حرروا خالد درارني| وقفة تضامنية بباريس ضد سجن رمز الحراك الجزائري.. والعفو الدولية: يثير القلق من محاكمات الصحفيين والنشطاء
أصدرت إحدى محاكم الاستئناف في الجزائر أمس حكماً بالسجن لمدة عامين بحق الصحفي خالد درارني بسبب تغطيته لحركة الحراك الاحتجاجية في البلاد.
كما حكم على اثنين من النشطاء، وهما سمير بن اللعربي وسليمان حميطوش، بالسجن لمدة سنة، ثمانية أشهر منها مع وقف التنفيذ، في نفس المحاكمة الصورية، وقد تم إطلاق سراح الاثنين بعد قضاء مدتهما في السجن. وكانت إحدى المحاكم الابتدائية قد حكمت، في 10 أغسطس، على خالد درارني بالسجن 3 سنوات.
وشارك نحو 50 مدافعا عن حرية الصحافة وممثلون للجالية الجزائرية في العاصمة الفرنسية باريس، مساء الثلاثاء، في وقفة تضامنية مع خالد درارني، المحكوم في بلاده بعامين سجنا مع النفاذ، بمبادرة من بلدية الدائرة الباريسية الثالثة، وعلقت لافتة كبيرة، كتب عليها “حرروا خالد درارني”.
وقالت آمنة القلالي، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية تعقيباً على هذا الخبر: “إن الحكم الصادر اليوم بالسجن على الصحفي البارز خالد درارني هو استهزاء بالعدالة، في بلد يفترض أنه يمر بتغيير سياسي وتحول في أعقاب الاحتجاجات الجماهيرية. وتؤكد هذه الأحكام القاسية على القمع الأوسع نطاقاً للحريات في البلاد، كما تؤكد على نمط يثير القلق للمحاكمات التي تستهدف الصحفيين والنشطاء الذين طالبوا بتحقيق المزيد من الديمقراطية، واحترام سيادة القانون في الجزائر.
“ويجب على السلطات الجزائرية الإفراج فوراً، وبدون قيد أو شرط، عن خالد درارني وآخرين معتقلين بسبب تجرئهم على توثيق عنف الشرطة، والاعتقالات التعسفية، أثناء الاحتجاجات. فمن المهم، من أجل مستقبل حقوق الإنسان في الجزائر، إطلاق سراحهم”.
واستعرضت “مراسلون بلا حدود” مسيرة درارني، الذي وصفته بأنه أصبح رمزا حقيقيا لحرية الصحافة في الجزائر، كاشفة عن الضغوطات والمساومات التي استهدفته.
بدأ خالد الدرارني، البالغ من العمر 40 سنة، مسيرته المهنية سنة 2004 في الصحافة المكتوبة (لاتريبون وآلجيري نيوز) قبل أن يتجه إلى الراديو (راديو الجزائر الدولي والقناة 3 للإذاعة الجزائرية) ثم التليفزيون.
وفي 2012، وأثناء تنشيطه لبرنامج “مثير للجدل” الذي يُعنى بالنقاش السياسي على قناة دزاير تي في، أثار جدلا كبيرا عندما عبّر عن دهشته أثناء حواره مع رئيس الحكومة آنذاك، حيث أشار هذا الأخير أنّ ترشّح بوتفليقة “هبة من الله”.
وشغل خالد الدرارني بعد ذلك خطة رئيس تحرير ومقدّم نشرة السابعة التي كانت الأولى بالفرنسية على قناة الشروق التلفزية. كما أسّس في 1 نوفمبر 2017 الموقع الاخباري “قصبة تريبون”.
ومنذ سنة 2016 عمل الصحفي مراسلا بالجزائر لـTv 5 Monde، ومنذ 2017 مراسلا لمراسلون بلا حدود، وعمل على تغطية الحراك الاحتجاجي، الذي انطلق في 22 فبراير 2019، لفائدة قناة Tv5 Monde وموقع قصبة تريبون.
في 14 مايو 2014، وعندما كان بصدد تغطية مسيرة للطلبة في الجزائر، تم ايقاف خالد الدرارني من أجهزة الاستعلامات العامة وطلبوا منه أن يكون أقل حدّة تجاه قائد الجيش والإشارة في مقالاته إلى فكرة “الحوار” بين الجيش ورجال السياسة.
في 9 أغسطس 2019، وقع إيقافه خلال إحدى المسيرات، وتم الاحتفاظ بهاتفه وتفتيشه والتحقيق معه لمدة 45 دقيقا، وقبل أن يطلق سراحُه هدده أمنيون مطالبين إياه بعدم تغطية مسيرات الجمعة في الجزائر العاصمة.
في 9 يناير 2020، وقع ايقاف خالد الدرارني واقتيادُه إلى ثكنة عسكرية في الجزائر العاصمة، حيث اتهم بأن منشوراته “تخريبية ومضللة ومتحيّزة”، وتمّ إعلامه أنّ هذا الإيقاف هو التحذير الأخير قبل أن يحيل ملفه على القضاء، وتم إيقافه فعلا، في 29 مارس 2020، وإيداعُه سجن القليعة قرب تيبازة.
في 4 مارس 2019، عرض مسؤول كبير على خالد شقة ومحلا لتأسيس جمعية مقابل المساعدة في توجيه المتظاهرين من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، ورفض خالد الدرارني العرض بشكل قاطع.
في 30 ديسمبر 2019، تم اقتيادُه من ضابط مخابرات داخلية إلى ثكنة عنتر (ثكنة تابعة لإدارة مجابهة الجوسسة من إدارة الاستعلامات والأمن)، وكان في انتظاره عقيد ورائد وجها له تهما ارتباط بتغريدات على تويتر وعرضا عليه مناصب هامة، من بينها مدير الإذاعة الجزائرية، وكانت إجابة خالد الدرارني الرفض مجددا.
واتهم خالد بالمس بوحدة التراب الوطني، اعتمادا على منشورين على صفحات التواصل الاجتماعي، كما تم اتهامه لكتابته: “هذا النظام يتجدد مواصلا رفض التغيير، وعندما ننادي بحرية الصحافة يجيبوننا بمحاولات الارشاء والمال، لا يمكن شراء كل شيء بالمال، تحيا حرية الصحافة”.
كما تم اتهام خالد الدرارني بعدم حيازته على “أي وثيقة رسمية صادرة عن السلطات المعنية تثبت صفته كصحفي” و”توصله بمكافآت مالية مقابل خدمات قُدّمت لوسيلة إعلام أجنبية TV5 Monde دون تقديم دليل على اعتماده قانونيا كمراسل”.
يتهم القضاء الجزائري خالد الدرارني بإعادة نشر بيان لحزب البديل الديمقراطي على صفحته على الفايسبوك، وذلك ثلاث أيام قبل الانتخابات الرئاسية التي أجريت في 12 ديسمبر 2019، وقد دعا البيان إلى إضراب عام ومقاطعة الاقتراع. كما اتهم بنشره في 11 فبراير 2020 بيانا آخر عنونه بـ”بيان هام” وكانت فيه دعوة إلى الإضراب العام، وقد شدّد الصحفي في مناسبتين أمام القضاة أنه كان ينشر معلومة لا أكثر.
وقال عنه مصطفى بنجامع، رئيس تحرير أسيوعية لو بروفنسيال: “في كل مرة يقع إيقافي أو استدعائي من قوات الأمن، كان خالد الدرارني من بين الأوائل الذين يكتبون ويستنكرون هذا النوع من الترهيب ضدّ الصحافيين الذي يهدف إلى التضييق على القطاع، وأيضا على حق المواطنين في معلومة موثوقة”.
كما قال الصحفي منصف آيت قاسي: “تعلمت منه الكثير، هدفه أن نبقى مستقلين ونزهاء في ممارسة مهنتنا. وهو موضع تقدير لشجاعته التي عُرف بها، ولمهنيته وانضباطه المثالي، تفتقده عائلته وأصدقاؤه الذين لا يُشاركونه أحد مقولاته لا أحد أساسي، لأنه ببساطة أساسي”.
وأوضحت ماجدة زوين، صحفية من قصبة تريبون: “منذ بداية الحراك، كان خالد بوصلتنا نحو الحقيقة، كان يصور وينقل كل ما يحدث، سواء خلال مسيرات الحراك أو تلك الموالية للنظام، وكان يحب العمل المُتقن، ويحرص على التيقّن من صحة المعلومة قبل نشرها”.
وتحتل الجزائر المرتبة 146 من أصل 180 بلدا في التصنيف العالمي لحرية الصحافة الذي تُصدره مراسلون بلا حدود، وفقدت 5 مراتب مقارنة بـ2019 و27 مرتبة منذ 2015.