بيان مشترك لأعضاء بارزين بالبرلمان الأوربي يطالب بإطلاق سراح قيادات المبادرة المصرية: مستوى جديد من القمع ضد المجتمع المدني
البيان يدين “السياسات القمعية” ضد جميع الأصوات المستقلة.. ويصف اعتقالات المبادرة المصرية بالتطورات الدراماتيكية
كتبت – نور علي
قال موقع البرلمان الأوربي، إن أعضاء بارزون بالبرلمان الأوربي، أصدروا بيانا مشتركا اليوم الثلاثاء، حول الاعتقالات الأخيرة لموظفي وقيادات المبادرة المصرية للحقوق الشخصية.
وأكد البيان الذي تم توقيعه من ماريا أرينا، رئيسة اللجنة الفرعية لحقوق الإنسان بالبرلمان؛ وإيزابيل سانتوس، رئيسة وفد العلاقات مع دول المشرق؛ ومنير ساطوري، المقرر الدائم للبرلمان الأوروبي بشأن مصر، أنهم يشعرون بالفزع من اعتقال محمد بشير وكريم عنارة وجاسر عبدالرازق، وهم من كبار الموظفين العاملين في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، التي تعد واحدة من المنظمات القليلة المتبقية التي تدافع علانية عن الحريات الأساسية في مصر .
ودعا الموقعون على البيان إلى إطلاق سراح جميع المعتقلين في مصر لممارستهم السلمية لحقوقهم في حرية التعبير وتكوين الجمعيات.
وأدان أعضاء البرلمان الأوربي الموقعون على البيان، ما وصفوه بالسياسات القمعية التي تمارسها الحكومة المصرية ضد جميع الأصوات المستقلة.
ووصف البيان حملة الاعتقالات ضد أعضاء المبادرة بالتطورات الدراماتيكية والتي تشكل، مستوى جديدًا من القمع ضد المنظمات غير الحكومية، مشيرين إلى انها جاءت بعد ساعات فقط من اجتماع بين المبادرة المصرية للحقوق الشخصية ودبلوماسيين، من الاتحاد الأوروبي.
وقالت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية في بيان صدر اليوم إن جاسر عبد الرازق المدير التنفيذي للمبادرة، في خطر، مشيرة إلى أن جاسر عبد الرازق كشف في جلسة استكمال التحقيق معه أمس، بخضوعه لمعاملة مهينة ولا إنسانية في محبسه تعرض صحته وسلامته لخطر جسيم، حيث لم يُسمح له بالخروج من الزنزانة على الإطلاق طوال الفترة الماضية، ولم يتوفر له مكان للنوم حيث ينام على سرير معدني بدون “مرتبة” ولا غطاء، سوى بطانية خفيفة. وتم تجريده من كافة متعلقاته وأمواله ولم يتحصل إلا على قطعتي ملابس خفيفة “صيفية” ولم يسمح له بالتعامل مع كانتين السجن، علاوة على قص شعره بالكامل.
واستدعت نيابة أمن الدولة العليا اليوم 23 نوفمبر، جاسر عبد الرازق، المدير التنفيذي للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، لاستكمال التحقيقات بشأن الاتهامات الموجهة له على ذمة القضية 855 لسنة 2020 والتي يواجه فيها اتهامات بعضوية جماعة إرهابية مع العلم بأغراضها، واستخدام حساب من حسابات التواصل الاجتماعي لترويج معلومات كاذبة من شأنها تكدير السلم والأمن العام.
وأوضحت المبادرة أن محاموها ، والمحامون المتضامنون معهم، تمكنوا من رؤية جاسر أخيرًا للمرة الأولى منذ إلقاء القبض عليه يوم الخميس الماضي 19 نوفمبر.
وأثبت المحامون ما ذكره جاسر في التحقيقات، كما طالبوا بالذهاب لمحبس جاسر لتحديد المسئولين عن هذه المعاملة. وشددت المبادرة على أن المحامين سيتوجهون غدًا بشكوى رسمية لمكتب النائب العام تُفصلّ وقائع إساءة المعاملة التي يتعرض لها جاسر. كما طالب المحامون بانتداب قاضي تحقيق لاستكمال التحقيقات حيث لم تتح نيابة أمن الدولة العليا للمحامين الاطلاع على محاضر التحريات أو الانفراد بالمتهم.
وقالت المبادرة المصرية إن أي من المتهمين الثلاثة لم يواجهوا بأدلة أو محاضر تحريات تدعم تلك الاتهامات المرسلة بينما تركزت التحقيقات حول مجمل نشاط المبادرة في السنوات الأخيرة، خصوصًا رصدها وتوثيقها لانتهاكات حقوق الإنسان في أماكن الاحتجاز والسجون والزيادة غير المسبوقة في إصدار وتنفيذ أحكام الإعدام. وهو ما تكرر اليوم مع جاسر عبد الرازق حيث سألته النيابة عن 18 بيان وعدد من تقارير المبادرة المتعلقة بمراقبة منظومة العدالة الجنائية في مصر. ويدعم هذا التركيز ما ذهبنا إليه في بياناتنا وتصريحاتنا السابقة أن ما تواجهه المبادرة هو هجوم منسق الغرض منه “عقابها” على مجمل نشاطها.
وشددت المبادرة المصرية، على أن السلطات لم تكتف بالمخالفات الصريحة للدستور والقانون، عندما احتجزت زملاءنا لساعات طويلة معصوبي الأعين في مقرات قطاع الأمن الوطني، واستجوابهم بدون حضور محاميهم، وعدم مواجهتهم بتحريات أو أدلّة يعتد بها، وعدم تمكين المحامين من الانفراد بالمتهمين، وحبسهم احتياطيًا بدون ضرورة، ولكنها تتعمد التنكيل بجاسر، وتخالف الدستور والقانون مخالفات صريحة إضافية. فالدستور المصري ينص في المادة 55 على أن “كل من يقبض عليه، أو يحبس، أو تقيد حريته تجب معاملته بما يحفظ عليه كرامته، ولا يجوز تعذيبه، ولا ترهيبه، ولا إكراهه، ولا إيذاؤه بدنيًا أو معنويًا، ولا يكون حجزه، أو حبسه إلا فى أماكن مخصصة لذلك لائقة إنسانيًا وصحياً”. أما المادة 82 من لائحة تنظيم السجون – التى تقرر عقوبة بالوضع فى غرفة شديدة الحراسة – قد وضعت اشتراطات صحية للغرفة لا تتوافر في حالة جاسر، وذلك مع الأخذ في الاعتبار أن جاسر عبد الرازق محبوس احتياطيًا وليس محكوماً عليه ولم نعلم أنه يخضع لعقوبة الوضع في غرفة شديدة الحراسة. وحددت المادة 83 من لائحة تنظيم السجون كيفية تأثيث غرفة المحبوس احتياطيًا، والتي لم يتوافر أي شئ منها في حالة جاسر.
وحملت المبادرة النيابة العامة مسئولية صحة جاسر وما يتعرض له وقالت “لمّا كانت السجون تخضع للإشراف القضائي، وفقًا للمادة 55 من الدستور المصري، فإننا نحمل النيابة العامة المسئولية الكاملة عن صحة وسلامة جاسر عبد الرازق التي تعرضها ظروف محبسه لخطر جسيم، ونطالبها بالاستجابة الفورية لمطالب محامينا بالتوجه لمحبس جاسر وتحديد المسئولين عن هذه المعاملة اللاإنسانية. كما نكرر مطالبنا بالإفراج الفوري عن جاسر عبد الرازق وكريم عنّارة ومحمد بشير وباتريك جورج زكي – عضو فريق المبادرة المحبوس احتياطيًا منذ فبراير الماضي باتهامات مشابهة – وإسقاط كافة التهم المرسلة الموجهة لهم”.
وأعربت المبادرة عن امتنانها العميق لحملة التضامن المحلي والدولي غير المسبوقة التي كشفت عنها محنة زملائنا الأربعة، وقالت “نرى فيها تعبيرًا عن جوهر رسالتنا في الانحياز المبدئي غير المشروط لكل ضحايا الحرمان الاقتصادي والتهميش الاجتماعي والاستبداد السياسي في عالمنا”.
ودعت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، جميع المؤمنين بهذه الرسالة في مصر والعالم إلى تكثيف ومواصلة تضامنهم حتى حصول أعضاء وقيادات المبادرة الأربعة المحبوسين، على حريتهم، مشيرة إلى أن حبسهم يشكل جانبًا بسيطًا من صورة أكبر تتسم بانتهاكات ممنهجة لمجمل الحقوق المكفولة دستوريًا وإهدار لمبدأ سيادة القانون في بلدنا لم تشهده من قبل.