“صخرة الكونين وبرزخ البحرين”.. أحدث إصدارات الكاتب والباحث كريم محمد الجمال
أصدرت دار “بيبلومانيا” كتاب “صخرة الكونين وبرزخ البحرين” أحدث إصدارات الكاتب والباحث كريم محمد الجمال، لينضم للإصدارات المهتمة بالتراث العربي الإسلامي، ويناقش مواضيع وقضايا كانت وما تزال مثار جدل بين الفقهاء وعلماء الدين من جهة وبين الدارسين والمهتمين بالشعر والأدب من جهة أخرى.
الكتاب ذو نزعة صوفية واضحة، لكن تناول التراث الصوفي بشكل حداثي هو عنصر التجديد في هذا العمل، حيث يتناول المدائح النبوية الشريفة والقصائد الصوفية والعشق الإلهي.
بشكل عام، قدم الكاتب رؤية للسيرة النبوية الشريفة من خلال المدائح النبوية ليقدم شخصية النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وهو المشار إليه بصخرة الكونين وبرزخ البحرين من خلال عمل أدبي أو بالأحرى تناول الأعمال الأدبية والأشعار الصوفية لهذا النبي العظيم، وهنا تظهر فكرتا وحدة الوجود عند محي الدين بن عربي الشيخ الأكبر، والإنسان الكامل لعبدالكريم الجيلي .
ويرى الكاتب أنه في هذا العالم وماديته الطاغية ما أشد احتياجنا للحب، حب الله ورسوله وكتابه وحب الوطن وحب العالم أجمع، ونحن في هذا البحر متلاطم الأمواج لابد أن نأوي إلى صخرة تعصمنا من الماء، نعتمد ونستند عليها في حياتنا لننجو في الدنيا وتوصلنا إلي بر الأمان.
ويوضح أنه ما من سبيل لنصل إلى تلك الصخرة المشرفة المعظمة في الكونين والعالمين الحسي الظاهري والمعنوي الباطني لإرضاء عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم إلا باتباع تعاليم رسول المحبة والسلام ونشر رسالته.
ولكي لا تغمرنا مياه البحرين بحر الدنيا وبحر الآخرة فنغرق ونكون من الهالكين، لابد لنا من برزخ نلجأ إليه ونحتمي به لنصل علي طريقه ودربه إلي صراط الله المستقيم ، ومن هنا جاءت تسمية ورمزية صخرة الكونين وبرزخ البحرية، وفقا لرؤية الكاتب.
ومصطلح البحر يستعمل بكثرة عند الصوفية حتى أن أبا الحسن الشاذلي له حزب يسمى حزب البحر وله رمزية ودلالات في الشعر والأدب، وطبقا للتصور الصوفي الذي حاول نقله الكتاب بشكل أدبي عبر القصائد والمديح والأوراد وغيرها، فالكونين الظاهر والباطن أو عالم الغيب والشهادة تربط بينهما الحقيقة المحمدية.
وتساءلت الكاتبة والناقدة الكبيرة الأستاذة منال يوسف في مقدمة الكتاب عن نصوص المادحين الصوفية بقولها: “طالما سألت نفسي حين قرأت نصوص المحبين من الشعراء والمتصوفة وأصحاب المقامات، هل نحن حقًا نحب الله؟ هل كانت وحشة تلك التي دفعتهم إلى طريق السالكين؟ وكيف كانت التجربة الروحية نحو الارتقاء؟. وتلك الإبداعات التي وصلتنا من نصوص المحبة وفيها الكثير من الجمال؛ هل كانت صياغة جيدة تكمن فيها الصنعة أم الفتوح أم الإثنين معًا”.
يسرد الكتاب مواضيع عن شعراء ومتصوفة بارزين قديما وحديثا ومن أكثر من دولة ليعكس حالة تنوع كبيرة وثراء للحالة الصوفية في باب الإنشاد الديني بداية من الأمام البوصيري صاحب البردة، وقبله شعراء مروراً بالأسماء الكبيرة المؤثرة في تاريخنا كابن الفارض وجلال الدين الرومي والحلاج وابن عربي والجنيد وابن عطاء الله السكندري، وجمع الكتاب المغاربيين مع المشرقيين فنجد أبا مدين الغوث وأبي الحسن الششتري وابن مشيش وتلميذه أبو الحسن الشاذلي، وهو من أهم مشايخ الطرق في مصر حيث تلامذته منتشرين في كل أرجاء مصر، ومن الترك الشيخ محمد بهاء الدين نقشبند.
وقدم من الإمامية أيضاً صفي الدين الحلي الكميت، دعبل الخزاعي، غالب الهمداني، الشريف الرضى ، وفي العصر الحديث الإمام الرائد محمد زكي إبراهيم رائد العشيرة المحمدية ومن زوايا الجزائر محمد بلقايد الهبري ، ومن بلاد الحجاز الشيخ محمد بن علوي المالكي ، وحتى الكاتب البريطاني إدريس شاه، والدكتور محمد إقبال.
بشكل عام الكتاب يقدم معرفة عامة بالتصوف والطرق ومفاهيم وحدة الوجود وغيرها من الأحوال والمقامات الصوفية في مواجهة حالة متوحشة من الارهاب والعنف والتشدد بالإضافة إلى هجمة شرسة من الإلحاد والتشكيك، فكأنما يقدم الكتاب رؤية حضارية مشرقة للتراث متسامحة تقبل الآخر وتسمح بالتعددية.