ردا على تقرير “العفو الدولية”.. واشنطن: نرفض اتهام إسرائيل بـ”الفصل العنصري” ضد الفلسطينيين
وكالات
قالت وزارة الخارجية الأمريكية إن الولايات المتحدة ترفض الرأي القائل بأن أفعال إسرائيل تجاه الفلسطينيين تشكل فصلا عنصريا، وذلك بعد أن اتهمت منظمة العفو الدولية السلطات الإسرائيلية باتباع مثل هذه السياسات.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية نيد برايس للصحفيين “نرفض الرأي القائل بأن أفعال إسرائيل تشكل فصلا عنصريا. ولم تستخدم تقارير الوزارة مثل هذه المصطلحات مطلقا”. وأضاف برايس “نعتقد بأن من المهم ألا يُحرم الشعب اليهودي من حقه في تقرير المصير خاصة وأن إسرائيل الدولة اليهودية الوحيدة في العالم، ويجب علينا ضمان عدم تطبيق معايير مزدوجة”.
واتهمت منظمة العفو الدولية، السلطات الإسرائيلية بارتكاب جرائم فصل عنصري بحق الفلسطينيين، ودعت جميع الدول لممارسة الولاية القضائية العالمية لتقديم مرتكبي جرائم الفصل العنصري إلى العدالة.
وتحت عنوان: “نظام الفصل العنصري (أبارتهايد) الإسرائيلي ضد الفلسطينيين: نظام قاسٍ يقوم على الهيمنة وجريمة ضد الإنسانية”، تتهم المنظمة العالمية في تقريرها المكون من 211 صفحة إسرائيل بتورطها في هجوم واسع النطاق موجه ضد الفلسطينيين، يرقى إلى جريمة الفصل العنصري ضد الإنسانية.
ويذكر التقرير الذي صدر اليوم الثلاثاء، أن الفلسطينيين يعاملون على أنهم مجموعة عرقية من مرتبة أدنى ويتم حرمانهم من حقوقهم، أينما كانوا يعيشون في غزة، والضفة الغربية أو في القدس وغيرها من المناطق.
ويقول تقرير المنظمة الحائزة على جائزة نوبل للسلام عام 1977، والذي تعترض إسرائيل بشدة على نشره: “وجدنا أن سياسات إسرائيل القاسية المتمثلة في الفصل والتجريد والإقصاء في جميع المناطق الواقعة تحت سيطرتها، ترقى بوضوح إلى جرائم الفصل العنصري”.
ولفتت المنظمة إلى أن هذا العمل يعد من أكثر الأبحاث والتحقيقات التي أجرتها المنظمة للوضع عمقاً وشمولاً، لغاية هذا اليوم. وشددت أنييس كالامارد، الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية، على ضرورة تحرك المجتمع الدولي. وأضاف التقرير، أن السلطات الإسرائيلية تتخذ إجراءات متعددة لحرمان الفلسطينيين عمدا من حقوقهم وحرياتهم الأساسية.
ويوثق الانتهاكات التي تمارس بحق الفلسطينيين، من مصادرة للأراضي والممتلكات، وعمليات القتل غير القانوني في كل من إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة، إضافة إلى التهجير القسري، والقيود الصارمة على الحركة، وحرمان الفلسطينيين من الجنسية والمواطنة، وحقهم في العودة، وأكدت أن “جميع هذه الانتهاكات هي مكونات نظام عنصري تمييزي يرقى إلى جريمة ضد الإنسانية بموجب القانون الدولي”.
ولفت التقرير إلى أن القتل غير المشروع للمتظاهرين الفلسطينيين، أوضح مثال على كيفية استخدام السلطات الإسرائيلية للقوة، للحفاظ على الوضع الراهن. وذكر أنه في العام 2018، بدأ الفلسطينيون بقطاع غزة بتنظيم احتجاجات أسبوعية على طول الحدود مع إسرائيل للمطالبة بحق العودة، وإنهاء الحصار، وقبل خروج هذه الاحتجاجات، بدأت التحذيرات من قبل المسؤولين الإسرائيليين الذين أعلنوا أن أي فلسطيني يقترب من الجدار سيُطلق عليه الرصاص. وحتى نهاية العام 2019 قتلت القوات الإسرائيلية 214 مدنياً، بينهم 46 طفلاً.
معاملة الفلسطينيين كتهديد ديموغرافي
منذ إنشائها (إسرائيل) في عام 1948، وتسعى إسرائيل للحفاظ على أغلبية ديموغرافية يهودية، وتعمل للسيطرة على الأراضي والموارد والتوسع لصالح الإسرائيليين اليهود. وفي عام 1967، وسعت إسرائيل هذه السياسة لتشمل الضفة الغربية وقطاع غزة، واليوم لا تزال جميع الأراضي التي تسيطر عليها تُدار بهدف إفادة اليهود الإسرائيليين على حساب الفلسطينيين، وتستمر في اتباع سياسة استبعاد اللاجئين الفلسطينيين.
ويُظهر تقرير منظمة العفو الدولية، أن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة اعتبرت أن الفلسطينيين يشكلون تهديدًا ديموغرافيًا، وفرضت إجراءات للسيطرة على وجودهم والعمل على تقليل هذا الوجود والوصول إلى كافة الأراضي، إن كانت في إسرائيل أو في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وتتضح هذه الأهداف الديموغرافية بشكل جيد من خلال الخطط الرسمية “لتهويد” مناطق في إسرائيل والضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، وتعرض هذه الممارسات آلاف الفلسطينيين لخطر الترحيل القسري.
قهر بلا حدود
لقد أدت حروب 1947-49 و 1967، والحكم العسكري الإسرائيلي المستمر على الأراضي الفلسطينية المحتلة، وإنشاء أنظمة قانونية وإدارية منفصلة داخل المنطقة إلى فصل المجتمعات الفلسطينية وعزلها عن اليهود الإسرائيليين. وتم تجزئة الفلسطينيين سياسيا وجغرافيا وكانوا يعانون من مستويات مختلفة ومن التمييز وكان هذا الوضع يتبدل باختلاف أوضاعهم والمكان الذين يعيشون فيه.
مثلا يتمتع المواطنون الفلسطينيون الذين يعيشون في إسرائيل في الوقت الحالي بحقوق وحريات أكبر من نظرائهم الموجودين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، هذا وتختلف تجربة الفلسطينيين الموجودين في غزة تمامًا عن أولئك الذين يعيشون في الضفة الغربية.
ومع ذلك، يشير تقرير منظمة العفو الدولية، أن جميع الفلسطينيين يخضعون لنفس النظام الشامل. وتعامل إسرائيل الفلسطينيين في جميع المناطق وفقًا للهدف نفسه: منح امتياز لليهود الإسرائيليين في توزيع الأراضي والموارد، وتقليل الوجود الفلسطيني والوصول إلى الأرض.
هذا وتظهر المنظمة أن السلطات الإسرائيلية تتعامل مع الفلسطينيين على أنهم مجموعة عرقية متدنية يتم تحديدها من خلال وضعهم من غير اليهود والعرب. تم ترسيخ هذا التمييز العنصري في القوانين التي تؤثر على الفلسطينيين في جميع أنحاء إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة.
على سبيل المثال، يُحرم المواطنون الفلسطينيون في إسرائيل من الجنسية، ما يشير إلى وجود تمييز قانوني بينهم وبين اليهود الإسرائيليين. وفي الضفة الغربية وقطاع غزة حيث تسيطر إسرائيل على سجل السكان منذ عام 1967، لا يمتلك الفلسطينيون جنسية وهم يحتاجون لكي يتمكنوا من العمل والعيش في المناطق أن يقوموا بتقديم طلب لاستخراج هوية لدى الجيش الإسرائيلي.
هذا ولا يزال اللاجئون الفلسطينيون وأحفادهم الذين نزحوا في حروب 1947-49 و 1967، محرومين من حقهم في العودة إلى ضيعهم وأماكن إقامتهم السابقة. وتعتبر “أمنستي” أن استبعاد إسرائيل للاجئين هو انتهاك صارخ للقانون الدولي الذي ترك الملايين يعانون من التهجير القسري.
وبهذا التقرير تنضم منظمة العفو الدولية إلى منظمة “هيومن رايتس ووتش” ومقرها نيويورك، ومنظمة “بتسيلم” الحقوقية الإسرائيلية باتهام إسرائيل بممارسة التفرقة العنصرية بحق الفلسطينيين.
واتهمت “أمنستي” في وقت سابق إسرائيل بارتكاب جرائم حرب خلال عام 2014 في قطاع غزة، إلا أن هذه هي المرة الأولى التي تستخدم فيه المنظمة العالمية مصطلح “الفصل العنصري” للحديث عن ممارسات السلطات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين.