رسالة سفير مصر بوشنطن للإدارة الأمريكية بشأن سد النهضة: أمريكا وحدها تستطيع إنقاذ المفاوضات.. وهذه هي المخاطر
هذه مخاطر الملء من جانب واحد طبقا لدراسة هولندية: نقص في حصة مصر بأكثر من 123 مليار متر مكعب
كل مليار متر يؤدي لإجبار 290 ألف شخص على ترك العمل وتدمير أكثر من 321230 فدانًا من الأراضي المزروعة
اثيوبيا تحبط محاولة وساطة للاتحاد الافريقي.. وملء خزان السد من جانب واحد للمرة الثانية تجاوز للخطوط الحمراء
الأمر متروك للولايات المتحدة للمساعدة في التوسط في حل سلمي ومنع الاضطرابات في المنطقة
ترجمة – نور علي
بعث معتز زهران سفير مصر في الولايات المتحدة، رسالة إلى الإدراة الأمريكية ، أوائل شهر أبريل الجاري، لحثها على مساعدة مصر في ملف سد النهضة، حملت الرسالة عنوان ”واشنطن وحدها تستطيع إنقاذ مفاوضات سد النهضة الآن“.
ولفت السفير المصري في رسالته التي نشرها كمقال في فورين بولسي بعنوان “وحدها واشنطن تستطيع إنقاذ مفاوضات سد النهضة الآن” إلى محاولة اثيوبيا احباط عملية وساطة تمت بقيادة الاتحاد الأفريقي لحل الأزمة المتصاعدة على نهر النيل، وتمثل المفاوضات ما وصفته وزارة الخارجية المصرية بـ “الفرصة الأخيرة” لإثيوبيا لحل النزاع المستمر منذ 10 سنوات.
وقال زهران في رسالته إنه مع اقتراب إثيوبيا من ملء خزان السد من جانب واحد للمرة الثانية، الأمر الذي وصفته الرسالة بتجاوز “الخط الأحمر” قد يكون الأمر متروكًا للولايات المتحدة للمساعدة في التوسط في حل سلمي ومنع الاضطرابات في المنطقة التي تتطلع بلا شك قوى التطرف والإرهاب إلى استغلالها.
وناشد السفير المصري إدارة بايدن على التدخل الآن لأن مستقبل نهر النيل على المحك ما يعرض ما يهدد حياة ملايين المصريين و السودانين للخطر.
وأشارت الرسالة التي نشرتها فورين بولسي إلى قيام اثيوبيا في عام 2011، دون استشارة أي من جيرانها في اتجاه مجرى النهر، في بناء سد خرساني يبلغ ارتفاعه 509 أقدام كبير بما يكفي لخزان يمكن أن يخزن ضعف كمية المياه الموجودة في بحيرة ميد، أكبر خزان اصطناعي في الولايات المتحدة على النيل الأزرق.
وأوضح زهران إنه إذا تم ملء وتشغيل السد من جانب واحد، فقد يتسبب في إلحاق ضرر اجتماعي واقتصادي وبيئي لا يحصى في اتجاه مجرى النهر في مصر والسودان. في العام الماضي، في انتهاك لمعاهدة عام 2015، بدأت إثيوبيا عملية ملء أولية للسد. وشددت على أن ما يقارب الـ 50 ٪ من المصريين يعيشون تحت خط الفقر المائي، ومع قلة هطول الأمطار السنوية، فإن البلاد تعتمد بالكامل تقريبًا على نهر النيل للحصول على المياه المتجددة.
وأكدت الرسالة على أن ملء وتشغيل سد إثيوبيا من جانب واحد من شأنه أن يزيد الأمور سوءًا بسرعة لكل من مصر والسودان ، مما يتسبب في أضرار بيئية واجتماعية اقتصادية خطيرة، مما قد يجبر أعدادًا كبيرة من العائلات على ترك منازلهم. علاوة على ذلك، سيكون لسد النهضة أيضًا آثار ضارة على السد العالي في أسوان في مصر، وهو سد متعدد الأغراض ، وهو أكبر مصدر للطاقة المتجددة في مصر ولا غنى عنه في تأمين الاحتياجات المائية لمصر والسودان، خاصة وأن الأمم المتحدة تشير إلى أن كل انخفاض بنسبة 2 في المائة في المياه المتاحة يؤثر على مليون شخص.
وتضمنت الرسالة دراسة أجرتها شركة Deltares الهولندية التي أكدت على أن ملء سد النهضة من جانب واحد يمكن أن يؤدي إلى نقص المياه في مصر بأكثر من 123 مليار متر مكعب، وفي القطاع الزراعي وحده، كل 1 مليار متر مكعب من النقص في المياه، ستؤدي المياه الناتجة عن ملء السد أو تشغيله من جانب واحد إلى إجبار 290 ألف شخص على ترك العمل ، وتدمير أكثر من 321230 فدانًا من الأراضي المزروعة ، وزيادة 150 مليون دولار في الواردات الغذائية ، وخسارة 430 مليون دولار من الإنتاج الزراعي.
وشددت رسالة زهران على أن التهديد الذي يشكله سد النهضة ليس افتراضيًا ولكنه حقيقي. مشيرًة إلى أن آخر سد بنته إثيوبيا تسبب في أضرار جسيمة في كينيا و كانت التداعيات شديدة لدرجة أن اليونسكو حذرت من انقراض بحيرة توركانا في كينيا. ولفتت الرسالة إلى التقارير والبحوث بشأن الإجراءات الأحادية الإثيوilateralية الأخرى ، بما في ذلك في حوض جوبا وحوض شابيل ، دون التشاور المسبق مع الصومال ، وتأثيرها السلبي الكبير.
وأكد السفير المصري في رسالته على أن السياسات الأحادية لاثيوبيا يمكن أن تؤدي عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي، مؤكدة على أن إثيوبيا تعمل على تأجيج النيران من خلال تشويه سمعة السودان ومصر من خلال دفع الرواية الشعبوية المضللة التي تحاول وصف أي وجميع المخاوف بشأن سد النهضة على أنها متجذرة في الاستعمار، مدعية أن جيرانها في المصب يعارضون تنمية إثيوبيا ويحاولون فرضها على إثيوبيا.
وقالت الرسالة أن إثيوبيا ترفض أي اتفاق ملزم قانونًا بشأن قواعد ملء وتشغيل السد الجديد، مطالبة بإطار عمل من المبادئ التوجيهية غير الملزمة التي يمكن أن تغيرها حسب هواها، وهذا يتعارض مع اتفاقية عام 2015 بشأن إعلان المبادئ بين الدول الثلاث، على الرغم من أن البيانات السياسية لإثيوبيا تتحدث عن التزامها بعملية الوساطة التي يقودها الاتحاد الأفريقي ، مستشهدة بالمبدأ المشترك “الحلول الأفريقية للمشاكل الأفريقية” ، فإن تصرفات إثيوبيا تقوض بشكل واضح دور الاتحاد الأفريقي.
وقالت الرسالة أن الولايات المتحدة تمتلك النفوذ اللازم لتشجيع إثيوبيا بنجاح على الانخراط بحسن نية في مفاوضات سد النهضة والامتناع عن الإجراءات الأحادية والسعي لتحقيق المصالح الذاتية الضيقة، والتي أضرت بالمصالح المشروعة لجيرانها.