بعد تطبيقه لثلاثة عقود.. الدستورية تقضي بعدم دستورية قواعد تسوية «المعاش المبكر».. وخبراء: خطوة جيدة ينقصها التطبيق بأثر رجعي
المحكمة: إعمال الأثر الرجعي للحكم يفضي إلى تحمل الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي بأعباء مالية كبيرة
الميرغني: سنبحث مع محامين ومجموعات عمال إمكانية تطبيق الحكم على العمال الذين خرجوا على المعاش المبكر حديثًا
محب عبود: الحكم إقرار بمدى الظلم الذي وقع على ملايين العمال الذين أجبروا للخروج على المعاش المبكر
كتبت: إيمان عوف
أصدرت المحكمة الدستورية العليا، برئاسة المستشار بولس فهمي إسكندر، رئيس المحكمة، حكمًا بعدم دستورية قواعد تسوية معاش العاملين الذين انتهت خدمتهم بنظام المعاش المبكر، وفقًا لقانون التأمين الاجتماعي الملغي.
وقضت المحكمة، بالأمس، بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة (20) من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 المُستبدل بالقانون رقم 130 لسنة 2009 وسقوط الجدول رقم (9) المرفق بهذا القانون.
وبنت المحكمة حكمها على سند من أن النص المطعون فيه فيما قضى به من تسوية معاش من انتهت خدمتهم بالاستقالة (المعاش المبكر) بواقع جزء واحد من المعامل المناظر لسن المؤمن عليه المحدد بالجدول المشار إليه، بينما يسوي معاش من انتهت خدمتهم لغير سبب الاستقالة بواقع جزء واحد من خمسة وأربعين جزءًا من الأجر المنصوص عليه في المادة (19) من القانون ذاته، فإنه يكون قد أعاق النظام التأميني القائم على أساس المزايا المحددة عن تحقيق غايته في كفالة الدولة لخدمات التأمين الاجتماعي، موضحة أنه أقام تمييزًا غير مبرر بين أصحاب المعاش المبكر ومن عداهم من الفئات، رغم وحدة مراكزهم القانونية تجاه الخطر المؤمن منه، وأوضحت المحكمة أن وحدة المعامل الاكتواري هي مناط إعمال مبدأ المساواة بين المستحقين للمزايا التأمينية عند حلول آجال استحقاقها، وبذلك يكون النص المطعون فيه قد خالف المواد (8 و17 و53) من الدستور.
وذكرت المحكمة أن إعمال الأثر الرجعي لحكمها بعدم دستورية النص المشار إليه، يفضي إلى تحمل الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي بأعباء مالية كبيرة، فقد أعملت المحكمة الرخصة المخولة لها بموجب المادة (49) من قانونها، وحددت اليوم التالي لنشر الحكم في الجريدة الرسمية تاريخًا لإعمال آثاره.
من جانبه قال الخبير الاقتصادي، إلهامي الميرغني، في تصريحات لـ”درب” أن حكم المحكمة الدستورية بعدم دستورية (20) من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 المستبدل بالقانون رقم 130 لسنة 2009 وسقوط الجدول رقم (9) المرفق بهذا القانون، خطوة جيدة جدًا وتصب لصالح ما يقرب من مليون ونص مواطن مصري خرجوا على المعاش المبكر الفترة الماضية، إلا أنه وللأسف الشديد حكم مع إيقاف التنفيذ، لاسيما وأن المحكمة أقرت باعتبار التطبيق منذ صدور الحكم أمس، وبالتالي من خرجوا على المعاش المبكر طيلة الثلاثة عقود الماضية لن يستفيدوا منه.
وأضاف الميرغني أن ما يقرب من نصف مليون عامل خرجوا على المعاش قبل صدور قانون الخدمة المدنية، وما يزيد عن المليون خرجوا بعد تطبيقه، وهو ما يجعل عدد المستفيدين من تطبيق الحكم أعداد ضخمة، لافتا الى أن المحكمة في الشق الأول من حكمها أقرت بتعرض كل هؤلاء العمال للظلم والتعسف وعدم دستورية المواد القانونية _ المادة 20 من قانون التأمينات الملغي رقم 79 لسنة 75_ إلا أنها رأت أن منح كل هذه الأعداد الفروق بينهم وبين من خرجوا للمعاش العادي على سن الستين ستُجسد أزمة وعجز كبير في المالية فقررت حرمانهم من الحصول على حقهم في تلك الحقوق.
وتابع الميرغني: سنبحث مع المحامين ومجموعات العمال والمعاش المبكر إمكانية تطبيق ذلك الحكم على العمال الذين خرجوا على المعاش المبكر حديثا، مثل الشركة القومية للأسمنت وشركة الحديد والصلب، وغيرها من الشركات التي تم تصفيتها.
وأبدى الميرغني اندهاشة من إصرار الحكومة على حرمان لآصحاب المعاشات من حقوقهم الدنيا، والتي من بينها وضع حد أدني للأجر في القطاع العام 3500 وفي الخاص 3000 جنيه، ولأصحاب المعاشات يتراوح ما بين 110 لـ1200 جنيه.
وتساءل: “هل أصحاب المعاش يحصلون على سلع محددة بأسعار مخفضة حتى يحصلون على هذا الحد الأدني الذي لا يمكنه حتى حفظهم على قيد الحياة؟”.
ويتفق معه في الرأي محب عبود، عضو تنسيقية الأحزاب والعمال، والقيادي النقابي، وقال عبود إن حكم المحكمة الدستورية بعدم دستورية المادة 20 من قانون التامينات الملغي إقرار بمدى الظلم الذي وقع على ملايين العمال الذين أجبروا للخروج على المعاش المبكر، لافتا الى أن قانون التأمينات الجديد عالج هذا العوار بعدم وجود معاش مبكر فيه من الأساس والإقرار بحق العمال في الخروج على المعاش عند سن الستين، ولكن يتبقى حق ملايين العمال الذين اضطروا للخروج على مدار الثلاثين عاما الماضية.