د. يحيى القزاز يكتب: على هامش الدستور.. مقترحات لقانون تنظيم الجامعات الجديد
قرر المجلس الأعلى للجامعات في فبراير 2021 إصدار قانون جديد لتنظيم الجامعات بدلا من القانون 49 لسنة 1972 الذى مر عليه حوالى نصف قرن “يتسم بالعصرية والمرونة ويؤدى إلى الارتقاء بمستوى التعليم العالى والبحث العلمى وجودته ويلبى احتياجات المجتمع، على أن يكون هذا القانون تطبيقا للنصوص الدستورية التي تضمنها الدستور المصرى عام 2014، وبصفة خاصة المواد من 19 إلى 24 والتي أولت التعليم اهتماما خاصا”. ونحن لا نمانع إصدار قانون جديد لكن لماذا إصدار قانون جديد بدلا من تعديل بعض مواده؟ وهل المطلوب قانون ينص صراحة على خصخصة الجامعات الحكومية في ظل تنامى الجامعات الخاصة والأهلية أو ببساطة رفع المصروفات الدراسية لتساوى التكلفة الفعلية للتعليم لطلاب الجامعات الحكومية أسوة بالتعليم الموازى (برامج خاصة بمصروفات) في نفس الجامعات الحكومية؟ وهل الطالب يحصل على عملية تعليمية جيدة تستحق أن يدفع ثمنها؟ وهل دخل ولى الأمر يؤهله لدفع ارتفاع مصاريف تعليم حكومي؟ وهل التعليم في الدولة سلعة مدفوعة الثمن أم خدمة واجبة. مشكلتنا أننا تعلمنا بالمجان في ظروف أفضل من الآن.
مواد دستور 2014 الخمسة تبدد شكوك أسئلتي المطروحة وأتمنى أن يكون القانون الجديد متماشيا مع الدستور لا قافزا عليه. وسأقتبس المواد الخمسة من الدستور كاملة، أضعها للتذكرة عند صياغة القانون الجديد، مذيلة ببعض المقترحات.
مادة 19: التعليم حق لكل مواطن هدفه بناء الشخصية المصرية، والحفاظ على الهوية الوطنية، وتأصيل المنهج العلمى فى التفكير، وتنمية المواهب وتشجيع الابتكار، وترسيخ القيم الحضارية والروحية، وإرساء مفاهيم المواطنة والتسامح وعدم التمييز، وتلتزم الدولة بمراعاة أهدافه فى مناهج التعليم ووسائله، وتوفيره وفقاً لمعايير الجودة العالمية. والتعليم إلزامى حتى نهاية المرحلة الثانوية أو ما يعادلها، وتكفل الدولة مجانيته بمراحله المختلفة فى مؤسسات الدولة التعليمية، وفقاً للقانون. وتلتزم الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومى للتعليم لا تقل عن %4 من الناتج القومى الإجمالى، تتصاعد تدريجياً حتى تتفق مع المعدلات العالمية. وتشرف الدولة عليه لضمان التزام جميع المدارس والمعاهد العامة والخاصة بالسياسات التعليمية لها.
مادة 20: تلتزم الدولة بتشجيع التعليم الفنى والتقنى والتدريب المهنى وتطويره، والتوسع فى أنواعه كافة، وفقا لمعايير الجودة العالمية، وبما يتناسب مع احتياجات سوق العمل.
مادة 21: تكفل الدولة استقلال الجامعات والمجامع العلمية واللغوية، وتوفير التعليم الجامعي وفقاً لمعايير الجودة العالمية، وتعمل على تطوير التعليم الجامعي وتكفل مجانيته في جامعات الدولة ومعاهدها، وفقاً للقانون. وتلتزم الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومي للتعليم الجامعي لا تقل عن 2% من الناتج القومي الإجمالي تتصاعد تدريجياً حتى تتفق مع المعدلات العالمية. وتعمل الدولة على تشجيع إنشاء الجامعات الأهلية التي لا تستهدف الربح، وتلتزم الدولة بضمان جودة التعليم في الجامعات الخاصة والأهلية والتزامها بمعايير الجودة العالمية، وإعداد كوادرها من أعضاء هيئات التدريس والباحثين، وتخصيص نسبة كافية من عوائدها لتطوير العملية التعليمية والبحثية.
مادة 22: المعلمون، وأعضاء هيئة التدريس ومعاونوهم، الركيزة الأساسية للتعليم، تكفل الدولة تنمية كفاءاتهم العلمية، ومهاراتهم المهنية، ورعاية حقوقهم المادية والأدبية، بما يضمن جودة التعليم وتحقيق أهدافه.
مادة 23: تكفل الدولة حرية البحث العلمى وتشجيع مؤسساته، باعتباره وسيلة لتحقيق السيادة الوطنية، وبناء اقتصاد المعرفة، وترعى الباحثين والمخترعين، وتخصص له نسبة من الإنفاق الحكومى لا تقل عن 1 %من الناتج القومى الإجمالى تتصاعد تدريجيا حتى تتفق مع المعدلات العالمية. كما تكفل الدولة سبل المساهمة الفعالة للقطاعين الخاص والأهلي وإسهام المصريين فى الخارج فى نهضة البحث العلمى.
وبرغم ضيق الوقت (أقل من 48 ساعة) المتاح لنا في ابداء مقترحاتنا، تقدم بعض الزملاء بمقترحات أشاركهم فيها وزيادة (فالخطأ هنا أتحمله وحدى والصواب لهم قبلى) وهى: أن يكون هناك قانون موحد لتنظيم الجامعات كلها من حكومية وخاصة وأهلية. أن يكون تعيين المعيدين بالتكليف المباشر، وفيه عدالة وتكافؤ فرص، وألا يكون تعيين عضو هيئة تدريس بعقد مؤقت. توفير منظومة رعاية صحية متكاملة لأعضاء هيئة التدريس وأسرهم مقابل اشتراك معقول له ولأسرته يغطى نفقات الرعاية الصحية كاملة من طوارئ حتى العمليات الجراحية الكبرى للعضو ويساهم بجزء في نفقات علاج الأسرة، وأن تكون كل المستشفيات الجامعية متاحة له بجانب مستشفيات القوات المسلحة أسوة بالهيئات الأخرى. يجب إعادة النظر في مسمى “مجلس التأديب” فهذا لايليق بأساتذة جامعيين فالتأديب للأطفال والتحقيق والعقاب للكبار إن أخطئوا، وليكن “مجلس التحقيق الإدارى” كل أعضائه الثلاثة من مستشارى مجلس الدولة، وحبذا لو كان مقره وانعقاد التحقيقات في مجلس الدولة وليس في الجامعة، بدلا من “مجلس التأديب” الحالي الذى يتشكل من ثلاثة أعضاء، واحد منهم مستشار من مجلس الدولة والاثنان من قيادات الجامعة، الغالبية في المجلس للجامعة، ولا يعقل أن يكون الخصم هو الحكم. وهذا في مصلحة الجامعة. مرتبات أعضاء هيئة التدريس بالجامعة والباحثين بالمراكز البحثية عليها بأن تتساوى بمرتبات الجامعات الاهلية، وهي جامعات ملك للدولة وليست خاصة، وإعادة النظر في مكافآت الإشراف على الرسائل العلمية ومناقشتها. عودة استاذ الكرسي والمدارس العلمية. عملية الترقيات الاكاديمية يجب أن تتم بالإعلان المباشر ووفق اسس اكاديمية تلتزم بالشفافية. تفعيل الاجازة العلمية كل خمس او سبع سنوات، يتفرغ فيها عضو هيئة التدريس للبحث، ويحصل على مرتبه كاملا. أن تكون الإعارة خمس سنوات بدلا من عشر سنوات لإتاحة الفرصة لزملاء آخرين. إلغاء أو إعادة النظر في قانون مرافقة الزوجة/الزوج لسوء استغلاله، فإعارة نسبة لا يستهان بها من أعضاء هيئة التدريس للخارج وصلت لأكثر من 25 سنة بسبب الاستخدام السيء لقانون المرافقة. اعادة النظر في قواعد الترقيات ولجانها بما يقلل فرص تعرض اي عضو هيئة تدريس للظلم، وأن تكون الترقية في التخصص الدقيق وليس في التخصص العام. إعادة النظر في طرق اختيار وصلاحيات القيادات الجامعية الاكاديمية بما يضمن حوكمة رشيدة يشارك فيها الجميع، واختيار القيادات الجامعية عن طريق الانتخابات نراه مناسبا. إعادة النظر في اهداف الجامعة التعليمية، وهو ما يعنى عدم التركيز فقط على الطلاب المصريين و فتح الباب بقواعد جديدة لاجتذاب طلاب اجانب سواء عرب او جنسيات أخرى، ويرى بروفيسور أمين إسماعيل أستاذ الزلازل بجامعة حلوان أن من خبرته في ماليزيا شعر بأن لدى الجامعات المصرية فرصا جيدة وخصوصا في مرحلة الدراسات العليا.
وحتى لا نطيل للحديث بقية من تفاصيل