تداعيات جريمة “شرطة الأخلاق” الإيرانية.. قتيلان و10 جرحى ومئات الاعتقالات خلال قمع المتضامنين مع مهسا أميني.. ورقعة الاحتجاجات تتسع
إندبندنت عربية
تصاعدت وتيرة الإدانة الدولية والمحلية تجاه “شرطة الأخلاق” الإيرانية التي تثير أفعالها الجدل بعد تظاهرات في مدن إيرانية عدة احتجاجاً على وفاة شابة بعد توقيفها واتساع رقعة الاحتجاجات إثر ذلك، خصوصا وأن التظاهرات انتقلت إلى “بازار طهران” الذي يعد المحرك التاريخي للاحتجاجات في البلاد، حيث واجهت قوات الأمن المتظاهرين بالعنف، الأمر الذي أثار حفيظة الأمم المتحدة ونددت به واشنطن وفرنسا، كما انتقد برلماني إيراني في موقف غير معتاد تجاوزات الشرطة أثناء الاحتجاجات، في وقت اتهم محافظ طهران محسن منصوري متظاهرين بمهاجمة الشرطة وتدمير ممتلكات عامة خلال الاحتجاجات
وقال النائب جلال رشيدي كوشي لوكالة أنباء “إسنا” الإيرانية، اليوم الثلاثاء 20 سبتمبر (أيلول) الحالي، إن الشرطة “لا تحقق أية نتيجة سوى إلحاق الضرر بالبلاد”، مضيفاً “المشكلة الرئيسة تكمن في أن بعض الأشخاص لا يريدون رؤية الحقيقة”. وتساءل “هل يستعيد الأشخاص الذين تقودهم شرطة التوجيه هذه إلى جلسات توضيح إدراكهم ويتوبون عندما يخرجون؟”
من جانبها ترى الشرطة أنها تصطحب الفتيات اللاتي يخالفن اللباس الإسلامي لتشرح لهن ضرورة الالتزام بقواعد اللباس في الإسلام، فيما تأتي مواقف رشيدي غداة تظاهرات في إيران عقب وفاة مهسا أميني، البالغة من العمر 22 سنة، يوم الجمعة الماضي في مستشفى بعد ثلاثة أيام من دخولها في غيبوبة. وأوقفت “شرطة الأخلاق” أميني في طهران في 13 سبتمبر
وكالة أنباء “فارس” ذكرت أن الشرطة أوقفت وفرقت متظاهرين، أمس الإثنين في طهران “بواسطة الهراوات والغاز المسيل للدموع”. وأفادت بأن “مئات الأشخاص رددوا هتافات ضد السلطات”، مشيرة إلى أن بعض النساء “خلعن حجابهن”
على الصعيد ذاته، اعتبر محافظ طهران محسن منصوري عبر حسابه على “تويتر”، الثلاثاء أن التجمعات في طهران “نظمت بهدف خلق اضطرابات”
ووفقا لـ”رويترز”، قال محافظ طهران في تغريدة الليلة الماضية “العناصر الرئيسة لتجمعات الليلة في طهران كانت منظمة ومدربة ومخطط لها بشكل كامل لإحداث اضطرابات في طهران”، وأضاف “حرق العلم وسكب الديزل على الطرقات وإلقاء الحجارة ومهاجمة الشرطة وإضرام النار في الدراجات النارية وصناديق القمامة وإتلاف الممتلكات العامة. ليس من عمل الناس العاديين”
وتدخلت الأمم المتحدة على خط التظاهرات، وأعربت عن “قلقها” حيال “رد قوات الأمن العنيف” ضد المحتجين على وفاة مهسا أميني وعلى هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
وجاء في بيان لمفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان اليوم الثلاثاء أن “المفوضة السامية لحقوق الإنسان بالإنابة ندى الناشف أعربت عن قلقها حيال وفاة مهسا أميني في الحجز، بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق الإيرانية تطبيقاً لقواعد الحجاب الصارمة، وحيال رد قوات الأمن العنيف على المتظاهرين” احتجاجاً على الوفاة
وطالبت الولايات المتحدة أمس بمحاسبة المسؤولين قائلة إن “وفاة مهسا أميني بعد إصابتها بجروح أثناء احتجازها لدى الشرطة لوضعها حجاباً (وصف بأنه غير لائق) يعد إهانة مروعة وشنيعة لحقوق الإنسان، كما نددت فرنسا باعتقالها “والعنف الذي تسبب في الوفاة”
وتحدثت وكالة الأنباء الإيرانية “إرنا” عن تظاهرات في مقاطعات أخرى بينها كردستان في غرب البلاد مسقط رأس الشابة التي توفيت، وغيلان في الشمال ورازافي خوراسان في الشمال الشرقي ويزد في الوسط
وأججت وفاة أميني النداءات المطالبة بالحد من صلاحية “شرطة الأخلاق” التي تفرض على النساء في إيران قيوداً مشددة على اللباس ومنها إلزامية تغطية الشعر
وتوفيت مهسا أميني (22 سنة) بعد أن دخلت في غيبوبة في أعقاب إلقاء شرطة الأخلاق القبض عليها في طهران الأسبوع الماضي، بسبب “زيها غير المناسب”، الأمر الذي أثار غضباً في أنحاء البلاد واحتجاجات في عديد من المناطق منها العاصمة
واتسع نطاق الاحتجاجات أمس الاثنين، وكانت أشدها في المنطقة الكردية. وأعلنت منظمة هنكاو الكردية لحقوق الإنسان أن 13 مدينة شهدت احتجاجات الإثنين، وجرى اعتقال 250 شخصاً”.
وذكرت المنظمة أسماء ثلاثة أشخاص قالت إنهم قتلوا خلال تظاهرات في ثلاث مدن مختلفة، بينها مدينة سقز مسقط رأس مهسا أميني، وأعلنت أن شخصاً تم تحديده سابقاً بأنه متوفى اتضح أنه مصاب فقط في الحقيقة، ولم يتسن التحقق بشكل مستقل من النبأ، كما لم يرد تأكيد رسمي في شأن القتلى
وذكر موقع “كوردبويا” الذي ينشر تفاصيل الاحتجاجات في كردستان أن اثنين من المحتجين قتلا برصاص الأمن، فيما جرح 10 أشخاص في مدينة سنندج
وشهدت مدن أخرى منها أشنويه وبوكان وبيرانشهر ومهاباد احتجاجات ضد السلطات، كما هتف المحتجون بشعارات ضد النظام ومرشد الجمهورية علي خامنئي. ومن الشعارات التي أطلقها المحتجون “الموت للديكتاتور” و”على رجال الدين الرحيل” و”الموت لخامنئي” و”المرأة والحياة والحرية”
وخرجت التظاهرات الأكثر كثافة وشدة من إقليم كردستان الإيراني الذي أخمدت فيه السلطات من قبل اضطرابات بين الأقلية الكردية، وأظهر مقطع فيديو بثته مجموعة “هينجاو” الحقوقية الكردية عبر “تويتر” الإثنين محتجين يرشقون قوات الأمن بالحجارة في مدينة ديواندره في كردستان
وذكر حساب إيراني على “تويتر” يركز على الاحتجاجات في البلاد ويحظى بمتابعة واسعة، أن أصحاب المتاجر نظموا كذلك إضراباً في مدن كردية.
وأثارت وفاة مهسا أميني تنديدات على مستوى البلاد، واستخدم وسم #مهسا_أميني باللغة الفارسية في أكثر من ثلاثة ملايين تغريدة على “تويتر”، وأظهرت مقاطع فيديو نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي تظاهرات في عديد من المدن، ظهر فيها نساء يلوحن بأغطية رؤوسهن ومتظاهرون يواجهون قوات الأمن
وفي أحد الاحتجاجات الكبيرة بطهران، صرخ حشد من المتظاهرين يرتدون ملابس سوداء “أين أنت يا يوم نكون فيه مسلحين”، بحسب مقطع فيديو نشره حساب (تصوير1500) على “تويتر”، الذي ينشر لقطات يقول إنه يتلقاها من الجمهور. ولدى هذا الحساب 70 ألف متابع، وأظهر فيديو آخر من طهران سيارات شرطة نوافذها مهشمة بينما تطلق سيارة قريبة لقوات الأمن خراطيم مياه صوب محتجين.
وقال نائب قائد الشرطة في مقاطعة جيلان بشمال إيران إن الشرطة اعتقلت 22 متظاهراً بتهمة إتلاف ممتلكات عامة، وكررت الشرطة الإيرانية أن مهسا أميني أصيبت بوعكة صحية بينما كانت تنتظر مع أخريات في مركز شرطة الأخلاق الذي نقلت إليه. وهو ما نفاه والدها مراراً بقوله، “إن ابنته لم تكن تعاني مشكلات صحية وإن الكدمات كانت ظاهرة على قدمها”، محملاً الشرطة مسؤولية وفاتها
وقال قائد شرطة طهران حسين رحيمي إنه تم توجيه “اتهامات جبانة” إلى الشرطة الإيرانية، وإن أميني لم تتعرض لأذى جسدي، وإن الشرطة “فعلت كل شيء” لإنقاذ حياتها، وأضاف في بيان نقلته وكالة أنباء “فارس” أن “هذه الحادثة مؤسفة بالنسبة إلينا، ونتمنى ألا نشهد مثل هذه الحوادث أبداً”
وقد تؤدي وفاة أميني إلى تصعيد التوتر بين المؤسسة الأمنية والشعب الكردي الذي يتراوح عدده بين ثمانية و10 ملايين نسمة، وكان الحرس الثوري الإيراني استطاع إخماد اضطرابات داخل المناطق الكردية في البلاد على مدى عقود. كما يصدر القضاء كثيراً من الأحكام بالسجن لفترات طويلة أو حتى بالإعدام على كثير من النشطاء فيه.
وواجهت شرطة الأخلاق خلال الأشهر الأخيرة انتقادات بسبب استخدامها العنف في تدخلاتها، وأعرب عديد من صانعي الأفلام والفنانين والرياضيين والشخصيات السياسية والدينية عن غضبهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي بعد وفاة الشابة. ودعا الرئيس الإيراني السابق وزعيم التيار الإصلاحي محمد خاتمي السلطات إلى “تقديم مرتكبي هذا العمل إلى العدالة”، وفيما تعلن جماعات حقوقية أن الأقلية الكردية تتعرض للقمع والاضطهاد منذ فترة طويلة على يد القيادة الإيرانية تنفي السلطة ذلك.