بعد حكم سجنه 15 عامًا.. أبو الفتوح قصة سياسي انشق عن الإخوان وعارضهم وقاد الهتاف ضد مبارك ونافس على الرئاسة .. حريته حقه (بروفايل)
كتبت- ليلى فريد
“أنا لا مكان لي على الكرة الأرضية إلا مصر”، هذه الكلمات قالها الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، مرشح الرئاسة الأسبق، منذ سنوات في إحدي اللقاءات الإعلامية، قبل أن تتحول ضمن الأدلة المقدمة ضدّه للمحكمة، بحسب المحامي نبية الجنادي.
وفي فصل جديد لقضية حبسه الاحتياطي التي تجاوزت 4 أعوام، قضت محكمة جنايات أمن الدولة طوارئ، بالأمس الأحد، بمعاقبة الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، رئيس حزب مصر القوية، بالسجن لمدة 15 عاما، وسط مطالبات مستمرة بالإفراج عن جميع سجناء الرأي، والمحبوسين على ذمة قضايا سياسية.
بدأت أزمة أبو الفتوح حينما ألقت قوات الأمن القبض عليه في الرابع عشر من فبراير 2018 بتهمة الاتصال بجماعة الإخوان المسلمين المحظورة.
في وقت سابق من العام الماضي، أحالت نيابة أمن الدولة العليا، 25 متهمًا في القضية رقم 1059 لسنة 2021 جنايات أمن دولة طوارئ التجمع الخامس، والمقيدة برقم 440 لسنة 2018 حصر أمن الدولة العليا، إلى محكمة جنايات أمن الدولة طوارئ.
وجاء في أمر الإحالة أن المتهمين في غضون عام 1992 وحتى عام 2018 بداخل وخارج جمهورية مصر العربية: تولوا قيادة وانضموا إلى جماعة إرهابية تهدف إلى استخدام القوة والعنف والتهديد والترويع في الداخل، بغرض الإخلال بالنظام العام وتعريض سلامة المجتمع ومصالحه وأمنه للخطر، وإيذاء الأفراد وإلقاء الرعب بينهم وتعريض حياتهم وحرياتهم وحقوقهم العامة والخاصة وأمنهم للخطر، وغيرها من الحريات والحقوق التي كفلها الدستور والقانون، والإضرار بالسلام الاجتماعي والأمن القومي.
وبنص القانون، فإن الأحكام الصادرة من محكمة جنايات أمن الدولة طوارئ لا يجوز الطعن عليها أو استئنافها وتصبح نهائية فور التصديق عليها، ولكن لرئيس الجمهورية وحده الحق في تخفيف الحكم أو الإلغاء أو إعادة المحاكمة من جديد.
المحامي الحقوقي أحمد فوزي طالب بضم أبو الفتوح للعفو الرئاسي، مؤكدًا أنه جزء من التيار الديمقراطي قاوم وأعضاء حزبه ببسالة غرور واستبداد الإخوان في عز جبروتها.
ويضيف: كان موقفهم مع مصر القوية حاسم من دستور الإخوان والإعلان الدستورى و30 يونيه ليدفعوا ثمن باهظ من شماتة وهجوم تيارهم القديم، ناس أخدت قرار شجاع جدًا بالخروج على صيغة الجماعة ونقد موقفها الانتهازى والمخرب للثورة ودفعت ثمنًا باهظًا جدًا.
وفي محاولة لإثبات البراءة من خلال مسلسل الاختيار، تقدم خالد علي، بطلب للمحكمة ببعض التسريبات التي تم إذاعتها في رمضان الماضي، وتظهر موقف أبو الفتوح من الإخوان ومرسي، وتؤكد انفصاله التام عن الإخوان، ومعرضته لمنهجهم.
انشق أبو الفتوح وآخرين عن جماعة الإخوان وعدد من شباب الجماعة، بعد أن أعلن عن نيته للترشح للرئاسة في عام 2011، وخالف الجماعة في قرار النزول في أول أيام ثورة 25 يناير، وقاد الهتافات المناهضة لمبارك أمام نقابة الأطباء.
برز أبو الفتوح بين زملائه أيام دراسته في الجامعة، فأصبح رئيس اتحاد طلبة كلية طب القصر العيني التي كانت في ذلك الوقت رائدة في العمل الإسلامي، ثم أصبح رئيس اتحاد طلاب جامعة القاهرة فعضو بمكتب الإرشاد التابع للجماعة من عام 1987 حتى 2009.
من هو عبد المنعم أبو االفتوح؟
ولد أبو الفتوح في حي الملك الصالح في القاهرة في 15 أكتوبر 1951، وقدمت أسرته من كفر الزيات في محافظة الغربية، وهو الابن الثالث من بين ستة إخوة.
حصل علي بكالوريوس طب من كلية القصر العيني، لكنه منع من التعيين بسبب نشاطه السياسي، واعتقل لعدة أشهر ضمن اعتقالات سبتمبر 1981، ثم حصل على ماجيستر إدارة المستشفيات بكلية التجارة في جامعة حلوان.
يعد أبو الفتوح نفسه من الإسلاميين المعتدلين، وفى حديثه إلى الآلاف من مؤيديه بعد تسلمه أوراق ترشيحه في أوائل إبريل 2012، أكد على أهمية العدالة الاجتماعية مع خطط للتنمية والأمن.
وقال: “نستطيع تحقيق أحلامنا إذا تعاون الشعب المصري العظيم”، واعداً إياهم بالاستفادة من أغنى ثروة عندهم وهي الامكانيات البشرية فيما لو انتخب.
وأضاف: “دعونا نعمل كجماعات وليس كأفراد، فقد ولى عهد الرئيس الملهم والزعيم المطلق”. وكانت خططه المستقبلية تشمل وضع حد أدنى لدخل الفرد واستعادة الأمن في غضون 100 يوم من توليه المنصب فيما لو تم اختياره، ووعد بإعادة تجهيز الجيش دون الاعتماد على التمويل الأمريكي وتعيين نائب رئيس لا يتجاوز عمره الـ 45 عاماً، ومع تصدره لاستطلاعات الرأي كواحد من أكثر المرشحين فوزًا في أول انتخابات بعد ثورة 25 يناير، جرت أول مناظرة في تاريخ مصر الحديث بين اثنين من مرشحي الرئاسة حيث كان المرشح الآخر أمامه في المناظرة هو عمرو موسى، تراجعت أسهم أبو الفتوح وموسى بعد المناظرة وحلا في المركزين الرابع والخامس على الترتيب.
اعتقل في عام 1981 في عهد أنور السادات ضمن اعتقالات سبتمبر الشهيرة وذلك بسبب موقفه من معاهدة كامب ديفيد، ثم اعتقل مرة أخرى وحوكم في المحاكم العسكرية التي كان يحال إليها أعضاء جماعة الإخوان المسلمين عندما كان يشغل منصب الأمين العام المساعد لاتحاد الأطباء العرب عام 1996 وسجن لمدة خمس سنوات.
وسجن خمس سنوات أخرى في عهد حسني مبارك بسبب انتمائه للجماعة ونشاطاته السياسية، حصل خلال فترة سجنه على اجازة في الحقوق من جامعة القاهرة.
“حزين للغاية أنه في أجواء متفائلة وفي خضم الحديث حول مصر التي تتسع للجميع لا يجد الرجل ورفاقه موضع قدم في بلد تقول إنها تتجهز لحوار وطني “، هكذا علق المحامي الحقوقي نجاد البرعي على سجن أبو الفتوح ورفاقه.
برنامج العمل خلال انتخابات الرئاسة
تعهد في حملته الانتخابية بإعادة محاكمة الآلاف من المصريين الذين خضعوا للمحاكمات العسكرية منذ ثورة يناير 2011، وتعيين مستشارين له في جميع المجالات وتخصيص 50 في المئة من المناصب الادارية للشباب الذين تقل أعمارهم عن 45 عاماً.
وشمل برنامجه أيضا وعوداً أخرى مثل إنشاء هيئة مستقلة لمكافحة جميع أنواع التمييز، وضمان أن المناهج التعليمية تشمل جميع الفئات الاجتماعية – مثل الأقباط والنوبيين، وإصدار قانون لتنظيم بناء دور العبادة.
وعلق ابو الفتوح خلال مقابلة مع هيئة الاذاعة البريطانية (بي بي سي)، “لا يتطلب الإسلام فرض قيود على غير المسلمين، مثل القائمين بتنظيم الرحلات أو شرب الكحول”.
بعد أن حلَّ أبو الفتوح في المركز الرابع في الانتخابات، واصل أعضاء حملته الانتخابية العمل السياسي، وأجروا تصويتا داخليا تم الاتفاق على إنشاء حزب سياسي وافقت عليه رسميا لجنة شؤون الأحزاب السياسية يوم 12 نوفمبر 2012، فأسسوا حزب “مصر القوية ” والذي تميز بمشاركة عناصر ليبرالية ويسارية وإسلامية فيه، وحظي بدعم قطاع من الحركات الثورية الشبابية.
وكان من أوائل الذين دعوا لانتخابات رئاسية مبكرة في عهد مرسي، وأعلن رفضه مشاركة التيار الدينى في العملية السياسية، مؤكدًا أن مرسى فاشل، وأن وما حدث أمام الاتحادية جريمة، لكنه وجد نفسه بعض سنوات في قفص واحد مع خصومه السياسيين يواجه نفس التهم والمصير.
تتزايد المطالبات بالإفراج عن أبو الفتوح، بينما يؤكد أحمد أبو العلا، محاميه، أنه قضى أكثر من الأربع سنوات في الحبس الانفرادي، ويعاني من العديد من الأمراض التي تهدد حياته، فهو يعاني من احتباس في التنفس وانزلاق غضروفي، كما أصيب بعدد من الجلطات والذبحات الصدرية.