 جنيه، من أجل أن يعوض جزءً من المبلغ المقتطع من الراتب لسداد السلف التي حصل عليها سابقا.

يذكر أن المتاجر والأسواق المصرية، شهدت خلال الأيام الماضية، تكالب كبير على السلع الضرورية؛ بسبب خوف المواطنين من أزمة فيروس كورونا.

وأصبحت الكمامات الطبية غير متوفرة في الكثير من الصيدليات ومكاتب بيع المستلزمات الطبية في مناطق متفرقة؛ ووصل سعر الكمامة العادي – إذا وُجدت – لـ 30 جنيه للكمامة العادية.

تتراوح بورصة أسعار الكمامات – إن وجدت – بين 250 جنيها للعبوة العادية التي لا تحتوي على فلاتر وتضم 50 قطعة، كما تباع أنواع أخرى بفلاتر بواقع 65 إلى ما يزيد عن 100 جنيه للقطعة الواحدة، فيما يبلغ سعر عبوة القفازات من 70 إلى 250 جنيها فأكثر بحسب الجودة.

أما بالنسبة للكحول الخام، فلا يباع سوى باللتر من 250 جنيها فأكثر، وقفزت أسعار المطهر المحلي من 90 جنيها إلى 250 و350 جنيها في أقل من أسبوعين، فيما يباع يباع نوعان ألمانيان منه الأول بـ500 جنيه والثاني بـ800 جنيه، كما يباع نوع آخر فرنسي بـ650 جنيها، لكنه غير موجود بشكل كبير غير الأسواق.



اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *