بعد جدل طائفي.. الحكومة اللبنانية تتراجع عن قرار تأجيل العمل بالتوقيت الصيفي
أعلنت الحكومة اللبنانية، الإثنين، التراجع عن قرار تأجيل العمل بالتوقيت الصيفي، مبينة أنه سيعاد العمل به ابتداء من ليل الأربعاء الخميس. وذلك بعد أن أدى هذا القرار إلى انقسام كبير في البلاد.
وقال رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي: “لم أكن يوما من هواة التحدي والمناكفة ولم أكن يوما من هواة التعدي على مقامات ومرجعيات دينية أو زمنية والتطاول عليها. لم أكن يوما إلا صاحب رغبة وإرادة في الحفاظ على البلاد ومحاولة إخراجها من العتمة والعوز والعزلة”، مبينا أنه “للأسباب الآنفة كان قراري بالدعوة إلى عقد جلسات لمجلس الوزراء في الفترة الزمنية الماضية وكل القرارات التي اتخذت جاءت بدورها لتأمين سير المرافق العامة وللتخفيف عن الناس قدر الإمكان”.
وأوضح رئيس حكومة تصريف الأعمال أن “قرار استمرار العمل بالتوقيت الشتوي حتى نهاية شهر رمضان الذي تشاورت بشأنه مع رئيس مجلس النواب سبقته اجتماعات مكثفة على مدى أشهر بمشاركة وزراء ومعنيين، وكان الهدف منه إراحة الصائمين خلال شهر رمضان لساعة من الزمن من دون أن يسبب ذلك أي ضرر لأي مكوّن لبناني آخر علما أن هذا القرار اتخذ مرارا في السابق”.
وأضاف ميقاتي: “قررت دعوة مجلس الوزراء اليوم لعرض ما سبق وورد في مذكرتي تاريخ 23 الجاري بوجوب عرض الموضوع على مجلس الوزراء وكان نقاش هادىء حيث أبدى كل وزير رأيه”، معلنا أن “مجلس الوزراء قرّر الإبقاء على قرار مجلس الوزراء رقم 5 تاريخ 20-8-1998 باعتماد توقيت صيفي وشتوي من دون أي تعديل في الوقت الحاضر، وتقرر اعتماد التوقيت الصيفي ابتداء من ليل الأربعاء – الخميس”.
واستيقظ لبنان، الأحد، على توقيتين مختلفين وسط خلاف متصاعد بين السلطات السياسية والدينية بشأن قرار تمديد العمل بالتوقيت الشتوي لمدة شهر.
وكان رئيس حكومة تصريف الأعمال، نجيب ميقاتي، قد وأصدر قرارا يوم الخميس الماضي بتقديم التوقيت ساعة اعتبارا من 20 أبريل بدلا من بدء العمل بالتوقيت الصيفي في عطلة نهاية الأسبوع الأخير من مارس كما جرت العادة في في لبنان وأوروبا ومناطق أخرى.
وأعلن ميقاتي، وهو مسلم سني، القرار بعد اجتماع مع رئيس مجلس النواب الشيعي نبيه بري الذي أصر مرارا على تمديد العمل بالتوقيت الشتوي وفقا لمقطع فيديو للاجتماع نشره موقع (ميغافون) اللبناني على الإنترنت.
وقال بري، وفقا للمقطع المصور: “بدل ما يكون الساعة 7 يضل الساعة 6 من هلق (الآن) لآخر رمضان”.
ورغم عدم ذكر سبب للقرار، اعتبره البعض محاولة لخطب ود المسلمين بإتاحة الفرصة للصائمين في رمضان للإفطار مبكرا وفقا للتوقيت الشتوي عند حوالي الساعة السادسة مساء بدلا من السابعة حال تطبيق العمل بالتوقيت الصيفي في موعده المعتاد.
لكن الكنيسة المارونية ذات النفوذ في لبنان أعلنت، يوم السبت، أنها ستخالف القرار الذي وصفته بأنه “مفاجئ”، وقالت إنه لم تجر أي مشاورات مع الجهات المعنية الأخرى ولم تؤخذ المعايير الدولية في الاعتبار.
وقالت إنها ستقدم التوقيت ساعة مساء السبت وأعلنت مؤسسات وأحزاب ومدارس مسيحية خططا مماثلة.
وفي الوقت نفسه بدا أن المؤسسات والأحزاب الإسلامية ستستمر في العمل وفقا للتوقيت الشتوي، مما يعمق الانقسامات في بلد عاش حربا أهلية من عام 1975 إلى 1990 بين فصائل مسيحية وإسلامية ويقسم مقاعد البرلمان على أسس طائفية.
وأعلنت شركات ومؤسسات إعلامية أنها ستبدأ أيضا العمل بالتوقيت الصيفي مساء السبت مع تزايد الدعوات إلى العصيان. ومن بين هذه المؤسسات الإعلامية تلفزيوني (إل.بي.سي.آي) و(إم.تي.في)، وهما من أبرز القنوات الإخبارية في لبنان،
وقال تلفزيون “إل.بي.سي.آي” في بيان إنه لن يمتثل لقرار ميقاتي لأنه يؤثر على أعماله، مضيفا أن “لبنان ليس جزيرة معزولة”.
وحاول آخرون التكيف، إذ قالت شركة الخطوط الجوية اللبنانية (طيران الشرق الأوسط) إن ساعاتها وأجهزتها الأخرى ستبقى على التوقيت الشتوي تماشيا مع قرار ميقاتي، لكنها ستعدل أوقات رحلاتها لتتماشى مع التوقيتات الدولية.
وأرسلت شركة الاتصالات التي تديرها الدولة رسائل إلى العملاء تنصحهم بضبط الوقت على هواتفهم يدويا اليوم الأحد في حالة تقدم الساعة على هواتفهم تلقائيا.
وقال كثيرون إن الفوضى المحتملة ترمز لعقود من الحكم الفاشل لمسؤولين قادوا لبنان إلى أزمة مالية في عام 2019، وهي الأزمة التي قال البنك الدولي إن النخبة مسؤولة عنها.
وأظهر فيديو اجتماع ميقاتي مع بري رئيس حكومة تصريف الأعمال وهو يقول إن تمديد التوقيت الشتوي سيتسبب في “مشاكل” من بينها مواعيد رحلات الطيران.
لكن في وقت لاحق من ذلك اليوم أصدر ميقاتي قرارا بتمديد العمل بالتوقيت الشتوي.
ووصف مكتبه في بيان مساء أمس السبت القرار بأنه “إداري بحت” وعبر عن أسفه “للمنحى الطائفي الذي اتخذته مسألة تأخير التوقيت”.
وقال متحدث باسم مكتب رئيس الوزراء إن ليس لديه تعليق بعد على مبررات القرار ولا على ردود الفعل الغاضبة عليه.
ومع حلول يوم الإثنين، أعلنت الحكومة اللبنانية، التراجع عن قرار تأجيل العمل بالتوقيت الصيفي، مبينة أنه سيعاد العمل به ابتداء من ليل الأربعاء الخميس.