توقف برنامجي معتز مطر ومحمد ناصر.. هل ضحت تركيا بإعلاميي الإخوان للتقارب مع مصر؟
لم يكن الإعلان التركي التقارب مع السلطات المصرية بعد سنوات من القطيعة منذ 2013، إلا إيذانا بتطور مفاجيء في العلاقة بين البلدين، انتقلت تداعياته إلى الأذرع الإعلامية لجماعة الإخوان المسلمين في أنقرة، بمجموعة من الإجراءات شملت توجيهات بتوقف البرامج السياسية بقنواتها.
في العاشر من أبريل الحالي، أعلن معتز مطر ومحمد ناصر، أنهما في إجازة مع وقف برنامجيهما على قناتي “الشرق” و”مكملين” التابعتين لجماعة الإخوان، واللتين تبثان من اسطنبول.
وقال معتز مطر، عبر حسابه على “تويتر”: “الليلة بإذن الله التقي بحضراتكم في تمام العاشرة مساء بتوقيت القاهرة في حلقة قصيرة للغاية من مع معتز سأذيع فيها على حضراتكم بياناً هاما”.
في آخر ظهور له على قناة الشرق في اليوم نفسه، قال مطر إنه في إجازة “لم يجبره عليها تركيا أو قناة الشرق، ولكنه قرار “لرفع الحرج عن الجميع، حتى لا نكون سببا في أي مشاكل من أي نوع لا لتركيا ولا للقناة”.
وأضاف مطر: “لن أثقل على تركيا وزملائي، وسأكمل من أي مكان في العالم، وبأي طريقة في طريق الحق، عبر منصة أخرى في السوشيال ميديا، ولن يكونوا قادرين على إيقافنا إلا بالموت”.
في اليوم نفسه، خرج محمد ناصر مذيع قناة “مكملين”، على “تويتر” أيضا، برسالة قال فيها: “جمهوري العزيز، تعودنا علي الشفافية معكم ومشاركتكم معنا في كل كبيرة وصغيرة، واستمرارا لهذا المبدأ أود أن أعلمكم بأني في اجازة خلال شهر رمضان آملا في العودة اليكم كما كنت دائما معبرا عن قضايانا وقضايا امتنا علي الوجة الذي يرضي ربنا”.
في اليوم الثاني، علق على رد فعل وزير الخارجية سامح شكري، على توقف برنامجه، قائلا إن التوقف أثار رضا السلطات المصرية.
قبل أن يعلن عودته عبر قناته على “يوتيوب”، قائلا: “انتظرونا في بث مباشر على قناة اليوتيوب في تمام الساعة الخامسة بتوقيت القاهرة”.
زميلهما الإخواني عبدالله الشريف، كشف عن تفاصيل توقف برنامجي مطر وناصر، ووجه لهما رسالة قائلا: “الى الأعزاء محمد ناصر ومعتز مطر أحسن الله عزاءكم في منابركم الإعلامية، ومن باب الأخوة في الله فإن قناتي تحت أمركم لاستعمالها في البث المباشر كل ليلة إن أردتم، لا يغلبنكم القرار واضربوا فإن لم تكونوا موجعين لما طلبكم الأنذال فبجماهيركم أنتما أكبر من القنوات والقرارات والله غالب”.
تقارير إعلامية كشفت عن أن السلطات التركية أبلغت الإعلاميين الاثنين بتغيير طبيعة وسياسة برنامجيهما ومنحهما إجازة لحين الاتفاق على شكل جديد أو البث من دولة أخرى تاركة حرية اتخاذ القرار لهما.
بعد سنوات من توتر حاد كاد يؤدي إلى مواجهة عسكرية في ليبيا، تشهد العلاقات بين تركيا ومصر مؤشرات على تحسن محتمل خاصة إثر أوامر أنقرة بتخفيف نبرة القنوات المعارضة المصرية الخاضعة لها.
وطلبت السلطات التركية قبل أسابيع من فضائيات الإخوان التي تبث من اسطنبول، وقف انتقادها لمصر وتخفيف حدة الخطاب الإعلامي ومنع التحريض.
وطلبت السلطات التركية من 3 قنوات تلفزيونية معارضة مصرية مقرها في اسطنبول، وهي “الشرق” و”مكملين” و”وطن”، بتخفيف تغطيتها السياسية الانتقادية للحكومة المصرية في حين تسعى تركيا إلى إصلاح العلاقات المتوترة مع مصر، حسبما أكده مسؤولون مطلعون.
وذكر المعارض المصري المنفي ورئيس قناة “الشرق” التلفزيونية المرتبطة بجماعة “الإخوان المسلمين”، أيمن نور، في تصريحات متلفزة، أن المسؤولين الأتراك طالبوا وسائل الإعلام الـ3 بتخفيف حدة خطابها.
وأشار نور مع ذلك إلى أن القنوات الـ3 لم تتلق أوامر بالإغلاق أو بوقف بث برامج، وأضاف: “بدأ حوار بيننا وبين الأتراك في إطار تغيير الخطاب”.
ولم يصدر بعد أي تعليق من جماعة “الإخوان المسلمين”، لكن الحكومة المصرية أصدرت، على لسان وزير الإعلام، أسامة هيكل، ترحيبا علنيا بهذه الخطوة، حيث وصفها في بيان بأنها “بادرة طيبة من الجانب التركي، تخلق مناخا ملائما لبحث الملفات محل الخلافات بين الدولتين على مدار السنوات الماضية”.
ونشر ناصر فيديو عبر صفحته على مواقع التواصل، أعرب فيه عن تقديره للسلطات التركية التي آوته طيلة 7 سنوات، مضيفا أنه في حال وصل التقارب مع مصر لمحطته الأخيرة، فسيهاجر إلى كندا أو بريطانيا.
كما أقر الإعلامي الإخواني أن الجماعة تهادن الآن وتناور وتلتزم بالتعليمات التركية بانتظار معرفة الموقف النهائي من التقارب مع مصر، مؤكدا في الوقت عينه أن قيادات الإخوان ستواصل سياستها ضد القاهرة حتى ولو من خارج تركيا.
بدوره، أعرب مطر في فيديو بثه على صفحته على مواقع التواصل، عن احترامه لرغبة أنقرة في التقارب مع مصر، معلنا أنه قد يتوجه إلى بريطانيا أو كندا أو البرازيل أو إفريقيا في حالة صدر قرار نهائي بترحيل إعلاميي الإخوان وقادتهم أو إغلاق فضائياتهم.
في نهاية مارس الماضي، عمدت القنوات الثلاث الناطقة بلسان الإخوان («الشرق»، و«مكملين»، و«وطن») إلى تغيير خريطة برامجها، وإلغاء بث بعض البرامج السياسية التي تتسم بحدة الخطاب تجاه الحكومة المصرية، ليل الخميس – الجمعة الماضي، عقب اجتماع عقده مسؤولون بوزارة الخارجية التركية في أنقرة مع رؤساء القنوات الثلاث، طالبوها خلالها بتغيير السياسة التحريرية للقنوات، لتناسب المرحلة الجديدة التي تعمل فيها أنقرة على التقارب مع القاهرة.
ووجّهت السلطات التركية تعليمات باقتصار تغطيات القنوات الثلاث على الموضوعات الاجتماعية والثقافية، والابتعاد عن الموضوعات السياسية التي تشكل تدخلاً في الشؤون الداخلية لمصر.
وأعلن نائب مرشد “الإخوان المسلمين”، إبراهيم منير، أن الجماعة تثق بألا تغير تركيا النهج بحقها، مؤكدا إمكانية قبول وساطتها لحل الأزمة مع الحكومة المصرية والاستعداد لحوار معها.
وقال منير، في مقابلة مع قناة “الجزيرة مباشر” القطرية، بعد أيام من إعلان وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، بدء اتصالات دبلوماسية بين أنقرة والقاهرة من أجل إعادة العلاقات إلى طبيعتها: “النظام التركي والقيادة التركية والرئيس (رجب طيب) أردوغان والأتراك يحترمون اللاجئ السياسي.. ونحن على يقين بألا يتغير هذا الاتجاه أو التوجه.. فتركيا صادقة ولا تناور”.
وأضاف: “بالنسبة للحديث السياسي عن مصر (في القنوات الفضائية المصرية بتركيا) يجب أن يكون له أسلوب آخر، والالتزام بقوانين الإعلام (التركية) وأتصور تركيا لها حق في ذلك”.
وناشد نائب مرشد “الإخوان المسلمين” الإعلاميين المصريين المعارضين في تركيا بأهمية الاستجابة لهذا الطلب، قائلا: “حقوق الضيافة تملي علينا أكثر مما يطلبه المضيف وهذا حقهم، ونسأل الله أن يوفق الجميع”.
تعليقا على احتمال حدوث تقارب تركي مصري وإمكانية القبول بتركيا وسيطا لتقريب وجهة النظر أو مصالحة مع النظام، صرح منير: “لا نقف أمام من يحقق الخير”.
وردا على سؤال حول احتمالية فتح قنوات اتصال مع السلطات المصرية، قال منير: “هناك شيء يجب أن ننبه إليه أننا لا نمثل المعارضة كلها، لكن إذا عرض على المعارضة المصرية، ونحن جزء منها، حوار مع النظام بما ييسر أوضاع المعتقلين ويحسن أحوال الشعب وأصحاب الدماء، بالتأكيد لن نرفض، وإذا رفضنا نكون مخطئين بالتأكيد”.
مستشار رئيس حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، ياسين أقطاي، قال إن الخطوة التي قامت بها الحكومة التركية جاءت لضبط أداء تلك القنوات، في إطار التوجه الحالي لتحسين العلاقات مع مصر، بعد أن لاحظت أن هناك محتوى سياسياً غير لائق، ويخالف مواثيق الشرف الصحافية والإعلامية.
وزعم أقطاي، الذي يمثل حلقة الوصل بين السلطات التركية وجماعة الإخوان، وأعضاء تيارات الإسلام السياسي الأخرى من مختلف الدول العربية، والذي تكرر ظهوره على هذه القنوات، أن السلطات التركية لم تكن تتابع ما تقدمه هذه القنوات، حتى تبلغها تنبيهاً من الحكومة المصرية بأن هناك تجاوزات في برامجها، وتم التحقق من هذه التجاوزات.
ذكرت وسائل إعلام تركية، أن السلطات فرضت إقامة جبرية على قيادات إخوانية وإعلاميين من العاملين بتلك القنوات، وطالبت 30 من القيادات بالتزام الصمت وعدم الإدلاء بتصريحات سياسية، مشيرة إلى أن الأيام القادمة قد تشهد تدقيق حسابات بعض القيادات والإعلاميين في البنوك، وترحيل بعضهم، وتسليم أعداد من المطلوبين من جانب السلطات المصرية لإدانتهم بجرائم في مصر.
لكنّ أقطاي نفى أن يكون هناك اتجاه لتسليم أيٍّ من العناصر المقيمة على الأراضي التركية، وأن تركيا لن تسلمهم إلى بلادهم. وأضاف: «كل ما هنالك هي مطالبة بإعادة النظر في الخطاب الإعلامي الموجه لمصر، وضبط الألفاظ، تحت طائلة القوانين المتعارف عليها إعلامياً»، نافياً شائعات عن وضع إعلاميين في قنوات الإخوان قيد الإقامة الجبرية.
تقارير صحفية أخرى كشفت عن أن مزيدا من الإجراءات سوف يعلن عنها خلال الساعات القليلة المقبلة، ستشمل وقف مجموعة أخرى من البرامج، فيما ترجح المصادر أن يتم الإعلان عن وقف البث نهائيا من إسطنبول في مايو المقبل، وسيتبعه تعليق العمل بكل القنوات والمواقع الصحفية التابعة للتنظيم، لحين انتهاء نقل المكاتب الرئيسية لها من تركيا إلى لندن، حسبما أكد أيمن نور في اجتماعه مع العاملين بالقناة أمس.