“الوطنية للصحافة” تواصل جلساتها لرسم خارطة الطريق.. والبلشي: يجب منح الصحافة المساحة الكافية لأداء رسالتها بعيدًا عن أية قيود
كتب – أحمد سلامة
في إطار الاجتماعات التي تعقدها الهيئة الوطنية للصحافة برئاسة عبد الصادق الشوربجي، تواصلت النقاشات الواسعة حول صياغة خارطة طريق إعلامية وصحفية شاملة، تنفيذًا لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، وتكليفات رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، من أجل تطوير المنظومة الإعلامية بما يواكب التحولات المتسارعة إقليميًا ودوليًا.
وشهدت الجلسة حضورًا واسعًا ضم نقيب الصحفيين خالد البلشي، وعددًا من رؤساء مجالس الإدارات ورؤساء التحرير، وأعضاء مجلس نقابة الصحفيين، ونقباء سابقين، إلى جانب نخبة من الكتاب الصحفيين والخبراء. وقد أدار النقاش الكاتب الصحفي حمدي رزق، عضو الهيئة الوطنية للصحافة، وشارك فيه ممثلون عن مؤسسة الأهرام وأخبار اليوم والجمهورية، إضافة إلى مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الذي شارك في إعداد ورقة عمل متكاملة حول تطوير الإعلام المصري.
وقال خالد البلشي، نقيب الصحفيين، إن مصر بدأت بالفعل «الطريق الصحيح لإعلام أكثر تطورًا»، مشددًا على أن هناك إرادة سياسية جادة تدفع نحو الإصلاح والتطوير، وأن المرحلة المقبلة تتطلب تكاتف جميع الأطراف، من الدولة والهيئات الإعلامية والمؤسسات الصحفية، للعمل على استراتيجية جديدة تعيد للإعلام المصري مكانته وتزيد من قدرته على التعبير عن قضايا المجتمع. وأضاف: “الصحافة سلعة ذات طبيعة خاصة، ويجب أن نمنحها المساحة الكافية لتؤدي رسالتها بعيدًا عن أية قيود، مع إتاحة الرأي والرأي الآخر، بما يثري المشهد الإعلامي ويعزز ثقة الجمهور”.
وأكد البلشي أن الصحافة القومية ستظل هي «الرافد الرئيسي وضابط الأداء الصحفي»، موضحًا أن تطويرها ضرورة قصوى، ليس فقط لأنها مؤسسات راسخة تمتلك تاريخًا ومصداقية، ولكن لأنها قاطرة التطوير التي يمكن أن يبنى عليها مستقبل أفضل للصحافة المصرية.
كما أشار إلى أهمية إصلاح الوضع الاقتصادي لتلك المؤسسات، وإقرار حوافز تسهم في دعمها، من بينها إسقاط الضرائب المتراكمة وتخفيف الأعباء الجمركية عن مستلزمات الطباعة.
من جانبه، شدد عبد الصادق الشوربجي رئيس الهيئة الوطنية للصحافة، على أن العمل الجماعي يمثل الضمانة الأساسية للخروج بتوصيات عملية وملامح واضحة لخارطة الطريق الإعلامية، موضحًا أن الهيئة أنجزت خلال السنوات الخمس الماضية خطوات مهمة في إدارة الأصول وحل المديونيات وتحسين موارد المؤسسات. وأكد أن الفترة المقبلة ستشهد استمرارًا لجهود التدريب وتطوير المحتوى، وتحسين الأداء الإداري والتحريري، إلى جانب التوسع في تحديث المنصات الرقمية للمؤسسات القومية.
وخلال الجلسة، استعرض الكاتب الصحفي علاء ثابت، وكيل الهيئة، أهمية التحديث المستمر في المؤسسات الصحفية لمواكبة التطور الهائل في عالم الاتصالات، بينما شددت الكاتبة أمينة شفيق على ضرورة معالجة ملف المعاشات بشكل نهائي، معربة عن تفاؤلها بانطلاقة إعلامية متميزة لمصر في المستقبل القريب.
وتضمنت المداخلات الأخرى مطالبات متعددة، أبرزها إصدار قانون لحرية تداول المعلومات باعتباره أحد الأعمدة الرئيسية لأي تطوير، وإجراء تعديلات تشريعية في مجالي التأمينات والضرائب للتخفيف عن كاهل المؤسسات، واستثمار الأصول لتعظيم الموارد المالية، إلى جانب ضخ دماء جديدة داخل المؤسسات وتوفير برامج تدريب متطورة للصحفيين.
كما طرح عدد من المتحدثين رؤى بشأن مواجهة التحديات الرقمية والمنافسة الشرسة مع الإعلام الجديد، حيث أكد محمد يحيى عضو مجلس النقابة على ضرورة اقتحام عالم السوشيال ميديا ومنصات الفيديوهات، بينما شدد حسين الزناتي على أهمية تعديل التشريعات الصحفية وجذب موارد جديدة. وأكد جمال عبد الرحيم على أن الحفاظ على الصحافة الورقية يمثل جزءًا من «الأمن القومي الثقافي»، داعيًا إلى استثمار المؤسسات القومية بشكل أفضل.
واتفق الحضور على أن «خارطة الطريق الإعلامية» لا بد أن ترتكز على ثلاثة محاور أساسية: تطوير الصحافة المطبوعة والرقمية، تحسين البنية التحتية للمؤسسات القومية، وإعادة الاعتبار للتدريب كأداة محورية في رفع مستوى المهنة. كما شددوا على أن التحديات التي تواجه الإعلام المصري اليوم – من ضغوط مالية، وتحولات رقمية، ومنافسة إقليمية ودولية – تجعل من هذه الجلسات الحوارية نقطة انطلاق أساسية لإعادة صياغة المشهد الإعلامي برؤية وطنية شاملة.

