تقرير حماية الصحفيين يرصد تراجع أوضاع الحريات الصحفية بالعالم: مقتل ٢٤ صحفيا والصين الأولى عالميًا في حبس الصحفيين ومصر الثالثة (السجن ثمة المستبدين)
التقرير: أوضاع الحريات الصحفية تراجعت رغم تناقص أعداد الصحفيين المحتجزين في العالم
تراجع عددٍ الصحفيين المحبوسين في تركيا والسعودية لا يدل على تحسين مناخ حرية الصحافة بل تنويع أساليب الرقابة والحجب
اللجنة: الصحفيون السجناء في العالم بلغوا 293 صحفياً بينهم 50 في الصين و26 بميانمار و25 بمصر و23 بفيتنام
مدير حماية الصحفيين: الحكومات عازمة على فرض سيطرتها على المعلومات وإدارتها.. وسجن الصحفيين سمة للأنظمة المستبدة
سايمون: تركيا وأريتريا والسعودية وروسيا وإيران ضمن الدول العشر التي تسجن الصحفيين وتستخدم قوانين الأمن والتكنولوجيا لخنق المعارضة
كتب: عب الرحمن بدر
رصد تقرير حماية الصحفيين تراجع أوضاع الحريات الصحفية في العالم، وذكر التقرير أن مصر جاءت في الترتيب الثالث عالميا على قائمة الدول التي تحتجز أكبر عدد من الصحفيين، حيث بلغ عدد الصحفيين السجناء فيها 25 صحفياً في عام 2021.
وذكرت اللجنة الدولية، في تقريرها الذي يتزامن مع اليوم العالمي لحقوق الإنسان أن الصين تظل هي البلد الذي يسجن أكبر عدد من الصحفيين، وذلك للسنة الثالثة على التوالي، إذ يقبع في سجونها 50 صحفياً. وتقدمت ميانمار إلى المرتبة الثانية بعد حملة قمع ضد الإعلام تلت الانقلاب العسكري الذي جرى في فبراير، واحتل كل من مصر وفيتنام وبيلاروس المراتب الثالثة والرابعة والخامسة، على التوالي.
وتابعت أنه بلغ عدد الصحفيين السجناء في العالم مستوى قياسياً في عام 2021 ووصل إلى 293 صحفياً سجينًا، إذ تعكس الاضطرابات السياسية وحملات القمع ضد الإعلام زيادة في عدم التسامح مع التغطية الصحفية المستقلة في العالم، وفي الوقت نفسه، استمر استهداف الصحفيين بالقتل، فقد وثّقت لجنة حماية الصحفيين مقتل 24 صحفياً في إحصائها السنوي للصحفيين السجناء واستطلاعها بشأن الاعتداءات على الصحافة.
وبحسب اللجنة استمرت الصين في تصدُّر قائمة الدول التي تسجن أكبر عدد من الصحفيين، إذ وثق إحصاء الصحفيين السجناء الذي تعده لجنة حماية الصحفيين حالات 50 صحفياً سجيناً في الوقت الذي يستعد فيه البلد لاستضافة الألعاب الأولمبية الشتوية في بيجين في فبراير 2022. ويتبعها ميانمار (26)، والتي اعتقلت عشرات الصحفيين في موجة من القمع بعد الانقلاب العسكري في 1 فبراير، ثم مصر (25)، ثم فيتنام (23)، ثم بيلاروس (19). وللمرة الأولى يتضمن إحصاء لجنة حماية الصحفيين حالات صحفيين سجناء في هونج كونج، من قبيل مؤسس صحيفة أبل ديلي، جيمي لاي، الحائز على جائزة جوين آيفل لحرية الصحافة التي تقدمها لجنة حماية الصحفيين، في عام 2021. وفي إثيوبيا، أثارت الحرب الأهلية المتصاعدة وضع قيود جديدة على الإعلام، مما جعل البلد يحتل القائمة الثانية من حيث عدد الصحفيين المحتجزين في منطقة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وذلك بعد أريتريا.
وقال المدير التنفيذي للجنة حماية الصحفيين، جويل سايمون: “هذه هي السنة السادسة على التوالي التي توثق فيها لجنة حماية الصحفيين عدداً قياسياً من الصحفيين السجناء في العالم، وهذا العدد يعكس تحديين لا ينفصمان – فالحكومات عازمة على فرض سيطرتها على المعلومات وإدارتها، وهي تجاهر على نحو متزايد بشأن جهودها في هذا المجال.
وتابع: سجن الصحفيين بسبب قيامهم بتغطية الأخبار هو سمة للأنظمة المستبدة، ومن المزعج أن نرى العديد من البلدان تظهر على القائمة سنة تلو الأخرى، ولكن من المفزع بصفة خاصة أن ميانمار وإثيوبيا قد أقفلتا الباب بوحشية أمام حرية الصحافة.
وأضاف: أما سائر الدول التي ظهر على قائمة الدول العشر التي تسجن أكبر عدد من الصحفيين، فهي تركيا، وأريتريا، والسعودية، وروسيا، وإيران، حيث يلجأ قادة هذه البلدان بصفة روتينية إلى استخدام قوانين الأمن والتكنولوجيا كسلاح لخنق المعارضة ومواصلة انتهاك المعايير الدولية دون أية عواقب.
وبحسب تقرير لجنة حماية الصحفيين ظلت الاتهامات المتعلقة بمناهضة الدولة هي الأكثر شيوعاً على المستوى العالمي، ولكن وثقت لجنة حماية الصحفيين في هذه السنة حالات ما لا يقل عن 17 صحفياً سجيناً اتُهموا بارتكاب جرائم رقمية، والتي يمكن أن تؤدي في بعض الحالات إلى ملاحقة جنائية بسبب أي شيء يُنشر أو يُوزع على شبكة الإنترنت.
وفي أوروبا، قامت سلطات بيلاروس بتحويل مسار رحلة طائرة تجارية لاعتقال الصحفي رامان براتسايفيتش، وهي تحتجز 19 صحفياً حالياً، وهو أعلى رقم يسجله هذا البلد منذ أن بدأت لجنة حماية الصحفيين بالاحتفاظ ببيانات حول الصحفيين السجناء في عام 1992. وفي أمريكا اللاتينية، والتي ظلت تاريخياً تشهد أعداداً أقل من الصحفيين السجناء، كان يُحتجز فيها صحفيون في كوبا (3)، ونيكاراغوا (2)، والبرازيل (1)، كما تزايدت التهديدات ضد حرية الصحافة في المنطقة برمتها.
وذكرت اللجنة أنه لم يكن يوجد أي صحفي سجين في أمريكا الشمالية في وقت إعداد الإحصاء. مع ذلك، سجلت منظمة ’متتبّع حرية الصحافة في الولايات المتحدة‘، وهي منظمة شريكة للجنة حماية الصحفيين، 56 حالة اعتقال واحتجاز لصحفيين في جميع أنحاء الولايات المتحدة في عام 2021، وقد حدث أغلبها أثناء تغطية تظاهرات.
وتابع البيان: في حين انحرفت بعض الدول، من قبيل تركيا والسعودية، عن المسار المتوقع حيث تناقص عدد الصحفيين المحتجزين فيها، إلا أن ذلك لا يدل على تحسين مناخ حرية الصحافة، بل يشير إلى تنويع أساليب الرقابة إذ تستخدم السلطات أساليب من قبيل الرقابة على الإنترنت وحجب المواقع، إضافة إلى الإفراج المشروط عن الصحفيين الذي يتنافى مع مفهوم الحرية.
وعلى صعيد العالم، سجلت الهند أعلى عدد من الصحفيين – أربعة – الذين تأكد أنهم قُتلوا انتقاماً منهم على عملهم. وقُتل صحفي آخر بينما كان يغطي تظاهرات، وظلت المكسيك البلد الأشد فتكاً بالصحفيين في النصف الغربي من الكرة الأرضية، إذ شهدت مقتل ثلاثة صحفيين بسبب عملهم، وثمة ست جرائم قتل أخرى لا تزال قيد التحقيق لتحديد دوافعها،حسب البيان.
وذكرت لجنة حماية الصحفيين أنه من بين الصحفيين الذين توفوا في العالم هذه السنة، كان حوالي 80% منه قد قُتلوا، مؤكدة أنه في الأنظمة الديمقراطية والأنظمة الاستبدادية على حد سواء، تستمر حلقة الإفلات من العقاب، مما يمثل رسالة مخيفة بأن مرتكبي هذه الجرائم لن يخضعوا للمساءلة.
وتابعت أنه انعقد في هذا الأسبوع اجتماع قمة الديمقراطية، وهو مشروع جديد في السياسة الخارجية للولايات المتحدة، وتضمّن مشاركة ما لا يقل عن 7 من البلدان التي تظهر على إحصاء لجنة حماية الصحفيين، والعديد منها له سجل في الإفلات من العقاب، بما في ذلك البرازيل والهند والعراق والفلبين، وتواصل سلطات الفلبين الانتقام مع الصحفيين المستقلين، من قبيل الصحفية ماريا ريسا الحائزة على جائزة نوبل للسلام لهذا العام، ووجهت إليها السلطات تهمة ملفة أخرى في هذا الأسبوع.
وأضاف البيان: رغم هذه الصورة القاتمة التي يعرضها التقرير، تواصل لجنة حماية الصحفيين الكفاح ضد الرقابة، وساهمت أنشطة المناصرة التي تبذلها اللجنة في الإفراج المبكر عن 100 صحفي سجين في العالم على الأقل في عام 2021 ومؤخراً، وفي إطار حملة عالم أكثر أمناً من أجل الحقيقة، أطلقت لجنة حماية الصحفيين وشركاؤها محكمة الشعوب لمعالجة قضية الإفلات من العقاب في جرائم قتل الصحفيين. وتعتمد هذه المحكمة، وهي نوع من أنواع العدالة الشعبية، على تحقيقات وتحليلات قانونية ذات جودة عالية، وشملت قضايا محددة بغية توفير إطار للعدالة والمساءلة.
وقالت لجنة حماية الصحفيين إن ما لا يقل عن 24 صحفيا قتلوا بسبب تغطية الأحداث في حين توفي 18 آخرين في ظروف تجعل من الصعب للغاية تحديد إن كان ذلك نتج عن استهدافهم بسبب عملهم.
وذكرت اللجنة التي تتخذ من الولايات المتحدة مقرا لها، أن أسباب سجن الصحفيين تختلف من بلد لآخر، لكن هذا العدد القياسي يعكس الاضطرابات السياسية في أنحاء العالم وتنامي التعصب ضد التغطية الصحفية المستقلة.
ومن بين الصحفيين الذين قتلوا في 2021 دانيش صديقي، المصور لدى رويترز الذي لقي مصرعه في هجوم نفذته حركة طالبان في أفغانستان في يوليو وجوستافو سانتشيث كابريرا الذي قتل بالرصاص في المكسيك في يونيو.
وقالت اللجنة إن الصين كانت الأعلى في عدد الصحفيين المسجونين في 2021 إذ أودعت 50 صحفيا السجون تليها ميانمار التي سجنت 26 صحفيا ضمن حملة استهدفت الصحفيين بعد انقلاب أول فبراير العسكري ثم مصر وسجنت 25 صحفيا وبعدها فيتنام التي سجنت 23 وروسيا البيضاء وبلغ عدد الصحفيين المسجونين بها 19.
ولفتت اللجنة إلى أن إحصاء الصحفيين السجناء الذي تعده لجنة حماية الصحفيين يقدم لمحة عامة عن الصحفيين المحتجزين في تمام الساعة 12:01 صباحاً يوم 1 ديسمبر 2021. ولا يشمل الإحصاء الصحفيين العديدين الذين احتجزوا وأفرج عنهم على امتداد العام.