تقرير لـ”دار الخدمات” يرصد الانتهاكات ضد العاملين في ظل كورونا: فصل وتسريح وخفض رواتب.. وهذه هي مقترحاتنا
التقرير: قرارات تعسفية لرجال الأعمال عصفت بالعمال ووظائفهم : فصل وتسريح جماعي ببعض الشركات وامتناع عن صرف المرتبات
توصيات : ضرورة تسهيل إجراءات تأسيس النقابات العمالية من قبل القوى العاملة باعتبارها الضامن لنجاح أى مفاوضات ثلاثية الأطراف
على الحكومة اتخاذ تدابير لتوسيع إعانات البطالة لتشمل العمال الذين يواجهون مشكلة فقدان الكسب بفعل البطالة الجزئية
كتب – أحمد سلامة
أصدرت دار الخدمات النقابية تقريرا حول أوضاع العمال المصريين في ظل التداعيات الاقتصادية والاجتماعية لتفشي “فيروس كورونا”، مشيرًا إلى أن حزمة القرارات والتدابير التي اتخذت لمواجهة الأزمة على المستويين “الاقتصادى والصحي” أدت إلى تداعيات اقتصادية واجتماعية أثرت على المجتمع؛ وفي القلب منه العاملين “بالقطاع الخاص والقطاع غير المنتظم”.
وقال التقرير إن “رجال الأعمال اتخذوا عددًا من القرارات والإجراءات التعسفية التي أودت بالعمال وعصفت بوظائفهم من فصل/تسريح جماعي للعمال ببعض الشركات أو الامتناع عن صرف المرتبات أو تخفيضها في الوقت الذي أرغموا العمال على العمل بنفس عدد الساعات المحددة لاحقًا متجاهلين في ذلك أي تدابير أوإجراءات احترازية أعلنت من قبل منظمة الصحة العالمية؛ منذ بدء انتشار الجائحة، وأكدت الحكومة المصرية عليها وفقًا لمعايير العمل الدولية وقانون العمل المصري”.
وأشار التقرير إلى أن الأزمة اتضحت بشكل كبير في “قطاع المهن الطبية” الذي يمثل خط الدفاع الأول لمواجهة الفيروس وحجر الزاوية الرئيسي في معركة العالم ضد الوباء الحالي، ومن ثم يعتبر الأطباء أكثر عرضة للعدوى ورغم ذلك جاءت معاناة قطاع المهن الطبية مضاعفة في ظل ضعف الإمكانات، وقلة المخصصات التي يحظى بها القطاع وعدم توفير الحماية الكافية لنقل العدوى وانتشارها.. ظهر ذلك بوضوح في أعداد الإصابات والوفيات من أطباء وممرضات ومسعفين وفنيين صحيين حيث غابت وسائل الحماية الأساسية من كمامات طبية ومعقمات داخل المستشفيات، والمراكز الصحية الحكومية إضافة إلى ضعف إجراءات التحاليل الدورية للكشف عن الإصابة بالفيروس وانتقال العدوى.
وحسب التقرير، فقد كشفت الأزمة أوضاع العمال بالقطاع غير الرسمي الذي يأتي حسب تقديرات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء بنحو 5.6 مليون عامل في مصر يعمل منهم نحو 277 ألف عامل يومية، و233 ألف عامل موسمي في داخل المنشآت الحكومية، يضاف إلى تلك الأعداد 609 آلاف عامل موسمي، و3.7 مليون عامل متقطع في القطاع الخاص، واجهوا جميعًا تحديات جمة، ترتبت على ما صدر من قرارات إغلاق محلات الترفيه والسياحة والأسواق أمام الباعة الجائلين، فضلًا عن المشكلة الأبدية الخاصة “بعاملات المنازل” التي تصاعدت مع بداية الجائحة حيث استغنت معظم الأسر المصرية عن أعمالهن خوفًا من انتقال العدوى، ذلك بالطبع دون مقابل مادي مؤكدًا للمرة المليون، هشاشة أوضاعهن القانونية والاجتماعية.
وأردف التقرير “هكذا كشفت أزمة فيروس كورونا الظروف المعيشية المتدهورة للقطاع غير الرسمي بكامله بدءًا من الفقر والبطالة والاعتماد على المساعدات الفردية، وصولًا إلى التكلفة الباهظة للحصول على الخدمات الصحية وانعدام الحماية القانونية، حيث إن أنظمة الضمانين الصحي والاجتماعي تغطي بخدماتها الفئات العاملة بالقطاع الرسمي دون سواها متغاضية عن حمایة هذا القطاع، ليس فقط وقت الأزمات والأوبئة لكن بشكل عام حتى ما قبل الأزمة المنصرمة، فما كانت أزمة فيروس كورونا إلا كاشفة فقط عن تدهور أوضاعهم /هن وانعدام أبسط أشكال الحماية، في الوقت ذاته صدر قرار وزاري رقم776 لسنة2020 ضمن عدد من القرارات التي أعلنت عنها الدولة لتشكيل لجنة تختص بتجميع بيانات العمالة المتضررة من التداعيات الاقتصادية، التي خلفها الفيروس، لكنه آثار حالة من الاضطراب، في ظل عدم تمكن الكثير من تسجيل بياناتهم، وعدم وضوح مَنْ هم المخاطبون وغير المخاطبين بهذا القرار”.
ورصد التقرير الكثير من الانتهاكات التي تعرض لها العاملين، سواء عمالة منتظمة أو غير منتظمة، بالإضافة إلى العاملين بالمهن الطبية وأعداد الوفيات والإصابات الناجمة عما تعرضوا له، بالإضافة إلى القرارات التي اتخذها عدد من رجال الأعمال ضد العمال طوال الفترة الماضية.
وشدد التقرير على أن ما نشهده الآن من ضعف قدرات المستشفيات المصرية، والإصابات المتكررة بين صفوف الفرق الطبية، هو نتيجة طبيعية لسياسات تخفيض المخصصات المالية من الموازنة العامة لقطاع الصحة، من أجل زيادة الإنفاق على قطاعات أخري،حيث كانت خلال السنة المالية الحالية 2.24%وهي أقل من نسبة الاستحقاق الدستوري،والتي نصت عليها المادة رقم (18) من الدستور المصري لعام 2014 على (… تلتزم الدولة بتخصيص نسبة من الانفاق الحكومي للصحة لا تقل عن 3% من الناتج القومي تتصاعد تدريجيًا حتى تتفق مع المعدلات العالمية).
ولفت التقرير إلى أن عدد العمالة غير المُنتظمة بالقطاع غير الرسمي، من خلال ماصُرح به من إحصاءات تقديرية لقوة العمل بالقطاع غير الرسمي الذي يضم “عمالة يومية وعمالة موسمية يقدر بنحو 55% من إجمالي القوى العاملة في مصر، معظمهم غير مسجل في السجلات الرسمية للدولة وهو ما حال دون انتفاعهم بالمنحة المقررة لهم والمقدرة بـ 500 جنيه شهريًا.. إضافة إلى عدم جاهزية البنية التحتية الإلكترونية لوزارة القوى العاملة لتنفيذ وتفعيل القرار، وبالتالي حرمان المستحقين له من تطبيقه، وعدم الاستفادة من المصدر الوحيد لمورد مالي يساهم في مواصلة تلبية الاحتياجات اليومية من مأكل فقط لهم ولأسرهم.
وفي قطاع السياحة، رصد التقرير العديد من الانتهاكات التي مارسها رجال الأعمال ضد العاملين، تمثلت في تخفيض أعداد العمالة ولجوئهم إلى التصفية الكاملة لأعداد كبيرة من العمال، إجبارهم على الإجازات المفتوحة غير مدفوعة الأجر، وإجبارهم على إجازات ممنوحة للعاملين تمدد وتحتسب من رصيد إجازاتهم، إضافة إلى تسريح عدد كبير.. كما رصد التقرير العديد من الاحتجاجات والاستغاثات التي أطلقها العاملون وأسرهم بعد تضررهم من إجراءات رجال الأعمال.
واستعرض التقرير في جداول أعدها فريق العمل أكثر من 80 واقعة تعدٍ وانتهاك ضد العمال وصلت إلى تسريحهم من أعمالهم.
وأصدر التقرير عدة توصيات على مختلف المستويات لتلافي التداعيات الاقتصادية وتأثيراتها على العاملين، من بينها ضرورة زيادة المخصصات المالية من الموازنة العامة لقطاع الصحة، حيث كانت خلال السنة المالية الحالية 2.24%وهي أقل من نسبة الاستحقاق الدستوري التي نصت المادة رقم (18) من الدستور المصري لعام 2014 عليها، مما يتطلب من الدولة تخصيص نسبة من الإنفاق الحكومي للصحة لا تقل عن 3% من الناتج القومي تتصاعد تدريجيًّا حتى تتفق مع المعدلات العالمية.
كما طالب التقرير بوضع تصور شامل بالتعاون مع نقابة الأطباء لحل مشكلة النقص في أعداد الأطباء نتيجة الهجرة، زيادة بدل المهن الطبية التي صدر بها قرارأثناء أزمة وباء كورونا، وكذلك تفعيله، حيث إنه صدر ولم يتم العمل به حتى 15/9/2020 لجميع الأطقم الطبية المتعاملة بشكل مباشر مع الحالات المرضية، كذلك تحسين وتطوير إمكانات المستشفيات الحكومية والتابعة للتأمين الصحي وتزويدها بالإمكانات والإسعافات الطبية اللازمة لمواجهة الأزمات، واستبعاد من هم فوق سن الخمسين، وأصحاب الأمراض المزمنة والحوامل، من التعامل في مع المصابين أثناء فترات الأوبئة.
وفي إطار التوصيات الخاصة بتشريعات علاقات العمل، ذكر التقرير أن الأزمة الحالية أظهرت قصورًا في تشريعات علاقات العمل وانعدام الأمان الوظيفي، مطالبًا بتفعيل المواد من 196 إلى 199 من قانون العمل رقم 12 لسنة 2003، حيث يتعين على صاحب العمل أن يتقدم بطلب إغلاق المنشأة أو تقليص حجمها أو نشاطها –إذا كان ذلك يمس حجم العمالة بها- إلى اللجنة المشكلة لهذا الغرض والصادر بتشكيلها قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 984 لسنة 2003، ويتضمن الطلب الأسباب التي يستند إليها، وأعداد وفئات العمال الذين يتم الاستغناء عنهم. حيث تبحث هذه اللجنة جدية الضرورات الاقتصادية التي تدعو إلى ذلك، وفرص التغلب عليها، وفي ظل الأزمة الراهنة يتوجب بحث إمكانية الاستمرار مع بعض الخسائر المحتملة، وإمكانات تعديل النشاط الاقتصادي لبعض الوقت، وفي أحوال طلب الإغلاق الجزئي بحث إمكانات التدريب التحويلي للعمال، وفي حالات الإفلاس أو التصفية ينبغي أن تباشر وزارة القوى العاملة اقتضاء حقوق عمال المنشأة واستيفائها.
وجدد التقرير المطالبة بضرورة تعديل مشروع قانون العمل بما يكفل عدم استبعاد العاملات بالمنازل من نطاق سريانه، حيث يمكن استثناء هذه الأعمال من أحكام باب تفتيش العمل والضبطية القضائية دون أن نحرم هؤلاء العمال والعاملات من حماية حقوقهم في شأن الأجور وساعات العمل والإجازات، وكذلك شمولهم بالمظلة التأمينية.
وشدد التقرير على ضرورة تمكين العمالة غير المنتظمة من تكوين منظمات نقابية فاعلة تدافع عن حقوقهم وتتبنى مطالبهم، وتطوير آليات قيد العمالة غير المنتظمة؛ حيث يلتزم أصحاب العمل بإمساك دفاتر يومية يقيد بها العاملون، كما يلتزمون بتقديم أسماء العمال المؤمن عليهم مع الاشتراكات التأمينية التي يقومون بسدادها، مع توفير أنظمة الضمانين الصحي والاجتماعي، التي لايستفيد منها إلا العاملون في القطاع الاقتصادي الرسمي، دون أن تغطي القطاع الاقتصادي غير الرسمي مثل “تأمين الشيخوخة والعجز والوفاة والمرض وإصابات العمل”.
كما أصدر التقرير عدة توصيات خاصة بسياسات الدولة أبرزها تسهيل إجراءات تأسيس النقابات العمالية من قبل وزارة القوى العاملة لأنها هى الضامن لنجاح أى مفاوضات ثلاثية الأطراف، وتفعيل دور وزارة القوى العاملة في إعداد دورات تدريبية للعمال، كلٌ في مهنته، لتنمية مهاراتهم العملية والفنية، في ظل هذه الدورات التدريبية لابد من وجود حافز تشجيعي لهم لكى يواظبوا عليها من ناحية ولكى يتعاملوا معها على أنها نقلة نوعية في حياتهم العملية.
وأشار التقرير إلى أن تجربة العمل المرن عبر وسائل المواقع الإلكترونية أثبتت نجاحها في العديد من القطاعات التي كانت أبرزها الاتصالات ومواقع البيع الإلكترونى والشبكات الإلكترونية، وهو ما يجعل ضرورة العمل على تطوير البنية التحتية لشبكات الاتصالات.
كما شدد على ضرورة اتخاذ الحكومة تدابير لتوسيع إعانات البطالة لتشمل العمال الذين يواجهون مشكلة فقدان الكسب بفعل البطالة الجزئية، خاصة في حالات الخفض المؤقت في ساعات العمل، أو وقف الكسب أو نقصه بسبب وقف مؤقت للعمل، إلزام أصحاب الشركات الذين يتخذون قرارًا بتخفيض العمالة لأسباب ذات طابع اقتصادي أو هيكلي أو ما يشابهما بتعويض العامل تعويضًا عادلًا، كما تنص عليه اتفاقية إنهاءالاستخدام، (رقم 166) لسنة 1982 .