بعد “تويتر’.. مارك زوكيربرج يعلن تسريح 11 ألفا من موظفي “ميتا”
وبعد مرور أسبوع واحد فقط على تهاوي أسهمها في أسواق الأوراق المالية، أعلنت الشركة الأم التي تجمع فيس بوك وماسنجر وإنستاجرام اعتبارا من الأربعاء 7 نوفمبر عن أول موجة غير مسبوقة من تسريح العمالة.
وقال رئيس المجموعة مارك زوكربيرج إن شركته ستسرح 11 ألف موظف أي 13 بالمئة من القوى العاملة بها من أصل موظفي المجموعة البالغ عددهم 87 ألف موظف. وجاء تصريح زوكربيرج ليؤكد ما نشرته صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية التي حددت الأربعاء كتاريخ الإعلان الرسمي عن هذه الخطة.
تعاني الشركة الأم لفيس بوك بالفعل منذ أمد بعيد من مشاكل هيكلية فاقمها السياق الاقتصادي العالمي المتردي… تعاني “ميتا” في المقام الأول من عبء الاستثمارات الضخمة التي قام بها مارك زوكربيرج لتطوير “ميتافيرس”، إنترنت المستقبل، حيث سيتمكن المستخدم من التفاعل في عالم افتراضي في الواقع المعزز. ابتلع هذا الثقب الأسود المالي الذي لا يزال في مهده، 21 مليار دولار في عامين فقط، دون أن ينجح في إقناع المستثمرين أو الجمهور.
عالم مهجور على الإنترنت
“عوالم الأفق” أو منصة الواقع الافتراضي التي تم تقديمها على أنها “حجر الأساس” للميتافيرس، تضم أقل من مئتي ألف مستخدم شهريا وذلك بعد عشرة أشهر على انطلاقها، وفقا لصحيفة “وول ستريت جورنال”. يبدو إذن أن العالم على الشبكة العنكبوتية مهجور ومستقبل الميتافيرس بات مشكوكًا فيه من قبل عدد كبير من المراقبين.
يقول دومينيك بولييه، عالم اجتماع الاستخدام الرقمي في معهد الدراسات السياسية في باريس: “من المستحيل التنبؤ بمستقبل الميتافيرس، لكن ما تم إنجازه إلى الآن لم يجلب الكثير من الأرباح”. هذه الاستثمارات الضخمة لا تعكس صورة جيدة للمجموعة، “فإذا كان من الطبيعي في عالم الأعمال أن تخسر المال، غير إن هذه الاستثمارات لا تزال تمثل مبالغ خيالية”.
فيما تقول فيرجيني كليفر، مستشارة الإستراتيجية الرقمية، “إن الميتافيرس يخاطر ببقائه مجرد واجهة للزينة”. وهو ما يجعل المرء يتذكر “الحياة الثانية” [عالم افتراضي صدر في عام 2003، ملاحظة المحرر]، والذي كان فاتنا في البداية ثم أسلم الروح في النهاية. وبخاصة أن تكلفة الطاقة اللازمة لتشغيله هائلة، وفي السياق الحالي، تبدو غير واقعية بالمرة”.
انعدام الثقة
كما أن مشروع مارك زوكربيرج المجنون الذي من المفترض أن يصبح مستقبل الإنترنت، يثير الكثير من التساؤلات حول احترام البيانات الشخصية للمستخدمين. يؤكد دومينيك بولييه بقوله “إن الميتافيرس يهدف إلى التقاط جميع بيانات المستخدمين من خلال مجموع أنشطتهم، وحتى ما يفكرون فيه حيال العالم الافتراضي، وذلك من أجل تحقيق الأرباح”. ثم يواصل بالقول: “قد تشكل هذه الإستراتيجية خرقا للائحة العامة لحماية البيانات في أوروبا. وقد ينتهي الأمر بالمستخدمين إلى الملل من هذا النوع من الانجذاب الدائم الذي هو في نهاية المطاف تدخل تطفلي خطير على الخصوصية الشخصية”.
تعاني ميتا بالفعل من تلك السمعة السيئة في هذا الخصوص. فقد حصلت على لقب “أسوأ شركة” عام 2021 من قبل “ياهو فاينانس”، كما شهدت تشوه صورتها بسبب فضائح “كامبريدج أناليتيكا” و”أوراق فيس بوك”. وعلى الرغم من تغييرها لاسمها، فإن الشكوك لا تزال تحوم حول أخلاقياتها ما يقلص من عائداتها الإعلانية التي أضعفها بالفعل السياق الاقتصادي العالمي.
“ميتا تمر بمرحلة سلبية من جهة السمعة” كما يشير دومينيك بولييه. فقد تدهورت صورتها بوجه كبير في عيون المستثمرين والمعلنين. تستمر الاستثمارات في الضخ، لكن علاماتها التجارية المتعددة لم تعد تتمتع بثقة المستثمرين الكاملة. فهم يعيدون تقييم مواضع استثماراتهم ولم يعودوا يريدون وضع كل بيضهم في سلة واحدة”.
الصراع مع أبل
بالإضافة إلى ذلك، خسرت الشركة مليارات الدولارات من عائدات الإعلانات بسبب التغييرات التي أجرتها أبل في نظم تشغيل هواتفها الذكية عام 2021. فقد نفذت أبل مجموعة من التغييرات لحماية أكبر للبيانات الشخصية لمستخدميها، مما قلل من قدرات ميتا من جهة استخدام سياسة الإعلانات المستهدفة لمجتمعات بعينها.
كما أن العملاقين منخرطان بالفعل في صراع على قيمة الضريبة البالغة 30 بالمئة والتي كانت أبل تعتزم فرضها منذ أكتوبر الماضي على المحتوى المشمول بالرعاية على فيس بوك وإنستاجرام، بالإضافة إلى تلك التي تفرضها حاليا على رسوم المشتريات التي تتم داخل تطبيقات الهواتف الذكية. وهكذا اعترف مارك زوكربيرج “بالمشاكل المتعلقة بالإعلانات الاستهدافية” التي تضاف إلى مشكلات أخرى مثل كبر أعمارجمهوره وتراجع أعدادهم والمنافسة الشرسة مع تيك توك، والتي تؤدي إلى تبخر إيرادات “ميتا”.
“الإفلاس ليس واردا”
لكن فيرجيني كليف تذكرنا بأنه لا يجب أن ننخدع بكل ذلك، “فالشركة لا تزال بعيدة عن الإفلاس”. ثم توضح بالقول: “تواصل ميتا جمع مبالغ كبيرة من المال كما أنها تظل صلبة للغاية. وإفلاسها ليس أمرا واردا بالمرة، فإنستاجرام تتمتع بنمو قوي من جهة عدد المستخدمين وكذلك الأرباح”. وبالتالي فإن الشركة لا تزال قادرة على المقاومة. يوضح دومينيك بولييه قائلا: ” إن لديهم ثلاث حراب على الأقل”. فمع فيس بوك وإنستاجرام، تتمكن “ميتا” تمكن من تحقيق التوازن؛ فتطبيقاتها تتنوع حسب البلدان المنتشرة فيها، ولكن عموما، فإن الشركة قادرة على التماسك بفضل تنوع عروضها”.
تحتفظ “ميتا” أيضا بالقدرة على نسخ ابتكارات منافسيها بشكل فعال ولا تتردد في “قطع الفروع الميتة من شجرتها”، كما تلاحظ فيرجيني كليف. وهكذا أوقف مارك زوكربيرج الشراكة التي جمعت فيس بوك بعدد كبير من الصحف، ورحب بنجاح مشروع “Reels”، مقاطع الفيديو القصيرة المستوحاة مباشرة من منافسه “تيك توك”.
وأعلن زوكربيرج نهاية أكتوبر الماضي مبتهجا أن “140 مليون من هذه المقاطع القصيرة يجري تشغيلها على فيس بوك وإنستاجرام يوميا، أي بزيادة 50 بالمئة عما كان عليه الوضع قبل أكثر من ستة أشهر”. وأضاف “نعتقد أننا نكتسب حصة مهمة من السوق من أيدي منافسينا مثل تيك توك”.
على الرغم من فقدانها للتسارع في النمو، لا تزال الشبكة تحتفظ بما يقرب من ثلاثة مليارات مستخدم يوميا في جميع أنحاء العالم عام 2022 – بما في ذلك 40 مليونا في فرنسا – وهي ليست على وشك أن تخسرهم. “التوقف عن استعمال شبكة اجتماعية يعد أمرا معقدا”، كما يقول دومينيك بولييه. “بمجرد أن يستثمر المستخدم وقتا فيها، يكون اتخاذ قرار المغادرة مكلفا له، ولا يمكنه استرداد كل ما قام بفعله ونشره عليها”.
وإن كان العصر الذهبي لفيس بوك يبدو الآن أنه قد أفل، فالشركة لم تخسر بعد مكانتها لأنها لا تزال “ملكة” شبكات التواصل الاجتماعي. “لقد أصبح بالفعل عصر النمو المفرط لشركة ميتا أمرا من الماضي، فقد تأثرت ولأول مرة بالسياق الاقتصادي العالمي مثل أي شركة أخرى”، تلخص فيرجيني كليف. لكن لا ينبغي مع ذلك الحديث عن أفول تام بقدر الحديث عن الوصول لسن الرشد والنضوج. فشركة ميتا لا تزال تحقق أرباحا خيالية”.
كان أفاد رئيس إدارة السلامة والنزاهة في شركة تويتر يوئيل روث الجمعة بأن نحو 50 في المئة من الموظفين بالشركة فقدوا وظائفهم في إطار حملة التسريح التي أعقبت استحواذ الملياردير الأمريكي إيلون ماسك على تويتر.
وفي نفس الوقت، سعى رئيس السلامة والنزاهة في تغريدته إلى طمأنة المستخدمين والمعلنين بعد استحواذ الملياردير إيلون ماسك على الشركة.
وقال روث إن 15 بالمئة من موظفي تويتر في فريق السلامة والنزاهة، المسؤول عن منع انتشار المعلومات الخاطئة والمحتوى الضار، قد تم تسريحهم. وأضاف أن عمليات التسريح على مستوى الشركة أثرت على 50 بالمئة من الموظفين، وهو أول تأكيد من تويتر حول حجم عمليات التسريح.
ومع اقتراب موعد انتخابات التجديد النصفي للكونغرس الأمريكي بعد أيام قليلة، قال روث إن مكافحة المعلومات المضللة الضارة تظل أولوية قصوى.
من جهته قال ماسك في تغريدة بعد فترة وجيزة من تغريدة روث “مرة أخرى، لكي نكون واضحين تماما، يظل التزام تويتر القوي بالإشراف على المحتوى دون تغيير على الإطلاق”.
كان ماسك قد قال في وقت سابق إن تويتر شهدت “انخفاضا هائلا في الإيرادات” بسبب جماعات الحقوق المدنية التي أثارت مخاوف بشأن كيفية تأثير التسريح على آلية الإشراف على المحتوى، وضغطت على كبار المعلنين لسحب إنفاقهم الإعلاني. وقالت علامات تجارية كبرى إنها توقفت عن الإعلان على تويتر.