حينما استدعى بليغ حمدي الشرطة ليدخل الإذاعة.. كواليس «البيانات الغنائية» التي رافقت ساعات العبور في حرب أكتوبر 

كتبت: ليلى فريد  

خلد فنانون مصريون لحظة النصر في أكتوبر، بعدما هرولوا تجاه الإذاعة فور بيانات القيادة العسكرية التي بدأت ظهر 6 أكتوبر 1973 

ومن المواقف التي لا تنسى، كواليس أغنية “على الربابة بغني”، حيث أسرع بليغ حمدي فور النصر إلى الإذاعة المصرية، إلا أن الأمن منع دخولهم، وهو ما دفع وردة وبليغ حمدي لاستدعاء الشرطة وتقديم بلاغ رسمي ضد وجدي الحكيم والإذاعة المصرية مفاده أنهم منعوا بليغ من التعبير عن فرحته بالنصر. 

هذه التفاصيل كشفها الإعلامي الراحل وجدي الحكيم، حيث نزل الحكيم على بوابة ماسبيرو وأخبر بليغ أنه لا يستطيع السماح له بالدخول لأن الأمر في يد الأمن، خاصة في تلك الظروف التي تشهدها البلاد، إلا أن الأمر وصل إلي بابا شارو ووقتها استطاع حل الأمر وإدخال بليغ حمدي ووردة، حيث قاما بتسجيل الأغنية فجرا، وفي صباح السابع من أكتوبر، الساعة السابعة ونصف صباحا سمع بابا شارو الأغنية 3 مرات ووافق عليها. 

وبحسب ما روته الراحلة وردة في أحد لقاءاتها التليفزيونية فإنه مع تصميم بليغ حمدي لتقديم الأغنية سمح له بابا شارو مدير الإذاعة وقتها بالدخول.. لكنه أبلغه ان البلد في حالة حرب ولاتوجد ميزانية لعمل أغان جديدة.. فقرر «بليغ» كتابة إقرار أنه متحمل كافة مصاريف الأغاني من كلمات وفرقة موسيقية واستدعي أحمد فؤاد حسن قائد الفرقة الماسية والذي رفض تقاضي أي مبلغ ورفض الشاعر عبدالرحيم منصور تقاضي أي مبالغ أيضا. 

وبدأ توالي حضور أعضاء الفرقة الماسية لمبني الإذاعة والتلفزيون وكان الشاعر عبدالرحيم منصور قد كتب أغنيتين وهما «بسم الله» و«أنا على الربابة» وبدأ بليغ حمدي في تلحين الأغنية الأولي على سلالم ماسبيرو.. وانتهي منها عند مغرب يوم السادس من أكتوبر.. ولم يحضر الكورال لظروف حظر التجوال بسبب الحرب فجمع بليغ حمدي جميع العاملين بمبني الإذاعة والعمال وحفظهم اللحن وعند منتصف الليل كان بليغ قد سجل الأغنية والتي سمعها بابا شارو فجر يوم 7 أكتوبر. 

وكان بليغ حمدي يجلس مع المؤلفين علي سلم الدور السابع بالإذاعة للكتابة الألحان وتسجيلها في استوديو الإذاعة رقم 46 الذي شهد تسجيل أغلب أغاني العبور. 

الكاتب الصحفي محمد دياب، قال إن قول دياب إن بليغ قدّم 18 عملاً غنائياً بمناسبة “حرب أكتوبر”، أي “ما يعادل 20 في المئة تقريباً” مما أنتج حينها. 

ويضيف دياب أن بليغ كان أول من قصد الإذاعة، وبدأ بالتحضير مع الشاعر عبد الرحيم منصور وعبد الحليم حافظ لتسجيل أغانٍ تناسب الحدث الكبير. 

وكانت أولى الأغنيات التي لحنها بليغ حمدي وسجلها في الإذاعة “على الربابة، حلوة بلادي السمرا بلادي الحرة”، بصوت وردة الجزائرية. 

وتبعها نشيد “الله أكبر بسم الله” الشهير من أداء المجموعة (الكورال). ولحّن لشادية “عدينا الهزيمة يا مصر يا عظيمة”. 

وتعاون بليغ حمدي مرة جديدة مع عبد الحليم حافظ كما فعلا سوياً خلال حرب 1967. وقدّما مجموعة من الأغاني أهمّها “عاش اللي قال” و”قومي يا مصر” و”الفجر لاح”. 

ويشير دياب إلى أن حمدي ومنصور ووردة وعبد الحليم تنازلوا عن أتعابهم للإذاعة التي لم تكن تملك حينها ميزانية لتسجيل الأغاني، وسددوا أجور الفرقة الموسيقية من جيبهم الخاص، “فانتقلت هذه العدوى إلى الفنانين الأخرين الذين تنازلوا عن أجرهم لصالح المجهود الحربي”. 

وتعاون عبد الحليم مع ملحنين آخرين، فقدّم “لفي البلاد يا صبية” احتفالاً بالنصر، من ألحان محمد الموجي وكلمات محسن الخياط. وتصف الأغنية عبور القناة: “طاروا الولاد زي النسور، عدّوا البحور خطوا الجسور”. 

 ومن أبرز أغنيات النصر أيضا و”سمينا وعدينا” لشهرزاد تأليف علية الجعار وتلحين عبد العظيم محمد و”باب الفتوح” لنجاة و”النهاردة كل شىء اصبح له معنى ” تأليف مجدى نجيب و”صباح النصر”  لفايزة أحمد، وأغنية “صبرنا وعبرنا” ألحان محمود الشريف والتى تقول: “عبرنا الهزيمة يا مصر يا عظيمة، باسمك يا بلادى تشتد العزيمة، باسمك يا بلادى عدينا القنال، باسمك يا بلادى خطينا المحال، باسمك يا حبيبتى، مصر يا حبيبتى، خطينا المحال، باسمك يا حبيبتى هاسمى الحرية، باسمك يا حبيبتى هاسمى النضال، هاسمى الشجاعة واسمى الامال”، وهي من كلمات عبد الرحيم منصور، وألحان بليغ حمدى. 

 أما أغنية “راجعين شايلين في ايدنا سلاح” من تأليف نبيلة قنديل وتلحين على إسماعيل كانت مسجلة لفيلم العصفور من إخراج يوسف شاهين، ولما بدأ العبور أسرع شاهين إلى رئيس الاذاعة بابا شارو وأهداه شريط الأغنية وأذيعت على الفور، ولنبيلة قنديل وعلى إسماعيل أغنيتان هما رايحة فين يا عروسة لشادية وأم البطل لشريفة فاضل. 

أغنية محمد رشدي “أول حب ” والتي جاء مقطعها بها “يا أول خطوة فوق أرضك ” من تأليف محسن الخياط وألحان بليغ حمدي وأغنية “صباح الخير ياسينا” من غناء عبد الحليم حافظ وكلمات الابنودي ولحن كمال الطويل ، و”عاش اللي قال” كلمات محمد حمزة ولحن بليغ حمدي وغناء العندليب، حيث تحمس العندليب لتقديم تلك الأغنية بعد النصر، فاختار كلمات محمد حمزة، ووجد أن الأنسب لتحينها هو بليغ حمدي، الذي قدم بالفعل وبدأت البروفات في منزل عبد الحليم بالزمالك، فضلا عن مشاركة مجموعة من الكورال بتوصية من بليغ. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *