«بوليتيكو»: ماكرون في مأزق غير مسبوق بعد قبول استقالة رئيس الوزراء ثم إعادة تكليفه بمحادثات إنقاذ الحكومة
درب
قالت مجلة «بوليتيكو» الأمريكية المتخصصة في الشأن السياسي إن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يعيش واحدة من أكثر لحظات حكمه ارتباكًا، بعد أن قبل استقالة رئيس الوزراء سيباستيان ليكورنو صباح الاثنين، ثم عاد في المساء وكلفه بقيادة محادثات عاجلة مع المعارضة، في محاولة أخيرة لإنقاذ حكومته والحد من الانهيار السياسي والاقتصادي الذي يضرب فرنسا.
وذكرت المجلة في تقرير لها أن هذه الخطوة تعكس حالة الارتباك والعجز داخل قصر الإليزيه، إذ لم يعد لدى ماكرون «أي أوراق رابحة»، ويبدو أنه يحاول كسب الوقت وسط ضغوط متصاعدة من الأسواق العالمية وانعدام الثقة في حكومته الخامسة منذ إعادة انتخابه عام 2022.
وقالت «بوليتيكو» إن ماكرون منح ليكورنو مهلة حتى مساء الأربعاء لتشكيل «منصة عمل واستقرار»، في وقت تواجه فيه فرنسا خطر تراجع التصنيف الائتماني وتزايد العجز في الموازنة، ما يهدد بانعكاسات خطيرة على اقتصاد الاتحاد الأوروبي بأكمله.
ونقلت المجلة عن مسؤولين فرنسيين أن الرئيس «لعب آخر أوراقه»، مشيرة إلى أنه بعد إقصاء شخصيات بارزة مثل ميشيل بارنييه وفرانسوا بايرو، لم يعد أمامه سوى الاعتماد على أكثر المقربين ولاءً له.. لكن حتى هذا الخيار لم يحقق أي انفراجة، في ظل تفكك تحالفاته السياسية داخل البرلمان وازدياد الضغط من المعارضة بمختلف أطيافها.
وانتقدت النائبة ساندرين روسو قرار ماكرون ووصفته بأنه «عبثي»، فيما قالت المتحدثة باسم حزب الجمهوريين أجنيس إيفرين إن «الثقة تحطمت»، معتبرة أن ماكرون «يحاول فقط كسب الوقت».
أما الخبير السياسي جان إيف دورماجن، رئيس معهد «كلستر 17»، فقال إن «من الصعب تخيل مخرج من الأزمة دون انتخابات مبكرة»، مضيفًا أن تلك الانتخابات ستضعف معسكر ماكرون الوسطي وتعزز نفوذ اليمينين المحافظ والمتطرف.
ووفقًا للتقرير، فإن الرئيس الفرنسي يبدو اليوم معزولًا أكثر من أي وقت مضى، بعدما فقد دعم حلفائه المقربين، بينهم رئيس الوزراء السابق جابرييل أتال، والسيناتور الوسطي هيرفي مارسيليا، اللذان انتقدا علنًا قراراته الأخيرة.
ونقلت المجلة عن أحد مسؤولي حزب النهضة، حزب ماكرون الحاكم، قوله إن «الرئيس يريد الفوضى وربما انتخابات مبكرة»، معتبرًا أن ماكرون «يلعب لعبة خطيرة» قد تنتهي بتقوية حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف.
وترى «بوليتيكو» أن الأزمة الراهنة تمثل اختبارًا حاسمًا لماكرون الذي يقترب من نهاية ولايته الثانية والأخيرة، في وقت تتجه فيه الأنظار إلى احتمالات تفكك معسكره السياسي وإعادة رسم خريطة السلطة في فرنسا. وختمت المجلة تقريرها بالقول إن «يوم الحساب يقترب لماكرون، ومعه مستقبل الجمهورية الخامسة».

