بعد حكم حبسه.. صفحات مضيئة من سيرة فارس مقاومة الخصخصة.. يحيى حسين عبد الهادي المدافع عن المال العام والوطن (بروفايل)
كتبت- ليلى فريد
“طوال تاريخه كان مثالا للوطنية والنزاهة والإخلاص ضابطًا في القوات المسلحة المصرية وجنديًا من جنودها البواسل في ملحمة العبور العظيم، ومديرا لمعهد أعداد القادة الذى فتح بحرية أبوابه لكل تيارات المجتمع على أساس مبدأ الحق في التعددية والتنوع ودارت في رحابه مناقشات مهمة حول حاضر ومستقبل مصر”، بهذه الكلمات علقت الحركة المدنية على حكم حبس المهندس يحيى حسين عبد الهادي، فارس الدفاع عن القطاع العام ومقاوم الخصخصة، 4 سنوات بتهمة نشر أخبار كاذبة.
وأضافت الحركة: المهندس يحيى حسين عبد الهادي، هو فارس المعارك ضد الفساد والدفاع عن المال العام وبينها فضحه لصفقة بيع عمر أفندي الفاسدة وكان طوال تاريخه مثالا للوطنية يستحق التكريم، ويهم الحركة المدنية أن تؤكد أن التقارير الامنية الملفقة قد طالت كل المحكوم عليهم باتهامات كاذبة فلم يكونوا يوما دعاة للإرهاب أو أعداء للدولة ولم يشاركوا أي جماعة إرهابية أهدافها، بل كانوا في الصف الأول للوطنية المصرية.
وجددت الحركة مطلبها بضرورة إسقاط تهم نشر أخبار كاذبة ومشاركة الإرهاب عن كل سجناء الحركة المدنية، ورفع القيود عن الحريات.
وقالت الحركة المدنية إن هذا الحكم هو إشارة سلبية أخرى مع إشارات أخرى منها تأخر إطلاق سراح سجناء الرأي وما جرى فى انتخابات المرحلة الأولى للنقابات العمالية وتعتبرها كلها محاولات لإجهاض دعوة الرئيس لحوار وطنى شفاف وما يوجبه من تدابير وأجواء لأزمة لبدء الحوار.
وأكدت الحركة أن المهندس يحيى حسين عبد الهادى بكل تاريخه الوطنى الكبير كان وسيظل رقم 1 في الكشوف التى قدمتها للمعارضين السلميين الذين تطالب بإخلاء سبيلهم.
يقول المحامي الحقوقي أحمد فوزي: “لا يستحق حد بأدب وعفة لسان وقيمة البشمهندس يحيى السجن، ولا يستحق أي إنسان عقوبة الحبس عن إبداء رأيه، يارب هون على المهندس يحيى وأسرته”.
ويضيف فوزي: الحكم لا يطعن عليه، زى حكم زياد وهشام وباقر وعلاء وأكسچين، ولا سبيل لانتهاء العقوبة سوى بعدم تصديق الرئيس، أو إصدار قرار عفو زي ما حصل مع حسام.
وفي فصل جديد في أزمة المهندس المدافع عن المال العام، قال المحامي الحقوقي خالد علي، إن محكمة جنح مدينة نصر قضت بحبس المهندس يحى حسين عبد الهادى أربع سنوات بتهم نشر أخبار كاذبة عمداً داخل وخارج البلاد، مضيفا: العفو من عندك يارب.
يقول الكاتب الصحفي خالد البلشي، وكيل نقابة الصحفيين الأسبق: “الحكم رسالة واضحة للجميع في أجواء الحوار الوطني (الجميلة والمبهجة)، وهي استمرار لرسائل مشابهة ومتواصلة على كل الأصعدة في الاعلام والانتخابات العمالية والاوضاع الاقتصادية ترسم للجميع حدود الكلام والممارسة وتضع سقفا واحدا هو انتظار العفو بكل ما يحمله المصطلح من دلالات وتحديد مواقع”.
ويضيف: الحكم صدر من محكمة طوارئ بناء على قانون تم وقف العمل به بعد إحالة المهندس يحيى حسين للمحاكمة، وطبعا لن نتكلم عن أن الحكم صدر في ظل دستور يمنع الحبس في قضايا النشر، بل ونص قانوني يحمل نفس المعنى في قانون تنظيم الصحافة والإعلام بينما بعض نصوص قانون الطوارئ الموقوف العمل به محالة للدستورية.
واختتم البلشي: هكذا صار المتاح أمام معارضة مدعوة (للحوار) هو طلب العفو آو انتظاره والفرحة بخروج من يتم السماح بخروجهم.. تلك حدودكم وهذه هي الرسالة.
لأربع أعوام ظل عبد الهادي في محبسه محرومًا من حريته رغم أدواره المعروفة في الدفاع عن المال العام.
وفي السنوات الأخيرة تزايدت المطالبات بالإفراج عن يحيى حسين، وجميع المحبوسين على ذمة قضايا سياسية، ومازال أحباب وأصدقاء يحيى حسين ينتظرون نيله حريته.
الرجل الذي عاش مهمومًا بقضايا الوطن أكمل ما يزيد عن 3 أعوام في الحبس الاحتياطي، ومازال بغرفة حجزه لا يستقبل شمس الصباح ولا يشم رائحة الأحباب، لكنه حتمًا سيعود يومًا وسط أحبابه ليحكي عن التجربة القاسية، ويواصل نضاله من أجل مستقبل أفضل للجميع.
“إذا مت في السجن ادفنوني بملابسي لأحاجج بها من ظلمني”، كانت تلك وصية يحيى حسين عبد الهادي، فارس مقاومة الخصخصة المدافع عن المال العام، خلال إحدى جلسات محاكمته بتهمة نشر أفكار كاذبة.
يعرف الرجل مثلما يوقن غالبية المصريين أن قميصه وملابس سجنه تفوح نضالا وشرفًا، لذلك أطلق وصيته وكأنها صرخة إدانة من مناضل دافع عن المال العام، بينما ترتفع دعوات محبيه ليخرج في أسرع وقت من محبسه، ووقتها سيكون من الأنسب أن يحتفظ بملابس سجنه لأولاده وأحفاده لتشهد على مسيرة رجل شريف ومناضل دفع ثمن مواقفه من حريته وصحته.
“نحن في وقت تريد فيه الحكومة فرض الصمت علينا …رغم أن رئيس الجمهورية نفسه قال إنه مع أن يعلن الناس أراؤهم بشرط أن يكونوا فاهمين، وأنا أشهد أن الرئيس لن يجد شخصا أكثر فهما فيما يكتبون عنه من يحى حسين عبد الهادي، أيها الصديق الكريم ….اثبت …وابشر …فإن مكانتك عند الناس في أعلى عليين”، هكذا كتب المحامي الحقوقي نجاد البرعي، متحدثًا عن يحيى حسين.
ويضيف: ”في بلد آخر كان يتعين إهداء المهندس يحي حسين وسام باعتباره أول وأهم شخص دافع عن المال العام وهاجم الفساد في هذا البلد فيما عرف وقتها بصفقه عمر أفندي؛ وكان يمكن حتى التجاوز عن بعض قوارص الكلم فيما لو كانت منشوراته على فيس بوك قد احتوت على بعضها؛ ولكننا لسنا في هذا الزمن”.
محكمة جنح طوارئ مدينة نصر ثان، قررت أكثر من مرة مد أجل النطق بالحكم على المهندس يحيى حسين عبد الهادي.
وقضية المهندس يحيى حسين عبد الهادي كانت بشأن مقال تم التحقيق معه بشأنه في ٢٠١٨ أمام نيابة مدينة نصر وخرج بكفالة، ثم تم حبسه على ذمة تحقيقات القضية ٢٧٧ لسنة ٢٠١٩ حصر أمن دولة، ثم تم تدويره على القضية ١٣٥٦ لسنة ٢٠١٩ حصر أمن دولة وقضى في الحبس الاحتياطي أكثر من سنتين.
عبد الهادي الذي ألقت قوات الأمن القبض عليه من منزله فجر يوم 29 يناير 2019، كان من الناحية القانونية يستحق إطلاق السراح في يناير 2021 أي بعد مرور عامين على حبسه، لكن ذلك ما لم يحدث حتى الآن، ويتم التجديد له 45 يوما كل جلسة في المواعيد المحددة لها.
في يونيو 2021، فوجئ خالد علي، المحامي الحقوقي، باستدعاء موكله يحيى حسين من محبسه لاستكمال التحقيقات معه، ليكشف خالد علي بعد ذلك تفاصيل هذا التحقيق الذي جاء في قضية قديمة تعود إلى عام 2018 وكان وقتها قد حصل على قرار بإخلاء سبيل بكفالة 10 آلاف جنيه.
فضلاً على أنه تم التحقيق معه على ذمة القضية ١٣٥٦ لسنة ٢٠١٩، وهى التي تضم علاء عبد الفتاح ومحمد الباقر وآخرين.
أراء يحيى حسين عبد الهادي كانت واضحة في كتاباته ومقالاته المنشورة بعدد من الصحف والمواقع الإلكترونية، التي أغلقت بعد ذلك الباب في وجهه، ما دفعه للكتابة على صفحته الخاصة بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”.
اختار يحيى حسين عبد الهادي الانحياز للوطن وقضاياه وهمومه من البداية، وفي وقت سابق شغل منصب المتحدث باسم الحركة المدنية الديمقراطية، حيث اختارته الحركة في الذكرى الثانية لتأسيسها وأعلنت ذلك في بيان لها. وكان مديرا لمركز إعداد القادة، وهو أيضا من مؤسسي المركز، وأصبح مديرًا للمركز ووكيلًا لوزارة الاستثمار عام 2004.
كما أصبح عضوًا باللجنة الرئيسية لتقويم شركة “عمر أفندي” التي ضمت 15 عضوًا من قيادات قطاع الأعمال والخبراء، وكان موقفه واضحا من صفقة بيع سلسلة محلات “عمر أفندي”، فهو من أشد الرافضين لها لذلك تقدم ببلاغ ضد الحكومة ووزير الاستثمار على خلفية بيعها.
في ٢٩ يناير ٢٠١٩، ألقت قوات الأمن القبض على عبد الهادي، فجرا من منزله، عقب مطالبة الحركة بإطلاق سراح 5 من أعضاء “تيار الكرامة”، بسبب مشاركتهم في احتفالية ذكرى ثورة 25 يناير.
ظل مختفيا لساعات طويلة من القبض عليه- بحسب محاميه نجاد البرعي- الذي كتب وقتها منشورا على صفحته الخاصة على “فيس بوك” قائلا: “بحثنا عن المهندس يحي حسين عبد الهادي في كل مكان قسم أول مدينه نصر وقسم ثان مدينه نصر وذهبنا إلى نيابة أمن الدولة لا وجود له”.
نحو 24 ساعة مضت على اختفاءه، حتى ظهر بنيابة أمن الدولة على ذمة القضية 277 لسنة 2019، بتهمة نشر أخبار كاذبة ومشاركة جماعة غير قانونية في تحقيق أغراضها.
أسندت النيابة للمتهمين في قضية “اللهم ثورة” ومن بينهم المهندس يحيى حسين عبد الهادي، اتهامات بالانضمام لجماعة أنشأت خلافا لأحكام القانون تعمل على منع مؤسسات الدولة من أداء عملها، والإعداد والتخطيط لارتكاب أعمال عنف خلال شهري يناير وفبراير، واستغلال ذكرى ثورة 25 يناير للقيام بأعمال تخريبية ونشر الفوضى في البلاد.
حبس عبد الهادي ليس المرة الأولى، ففي نوفمبر ٢٠١٨، تم إخلاء سبيله بكفالة عشرة آلاف جنيه بعد ساعات من التحقيق معه في بلاغ تقدم به مواطن يتهمه بإهانة رئيس الدولة ونشر أخبار كاذبة وتكدير السلم العام.
وعن حالته الصحية، قال محامي الشبكة العربية، الذي كان حاضرا التحقيقات معه ومازال يحضر جلسات تجديد حبسه، إنه من اللحظة الأولى للقبض عليه “قدم المحامون ما يفيد حالته الصحية الحرجة وحاجته المستمرة للعلاج”.
وفي رحلته لمواجهة إهدار المال العام في صفقة بيع عمر أفندي، تقدم عبد الهادي ببلاغ للنائب العام ضد كل من وزير الاستثمار ورئيس الشركة القابضة بتهمة الضغط على لجنة التقييم التي كان عضوا منتدبا فيها لتسهيل الاستيلاء على المال العام لصالح شركة أنوال السعودية بمبلغ 450 مليون جنيه في حين أن التقييم الحقيقي 1.3 مليار جنيه أي هناك إهدار لـ600 مليون جنيه مصري.
وتقول الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، عن قرار عبد الهادي اللجوء للمحكمة: “كانت قضية عمر أفندي الحالة الوحيدة التي خرجت للنور بعد بلاغ عبد الهادي وقراره محاربة عملية البيع هذه مهما بلغت الضغوط التي سيتعرض لها هو وباقي أعضاء لجنة التقييم”.
وتعد حركة (لا لبيع مصر) التي شارك في تأسيسها عبد الهادي عام 2007، إحدى الحركات القوية التي وقفت في وجه الخصخصة وبيع أملاك المواطنين مع شبهات الفساد المالي والإداري.
ويقول عبد الهادي في حوار سابق عن تأسيسه هذه الحركة، التي ساهمت في تعطيل العديد من إجراءات بيع وخصخصة شركات ومصانع مملوكة للدولة “الهدف من قيام تلك الحركة هو حظر البيع لأي أصل عام قبل أن يقول الشعب كلمته في كيفية التصرف في ممتلكاته الباقية من خلال استفتاء حقيقي وبإشراف قضائي كامل”.
فيما طالبت الحركة المدنية الديمقراطية، بضرورة الإفراج الفوري عن يحيى حسين عبد الهادي وإسقاط كافة الاتهامات عنه، والتي قالت الحركة إنها “اتهامات مرسلة وواهية يتم توجيهها لكل معارضي النظام الحالي دون سند أو دليل”.
وأضافت الحركة في بيان سابق: “الأجهزة الأمنية التي وجهت للمهندس يحيى حسين التهمة المطاطة المسماة بالمساعدة في تحقيق أهداف جماعة إرهابية دون تحديد ماهية هذه الجماعة الوهمية، بجانب قائمة الاتهامات المعتادة الأخرى كبث إشاعات كاذبة واساءة استخدام وسائل التواصل، الخ، تناست أن هذا الرجل الوطني قد تم فصله من عمله على يد وزير الاستثمار السابق في سنة حكم جماعة الإخوان بسبب استضافة معهد اعداد القادة لرموز المعارضة ضد الرئيس المعزول محمد مرسى وجماعة الإخوان المسلمين”.
واختتمت الحركة بيانها، بـ”لا مبرر لاستمرار الحبس التعسفي للمهندس يحيى وعشرات آخرين من المناضلين الشرفاء المعروفين بدعمهم لدولة أساسها حكم القانون واحترام الدستور وتداول السلطة والسعي لتحقيق العدالة الاجتماعية للملايين من فقراء المصريين”.