بعد شهر من قطع العلاقات الدبلوماسية.. الجزائر تغلق مجالها الجوي أمام الطائرات العسكرية والمدنية المغربية
فرانس 24
في تصعيد جديد للتوتر بين الدولتين الجارتين، أعلنت الأربعاء إغلاق مجالها الجوي أمام جميع الطائرات المدنية والعسكرية المغربية، متهمة المملكة بمواصلة “الاستفزازات والممارسات العدائية” تجاهها.
وقالت الرئاسة الجزائرية في بيان إن “المجلس الأعلى للأمن قرر الغلق الفوري للمجال الجوي الجزائري على كل الطائرات المدنية والعسكرية المغربية وكذا التي تحمل رقم تسجيل مغربي ابتداء من اليوم”.
واتخذ القرار خلال اجتماع للمجلس برئاسة الرئيس عبد المجيد تبون خصص “لدراسة التطورات على الحدود مع المملكة المغربية، بالنظر إلى استمرار الاستفزازات والممارسات العدائية من الجانب المغربي”، وفق البيان.
وكانت الجزائر قطعت في 24 أغسطس الماضي علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب بعد أشهر من التوتر بين البلدين، ويومها اتهم وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة المغرب بأنه “لم يتوقف يوما عن القيام بأعمال غير ودية وأعمال عدائية ودنيئة ضد بلدنا وذلك منذ استقلال الجزائر” في 1962.
والثلاثاء قال لعمامرة في مقابلة مع شبكة “سي إن إن” الإخبارية الأمريكية إن قطع العلاقات كان قرارا لا بد منه بالنسبة إلى بلاده لكي ترسل “الرسالة المناسبة” إلى المغرب بعد ما قام به من “أعمال معادية لسيادة الجزائر ووحدتها”.
وأوضح الوزير الجزائري أن هذه الخطوة كانت “طريقة حضارية لإنهاء وضع لم يكن بالإمكان أن يستمر أكثر من دون أن يسبب أضرارا، وكان يهدد بدفع البلدين إلى مسار غير مرغوب فيه”، وتابع: “لقد كان وضعا غير طبيعي يجب أن ينتهي بأي طريقة”.
وفي بادرة تهدئة، بعث العاهل المغربي السبت “برقية تعزية ومواساة” إلى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إثر وفاة الرئيس الجزائري السابق عبد العزيز بوتفليقة.
الحدود الجوية الجزائرية مغلقة منذ 17 مارس بسبب جائحة كوفيد-19، وقد أعيد فتحها جزئيا في 1 يونيو أمام سبعة بلدان فقط ليس المغرب أحدها.
وبحسب مصدر مقرب من شركة الخطوط الجوية الجزائرية، فإن الرحلات التجارية المباشرة بين الجزائر والمغرب متوقفة منذ ذلك التاريخ، وقال المصدر إن “الرحلات الجوية بين البلدين لم تستأنف، والجزائريون الراغبون بالسفر إلى المغرب يسافرون عن طريق تونس”.
وأضاف أن القرار الجزائري سيؤثر بشكل أساسي وفوري على مسارات رحلات الطائرات المغربية التي تمر عبر الأجواء الجزائرية.
ولطالما ساد التوتر العلاقات بين الجزائر والمغرب، خصوصا على خلفية ملف الصحراء الغربية، المستعمرة الإسبانية السابقة التي يعتبرها المغرب جزءا لا يتجزأ من أراضيه، فيما تدعم الجزائر الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب “بوليساريو” التي تطالب باستقلال الإقليم.
والعام الماضي تعمق الخلاف بين البلدين بعد اعتراف الرئيس الأمريكي في حينه دونالد ترامب بسيادة المغرب على كامل أراضي الصحراء الغربية مقابل تطبيع المملكة علاقاتها مع إسرائيل.
والرباط التي تسيطر على ما يقرب من 80% من أراضي الصحراء الغربية تقترح منح هذه المنطقة الصحراوية الشاسعة حكما ذاتيا تحت سيادتها.
أما جبهة بوليساريو، مدعومة من الجزائر، تطالب بإجراء استفتاء لتقرير المصير بإشراف الأمم المتحدة التي أقرت هذا الحل عند توقيع اتفاق وقف إطلاق النار بين المتحاربين في سبتمبر 1991، والنزاع في الصحراء الغربية سبب رئيسي في توتر علاقات الجارين منذ عقود بسبب دعم الجزائر للبوليساريو.
كان المغرب قطع علاقاته مع الجزائر في 1976 بعد اعتراف الجزائر بقيام الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، ولم تستأنف العلاقات إلا في 1988 بعد وساطة سعودية، وأغلقت الحدود رسميا بين البلدين في 16 أغسطس 1994.
وسبق للملك المغربي محمد السادس أن دعا الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون في خطاب في نهاية يوليو إلى “تغليب منطق الحكمة” و”العمل سويا، في أقرب وقت يراه مناسبا، على تطوير العلاقات الأخوية التي بناها شعبانا عبر سنوات من الكفاح المشترك”، مجددا أيضا الدعوة إلى فتح الحدود المغلقة بين البلدين منذ العام 1994.
كما تتهم الجزائر المغرب وإسرائيل بدعم منظمتين صنفتهما إرهابيتين هما “حركة تقرير مصير منطقة القبائل” الانفصالية (ماك) ومقرها في باريس والحركة الإسلامية “رشاد” ومقرها في لندن، واتهمت الجزائر “ماك” بإشعال الحرائق الضخمة التي اندلعت في منطقة القبائل (شمال شرق) وأسفرت عن 90 قتيلا.