صراع الأجر والدولار.. أن تعمل 10 سنوات وتفقد أكثر من نصف قيمة راتبك رغم الزيادات؟!
في 2013 كان الحد الأدنى للأجور 1200 جنيه بما يعادل 180 دولار.. والآن 3000 جنيه يعادل 101 دولار بتراجع 45%
موظف “كول سنتر” في أحد البنوك: مرتبي فقد قرابة النصف في 3 سنوات فقط.. ونعمل بأجور متدنية ولا نغطي النفقات
حسبة أجر موظف في 10 سنوات بزيادة 10% سنويًا: زاد من 5 إلى 10 آلاف جنيه.. وقيمته تراجعت من 746 إلى 338 دولار
كتب- درب
قرارات عديدة بتعويم الجنيه المصري، أدت في النهاية إلى انخفاض سعره أمام العملات الأجنبية وعلى رأسها الدولار الأمريكي إلى أكثر من 90%، ما أدى إلى تراجع كبير في دخول المصريين وصلت إلى انخفاض النصف.
بعد سلسلة من قرارات تحريك العملة المصرية منذ بداية 2022، ارتفع سعر الدولار الأمريكي من 15.7 جنيها في يناير 2022 إلى 29.6 جنيها في يناير 2023، ما ترتب عليه زيادات كبيرة في أسعار السلع الغذائية والأساسية.
وناضل المصريون خلال سنوات طويلة لتحديد حد أدنى للأجور يتناسب مع الظروف المعيشية، وبعد سلسلة من المناورات بين الحكومة والنقابات والأحزاب والمهتمين بالشأن العام، جاء قرار زيادته، ولكنها الزيادات التي ابتلعها سعر صرف الدولار الأمريكي بعد قرارات التعويم.
وفي 2013 وعقب إسقاط حكم الرئيس الإخواني المعزول محمد مرسي، قررت حكومة حازم الببلاوي آنذاك، زيادة الحد الأدنى للأجور ليصل إلى 1200 جنيه، فيما كان صرف الدولار وقتها 6.7 جنيها، وبهذه الحسبة، كان يعادل الحد الأدنى حوالي 180 دولار أمريكي.
وبعد عدد من قرارات زيادة الحد الأدنى، بلغ في نوفمبر 2022 وقبل تحريك سعر الصرف، 3000 جنيه مصري.
وبحسب السعر الحالي للصرف مقارنة بالحد الأدنى، نجد أنه يعادل حاليا 101 دولار أمريكي، أي أنه فقد حوالي 79 دولار ما يقارب من 45% من قيمته قبل 10 سنوات.
“نعمل بأجور قليلة جدا وأصبحنا لا نستطيع تغطية النفقات”.. هكذا تحدث الشاب أحمد عبد المنعم، 31 عاما، يعمل موظف “كول سنتر” في أحد البنوك، عن أزمة راتبه الذي يتناقص يوما بعد يوم بسبب ارتفاع الأسعار وزيادة سعر الدولار.
يقول الشاب: “عملت في شركة وسيطة تقوم بتوظيف الموظفين في البنوك، كان الراتب في 2019، حوالي 5050 جنيها، لم أكن وقتها اقيس الراتب إلى الدولار الأمريكي، ولكن كانت الأمور تمشي بشكل مناسب”.
وأضاف: “خلال السنوات الماضية منذ تعييني لم يكن هناك إلا زيادة سنوية واحدة بنسبة 10%، ولا يوجد في عقودنا المؤقتة أي بنود تلزم الشركة بزيادة سنوية ثابتة، وحاليا أصبح الراتب 5610 جنيهات”.
وبحسبة الراتب الذي يتقاضاه عبد المنعم، فإنه فقد قرابة نصف قيمة راتبه منذ عمله على الرغم من زيادته، حيث كان يتقاضى حوالي 321 دولار ما يعادل 5050 جنيها بسعر الصرف آنذاك، بينما أصبح حاليا بعدما زاد راتبه إلى 5610 جنيهات يعادل 190 دولار أمريكي.
الأرقام والتراجع الذي كشف عنه الموظف، دفع “درب” لاحتساب أجر موظف في 2013 أي قبل 10 سنوات من الآن، مقابل أجره في الوقت الحالي، مع تحديد راتب قيمته 5 ألاف جنيه آنذاك.
وبهذه الحسبة، فإن الراتب في 2013 عندما كان 5000 جنيه، كان يعادل 746 دولار أمريكي بسعر صرف الدولار على 15.7 جنيها، بينما في الوقت الحالي وبعد مضاعفة الراتب بما يعادل زيادة سنوية 10%، أصبح الراتب 10 ألاف جنيه، ولكن بالدولار يساوي 338 دولار، بخسارة 45% تقريبا.
وقبل أيام، كشف تقرير صادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، عن ارتفاع معدل التضخم على أساس سنوي بنهاية شهر ديسمبر 2022، وصوله إلى 21.9%، مقابل 19.3% في نوفمبر.
وبحسب التقرير، وصل معدل التضخم في المدن إلى 21.3% مقابل 18.7%. وجاء في التقرير أبرز السلع والخدمات التي ارتفعت أسعارها خلال العام الماضي ونسبة ارتفاعها في ديسمبر مقارنة بما كانت عليه في ديسمبر 2021، بحسب بيان من جهاز الإحصاء.
وبحسب التقرير، زادت أسعار الحبوب والخبز بنسبة 58.3%، الألبان والجبن والبيض: بنسبة 48.9%، الأسماك والمأكولات البحرية بنسبة 44.2%، الخضروات بنسبة 38.8%، البن والشاي والكاكاو بنسبة 36%.
وقال التقرير إن أسعار اللحوم والدواجن زادت بنسبة 35.5%، والوجبات الجاهزة بنسبة 33.3%، والسكر والأغذية السكرية بنسبة 31%، ومنتجات العناية الشخصية بنسبة 23.6%.
فيما سجلت الزيوت والدهون زيادة بنسبة 21.8%، والمياه المعدنية والغازية والعصائر الطبيعية: بنسبة 20.9%، وخدمات مرضى العيادات الخارجية: بنسبة 20%، وخدمات المستشفيات بنسبة 18%، والفاكهة بنسبة 15.7%.
وخلال الأشهر الماضية شهدت أسعار السلع والخدمات الأساسية زيادات كبيرة مدفوعة بارتفاع كبير في أسعار صرف العملات الأجنبية بعد 3 قرارات بالتعويم.
أيضا تسببت أزمة تكدس البضائع في الموانئ المصرية بسبب الاعتمادات المستندية مشكلات كبيرة، مما أدى إلى قلة بعض السلع في الأسواق ما ترتب عليه ارتفاع أسعارها.