حيثيات حكم “الإدارية العليا” بحظر إضراب الموظفين العموميين وفصل 3 عاملين لتحريضهم على الإضراب بمكاتب البريد
الحيثيات: “عدوان” على سلامة الدولة وأمنها الوطني ويفقد المواطنين ثقتهم في الموظف.. والاعتراف به كحق لا يعني استبعاد قيود الحد منه
جميع الدساتير خلت من النص على الإضراب سوى دستور 2012.. ونقل دستور 2014 عنه غير قابل للتطبيق بذاته
التعارض بين حق الإضراب السلمى وحق المواطن في استئداء خدمات المرفق العام يوجب تغليب مصالح المواطنين
لا توجد اتفاقية دولية تنظم الإضراب فى المرافق العامة.. والإعلان العالمى لحقوق الإنسان خلا من التصريح أو التلميح إليه كحق
محمود هاشم
قضت المحكمة الإدارية العليا برئاسة المستشار عادل بريك نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية المستشارين سيد سلطان والدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى ونبيل عطالله وأسامة حسنين نواب رئيس مجلس الدولة، بإلغاء الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لوزارة الصحة وملحقاتها ببراءة 3 من العاملين بالهيئة العامة للبريد.
وقضت المحكمة بفصل العاملين من الخدمة وهم (س.ح.ح) مساعد مكتب بريد أبو رجوان قبلى، و(ع.ع.ع) رئيس قسم التسويق بمنطقة بريد جنوب أكتوبر، و( ر.ع.خ) موظف بمكتب بريد أوسيم بمنطقة شمال أكتوبر، لإضرابهم عن العمل بالهيئة القومية للبريد أيام 23 و24 و25 فبراير من عام 2014، واعتصامهم أمام مركز الحركة الفرعى خلال تلك الأيام، ما أدى إلى تعطيل العمل به، وتحريضهم زملائهم على توسيع الاعتصام وغلق المكاتب، ما ترتب عليه إضراب زملائهم وإغلاق العديد من المكاتب البريدية على مستوى الجمهورية، وتعطيل العمل بها وعدم تحصيل الموظفين المختصين المبالغ المالية المستحقة للدولة.
وتضمن الحكم مبدأ حظر الإضراب فى المرافق العامة، حيث قالت المحكمة إن جميع الدساتير المصرية منذ عام 1923 خلت من النص على الإضراب سوى دستور 2012 الذى نقل عنه دستور 2014 وهو غير قابل للتطبيق بذاته، بحسب ما ذكرت في الحيثيات.
وأوضحت أنه لا توجد اتفاقية دولية صادرة عن منظمة العمل الدولية تنظم الإضراب فى المرافق العامة، وأن الإعلان العالمى لحقوق الإنسان خلا من أي إشارات تصريحا أو تلميحا للإضراب كحق، وأن كثير من رجال الفقه الدوليين يرفضون وصفه بالحق الدولى.
كما لفتت إلى أن إضراب الموظفين العموميين لا يتفق مع نظام المرافق العامة، ويهدم مبادئ القانون العام ونظام الوظيفة العامة المنبثقة عن القانون الإدارى، وأنه محظور فى الوظيفة العامة لتعارضه مع متطلبات المرافق العامة وما تقدمه من خدمات لا غنى للشعب عنه.
وتابعت: “الوظيفة العامة تتكفل بمراقبة انحرافات الغير، وانحراف أعضائها أكثر خطورة على استقرار الدولة واستمرار مرافقها، وإضراب الموظفين يترتب عليه فقدان ثقة المواطنين، في المؤتمنين على مصالح الدولة وأهدافها وتنميتها، وإذا كان الإضراب يعد عملا قانونيا فى نطاق القانون الخاص بقيود نص عليها المشرع فإنه على عكس ذلك عمل غير مشروع بالنسبة للموظفين العموميين”.
واعتبرت المحكمة أن الإضراب فى المرافق الحيوية عدوان صارخ على سلامة الدولة وأمنها الوطنى والقومى، وافتئات على الحاجات العامة للأمة، وأن حظر الإضراب الوظيفى يسانده ما قررته الأجهزة الرقابية لمنظمة العمل الدولية من عدم المساس بالمرافق العامة الأساسية والحيوية.
وشددت على أن جميع أنواع الإضراب محظورة (التقليدى والدائرى والقصير والمتكرر والتوقيفى المفكك والبطئ والمستتر والاعتصام)، حيث لا يتفق مع نظام دوام المرافق العامة في الدولة أيا كان شكل الإضراب أو نوعه، حيث يقتضي مبدأ الاستمرارية استبعاد كل ما من شأنه إيقاف أو تعطيل سير المرفق العام، منها لتعطيل العمل بالمرفق، حتى لا يتطاول الموظفون على الجهات الإدارية التى يعلمون بها فتنهار الوظيفة العامة .
ونوهت إلى أن التعارض بين حقين دستوريين حق الإضراب السلمى وحق المواطن في استئداء خدمات المرفق العام، يوجب تغليب الحق الدستورى الجماعى المتعلق بمصالح المواطنين، مشدد على أن المشرع لم يضع لحق الإضراب السلمى وفقا للمادة 15 من الدستور تنظيما داخل المرافق العام.
واستكملت: “اعتراف الدستور المصرى بحق الإضراب لا يعني استبعاد القيود التي تحده كغيره من الحقوق الدستورية الأخرى، ويكون للحكومة إزاء فقدان النص القانوني المنظم له أن تضع بنفسها باعتبارها مسئولة على حسن سير المرافق العامة وتحت رقابة القضاء القيود التي يجب اتخاذها لممارسة هذا الحق منعا من استعماله كوسيلة لمخالفة النظام العام، حماية للنظام العام من جهة ولضرورة دوام سير المرافق العامة من جهة أخرى. وإزاء سكوت المشرع فإن هذه المحكمة تتحمل مسئوليتها القانونية نحو إرساء دعائم الحق والعدل بما يحفظ للسطات الدولة الإدارية استقرارها ودوام سير المرافق العامة بانتظام واضطراد بما يتلافى التعطيل عن الدوام الرسمي لعمل تلك السلطات مع الحرص على توفير كافة الضمانات التأديبية السليمة”.