ذكرى يوم أسود في تاريخ الصحفيين.. 5 أعوام على اقتحام النقابة وتمرير مخطط السيطرة على المهنة
قلاش: جريمة غير مسبوقة لا تسقط بالتقادم..اللوحة القاتمة لواقعنا المهني والنقابي لا تخفي على أحد
كتب- محمود هاشم:
تمر اليوم السبت، الذكرى الخامسة لأسوأ هجمة تعرضت لها نقابة الصحفيين طواب تاريخها، باقتحام قوات شرطة مقر النقابة والقبض على الزميلين عمرو بدر ومحمود السقا من داخلها، لاتهامهما بالتحريض على التظاهر، في واقعة غير مسبوقة
وقعت حادثة اقتحام النقابة، في الأول من مايو 2016، قبل ساعات من اليوم العالمي لحرية الصحافة، وخلال احتفالات النقابة بعيدها الماسي.
نقيب الصحفيين الأسبق يحيى قلاش شدد على أن واقعة اقتحام نقابة الصحفيين في مثل هذا اليوم منذ 5 سنوات، جريمة غير مسبوقة لا تسقط بالتقادم.
حسب نص المادة 70 من قانون النقابة “لا يجوز تفتيش مقار نقابة الصحفيين ونقاباتها الفرعية أو وضع أختام عليها إلا بمعرفة أحد أعضاء النيابة العامة وبحضور نقيب الصحفيين أو النقابة الفرعية أو من يمثلها”، وهو ما لم يحدث في واقعة الاقتحام.
“لن يغير من هذه الحقيقة مواقف كل الذين تم تكليفهم لتنفيذ مخطط تخريب المسار الذي أسموه زورا تصحيح المسار”، حسب ما وصف قلاش عبر صفحته على “فبسبوك”.
“كان ما وصلنا إليه وشّكل مكونات اللوحة القاتمة لواقعنا المهني والنقابي لا يخفي الآن على أحد، بعد أن تولي بعض كومبارسات فيلم المسار المواقع وجلسوا على الكراسي عراة من الضمير والكفاءة”، يضيف نقيب الصحفيين الأسبق.
ويواصل: "سيظل رفض هذه الجريمة - في حشد تاريخي للجمعية العمومية في الرابع من مايو ٢٠١٦، ودفاع آلاف الصحفيين عن كبرياء الكيان النقابي - يمثل يوما للشرف و الكرامة لأنه انتصر لما هو خير و ابقي ضد كل قبيح وزائل".
وجه قلاش تحية للذين صنعوا هذا المشهد التاريخي من الزميلات والزملاء – خاصة الشباب منهم – الذين شكلوا صورة ملحمة لن يستطيع احد طمسها من الذاكرة النقابية.
يذكر أن الصحف اتشحت بالسواد، ووضعت شارة الحداد السوداء على صفحاتها، كما قررت وضع صورة وزير الداخلية بالنيجاتيف، مطالبين بإقالته، احتجاجا على الواقعة.
النيابة حينها اتهمت بدر والسقا بنشر شائعات والتحريض على التظاهر، والاعتداء على قوات الشرطة والمنشآت الحيوية، على خلفثة أحداث مظاهرات الدفاع عن مصرية جزيرتي تيران وصنافير.
واتهم بيان النيابة بدر والسقا بحيازة أسلحة نارية وقنابل “مولوتوف” ومنشورات تحريضية، تؤثر على أمن وسلامة البلاد.
الأزمة التي فجرتها قوات الأمن في هذا اليوم، أشعلت غضب الصحفيين ضد وزارة الداخلية، ليدعو مجلس النقابة إلى جتماع طارئ لأعضاء الجمعية العمومية، للرد علي واقعة الاقتحام، ليلبي الآلاف دعوته في احتشاد تاريخي لأبناء المهنة دفاعا عن حريتهم وكرامتهم، وخلدت عدسات الكاميرات أبرز صور الغضب والاحتجاج في تاريخ النقابة.
انتهت العمومية بصدور قرارات، أبرزتها عناوين كافة الصحف في مصر ملتزمة بجميع ما ورد فيها من قرارات و أبرزها المطالبة بإقالة وزير الداخلية، ومطالبة الرئاسة بتوجيه اعتذار رسمي للصحفيين عن انتهاك القانون والدستور باقتحام النقابة، والإفراج عن جميع معتقلي الرأي من السجون، والزملاء المحبوسين في قضايا النشر، مع تجريم الاعتداء على النقابة أو اقتحامها، ومنع نشر اسم وزير الداخلية والاكتفاء بصورته نيجاتيف، وتسويد الصحف، ومناقشة تنظيم إضراب عام. ورغم الاجماع فإن بداية الهزيمة جاءت من داخل الجماعة الصحفية ومجلس النقابة بانشقاق مجموعة من المجلس وقت تهتف وقت الجمعية العمومية ثم عادت للانقلاب عليها فيما عرف بجماعة تصحيح المسار.
خرجت الصحف والمواقع الإخبارية في اليوم التالي بمانشيتات من بينها “الصحفي حرية.. الإقالة أو الاعتذار”، و”القلم يحاصر السلاح”، “إحنا الصحفيين”، وغيرها، مع تثبيت شعار موحّد بعنوان (لا لحظر النشر ولا لتقييد الصحافة)، توجيه الشكر للقنوات الفضائية على مساندة الصحافة، رفض التنويه دون توجيه اتهامات قانونية لنقيب الصحفيين، مع مطالبة كُتّاب الرأي بكتابة مقدمات في مقالاتهم بشأن أزمة اقتحام النقابة.
تم إلقاء القبض على نقيب الصحفيين آنذاك يحيى قلاش، بالإضافة إلى وكيلي النقابة حينها خالد البلشي وجمال عبدالرحيم، بتهمة إيواء صحفيين مطلوبين أمنيا، وصدر ضدهم حكم بالحبس عامين وكفالة 10 آلاف جنيه، قبل أن تقضي محكمة جنح مستأنف قصر النيل، في 25 مارس 2017 بقبول استئنافهم، وتخفيف الحكم إلى سنة لكل متهم مع الإيقاف لمدة 3 سنوات.
كان السبب الحقيقي للاقتحام هو معاقبة النقابة على موقفها من تيران وصنافير، طبقا لخالد البلشي وكيل النقابة وقتها، وكذلك على موقفها من قضايا الحريات وإصدار أول تقرير لأوضاع الحريات الصحفية في تاريخ النقابة والذي فضح الانتهاكات ضد حرية الصحافة ورصد أكثر من 800 انتهاك.
وأضاف البلشي. في تصريحات سابقة: ”كان الهدف كسر شوكة النقابة ومحاولة إخراجها من الدفاع عن قضايا المهنة وهو السيناريو الذي تم إتمامه بتواطؤ بعض أعضاء المجلس، وتم استكماله من خلال شغل النقابة في قضية اتهامي مع النقيب يحيى قلاش والزميل جمال عبد الرحيم بإيواء مطلوبين، وهي القضية التي صدر فيها الحكم بحبسنا سنة مع إيقاف التنفيذ فيما تم حفظ قضية الزميلين عمرو بدر ومحمود السقا التي كانت السبب المعلن للاقتحام.
وبينما تمر ذكرى اقتحام نقابة الصحفيين، ما يزال العديد من الزملاء داخل زنازين السجون حتى الآن، في الوقت الذي تتعالى الأصوات للإفراج عنهم، بينما تتزايد الانتهاكات والملاحقات لأبناء المهنة يوما بعد الآخر.