جورج قرداحي: لن اعتذر عن تصريحاتي الرافضة لحرب اليمن «العبثية».. وأرفض أي حرب بين العرب وكلامي قلته بمحبة وليس بعدوانية
كتب: عبد الرحمن بدر وصحف
عقّب وزير الإعلام اللبناني، جورج قرداحي بمؤتمر صحفي، على الضجة المستمرة التي أثارتها تصريحات أدلى بها حول حرب اليمن والتي اعتبرت “مسيئة” لكل من المملكة العربية السعودية والإمارات.
وقال قرداحي: “أنا لم أخطئ في حق أحد. فلماذا اعتذر وأنا كنت واضحا في كلامي ولم اتهجم على أحد. وعندما سألوني عن مواقفي خلال المقابلة، قلت أنا ضد الحرب العبثية وضد أي حرب بين الأخوة العرب والحرب في اليمن أصبحت عبثية والكثير من الإخوان في الخليج يعتبرونها كذلك وأنا قلت موقفي بكل محبة وكإنسان يشعر بالمعاناة والهموم العربية. فهذه الحرب مكلفة ماديا واقتصاديا وبشريا ولم أقل أنني مع الحوثيين أو مع السعوديين أو ضدهم. فكلامي قلته بمحبة وليس بتحد أو عدوانية”.
وتابع قائلا: “اتهموني عند عودتي من دبي إلى لبنان بانني آت لقمع الإعلام وإذا بهم اليوم هم يحاولون قمعي وقمع آرائي وإدانتي على رأي قلته قبل أن أعين وزيرا.. المقابلة حصلت مع شباب يديرون الحلقة، وهم يطرحون الأسئلة. تعاطيت معهم بروح الشباب وبالشفافية والموضوعية المطلوبة، لأن هذا ما كانوا يتوقعونه مني إذ كانوا يعتبرون أن الضيف حر وصريح بآرائه حتى يعطوه الثقة او يحجبونها عنه”.
وعن تصوير موقفه من السعودية كأنه “موقف معاد”، قال قرداحي وفقا للوكالة اللبنانية: “هذا الاتهام مرفوض وأنا لم أهاجم السعودية ابدا وان اختلفنا في السابق في الرأي حول موضوع سوريا. وكلفني هذا الأمر عملي في mbc ولكنني لم أشتم يوما السعودية”، منتقدا “بعض المواقع” التي وصفته بانه “ناكر للجميل”، وقال: “أنا لست ناكرا للجميل وكررت مرارا، بأن الفضل في ما وصلت اليه هو للـMBC”.
ولفت قرداحي إلى أن ما قاله في هذه المقابلة سواء بالنسبة لفلسطين أو سوريا أو لبنان والخليج أو بشأن كثير من الامور، كحرب اليمن من مواقف لا تلزم الحكومة بشيء “لأنني لم أكن وقتها وزيرا فهذه آرائي الشخصية. أما بعدما أصبحت وزيرا فانا ملتزم بالبيان الوزاري للحكومة وملتزم بسياسة هذه الحكومة برئاسة نجيب ميقاتي”.
كانت بوادر أزمة بدأت بين لبنان ودول خليجية بعد تداول تصريحات للإعلامي جورج قرداحي، وزير الإعلام في لبنان، هاجم فيها الحرب على اليمن، واعتبر أن السعودية والإمارات يعتديان على الشعب اليمني، وأن الحوثيين يمارسون الدفاع عن النفس.
وقال قرداحي في تصريحات مسجلة لبرنامج (برلمان شعب) الذي يبث على قناة (الجزيرة) في معرض رده على سؤال حول موقفه مما يحدث في اليمن: “شعب يدافع عن نفسه، هل يعتدون على أحد؟.. في نظري هذه الحرب اليمنية عبثية يجب أن تتوقف”.
ثم اعترضه مقدم البرنامج، قائلا: “الحوثيون يطلقون الطائرات المفخخة المسيرة باتجاه الأراضي السعودية”، فرد قرداحي: “ونرى الأضرار التي تلحق بهم في بيوتهم وجنازاتهم وأفراحهم، وأنهم يقصفون بالطائرات.. حان الوقت لهذه الحرب أن تتوقف لأنها عبثية”.
واعتبر قرداحي أن “الحوثيين يدافعون عن أنفسهم في وجه اعتداء خارجي”، ليوجه له أحد الحضور سؤالا: “هل تعتبر أن الإمارات والسعودية تعتديان على اليمن؟”، ليرد: “أكيد فيه اعتداء، ليس لأنهم السعودية أو الإمارات ولكن لأن هناك اعتداء منذ 8 سنوات مستمرا، وما لا تستطيع تنفيذه في عامين أو ثلاثة لن تستطيع تنفيذه في 8 سنوات”.
وأثارت هذه التصريحات غضب السعوديين والإماراتيين، وبعد الجدل، علق قرداحي في سلسلة تغريدات على “تويتر”، قائلا إن “مقطع الفيديو المتداول كان في مقابلة أجراها مع قناة الجزيرة أونلاين، ببرنامج برلمان الشباب، في 5 أغسطس الماضي، أي قبل شهر من تعيينه وزيرا في الحكومة اللبنانية”.
وتابع أنه “لم يقصد بأي شكل من الأشكال، الإساءة إلى السعودية أو الإمارات، مضيفا أنه يكن لقيادتيهما ولشعبيهما كل الحب والوفاء”، معتبرا أن “الجهات التي تقف وراء هذه الحملة أصبحت معروفة، وهي التي تتهمه منذ تشكيل الحكومة بأنه آت لقمع الإعلام”.
وأضاف: “ما قاله بأن حرب اليمن أصبحت حربا عبثية يجب أن تتوقف، كان عن قناعة ليس دفاعا عن اليمن ولكن محبة بالسعودية والإمارات”.
وقال قرداحي: “عسى أن يكون كلامي سببا بإيقاف هذه الحرب المؤذية، لليمن، ولكل من السعودية والإمارات”.
من جانبه، رد وزير الإعلام في الحكومة اليمنية معمر الإرياني، على التصريحات عبر “تويتر”، قائلا إنها “غريبة وتعكس جهلا فاضحا بالشأن اليمني وانحيازا أعمى لمليشيا الحوثي الإرهابية، وتجاهلا لدور نظام إيران وأجندته التوسعية باليمن والمنطقة، في إدارة الانقلاب وتفجير الحرب وتقويض جهود التهدئة ووقف إطلاق النار وإحلال السلام”.
بدوره أكد رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي، أن “تصريحات قرداحي لا تمثل الحكومة اللبنانية”.
وقال في بيان له إن “لبنان يتمسك بروابط الأخوة مع الدول العربية الشقيقة”، مشيرا إلى أن من ينطق باسم الحكومة هو رئيسها أو الحكومة مجتمعة.
وأضاف أن كلام قرداحي الذي يجري تداوله، كان ضمن مقابلة أجريت معه قبل توليه منصبه الوزاري بأسابيع عدة، وأنه “كلام مرفوض ولا يعبر عن موقف الحكومة إطلاقا، وبخاصة في ما يتعلق بالمسألة اليمنية وعلاقات لبنان مع أشقائه العرب، وتحديدا الأشقاء في المملكة العربية السعودية وسائر دول مجلس التعاون الخليجي”.
وشدد على أنه وحكومته “حريصان على نسج أفضل العلاقات مع المملكة العربية السعودية، ويدينان أي تدخل في شؤونها الداخلية من أي جهة”.
وتقود السعودية، منذ عام 2015، ائتلافا عسكريا في اليمن داعما للقوات الحكومية ضد المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران، الذين استهدفوا مواقع متعددة في المملكة خلال السنوات الماضية.
بدورها عبرت وزارة الخارجية اللبنانية، الأربعاء، عن رفضها لتصريحات تداولتها وسائل الإعلام لوزير الإعلام، جورج قرداحي، حول ما وصفه بـ”اعتداء السعودية والإمارات على اليمن”.
وذكرت الوزارة أنها دانت مرارا وتكرارا “الهجمات الارهابية” التي استهدفت السعودية، مشيرة إلى أنها ما زالت على موقفها في المدافعة عن أمن وسلامة أشقائها الخليجيين الذين تكن لهم كل محبة واحترام وتقدير، وتنأى عن التدخل في سياساتهم الداخلية والخارجية.
وأوضحت الخارجية اللبنانية أن كلام قرداحي شخصي وجاء قبل تعيينه وزيرا للإعلام، وأن الحلقة قديمة ولكن تم بثها الثلاثاء، بحسب بيان نشرته الوكالة الوطنية للإعلام.
وشددت الوزارة على أن موقفه لا يعكس موقف الحكومة الذي عبر عنه رئيسها نجيب ميقاتي في البيان الصادر الثلاثاء، ولا بيانها الوزاري الذي يتمسك بروابط الأخوة مع الأشقاء العرب.
في المقابل، رد الأمير السعودي، عبدالرحمن بن مساعد، على تصريحات قرداحي، قائلا: “صرحت بأنك لم تقصد الإساءة للسعودية والإمارات.. 1- هل تظننا حمقى.. 2- هل أنت أحمق.. 3- هل تصدق أنك وزير.. 4- هل تعتقد أنك ذكي.. بإمكانك الاستعانة بجمهور الضاحية أو الاتصال بصديق من التيار الحر.. بانتظار جوابك النهائي”.
كما تصدر اسم جورج قرداحي قائمة الأكثر تداولا في السعودية ولبنان. وأعرب سعوديون عن امتعاضهم من تصريحات قرداحي.
في المقابل، أعاد السفير السعودي لدى لبنان، وليد البخاري، نشر تغريدات على حسابه على تويتر تشير إلى أن لبنان مهدد بأزمة دبلوماسية كبيرة مع الدول العربية على خلفية كلام وزير الإعلام اللبناني.
وأسفرت الحرب في اليمن عن مقتل عشرات الآلاف وتشريد الملايين وفقا لمنظمات غير حكومية دولية.
ووصفتها المفوضة السامية لحقوق الإنسان، ميشيل باشليه، الشهر الجاري، بأنها “أسوأ أزمة إنسانية في العالم” إذ يحتاج أكثر من 20 مليون شخص لمساعدات إنسانية وحماية.