“باطل”.. حقوقيون ومنظمات عن تجديد الحبس دون حضور متهمين: مخالف للقانون.. وهذه هي المواد المنظمة للحبس الاحتياطي
كتب- حسين حسنين
شهدت دوائر جنايات الإرهاب خلال الأيام الثلاثة الماضية، مئات القرارات بتجديد حبس متهمين في قضايا سياسية، دون حضورهم من محبسهم أو السماح للمحامين وأعضاء هيئة الدفاع بإبداء الدفوع وتقديم الطلبات.
في الوقت الذي تعالت فيه الأصوات المطالبة بإخلاء سبيل جميع المتهمين الذين تم تجديد حبسهم الفترة السابقة دون حضورهم من محبسهم ومثولهم أمام قاضي الجنايات، معتبرين أن استمرار حبس المتهم دون حضوره “يبطل القرار”.
ورصد “درب” عدد من ردود الأفعال والتعليقات القانونية من محامين وحقوقيين ومنظمات مجتمع مدني، تؤكد جميعها أنه لابد من إخلاء سبيل المتهمين لأن استمرار حبسهم بهذه القرارات يعتبر باطل.
فيما قال محامون، إن جلسات أيام 4 و5 و6 مايو، شهدت قرارات من دوائر الإرهاب بالقاهرة والجيزة، بتجديد حبس ما يزيد عن 1260 متهما، دون أن يحضر أي منهم من محبسه.
وكان من بين من شملهم القرار بالتجديد، الصحفيين خالد داود وحسام مؤنس وهشام فؤاد، وأيضا ماهينور المصري وزياد العليمي وهيثم محمدين وسولافة مجدي وحسام الصياد ومحمد الباقر وعلاء عبد الفتاح وعبد الناصر إسماعيل والصحفي أحمد شاكر وإسراء عبد الفتاح وغيرهم.
باطل بطلانا مطلقا
“باطل بطلانا مطلقا ويسلب المتهم حقه”.. بهذه الجملة بدأ محامي المفوضية المصرية للحقوق والحريات، تعليقه القانوني على قرارات تجديد حبس المتهمين دون حضورهم، مؤكدا أن المشرع منح المتهم حق الحضور وإبداء الدفاع قبل صدور قرار تجديد حبسه.
وأضافت المفوضية، في تصريح على لسان محاميها، أمس الخميس، أن “المشرع اشترط سماع أقوال النيابة ودفاع المتهم قبل تجديد حبسه”، ولكن هذا ما لا يحدث حال التجديد دون إحضار المتهم من محبسه.
واستند التعليق على نص المادة 136 من قانون الإجراءات الجنائية رقم 150 لسنة 1950 والمعدلة بالقانون 145 لسنة 2006 بأنه “يجب على قاضي التحقيق قبل أن يصدر أمراً بالحبس أن يسمع أقوال النيابة العامة ودفاع المتهم”.
وأشار التعليق إلى قرار وزير العدل بتجديد حبس المتهمين دون حضورهم بسبب فيروس كورونا، قائلا “قرار وزير العدل حيز التنفيذ ونظر تجديدات حبس المتهمين في غيبتهم هو انتهاك صارخ لما كفله المشرع من ضمانة من أهم ضمانات الدفاع للمحبوسين احتياطيا وهي ضمانة حضوره جلسة نظر أمر حبسه ليتمكن من ابداء دفاعه”.
وأضاف: “إدخال قرار وزير العدل حيز التنفيذ ونظر تجديدات حبس المتهمين في غيبتهم هو انتهاك صارخ لما كفله المشرع من ضمانة من أهم ضمانات الدفاع للمحبوسين احتياطيا وهي ضمانة حضوره جلسة نظر أمر حبسه ليتمكن من ابداء دفاعه”.
شكاوى للمجلس الأعلى للقضاء
وقال المحامي الحقوقي خالد علي، إنه تقدم، الخميس، بطلب لمجلس القضاء الأعلى حمل رقم ٤٦٢، وبلاغ للنائب العام حمل رقم ٢٠٨٢٣ عرائض نائب عام، بصفته الدفاع الحاضر عن الدكتور حازم حسنى، أستاذ العلوم السياسية وخالد داوود رئيس حزب الدستور السابق.
وأضاف خالد علي أنه الدائرة الثانية جنايات بمعهد الأمناء نظرت الثلاثاء الماضي أمر حبسهما، وقررت تجديد حبسهما ٤٥ يوماً، بدون إحضارهم من محبسهم، وبدون سماع دفاعهم.
وتابع: “بالأمس تم عرض قضيتهم مرة أخرى على ذات الدائرة والتى نظرتها وقررت استمرار حبسهم ٤٥ يوماً دون إحضارهم من محبسهم أو سماع دفاعهم، بما يفيد نظر قضيتهم مرتين أمام ذات الدائرة خلال ٤٨ ساعة، وإصدار قرارين باستمرار حبسهم ٩٠ يوماً، كل قرار منهم بـ ٤٥ يومًا”.
وطالب خالد علي ببطلان هذه الجلسات وسقوط أمر الحبس وإخلاء سبيلهما على النحو الموضح بالطلب والشكوى.
فيما جدد علي، النداء لرئيس مجلس القضاء الأعلى والنائب العام، مطالبا بسرعة الإفراج عن المحبوسين احتياطيا، لما من التجديدات التي تمت خلال الفترة الماضية من مخالفة صريحة لنصوص قانون الإجراءات الجنائية.
وأشار علي إلى أنه تقدم بالنداء منذ أيام وخلال هذه المدة قامت الدائرة الثانية جنايات التي تنعقد بمعهد الأمناء بإصدار أوامر بتجديد حبس متهمين ٤٥ يومًا بدون إحضارهم من محبسهم أو سماع دفاع محاميهم.
وشدد على أن هناك شروط واجبة التنفيذ من أجل تجديد الحبس إلا أنه تم تجاهلها وهو ما يؤكد أن أمر الحبس أضحى باطلا.
عصف بحقوق المتهمين
نددت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، الأربعاء، بتجديد حبس المحبوسين احتياطيا دون حضور ودون دفاع، ومنع السجناء والمحبوسين احتياطيا من زيارة ذويهم ومحاميهم بالسجون، وقالت إن وباء فيروس كورونا المستجد «تحول إلى أداة أو وسيلة إضافية لزيادة التنكيل بالسجناء عموما، والمحبوسين احتياطيا من سجناء الرأي بوجه خاص».
وطالبت الشبكة في ورقة قانونية، بإخلاء سبيل المحبوسين احتياطيا لاسيما في قضايا الرأي والجرائم غير الخطيرة، والتوقف عن إهدار حقوق المتهم بما يسمى «التعذرات الأمنية»، وفتح الزيارات للسجناء مع اتخاذ أي اجراءات وقائية تقرها وزارة الصحة أو نقابة الاطباء.
وأشارت إلى أنه في قراره الصادر في 24مارس الماضي، لم يشير رئيس الوزراء مصطفى مدبولي إلى تعليق العمل في المحاكم والنيابات، إلا أن وزير العدل عمر مروان، وبعض رؤساء المحاكم «استبقوا هذا القرار، بتعليق العمل في كافة المحاكم والجلسات، وتأجيلها دون حضور أطراف القضايا»، منذ 16مارس، تحوطا لأي تداعيات محتملة لفيروس كورونا المستجد.
وأضافت أن وزارة الداخلية أيضا كانت قد قررت تعليق الزيارات بجميع السجون لمدة عشرة أيام اعتباراً من الثلاثاء الموافق 10 مارس الماضي، حرصاً على الصحة العامة وسلامة النزلاء، لكن «القبض على المواطنين لم يتوقف، وتجديد حبس المحبوسين لم يتوقف، لكنه تجديد على الورق».
وأوضحت الشبكة أن تجديد الحبس يجرى الآن «دون حضور المتهمين، دون حضور محاميهم، دون تقديم دفاع» ليصبح الوضع؛ منع السجناء والمحبوسين احتياطيا من زيارة ذويهم ومحاميهم بالسجون، وتجديد حبس المحبوسين احتياطيا دون حضور ودون دفاع، وتساءلت مستنكرة «فهل يجوز ذلك؟”.
ولفتت ورقة الشبكة إلى قول رئيس مجلس الشعب الأسبق والفقيه القانوني فتحي سرور، «إن الحبس الاحتياطي إجراء بالغ المساس بالحرية الشخصية، وقد كان له ماضِ ملوث شهد إساءة استخدامه فى كثير من الدول، خاصةً النظم التسلطية التى تتفوق فيها حقوق السلطة على حقوق الفرد، فبمقتضى هذا الإجراء يُودع المتهم فى السجن خلال فترة التحقيق كلها أو بعضها، ويتعرض لانتهاك كرامته الإنسانية التى يتمتع بها إبان كان طليق السراح، وهو ما يحتم التدقيق فى مراعاة درجة التناسب بين آلام الحبس الاحتياطي ومصلحة المجتمع”.
وشددت الشبكة على أن الحبس الاحتياطي يعد «إجراء بغيض» ويتعارض مع مبدأ «المتهم برئ حتى تثبت إدانته»، ولهذا اهتمت التشريعات الدولية والمحلية بتقييد الحبس الاحتياطي وحدد له مبررات وشروط ومدد يجب مراعاتها وإلا يسقط، مما يوجب الافراج عن المحبوس احتياطيا.