بيان لـ9 مؤسسات حقوقية حول قضية وفاة أيمن هدهود: قرائن على وفاة غير طبيعية.. و5 أسئلة ومفارقات مؤلمة تثير الشبهات حول الواقعة
ماذا حدث في الأسبوع بين القبض عليه وتحويله لـ”العباسية”؟ ولماذا تأخر الإبلاغ عن وفاته شهر وكان هناك اتجاه لدفنه في مقابر الصدقة؟
المنظمات: هذه قصة وفاته الغامضة منذ القبض عليه واحتجازه وحتى إحالته للعباسية ووفاته من أقوال الأسرة وتحقيقات النيابة ومصادر مستشفى العباسية
المنظمات تحمل النيابة العامة ومستشفى العباسية والأمن الوطني المسئولية.. وتؤكد: الاضطراب النفسي لا يبرر الانتهاكات
تأخر الإبلاغ عن وفاته ما يزيد على شهر واستخراج تصريح بدفنه في مقابر الصدقة أمر يثير الشبهات حول رغبة في طمس ما حدث له
الهبوط الحاد في الدورة الدموية وتوقف عضلة القلب وصف لحالة الوفاة وليسا سببًا لها وننتظر أن يشمل تقرير الطب الشرعي تحديد سبب الوفاة
كتب- درب
أصدرت 9 مؤسسات حقوقية مصرية مستقلة، بيانا بشأن واقعة وفاة الباحث الاقتصادي الراحل أيمن هدهود، وما تبع نبأ الإعلان عن وفاته في مستشفى العباسية للأمراض النفسية، حيث قالت المؤسسات إن هناك “قرائن على وفاة غير طبيعية له، وأن التورط يطال الأمن الوطني والنيابة العامة ومستشفى الصحة النفسية بالعباسية”.
وبحسب البيان، أدانت المؤسسات الموقعة، ما قالت إنه “ممارسات الجهات المتورطة في إخفاء حقيقة وسبب احتجاز الباحث أيمن هدهود، خاصة في ظل كثرة المؤشرات إلى وجود شبهة جنائية وراء وفاة هدهود، حيث كان حيًّا مساء 6 فبراير حين تم القبض عليه بتهمة السرقة المزعومة، واستقبلته الأسرة يوم 11 إبريل متوفيًا من مشرحة زينهم”.
وروت المؤسسات ما توصلت إليه من أحداث فيما يتعلق بأيمن، على رأسها فقد اتصال الأسرة بأيمن منذ 5 فبراير 2022، حيث تم آخر لقاء مع شقيقه عمر. وبينما كانت الأسرة تبحث السبل القانونية للإبلاغ عن اختفاء هدهود، حضر أحد أفراد الشرطة من قسم الأميرية التابع له محل سكن الأسرة، في 8 فبراير، وطلب حضور أشقاء أيمن هدهود إلى القسم.
وأشار البيان أن شقيقه توجه بالفعل إلى قسم الشرطة وقابلهم أحد الضباط والذي وجه إليهم عدة أسئلة عن شقيقهم أيمن، وجهة عمله ومجال دراسته ونشاطه، كما سأل عن أشقائه الآخرين وجهات عملهم، وأبلغهم في نهاية اللقاء أن أيمن هدهود محتجز من قبل جهاز الأمن الوطني، وعندما نحتاج معلومات أخرى سوف نتصل بكم.
قال البيان: “ذكرت مصادر مقربة من هدهود أنه قبل القبض عليه كان مستاءً من التدخلات الأمنية في الحياة السياسية والتي أدت إلى إقصاء كوادر الأحزاب لصالح رجال الأعمال وذوي الثروات، وقد تم إبلاغ أسرة هدهود بأنه لم يكن معه أي مقتنيات حال القبض عليه ولم تتسلم الأسرة جهاز الكمبيوتر المحمول أو الهاتف الجوال الخاصين به”.
ثم وردت إلى الأسرة معلومة غير رسمية من أحد أصدقاء الأسرة تشير إلى احتجاز شقيقهم أيمن، في مستشفى العباسية للصحة النفسية، وذلك في يوم 17 فبراير 2022 وذلك بعد احتجازه بها بثلاثة أيام حيث تم حجزه بالمستشفى بحسب تحقيقات النيابة يوم 14 فبراير 2022. علمًا بأن قرار التحويل – أيضًا بناءً على تحقيقات النيابة كان يوم 7 فبراير أي أنه ظل في حوزة الأمن الوطني سبعة أيام دون تحويل إلى المستشفى.
وأكمل البيان: “لم تصل الأسرة رغم بحثها المستمر في النيابة العامة إلى أي معلومات تشير إلى اتهام شقيقهم أيمن. وبعد ذلك، حاولت الأسرة زيارة أيمن هدهود في مستشفى العباسية للصحة النفسية، اعتمادًا على وساطات غير رسمية، ولم ينجح أحد من الأسرة أو أصدقاء وزملاء هدهود في رؤيته والاطمئنان عليه، وأبلغ مدير المستشفى أحد أصدقائه في 23 فبراير أن هدهود بصحة جيدة وأنه تحت الملاحظة بطلب من الجهات الأمنية، وعليه الحصول على تصريح من الأمن أو النيابة العامة لزيارته، ﻷن قسم الطب الشرعي لا يخضع لسلطة المستشفى وذكر له كذلك أن هدهود متهم في قضية جنائية بمحاولة سرقة سيارة في السنبلاوين”.
استمرت الأسرة في محاولاتها للحصول على معلومات من النيابة العامة أو زيارته في مستشفى العباسية، إلى أن بدأت مستشفى العباسية للصحة النفسية، في مارس 2022، في إنكار وجود هدهود لديها من الأساس، وظلت نتيجة البحث في النيابة العامة هي عدم وجود متهم مسجل باسم أيمن محمد علي هدهود.
وفي بداية إبريل، استطاع أحد أصدقاء هدهود أن يعرف أنه توفي داخل مستشفى العباسية للصحة النفسية منذ قرابة شهر، ولا معلومات حول مكان تواجد جثمانه. وبدأ بعض أصدقاء هدهود في إعلان اختفائه قسريًّا، ووجوده تحت تصرف جهاز الأمن الوطني، كما عادت أسرته إلى عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان محمد أنور السادات، حيث قدمت الأسرة شكوى بشأن احتجاز شقيقهم بمعرفة الأمن الوطني إلى رئيسة المجلس القومي لحقوق الإنسان مشيرة إلى خطاب بتاريخ 7 إبريل 2022.
واعتبرت المؤسسات، أن هذه التحركات “أدت تغيير التوجه من إخفاء الجثة والتعتيم على القضية تمهيدًا لدفنها في مقابر الصدقة دون معرفة أو إخطار ذويه، حيث سعت أسرة هدهود إلى استلام تصريح من النيابة لدفنه، في 10 إبريل الجاري، ولكنهم فوجئوا بوجود تصريح مجهز مسبقًا بدفنه في مقابر الصدقة، ما استوجب العودة إلى النيابة لإلغاء هذا التصريح، واستجواب أشقائه عادل وأبو بكر حول ملابسات وفاته”.
ووضعت المؤسسات الحقوقية 5 نقاط قالت إنها “مفارقات في قضية أيمن هدهود، وجاءت على النحو التالي:
1- كون المرحوم أيمن هدهود يعاني أو لا يعاني من اضطرابات نفسية لا يفسر أيًّا من الانتهاكات التي تعرَّض لها والتي انتهت بوفاته. فحتى لو صحَّ أنه كان يهذي وقت إلقاء القبض عليه فإن ذلك لا يبرر إخفاءه سواء في قسم الأميرية أو غيره في الفترة من 5 فبراير إلى 14 فبراير دون اتصال بأهله رغم التعرف على هويته بدليل استدعاء أشقائه للاستجواب ورغم صدور قرار من النيابة بتحويله إلى مستشفى العباسية يوم 7 فبراير. ما حدث في هذه الفترة يبقى غير معلوم لأي جهة سوى الجهة التي احتجزته دون مسوغ من القانون ومن ثم يجب محاسبتها ولا يعفيها من المساءلة كون الراحل مهتزًّا نفسيًّا من عدمه بل إن كونه مهتزًّا نفسيًّا، لو صح الأمر، يضاعف من مسؤولية هذه الجهة.
2- كما أن هذا التركيز على الحالة النفسية لأيمن هدهود كما لو كانت مبررًا لكل ما تعرَّض له بعد القبض عليه يثير القلق والغضب من اعتبار أجهزة الدولة أن الاضطراب النفسي أمرًا مشينًا يسمح بتجاهل حقوق المريض ويبرر أي انتهاكات يتعرض لها فيضيف إلى وصمة الاضطراب النفسي والمصابين به ضاربًا عرض الحائط بلوائح حقوق المريض النفسي علمًا بأن اللجنة الثلاثية المنوط بها الكشف عليه لم تتمكن من ذلك (اثنان فقط من أعضائها) ناظروا الفقيد ولم تعلن المستشفى حتى الآن عن نتائج الفحص النفسي، علمًا أيضًا بأن الاضطراب النفسي لا يؤدي إلى الوفاة إلا إذا أدى إلى محاولة انتحار ناجحة أو كان نتيجة إصابة في الدماغ.
3- إنكار مستشفى العباسية وجودَ أيمن هدهود محتجزًا بها ثم التراجع عن هذا الإنكار وطلب إذن من النيابة لزيارته ثم إنكار النيابة أنه متهم من الأصل، كلها أمور تشير إلى محاولة الجهتين إخفاء الحقيقة عمَّا كان يحدث معه منذ القبض عليه وحتى الاتصال الذي أخبر شقيقه بوفاته.
4- توفي أيمن هدهود في مستشفى العباسية بحسب تقرير المستشفى يوم 5 مارس. أي أن جثمانه ظل محتجزًا في ثلاجة العباسية – وهي ثلاجة تبريد لا تجميد – إلى ما يزيد على الشهر بل واستخراج تصريح بدفنه في مقابر الصدقة كما لو كان مجهول الهوية رغم كونه معروفًا لديهم هو أمر يثير الشبهات حول رغبة في طمس ما حدث له منذ لحظة القبض عليه واحتجازه في مقر الأمن الوطني أولًا ثم مستشفى العباسية فيما بعد. علمًا بأن احتجاز جثمان شخص معروف الهوية طوال هذه الفترة هو أمر غير معتاد في أي مستشفى إلا لو كانت هناك رغبة في أن يصيب الجثمان من التعفن والتغيرات الرِّمية ما يجعل من الصعب على إمكانيات الطب الشرعي المحدودة في مصر تحديد أسباب الوفاة.
5- حتى صدور هذا البيان لم يعلن بعدُ عن التقرير المبدئي للطب الشرعي ورغم ذلك أعلنت النيابة أن الوفاة كانت نتيجة لهبوط حاد في الدورة الدموية وتوقف عضلة القلب وهما وصف لحالة الوفاة وليسا سببًا لها. وفي هذا التقرير الذي ننتظر صدوره لن يكفي أن تردد مصلحة الطب الشرعي ما جاء على لسان النيابة، ذلك أن تقرير الطب الشرعي المهني يجب أن يشمل وصفًا للجثمان ظاهريًّا ثم داخليًّا ثم إجراء حزمة من الفحوص قادرة على اكتشاف سبب الوفاة ولو بعد حدوثها بسنوات. فإن لم تتوفر تلك الإمكانيات لدى مصلحة الطب الشرعي المصرية فالأكرم لها وللمهنة أن تصرح بذلك بدلًا من استخدام عبارات مطاطة تثير الشكوك أكثر مما توضح الأسباب.
واختتمت المؤسسات بيانها قائلة: “أيمن هدهود تعرض لانتهاكات جسيمة حيًّا وميتًا. منذ اختطافه إلى إيداعه في مستشفى للصحة النفسية بعد 12 يومًا من اختفائه وبعد 10 أيام من صدور قرار النيابة بتحويله، وتُرك جثمانه ليتعفن في مكان غير مخصص لذلك إلى ما يتجاوز الشهر قبل عرضه على الطب الشرعي، وما بين اختفائه ووفاته حدثت أمورٌ ما أدت إلى وفاة اقتصادي مصري مرموق وسياسي مصري معروف، وعلى الجهات الأطراف في مسار الأيام الأخيرة من حياته أن تُحاسب وتُساءل عمَّا حدث له سواء كان جهاز الأمن الوطني أو النيابة أو مستشفى العباسية وإدارتها أو مصلحة الطب الشرعي، وعلى المجلس القومي للصحة النفسية ونقابة الأطباء أن يقوما بدورهما للكشف عمَّا حدث معه من تجاوزات، حرصًا على حياة المواطنين أولًا وسمعة المهنة أخيرًا”.
المنظمات الموقعة:
مؤسسة حرية الفكر والتعبير
المبادرة المصرية للحقوق الشخصية
مركز النديم
مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
المفوضية المصرية للحقوق والحريات
الجبهة المصرية لحقوق الإنسان
كوميتي فور جستس
مسار مجتمع التقنية والقانون
مبادرة الحرية