تونس في “معضلة حكم”.. “النهضة” تخطط للإطاحة بالفخاخ وتشكيل حكومة جديدة.. وتحركات نيابية لسحب الثقة من الغنوشي
محمود هاشم
أعلنت 4 كتل نيابية خطواتها لسحب الثقة من رئيس البرلمان ورئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، على رأسهم الحزب الدستوري الحر، المعتصم داخل البرلمان، اعتراضا على فتح الغنوشي المجال أمام جهات متهمة بالإرهاب ومشتبه بصلتها بتنظيم “داعش” لدخول البرلمان، في الوقت الذي بدأت الحركة مشاورات من أجل تشكيل حكومي جديد، ما قد يضع البلاد على شفا أزمة حكم مرتقبة، وأزمة سياسية حادة.
وأعلن مجلس شورى حركة النهضة، تكليف الغنوشي بإجراء ما وصفه بـ”المفاوضات والمشاورات الضرورية مع رئيس الجمهورية والأحزاب والقوى السياسية والاجتماعية”، من أجل البحث عن تشكيل حكومي جديد، بديلا عن الحكومة الحالية التي يرأسها إلياس الفخاخ، بدعوى تورط شركاته في تربح مالي.
واتخذ القرار بأغلبية الأصوات في مجلس الشورى، حيث صوت 54 عضوا لصالح المضي في تشكيل حكومة جديدة، في حين صوّت 38 ضده بغرض الاستقرار الحكومي.
وكشفت تقارير صحفية عن أن الحركة التي تمثل إخوان تونس تتجه نحو سحب وزرائهم (6 وزارات) من الحكومة، وتكوين ائتلاف حكومي جديد يجمع بين حركة النهضة (54 مقعدا)، وائتلاف الكرامة (19 مقعدا)، وحزب قلب تونس (26 مقعدا)، كما لفتت إلى أن الفخفاخ رفض مطالب الحركة لتعيين شخصيات إخوانية على رأس أجهزة حيوية في البلاد.
وستمثل إجراءات سحب الثقة أكبر إحراج للنهضة منذ 2013، حينما وافقت آنذاك على التخلي عن الحكم تحت ضغط احتجاجات معارضيها لصالح حكومة تكنوقراط وإجراء انتخابات جديدة.
وعلى عكس أغلب الأحزاب الإسلامية في المنطقة العربية تفادت النهضة محاولات عزلها حين توصلت لاتفاق لتقاسم الحكم مع العلمانيين بقيادة الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي في 2014.
وقال المتحدث باسم حزب التيار الديمقراطي محمد عمار، أمس، إن 4 كتل برلمانية اتفقت على بدء إجراءات سحب الثقة من رئيس البرلمان بسبب خروقات عديدة في الإدارة وقرارات أحادية بخصوص تركيبة لجان برلمانية، وهي أحزاب تحيا تونس التيار الديمقراطي وحركة الشعب وهي أحزاب مشاركة في الائتلاف الحاكم إضافة إلى كتل الإصلاح الوطني.
وتحتاج إجراءات سحب الثقة توقيع 73 نائبا على الأقل وهو عدد تحظى هذه الأحزاب بأكثر منه، وسيتيح توقيع 73 نائبا إجازة التصويت في جلسة عامة وينص النظام الداخلي للبرلمان على أغلبية مطلقة تبلغ 109 نواب لسحب الثقة، وستسعى هذه الأحزاب التي لها أكثر من تسعين نائبا إلى حشد جهودها للوصول للنصاب القانوني.
واعتبر مراقبون أن ما جاء في قرار الشورى هو “بدعة ولا أسس دستورية له”، لافتين أيضا إلى أن الصفة الدستورية لرئيس البرلمان لا تسمح له بإجراء المشاورات، مرجحين أن يكون موقف النهضة “مناورة سياسية وحركة استباقية” لمواجهة مبادرة سحب الثقة من الغنوشي.
وأوضح المراقبون أن هذا الموقف يسعى بشكل واضح، لدرء الشبهات عن حركة النهضة، خاصة فيما يتعلق بالاتهامات التي وجهها الحزب الدستوري الحر لها بدعم الإرهاب، من خلال إعادة تسليط الضوء على شبهة تضارب المصالح التي تواجه رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ، بعد تعاقد شركات يملك جزءا من أسهمها مع الدولة، وهو ما يمنعه القانون.
وقال المدير التنفيذي لمرصد الحقوق والحريات، مروان جدة، إنه “من حق النهضة الخروج من الحكومة، لكن دون الكذب على الرأي العام والادعاء أن السبب هو شبهة تضارب المصالح، في الوقت الذي تسعى فيه إلى توسيع حزام الشبهات والفساد”.
واعتبرت الكاتبة الصحفية التونسية منية عرفاوي، أن التخلي عن الفخفاخ “ليس بالسهولة التي يروج لها أنصار حركة النهضة”، محذرة من أن “فاتورته السياسية باهظة على الجميع، بمن فيهم النهضة”.