تواجه اتهامات بتشكيل “شبكة جواسيس”.. القضاء الفرنسي ينظر في اتهام “لافارج” بارتكاب جرائم ضد الإنسانية في سوريا
تنظر محكمة النقض في باريس اليوم الثلاثاء، 3 أكتوبر 2023، في لائحة الاتهام الموجهة إلى شركة “لافارج” الفرنسية للإسمنت المتهمة بتعريض الموظفين السوريين للخطر والتواطؤ في جرائم ضد الإنسانية في سوريا.
وكانت شركة “لافارج” قد طعنت في لائحة الاتهام الصادرة ضدها، وتجدر الإشارة إلى أن الشركة التي أصبحت الآن تابعة لمجموعة “هولسيم” متهمة بدفع ملايين اليوروهات عامي 2013 و2014 عبر فرعها السوري “لافارج سيمنت سيريا” لجماعات إرهابية بينها تنظيم “داعش” ووسطاء، للسماح لمصنعها في سوريا بالعمل بمنطقة الجلابية، في وقت كانت فيه البلاد غارقة في أتون الحرب.
في حين أبقت “لافارج” موظفيها السوريين يعملون في المصنع حتى سبتمبر 2014 بينما أجلت موظفيها الأجانب في 2012، ونتيجة لذلك تعرض الموظفون السوريون في المصنع لمخاطر شتى بينها الابتزاز والاختطاف، حسب المستشار المقرّر خلال جلسة الاستماع أمام محكمة النقض.
كان فيلم استقصائي – بثته قناة الجزيرة في يونيو 2023 – بعض الأسرار المتعلقة بشركة “لافارج” (Lafarge) الفرنسية للإسمنت، خاصة علاقتها بالجماعات المسلحة في سوريا خلال الفترة من 2011 إلى 2014 وارتباطها بالدولة الفرنسية وتحديدا بالاستخبارات، بالإضافة إلى تجسسها على تنظيم الدولة الإسلامية لصالح المخابرات الغربية.
وتمكن فريق التحقيق من الحصول على آلاف الوثائق المتعلقة بقضية لافارج ومقابلة من كانوا على صلة بالموضوع من عملاء مخابرات ومسؤولين في هرم السلطة بفرنسا، حيث كشف هؤلاء عن أسرار وخبايا أريد لها أن تبقى طي الكتمان.
وأظهر الفيلم أن كبار المسؤولين في مصنع لافارج -الذي دشن عام 2010- قاموا ببناء شبكة تجسس في شمال سوريا، للحفاظ على مصالح شركتهم التجارية وفي الوقت نفسه تسريب معلومات غاية في السرية إلى أجهزة الاستخبارات الفرنسية وأجهزة أخرى أميركية وغربية، وهو ما يؤكده مدير الاستخبارات العسكرية الفرنسية (2017-2023) الجنرال كريستوف غومار في شهادته بقوله إن موظفي لافارج كانوا مصدرا مهما للمعلومات وأفادوا بلدهم فرنسا.
وقدمت “لافارج” للمخابرات الفرنسية شبكة جواسيس جاهزين كان على رأسهم مدير الأمن في المجموعة جون كلود فيار الذي قام برحلات مكوكية في شمال سوريا، المنطقة التي كانت بعض الأجهزة مهتمة بها.
كان كلود فيار يزود المسؤول الفرنسي في شركة لافارج بكل التفاصيل الدقيقة عن مقرات بعض الفصائل الجهادية وأسماء أفرادها وعناوينهم، وهي معلومات غاية في الأهمية والدقة كما يقول أحد المتحدثين في الفيلم.
كما كانت هناك شبكة تجسس أخرى في دبي عن طريق رجل أعمال سوري يدعى فراس طلاس (63 عاما) لديه أسهم في مصنع لافارج للإسمنت، وهو ابن وزير الدفاع السوري السابق مصطفى طلاس الذي هرب إلى باريس مع بداية الحرب بمباركة من السلطات الفرنسية.
وكان فراس -الذي يفتخر في حديثه بعلاقاته مع الاستخبارات الفرنسية- يسرب المعلومات عن كل الفصائل السورية المسلحة والمقاتلين الفرنسيين لدبلوماسي فرنسي في القنصلية الفرنسية بدبي.
ولم يكتف فريق فراس بالحصول على أسماء وأرقام هواتف مقابل الأموال التي يدفعها عند نقاط التفتيش، بل تمكن من اختراق معاقل التنظيمات المسيطرة هناك، واعترف في شهادته بأن لديه رجالا في كل الأراضي السورية يبعثون له المعلومات كل يوم، وأنه أرسل نسخا كثيرة من الفيديوهات لصالح المخابرات الخارجية الفرنسية.
وكان رجل الأعمال السوري يتقاضى مقابل ذلك 70 ألف دولار كل شهر يدفع منها لعملائه داخل سوريا.