تحالف دولي قيد التشكّل لتسريع نهاية إنتاج ؤوالغاز والوفاء باتفاقية باريس
مونت كارلو
قال وزراء وأظهرت وثائق أن الدنمارك وكوستاريكا تسعيان إلى تشكيل تحالف من الدول الراغبة في تحديد موعد لإنهاء تدريجي لإنتاج النفط والغاز والتوقف عن منح تصاريح لأعمال تنقيب جديدة.
ويعد حرق الوقود الأحفوري هو المصدر الرئيسي لانبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري التي يرفع درجات الحرارة على الكوكب، لكن لا يوجد حتى الآن أي إجراء حكومي جماعي باتجاه وقف إنتاج النفط والغاز. وقالت مسودة لقواعد التحالف “تقييد إنتاج النفط والغاز المحلي بما يتماشى مع ما هو مطلوب للوفاء بأهداف اتفاقية باريس سيكون التركيز الأساسي لبوجا”، في إشارة إلى اسم المجموعة، وهو تحالف ما بعد النفط والغاز (بوجا).
يتحرك القطاع والحكومات ببطء شديد نحو الوفاء بهدف اتفاقية باريس لتقييد الزيادة في درجات الحرارة عند 1.5 درجة مئوية (2.7 درجة فهرنهايت)، وهو ما يقول علماء إنه يتطلب من العالم الوصول بصافي الانبعاثات إلى الصفر بحلول 2050. وقالت وكالة الطاقة الدولية إنه ينبغي ألا تكون هناك استثمارات جديدة في مشاريع إمدادات الوقود الأحفوري في أي مكان في العالم إذا كان لأهداف اتفاقية باريس أن تتحقق.
وقالت مسودة الوثيقة التي اطلعت عليها رويترز إن المهمة الأساسية لبوجا ستكون تحديد موعد نهائي للدول النامية والمتقدمة للإنهاء التدريجي لإنتاج النفط والغاز الحالي بما يتوافق مع أهداف باريس. وقالت المسودة إنه لكي تحصل دولة على العضوية الكاملة في التحالف يجب أن تتعهد بإنهاء جولات التراخيص الجديدة لإنتاج النفط والغاز في أراضيها، بالإضافة إلى الإنهاء التدريجي للإنتاج الحالي. وقد تتغير المسودة قبل إطلاق بوجا المتوقع في قمة الأمم المتحدة للمناخ في نوفمبر تشرين الثاني في جلاسكو بإسكتلندا.
ويمكن أن تصبح البلدان أعضاء من الدرجة الثانية إذا اتخذت بعض الخطوات للحد من إنتاج النفط والغاز، مثل إنهاء التمويل الحكومي له في الخارج أو إصلاح نظام دعم الوقود الأحفوري.
مستوى دعم غير واضح
وقال وزير المناخ والطاقة الدنمركي دان يورجنسن لرويترز إن الدنمرك، التي تشارك في قيادة المبادرة مع كوستاريكا، تجري محادثات مع العديد من الدول، لكن من السابق لأوانه تحديد عدد الدول التي ستنضم للتحالف. حظرت الدنمرك، وهي من أكبر منتجي النفط والغاز في أوروبا، العام الماضي التنقيب عن النفط والغاز في بحر الشمال وتعهدت بإنهاء إنتاجها الحالي بحلول 2050.
وقال يورجنسن “اتخذت دول قليلة جدا مثل هذه الخطوات ونأمل أن يكون هذا التحالف شيئا يحظى بالمتابعة ونأمل أن يلهم آخرين للانضمام”. لم تستخرج كوستاريكا النفط مطلقا، لكنها تدرس مشروع قانون لحظر التنقيب عن الوقود الأحفوري بشكل دائم لضمان عدم قيام الحكومات المستقبلية بذلك.
وقالت وزيرة البيئة في كوستاريكا أندريا ميزا “كوستاريكا تمثل التزام وقرار دولة نامية لديها إمكانية الاستكشاف، وتتخذ قرارا شجاعا وتقرر التوجه نحو نموذج تنموي آخر والانضمام لركب اقتصاد المستقبل”. وقالت نيوزيلندا، التي حظرت التصاريح الجديدة للنفط البحري في 2018، لرويترز إن الدنمرك تواصلت معها وإنها “في طور معرفة المزيد عن هذه المبادرة”.
وقالت الوزيرة الكوستاريكية ميزا إن الدول التي تواصل معها التحالف تشمل البرتغال وإسبانيا. ولم ترد إسبانيا على طلبات من رويترز للتعقيب، فيما قالت البرتغال إنها لم تتقدم بعد بطلب لعضوية التحالف. وامتنعت المملكة المتحدة، التي تستضيف قمة الأمم المتحدة للمناخ في ديسمبر كانون الأول ولم تتعهد بإنهاء تدريجي لإنتاج النفط والغاز أو وقف التنقيب، عن التعقيب على مشاركتها.
وقال مصدر بالحكومة البريطانية، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، لرويترز إن الحكومة تتواصل مع الدنمرك بشأن التحالف. لكن بعض كبار المنتجين، ومنهم النرويج أكبر منتج للنفط والغاز في غرب أوروبا، لم يشاركوا بعد. وقال نائب وزير الطاقة النرويجي توني تيلر لرويترز “لم يتم التواصل معنا في هذا الصدد”.
وضع متناقض
باعتباره ائتلافا من الراغبين، من المستبعد أن يمس بوجا بكبار الدول المنتجة للنفط والغاز مثل السعودية أو روسيا التي تعتمد اقتصاداتها على الوقود الأحفوري، ولم تظهر أي اهتمام بكبح الإنتاج. لكن جزءا من هدف بوجا هو إعادة صياغة ما تُعتبر توجيهات الحكومات لجهود المناخ. فالأهداف المرتبطة بتغير المناخ في البلدان الكبرى تميل إلى التركيز على تقليل الانبعاثات الناتجة عن حرق الوقود الأحفوري، لكنها نادرا ما تقيد من إنتاج الوقود نفسه.
وقال يورجنسن “نحن في وضع متناقض في الوقت الحالي، حيث تتعهد دول كثيرة بأن تصبح محايدة في الكربون، لكنها في الواقع لا تزال تخطط لإنتاج النفط والغاز بعد ذلك الموعد”. تعهدت الولايات المتحدة، أكبر منتج للنفط والغاز في العالم، هذا العام بخفض انبعاثاتها إلى النصف بحلول 2030 مقارنة بمستويات 2005. ولم ترد الحكومة الأمريكية على طلب للتعليق بشأن ما إذا كانت مشاركة في بوجا. ومن بين الدول القليلة التي اتخذت إجراءات لحظر التنقيب عن الوقود الأحفوري وإنتاجه، تعهدت فرنسا بأن تفعل هذا بحلول 2040 وإسبانيا بحلول 2042.