خالد علي يكتب عن مقتل عويس أبو الراوي وطلعت شبيب بالأقصر على يد الشرطة: العوامية.. وتواريخ لن أنساها
وأنا أتابع الأحداث المفجعة بالعوامية، ومقتل عويس أبو الراوى، وتفريق جنازته بالقوة. تذكرت أحداث محاكمة مقتل ابن العوامية المرحوم طلعت شبيب داخل قسم الشرطة.
فى نوفمبر ٢٠١٥ نزلت قوة شرطة إلى العوامية بالأقصر، وقامت بتفتيش من يمروا بالشارع، كان طلعت شبيب عند الحلاق، وأثناء خروجه من المحل للجلوس على المقهى، قامت القوة بتوقيفه، وأثناء الحديث معه، قام ضابط بضربه على مؤخرة رأسه، وقال له كلم الباشا عدل، فقام طلعت برد الضربة للضابط، فتكتلت القوة عليه وضربوه ووضعوه بالبوكس، وانطلقوا به مسرعين للقسم، وخلال ساعات ارتفع الصراخ بالعوامية (طلعت قتلوه فى القسم، وراحوا بالجثة على المستشفى) انطلق كل أهالي العوامية إلى المستشفى، ولحظتها هربت القوة من المستشفى إلى القسم، ولكن دون أن يتمكنوا من أخذ الجثة من المستشفى، وقام الاهالى بتصويرها، وجاءت النيابة، وتم إعداد تقرير طب شرعى جيد ويصف الحالة على نحو دقيق.
وبعد تظاهرات دامت لعدة أيام أحالت النيابة للمحاكمة عدد 13 من أفراد الشرطة بينهم 4 ضباط، بتهمة ضرب طلعت شبيب ضرباً أفضى إلى الموت، وتم نقل مكان المحاكمة من الأقصر إلى قنا بسبب الوضع الأمنى بالعوامية.
قامت الأسرة بتوكيلى للدفاع عن حقوق ورثة طلعت شبيب ضمن فريق محامين من العوامية ومنظمات حقوق الانسان، والزميلة راجية عمران من المجلس القومى لحقوق الانسان.
وعلى مدار 8 جلسات بدأت فى ٩ يناير ٢٠١٦، قامت هيئة المحكمة برئاسة المستشار فتحى أبو زيد، وعضوية المستشارين حاتم عبد الفتاح، وهانى طه، بتحقيق الدعوى تحقيقاً نهائياً واستمعت لكل الأطراف، وأحضرت كل الشهود الذين طلبناهم، وأيضا الذين طلبهم محامى الضباط والأمناء، وسمحت المحكمة بتوجيه كافة الأسئلة التى قدمناها فى سؤال الشهود، بل واستجوبت المتهمين أيضا فى حضور محاميهم، وسمحت المحكمة بحضور طلاب كلية الحقوق الجلسات، حيث كان الحضور قاصراً على أهالي طلعت وأهالي الضباط والأمناء ومحاميهم وطلبة كلية الحقوق، حتى يشاهد الطلبة محاكمة علنية كبرى، ولما كانت الداخلية تفرض كردون على قفص المحاكمة عشان مفيش حد يشوف أو يصور الضباط والأمناء داخل القفص، كان القاضى أول ما يبدا الجلسة يطلب من الكردون يخرج برة القاعة عشان هو والمحامين يشوفوا المتهمين فى القفص.
كما شهدت الجلسات حضور مسئولى كاميرات هيئة الأبنية التعليمية بالأقصر، والذى أكد أنه تم مسح جميع البيانات المسجلة على الكاميرا تلقائيًا بسبب النظام الإلكترونى المصممة به كاميرات المراقبة حيث يتم المسح تلقائيا بعد مرور 30 يوما، كما فشل مهندسون متخصصون فى تفريغ محتويات الكاميرات بعد الاستعانة بهم من قبل الهيئة فيما فحصت هيئة المحكمة إفادة شركة المحمول الخاصة بأرقام أحد المتهمين والمحيط المكاني لأبراج الاشارات التى ترسل وتستقبل كل المكالمات والرسائل.
وبعد انتهاء المرافعات حكمت المحكمة فى ١٢ يوليو ٢٠١٦ بالسجن المشدد 7 سنوات على أحد الضابط، و3 سنوات لـ5 أمناء شرطة، وبراءة باقى المتهمين، كما قضت لصالحنا بإلزام وزير الداخلية بأن يدفع لورثة طلعت شبيب مليون ونصف مليون جنيه كتعويض مدنى مؤقت بصفته مسئول عن أعمال تابعيه الذين تسببوا فى مقتله، وتأييد الحكم فى النقض.
ولم أنسى حتى اليوم موكب كل جلسة الذى كان يتحرك من الأقصر حتى قنا، فكان لا يقل عن ٣٠ عربة مكروباص، وعشر عربات ملاكى تقل معنا ذهاباً وإيابا سيدات ومشايخ أهالى من العوامية فضلاً عن الرجال والشباب الذين كانوا يسبقونا إلى المحكمة بالقطارات، وفى كل مرة كانت المحكمة تحاط بقوات أمن ودعم من ثلاث محافظات على الأقل لأن مئات من أهالى العوامية وأهالي الضباط والأمناء، كانوا حريصين على الجلوس حول المحكمة كل جلسة، وكانت هناك تخوفات من حدوث اشتباكات بين الأهالي.
كما لم أنسى حالات بكاء أهالى طلعت شبيب فرحًا بالحكم سواء كانوا رجال أو نساء أو أطفال، وهتافاتهم التى كانت تهز ارجاء المحكمة والمدينة.
ولم أنسى انتقالى مساء يوم صدور الحكم من الفندق مقر إقامتى بالأقصر إلى سرادق العزاء بدوار/ مندرة/ مضيفة العوامية لتقديم واجب العزاء بعد تسع أشهر من الوفاة.
(الملحمة أخلد من التماثيل
كان حى ماله فى الشجاعة مثيل
كان جسم فى تراب الوطن مثواه
كان قلب كل المؤمنين جواه
(عظم شهيدك)
شعر/ فؤاد حداد