تحت تهديد الفيروس.. ماذا فعلت إفريقيا لمواجهة كورونا؟.. يتنقل بشكل سريع والقدرة على التشخيص ضعيفة
تتزايد أعداد المصابين بفيروس كورونا في القارة الإفريقية يوما بعد يوم، فيما لا تتوفر دول القارة السمراء على أنظمة صحية قادرة على مواجهة هذا الوباء الفتاك. وللتقليل من مخاطر انتشاره، أقدمت العديد من هذه الدول على غلق حدودها وتعليق الرحلات الجوية.
وقال إريك دو لابورت، مدير وحدة الأمراض المعدية في معهد البحوث والتطوير بمدينة مونبولييه الفرنسية: “كنا نعتقد أن العدوى ستنتقل إلى إفريقيا عن طريق العمال الصينيين. لكن نلاحظ اليوم أن الحالات المشخصة أتت من أوروبا”، بحسب “فرانس 24”.
بعد أكثر من شهر من ظهور أول إصابة بفيروس كورونا بإفريقيا وبالتحديد في مصر، بلغ العدد الإجمالي للإصابات لغاية 21 مارس الجاري 1100 إصابة، فيما يقدر عدد الوفيات بـ26 وفاة تتوزع على 40 بلدا، حسب الحصيلة التي نشرها المركز الإفريقي للوقاية ولمكافحة الأمراض.
وتعتبر دول المغرب الكبير مع مصر من ضمن الدول الأكثر إصابة بفيروس كورونا حسب الإحصائيات الأخيرة المتوفرة. فيما تأتي جنوب إفريقيا في طليعة الدول التي سجلت أكبر عدد من الإصابات (200 حالة) على مستوى منطقة جنوب الصحراء الكبرى.
وحسب تقرير نشره مركز العمليات للاستجابة للطوارئ الصحية في 21 مارس، تم تسجيل وفاة شخصين في بوركينا فاسو وإصابة أربعة وزراء بالفيروس في نفس البلد الذي وصل العدد الإجمالي للمصابين فيه إلى 64 حالة. كما يعد أيضا البلد الذي سجل أول حالة وفاة لمصابي فيروس كورونا في منطقة الساحل.
لا تعبر عن الحقيقة؟
وإذا كانت هذه الأرقام متواضعة لغاية الآن مقارنة بما يحدث في الصين وإيطاليا وفرنسا، فهي لا “تعبر عن الحقيقة” حسب إريك دو لابورت، مدير وحدة الأمراض المعدية في معهد البحوث والتطوير بمدينة مونبولييه (شرق غرب فرنسا).
وقال في حوار مع فرانس24: “عدد الأشخاص الذين تم تشخيصهم لا يعكس الحقيقة. الفيروس يتنقل حاليا بشكل سريع، لكن عدد الأشخاص الذين تم تشخصيهم قليل كون أن غالبيتهم لا يظهرون أعراضا مرضية خطيرة”.
وأضاف هذا المتخصص في الأمراض المعدية إن “معظم الإصابات في إفريقيا مصدرها أوروبا. كنا نعتقد أن العدوى ستنتقل إلى إفريقيا عن طريق العمال الصينيين. لكن نلاحظ اليوم أن الحالات المشخصة أتت من أوروبا”.
وإلى ذلك، أعلن السنغال في بداية الشهر الحالي عن وقوع إصابة واحدة بفيروس كورونا، لكن هذا العدد ارتفع إلى 38 إصابة في غضون عشرين يوما، في حين لم يتم تسجيل أية حالة وفاة واحدة حتى في مدينة توبا التي تعتبر المركز الذي تفشى فيها الوباء.
وللحيلولة دون تفشي الفيروس، اتخذت الحكومة السنغالية إجراءات صارمة كغلق الحدود وتعليق الرحلات الجوية باستثناء طائرات الشحن والرحلات الطبية، فضلا عن غلق المدارس والجامعات والمساجد.
أما رواندا التي بلغ عدد المصابين فيها 17 شخصا، فلقد قامت السبت بخطوة إضافية في مكافحة الوباء. فقد أعلنت الحكومة منع التنقلات غير الضرورية والزيارات خارج المنزل، باستثناء الخروج للتسوق أو للعلاج أو للتوجه إلى المصارف.
هذا، وبعد رصد إصابة رابعة، أعلنت الكونجو برازافيل أيضا “الإغلاق الفوري وحتى إشعار آخر لكل الحدود”. وأغلقت أنجولا التي أعلنت عن أول إصابتين السبت، حدودها مع جمهورية الكونجو الديمقراطية.
غلق الحدود كوسيلة لوقف انتشار الفيروس
تدابير مماثلة اتخذها أيضا بوركينا فاسو حيث قرر فرض حظر التجوال من الساعة السابعة مساء لغاية الخامسة صباحا وغلق جميع الحدود الجوية. وهو الإجراء نفسه الذي اتخذته الحكومة التونسية التي فرضت حجرا صحيا في المنازل من السادسة صباحا لغاية السادسة مساء، إضافة إلى فرض حظر التجوال من السادسة مساء لغاية نفس الساعة صباحا.
أما في بنين الذي لم يسجل لغاية الآن سوى إصابتين بفيروس كورونا، فقد قامت الحكومة بتجهيز 10 آلاف غرفة فندقية لاستقبال المرضى المحتملين مع إمكانية وضعهم قيد الحجر الصحي في هذه الغرف. وتجدر الإشارة إلى أن هذا البلد لم يغلق لغاية الآن حدوده كبعض الدول الإفريقية الأخرى.
وإلى ذلك، حذر ميشال ياو، مسؤول العمليات الاستعجالية في إفريقيا لدى منظمة الصحة العالمية، من عواقب غلق الحدود بشكل مفرط لأن هذا “سيعيق تنقل الأخصائيين في مجال الأمراض المعدية” حسب تعبيره.
وقال في تصريح للإذاعة الفرنسية الدولية ” نتفهم جيدا ضرورة وضع الناس قيد الحجر الصحي والمراقبة، لكن أصبح الآن من الصعب أن يتنقل المتخصصون الأوروبيون في مجال الأوبئة من بلد إلى آخر. كما يصعب أيضا لبعض أخصائي المنطقة (القارة الإفريقية) التنقل فيها”.
نقص حاد للآلات التي تساعد على التنفس
ودعا المسؤول في منظمة الصحة العالمية إلى “فتح ممر إنساني لتسهيل إيصال المعدات الطبية والأدوية الضرورية لمكافحة فيروس كورونا، مثل آلات التنفس الاصطناعي”.
وواصل أن “تقديم الرعاية الصحية للمصابين بفيروس كورونا المستجد، ترتكز أساسا على الإنعاش التنفسي. لذا سنواجه دون شك مشكلا حادا في نقص المعدات التي تساعد على التنفس. بعض الأرقام تشير إلى أن مدنا إفريقية كبيرة لا تمتلك سوى 50 آلة للتنفس. ففي حال ارتفاع العدوى، كما هو الحال في الغرب، فسنواجه دون شك مشاكل جمة في تقديم الإسعافات الصحية للمصابين”.
وأنهى بنوع من التفاؤل “إذا ثبت أن مادتي الكلوروكين والنفاكين تشفيان المصابين بفيروس كورونا، أو على الأقل تؤثران بشكل إيجابي على عافيتهم، فهذا سيفتح آمالا كبيرة في إفريقيا كون هاتين المادتين متوفرتان في الأسواق، ويجري استخدامها منذ زمن بعيد في إفريقيا لمعالجة المرضى المصابين بحمى المستنقعات”.