انضمام مصر إلى مجموعة “بريكس”.. هل هو خطوة للخروج من التبعية الأمريكية؟
بقلم / إلهامي الميرغني
ما بين تصريحات السادات بأن 99% من أوراق اللعبة السياسية في الشرق الأوسط بيد الولايات المتحدة الأمريكية ووسط حرب أكتوبر لتشهد المنطقة تحولات القبلة نحو الولايات المتحدة الأمريكية وهو ما دفع للمشاركة في حرب الخليج تحت العلم الأمريكي، وبين انضمام مصر إلى مجموعة بيركس مطلع 2024. هل تخرج مصر من التبعية الأمريكية؟!.
عقدت بريكس أول اجتماعاتها عام 2009 بعد أن تشكلت من خمس دول هي الصين والهند وروسيا وجنوب إفريقيا والبرازيل، وأعلنت الدول الخمس عن نيتها إصدار عملة خاصة بها في المعاملات في مواجهة سيطرة الدولار الأمريكي على نظام النقد العالمي وتمثل اقتصاديات دول البريكس الخمسة 26% من الاقتصاد العالمي ويعيش فيها 40% من سكان العالم.
يفرض نظام النقد العالمي أن تتحمل كل دول العالم أزمة الديون الأمريكية والدولار المطبوع والذي طبعت منه الولايات المتحدة خلال أزمة كورونا فقط أكثر من 3 تريليون دولار بحيث توزع أعباء الأزمة والتضخم الأمريكي على كل دول العالم التي تعتمد الدولار الأمريكي في تسوية معاملاتها الدولية. لذلك فكر الكبار الصين والهند وروسيا في بناء نظام اقتصادي جديد من خلال مجموعة البريكس والتي تضم البرازيل وجنوب إفريقيا وتسعى العديد من دول العالم إلى طلب الانضمام إلى المجموعة والتي أعلنت في ختام أعمالها اليوم ضم 6 دول جديدة لعضويتها إعتبارًا من أول يناير 2024 هم إثيوبيا والأرجنتين وإيران و مصر والسعودية والإمارات. وبذلك تسيطر المجموعة على 29% من الاقتصاد العالمي وتمثل نصف سكان العالم وهي بالتالي تملك إمكانية كسر وضع العالم الاحادي القطب وبناء تكتل اقتصادي عالمي جديد.
هل تستطيع مصر الخروج من التبعية الأمريكية؟!
منذ سنوات ندعو لوقف دولرة الاقتصاد المصري ولكن مع حدوث الطفرة النفطية في منتصف سبعينات القرن الماضي وظهور البترودولار أصبح الاقتصاد العالمي ونظام النقد العالمي أسير الدولار الأمريكي ولتتحمل كل دول العالم أعباء الأزمة الاقتصادية الأمريكية.
ومؤكد أننا والعديد من القوي السياسية ندعو منذ سنوات للخروج من التبعية الأمريكية اقتصادياً وسياسياً لأن وضع مصر ومكانتها تؤهلها لمكان أفضل من موقعها الحالي. ولكن رغم أهمية هذه الخطوة إلا أن العلاقات المصرية الأمريكية على الصعيد الاقتصادي مركبة ومنها:
– بلغت الاستثمارات الأمريكية المباشرة في مصر 24 مليار دولار عام 2022 (739.2 مليار جنيه مصري ) وفي عام واحد ارتفعت الاستثمارات الأمريكية 9.2 مليار دولار.
– تبلغ قيمة واردات مصر من الولايات المتحدة الأمريكية 6.1 مليار دولار مقابل 2.5 مليار دولار صادرات مصرية للولايات المتحدة.
– خلال 11 سنة بلغ حجم التبادل التجاري مع الولايات المتحدة الأمريكية 75.6 مليار دولار (2328.5 مليار جنيه او 2.3 تريليون جنيه).
– تستورد مصر من الولايات المتحدة الأمريكية ب 1.6 مليار دولار حبوب ونباتات طبية و 447.8 مليون دولار أدوية ومنتجات صيدلية.
– يوجد 1.8 مليون مصري مقيمين في الولايات المتحدة الأمريكية منهم 700 ألف في ولاية كاليفورنيا وهم من أهم مصادر تحويلات العاملين في الخارج.
– احتياطي مصر من العملات الأجنبية مقوم بالدولار الأمريكي وقد بلغت قيمته 34.8 مليار دولار أمريكي.
– تستثمر مصر بحوالي 2.2 مليار دولار في سندات الخزانة الأمريكية.
– اصدرت مصر سندات خزانة مقومة بالدولار الأمريكي بقيمة تصل الي 17.8 مليار دولار.
– مع ارتفاع ديون مصر الخارجية فإن قيمة الديون الأمريكية المباشرة تعد رقم بسيط من إجمالي الديون المصرية الخارجية والتي تجاوزت 165 مليار جنيه. ولكن 55 مليار دولار من ديون مصر لمؤسسات التمويل الدولية والتي تسيطر الولايات لامتحدة الأمريكية علي قراراتها الاقتصادية وتوجيه تمويلاتها.
– تحصل مصر علي معونة سنوية من الولايات المتحدة سنوياً منذ كامب دافيد تبلغ 2.1 مليار دولار منها 1.3 مليار لشراء اسلحة و800 مليون مساعدات اقتصادية.
– تعد مصر من أكبر مشتري السلاح في العالم وتصدرت روسيا قائمة الموردين لمصر بنحو 34 %، ثم تليها كل من إيطاليا وفرنسا بـ19 % لكل منهما. ولكن مصر ملتزمة بعمل مناورات عسكرية سنوية مع الولايات المتحدة وإسرائيل.
ربما تحاول مصر والسعودية تخفيف العلاقة مع الولايات المتحدة والبحث عن قطب اقتصادي لعمل توازن في العلاقات وهو ما نتمناه وندعمه. لكن الحقيقة ان الروابط السياسية والاقتصادية لمصر مع الولايات المتحدة كبيرة وعميقة ولن تحدث بها تغيرات كبري رغم انضمام مصر لاتفاق البريكس.
مؤكد أن مصر مستفيدة من التصدير والاستيراد بالجنيه المصري كما أنها مستفيدة من التعامل بعملة البريكس المتوقع إصدارها خاصة وأن الصين وروسيا والسعودية من أهم الدول التي تستورد منها مصر. لذلك انضمام مصر خطوة هامة للاقتصاد المصري ولكنها تحتاج لخطوات أخرى كثيرة لفك الارتباط الاقتصادي والسياسي مع الولايات المتحدة وبناء علاقات متوزانة في ظل البريكس. والشهور القادمة ستوضح حقيقة خروج مصر من التبعية الأمريكية أم تعميقها.