بعد الملء الثاني للسد الإثيوبي.. السودان: تزايد إيراد النيل الأزرق لـ400 مليون متر مكعب في اليوم.. وخبير سدود يُحذر من خطر الفيضانات
الوزارة السودانية: ندعو الجهات المختصة والمواطنين لاتخاذ الحيطة حفاظا على أرواحهم وممتلكاتهم.. وسنواصل متابعة موقف الفيضان
كتب: عبد الرحمن بدر ووكالات
أعلنت الإدارة العامة لشؤون مياه النيل بوزارة الري والموارد المائية بالسودان في بيان اليوم الاثنين، تزايد إيراد النيل الازرق من 100 مليون متر مكعب إلى 400 مليون متر مكعب في اليوم، خلال الأسبوع الماضي، مع تقدم فصل الخريف وازدياد معدلات الأمطار بالهضبة الإثيوبية، مما أدى إلى ارتفاع كبير في مناسيب النيل الأزرق في محطات الروصيرص، سنجة، سنار، ودمدني ، والخرطوم.
وتوقعت الإدارة العامة استمرار زيادة المناسيب يوم غد الثلاثاء (بمعدل نصف متر) في قطاع النيل الأزرق من سنار الى الخرطوم والنيل الرئيسي شمال الخرطوم، وذكرت أن خزان جبل أولياء شارف على اكتمال الملء الأول لمنسوب 476.5 مليون متر مكعب، بينما تستمر بقية الخزانات (مروي وسنار وسدي ستيت وأعالي نهر عطبرة) في تمرير الوارد من النيل الأزرق والعطبراوي.
ودعت الإدارة العامة، الجهات المختصة والمواطنين لإتخاذ الحيطة والحذر حفاظا على أرواحهم وممتلكاتهم، مؤكدة أنها ستواصل متابعة موقف الفيضان.
يشار إلى أن هناك مخاوف سودانية من احتمال تكرار مأساة فيضانات العام الماضي التي أودت بحياة 117 شخصا، ودمرت 100 ألف منزل، وشردت نحو 600 ألف شخص.
وفي نهاية الأسبوع الماضي توقعت الإدارة العامة للخزانات بوزارة الري والموارد المائية حدوث زيادة في وارد مياه النيل الأزرق كنتيجة لهطول أمطار غزيرة في الهضبة الإثيوبية.
وقالت الوزارة إنه ستحدث زيادة تدريجية لمناسيب مياه النيل الأزرق جنوب خزان الروصيرص وشماله حتى الخرطوم. ودعت الوزارة المواطنين إلى اتخاذ الحيطة والحذر حفاظا على الأرواح والممتلكات. كما تحدثت تقارير عن ارتفاع في منسوب نهر عطبرة، مما أدى إلى وصول كميات غير متوقعة من المياه إلى بحيرة سد مروي في شمال السودان.
وعلى الرغم من تأكيد السلطات المختصة بذل الجهود الممكنة، إلا أن البعض يرى وجود مخاوف مستمرة تتطلب استعدادات أكبر للحد من الخسائر الكارثية التي حدثت العام الماضي.
من أبرز الأسباب التي تعزز مخاوف تكرار كارثة الفيضانات في السودان هذا العام استمرار هطول الأمطار الغزيرة في الهضبة الأثيوبية وعدم اتخاذ أي خطوات لتوسيع مجرى النيل في الخرطوم والذي تم تضييقه بسبب التعديات الإنشائية خلال حقبة النظام السابق، إضافة إلى عدم وضوح الرؤية بشأن ملء بحيرة سد النهضة.
وبحسب ما تقوله إثيوبيا، فإن السد الذي تبنيه إثيوبيا على النيل الأزرق على بعد 15 كيلومترا من الحدود السودانية بتكلفة تقدر بنحو 5 مليارات دولار؛ يعمل على تزايد احتمالات التدفق العشوائي، أو الغير متوقع لمياه السد في اتجاه الأراضي السودانية، مما يزيد من احتمال حدوث فيضانات في بعض مناطق السودان؛ خصوصا أن سعة خزان الروصيرص السوداني الذي يبعد نحو 100 كيلومترا من سد النهضة لا تتعدى 10 في المئة من سعة السد الإثيوبي.
وقال أبوبكر مصطفى، خبير السدود لـ (سكاي نيوز) إن عدم قدرة إثيوبيا على استكمال مرحلة رفع الحوائط الخرصانية إلى 595 مترا والاكتفاء بمستوى 574 متر فقط قد يزيد من خطر حدوث فيضانات أكبر هذا العام رغم عدم وجود دلائل قاطعة حتى الآن.
وتابع مصطفى أن الفترة التي سبقت وقوع كارثة الفيضانات شهدت حالة من الارتباك في عملية تشغيل سد الروصيرص بسبب الملء الأولي المفاجئ لسد النهضة بمقدار 4.9 مليار متر مكعب.
وفي وقت سابق وجه رئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد، رسالة طمأنة إلى مصر والسودان بعد اكتمال الملء الثاني للسد، جدد خلالها تأكيد أن الخطوة لن تضر أحدا.
ووصف رئيس الوزراء الإثيوبي مشروع سد النهضة بالمكسب والرمز الحقيقي للنمو والتعاون المشترك، وأشار إلى اكتمال عملية الملء الثاني لسد النهضة في 20 يوليو الجاري.
وسبق أن أكدت الحكومة السودانية أنها تكبدت كلفة اقتصادية عالية لمواجهة أي تداعيات لعملية التعبئة الثانية لسد النهضة، وشدد مصدر مسؤول بالحكومة السودانية للجزيرة على أن بلاده ليس لديها الاستعداد لتحمل تلك التكلفة في المستقبل.
وفي الثامن من يوليو، خلص مجلس الأمن الدولي إلى ضرورة إعادة مفاوضات سد النهضة إلى رعاية الاتحاد الأفريقي بشكل مكثف، لتوقيع اتفاق قانوني ملزم يلبي احتياجات الدول الثلاث.
يذكر أنه تتبادل مصر والسودان مع إثيوبيا اتهامات بالمسؤولية عن تعثر مفاوضات حول السد، يرعاها الاتحاد الأفريقي منذ أشهر ضمن مسار تفاوضي بدأ قبل نحو 10 سنوات.
يشار إلى أنه منذ العام 2011 تتفاوض دول المصب للوصول إلى اتّفاق حول ملء وتشغيل السد الذي تعده أديس أبابا ليكون أكبر مصدر لتوليد الطاقة الكهرومائية في إفريقيا بقدرة تصل إلى 6500 ميجاوات، دون التوصل إلى توافق.
وفي مارس 2015 وقع قادة الدول الثلاث في الخرطوم اتفاق إعلان مبادئ، إلا أن الخلافات استمرت، واستعرت مع بدء إثيوبيا هذا الشهر عملية الملء الثانية لخزان السد.
ففي حين ترى إثيوبيا أن السد ضروري لتحقيق التنمية الاقتصادية في البلاد، تعتبره مصر تهديداً لها ولحصتها المائية، لاسيما أن نهر النيل يؤمن نحو 97% من مياه الري والشرب في البلاد، فيما تعتبره الخرطوم خطرا على سدودها أيضا.