حيل المصريين لمواجهة غول الغلاء.. جمعيات وتبديل تموين وشراء طعام بالتقسيط والصبر على “الشكك” (ماتهونش إلا على الغلبان)
شاب من إمبابة: بدأنا بترشيد استهلاكنا في الخروج والفسح والحلويات.. وانتهينا لشراء الغذاء بالتقسيط على شهور لضيق الحال
مواطن يشرح فرصة تبديل التموين ودفع فوارق الأسعار أو استبدالها بسلع تموينية أخرى: 5 كيلو أرز مقابل 3 زجاجات زيت
صاحب محل بقالة: لا نستطيع إلا الصبر على بعض حتى تمر الأزمة وكل شخص لديه أخر يشكك له إما بقالة أو خضار أو لحوم
كتب- درب
بدائل مختلفة يحاول بها المصريون مواجهة غلاء الأسعار والارتفاعات الكبيرة في قيمة السلع الغذائية والأساسية، عرف المصريون طريق البدائل منذ زمن بعيد خاصة مع توالي الأزمات الاقتصادية، ولكن بحسب مواطنين “هذه واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية”.
ورصد “درب”، عدد من محاولات المصريين التأقلم مع الغلاء محاولة منهم لتوفير الحاجات الأساسية، الأمور لم تتوقف عند حد ترشيد الإنفاق فحسب، بل وصل إلى محاولات جماعية للنجاة من نار الأسعار التي تكوي جيوب المصريين.
يقول محمود رمضان، موظف في إحدى شركات “الكول سنتر”: “بدأت أزمة الأسعار مع بداية العام الحالي أو بعده بقليل، كانت في البداية الأمور على ما يرام، رغم الارتفاع البسيط في الأسعار ولكن كانت الأمور طيبة، ولكن مع مرور الأيام كانت الأزمة الحقيقية”.
وأضاف: “في البداية كانت الطريقة التي حاولت بها أنا وزوجتي هي ترشيد الاستهلاك، التوفير فيما نراه ترفيها، كالخروج والسفر وحتى شراء الحلوى، ثم انتقل الأمر إلى التقليل في شراء اللحوم والدواجن، استبدال السمن البلدي بسمن نباتي، وهكذا”.
وتابع: “ولكن الأزمة كانت في الأمور التي لا يمكن التوفير فيها، مثل مستلزمات طفلتي البالغة من العمر أقل من عام، سواء فيما يتعلق بشراء اللبن الموصوف لها طبيا، أو مصاريفها الأخرى كشراء (البامبرز) والمتابعة العلاجية وغيرها من الأمور المتعلقة بها”.
وقال رمضان: “راتبي حوالي 5500 جنيها، اعمل حوالي 10 ساعات يوميا، وادفع إيجار ومرافق حوالي 1500 جنيها، ويتبقى لنا 4000 جنيه لباقي حياتنا وأكلنا وشربنا وكل مستلزماتنا، الأمور صعبة جدا”.
وقبل أيام، صدر تقريرا للمعهد الألماني للشئون الدولية والأمنية، حذر من السياسات الاقتصادية والأمنية للنظام المصري، معتبرا أن الاستمرار في هذه السياسات “سيؤدي قطعًا إلى كارثة محققة لن ينجو منها أحد”.
ويضيف الشاب: “من هنا جاءت فكرة شراء الطعام بالتقسيط، بعدما علمت زوجتي بهذا النظام منذ فترة، حيث نقوم بشراء الأرز والمكرونة والزيت وكل مستلزمات المطبخ بالتقسيط على عدة أشهر مقابل نسبة ربح بسيطة لتجار الجملة”.
وتحدث مواطن أخر طلب عدم ذكر اسمه لـ”درب”، عن محاولات جدية يقوم بها المواطنون في بعض المناطق الشعبية مثل إمبابة وشبرا والوراق، متمثلة في استبدال أدوات التموين.
ويقول: “منذ زمن بعيد وهناك مسألة استبدال التموين، ولكن الأمور كانت بين شخص والثاني ولكن في الوقت الحالي أصبح الأمر معروفا ومنتشرا بين كثير من الناس، يقومون باحتساب قيمة السلع واستبدالها بأخرى من مواطنين آخرين”.
ويشرح الفكرة قائلا: “مثلا أنا لدي 5 كيلو أرز بقيمة 55 جنيها من التموين، والأخر لديه زيت، وأنا أريد الزيت وهو يريد الأرز، نخصم سعر زجاجة الزيت من إجمالي الأرز والفرق إما يدفعه نقدا أو يدفعه مواد تموينية أخرى”.
صاحب محل بقالة صغير في شبرا، تحدث بدوره عن محاولته المساعدة في تسيير الأمور على المواطنين وجيرانه من الزبائن، وقال إن ما لديه ويستطيع تقديمه هو “الصبر على الحاجات الشكك”.
وقال “عم ناصر”: “أجرت محل البقالة الصغير في العمارة المجاورة لمحل سكني من أجل الاسترزاق منه، خلال 4 سنوات كانت الأمور تمشي بشكل جيد، ولكن منذ شهور وكل شيء تغير تماما، ليس فقط للمشتري، ولكن له هو الأخر”.
وأضاف عم ناصر: “أرباحي تقل يوما بعد يوم، نشتري السلع من تجار الجملة بأسعار أغلى من سعرها القديم ومع ذلك نكسب نفس النسبة أو ربما أقل، خاصة وأن بعض الشركات قللت ربح بائع التجزئة من كيسين إلى كيس واحد في بعض السلع”.
وتابع: “لا استطيع فعل شيء الآن إلا الصبر على الشراء (الشكك)، خاصة وأن الكثير من الزبائن الآن يشترون سلعهم ويدفعون نصف المبلغ أو ربع المبلغ ويطالبون بالانتظار على الباقي، حتى بعض المشترين الذين لم يتأخروا يوما عن دفع ديونهم أو ليس لديهم شكك من الأساس، أصبحوا الآن يطالبون بالانتظار”.
وارتفعت أسعار السلع الغذائية في مصر مع نهاية العام 2022 على نحو كبير لتمس نار الغلاء غالبية المصريين، الذين لا يملكون سوى التقشف في ظل فشل الحكومة في الحد من زيادة الأسعار.
“درب” رصد أسعار مجموعة من السلع في نهاية العام 2022 مقارنة بما كانت عليه في مطلعه، من خلال تتبع أسعارها في ماركت “كارفور” في يناير وسعرها في آخر العام (ديسمبر)، مع الإشارة إلى أنه تم الأخذ بثمن السلعة الأصلي قبل تطبيق أي خصم حال وجود ذلك.
ووفقا لهذا الرصد، وجدنا ارتفاع أسعار بعض المنتجات في نهاية 2022 بنسبة تجاوزت 100% ما كانت عليه في مطلع العام مثل السكر والمكرونة، فيما اقتربت منتجات أخرى من هذه النسبة.
يذكر أن بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، التي صدرت ديسمبر الماضي، أظهرت أن تضخم أسعار المستهلكين في المدن المصرية سجل 18.7% خلال نوفمبر، مقابل 16.2% في أكتوبر، حيث يعد هذا أعلى مستوى له منذ ديسمبر 2017 عندما سجل 21.9%.
وعزا الجهاز الزيادة السنوية في معدل التضخم لإجمالي الجمهورية إلى زيادة الأسعار في قطاعات جاء في مقدمتها الطعام والمشروبات التي زادت 30.9% والرعاية الصحية بواقع 12.4 والنقل والمواصلات 16.6% وقطاع الثقافة والترفيه 32.2% وقطاع المطاعم والفنادق 30.1%.
ورغم هذه الزيادات التي أصبحت مكلفة لشرائح كثيرة من المواطنين أفاد لبيان صادر عن الجهاز، أكتوبر الماضي، بأن نسبة الفقر فى مصر انخفضت إلى 29.7% عام (2019- 2020)، مقابل 32.5% عام (2017- 2018)، بنسبة انخفاض 2.8%، لأول مرة منذ 20 عامًا. وقال الجهاز – آنذاك – إن الزيادة السكانية أحد أهم التحديات التي تواجه مسيرة التنمية، والسبب الرئيس لمشكلة الفقر.