الوصم بسبب كورونا.. 7 مشاهد لمعاملة المصابين في مصر.. وممرضة مصابة: الناس حسستني أن الإصابة وصمة عار
وفاء: حرمنا من ذوينا وبيوتنا وأولادنا لنواجه العار ممن يعلمون بإصابتنا فهل هذا جزاؤنا؟
مشتبه به جاءت تحاليله سلبية: الناس كانوا بيخافوا يلمسوني.. كنت مضطر اقول أنا سليم ومش مصاب
مريض يهرب بعد الاشتباه في إصابته بكورونا.. وأهالي يقذفون سيارة الإسعاف بالطوب .. وذعر بسبب جثة متوفي بكورونا
الأمين العام للأمم المتحدة: لا للوصم انه وقت التعقل.. وإيهاب الخراط: يجب التضامن فى مواجهة الوباء
تحـقـيق – حـنـان فـكـري
“الناس حسستني أن الإصابة بالمرض وصمة عار” هكذا وصفت وفاء صلاح الممرضة بحميات إمبابة والتي أصيبت بفيروس كورونا خلال عملها وهي حامل، وظلت في مستشفى العزل بالإسماعيلية 10 أيام وتعافت وجنينها بخير، تقول “الناس فى المنطقة بيعاملونى وحش جدًا أنا وأهلى كإننا عملنا حاجة وحشة ودا أمر بيضايقنى، إضافًة إلى الإشاعات التى أطلقها البعض علي”
مشهد وصم ممرضة قاسي، انسانيا فضلا عن أن الاصابة ناجمة عن أدائها لدورها، لحمايتنا، فبدون عمل الأطقم الطبية التي تقوم بدور كبير في ظل الإمكانات المحدودة، سينتشر المرض ليصل إلى كل الواصمين، تضيف وفاء “حرمنا من ذوينا وبيوتنا وأولادنا لنواجه العار ممن يعلمون بإصابتنا فهل هذا هو جزاؤنا؟”.
ما هو الوصم
يصف المركز الإسباني للتحكم فى الأمراض ومنعها، الوصم بأنه :” وصمة العار التي تربط بين الخطر وبين شخص أو مكان أو شيء محدد – مثل مجموعة أقلية من السكان – مثلما حدث مع البعض من أصول أسيوية أثناء انتشار فيروس كورونا وفي الوصم لا يوجد دليل على أن الخطر أكبر في تلك المجموعة من عامة السكان”. ووصمة العار شائعة بشكل خاص في تفشي الأمراض. ويمكن أن تحدث وصمة العار أيضًا بعد تحرير الشخص من الحجر الصحي مثلما يحدث فى الإصابة بفيروس كورونا COVID-19، على الرغم من أن المتعافي لا يعتبر خطرًا أو مسبباً لانتشار الفيروس.
ويشير المركز إلى أن الوصم يؤذي الجميع، من خلال خلق المزيد من الخوف أو الغضب – وهي مشاعر خاطئة موجهة نحو الناس بدلاً من أن توجه نحو المرض الذي يسبب الأذى. كما يمكن للوصمة أن تسمح للشائعات باكتساب قوة، ويؤكد المركز أن الأشخاص الذين قد يعانون من وصمة العار بسبب COVID-19 يتعرضون للتجنب أو رفض اجتماعي
وأحياناً يتعرضون للحرمان من الرعاية الصحية والتعليم والسكن والعمل، وربما للعنف الجسدي.، وتشير تقارير إلى أن الوصمة تؤثر على الصحة العاطفية أو العقلية، للمجموعات الموصومة والمجتمعات التي يعيشون فيها.لذلك فإن إيقاف الوصمة أمر مهم لجعل المجتمعات وأفراد المجتمع صامدين
مشاهد مصرية للوصم
مشاهد الوصم في مصر كاشفة عن مدى تغلغل الخوف من المرض، فـ “الكحة” تحتاج إلى تفسير، و”العطسة” رعب يجب أن تفعله في الخفاء، والذهاب إلى المستشفي لتلقي اى نوع من العلاج وصمة، الخوف صار مضاعفاً مرة من الفيروس ومرة بسبب الوصم!، الخوف من المجتمع الذي ينبذك ويبعدك خوفا منك، وصم لحق -من قبل مرضى- الإيدز، وفيروس سي، وغيرهم، ويمتد الآن للمصابين بفيروس كورونا أو المشتبه في إصابتهم، وأفراد الطواقم الطبية.
قسوة الوصم ظهرت في رد الفعل المجتمعي على هروب مشتبه بإصابته بفيروس كورونا من مستشفى الهرم، بعدها اثبتت التحاليل أنه غير مصاب، وكشف الدكتور منصور خليل، مدير مستشفى الهرم، أن المريض هرب بعد اتخاذ كافة الإجراءات الاحترازية والتي تتضمن العزل واستخدام المسكنات وتحويله للحميات، خوفاً من عزله، لكن عملية الوصم ظهرت في رد فعل المجتمع الذي جاء غاية فى القسوة، خرجت الأخبار لتؤكد أن هناك ذعر بين المواطنين بعد هروب مصاب بكورونا، رغم عدم التأكد من إصابته أعقبها منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تحذر من هروب المريض، الذى ظهر بالفحوصات لاحقاً، أن نتيجة تحليله جاءت سلبية.
أعقب ذلك إصابة شخص من منطقة عزبة النخل، وحينما وصلت سيارة الإسعاف لتقله من منزله إلى موقع الحجر والعزل الصحي، قام البعض بقذف السيارة بالحجارة، وتجريس الرجل، كما لو كان قد ارتكب جريمة.
المشهد الرابع .. ذعر الجثث
المشهد الرابع من كفر الدوار: طبيب في مستشفى العزل ب “العجمي” بالإسكندرية أصيب بكورونا، وانتقلت العدوى لوالده، وتوفي الوالد، اتجهت أسرة الطبيب لدفن والده في منطقة بولس بكفر الدوار بالبحيرة، وهناك كانت المفاجأة بدلا من اتمام مراسم الدفن، تحول الأمر إلى ذعر من الجثة، ورفض أهل البلدة دفن الرجل في مقابرهم ، حتى أنهم اشتبكوا مع المعارضين لذلك ومع أسرة المتوفى، ووقعت اشتباكات، أيضا مع قوات الأمن، ولم يتم فض الاشتباكات إلا بعد إطلاق رصاص في الهواء لتفريق الحشود، وتم دفن والد الطبيب بالطريقة الصحية حسب إرشادات وزارة الصحة، لم يتوقف أحد أمام حقيقة بسيطة أن إصابة الطبيب التي كانت السبب في عدوى والده ووفاته كانت بسبب أدائه لدوره في علاج المواطنين.
المشهد الخامس.. أنا سليم
محمود مصطفى، أحد العاملين فى السياحة بعد عزله فى أحد فنادق مرسى مطروح لحين ظهور نتائج تحاليله والتي جاءت سلبية، يقول :” 3 أيام قضيتها فى الحجر الصحى خائفا أترقب نتائج التحاليل،«الناس بتنظر للفيروس كأنه طاعون، بيخافوا يلمسوك، فى مرة واحد قابلنى وكان يعرفنى لقيته بيبعد عنى، قلت له أنا سليم ومش مصاب»، ويؤكد محمود أن نظرات الناس لا تشغل باله: “الفيروس حاجة لا تديننى أصلا ومش عيب ده غير إنى نتيجة التحاليل ثبتت عدم إصابتى”
المشهد السادس.. التمييز ضد الأسيويين
شخص من أصول أسيوية تنمر به البعض فى مصر، وتكرر الفعل فى دول عديدة مع الأسيويين، يقول أحدهم: تسكن بداخلي مرارة قاسية. عندما أكون في مكان عام، أشعر أنني محطّ الأنظار ولا أحس بالارتياح. في القطار، لدي شعور بأن لا أحد يريد أن يجلس بجواري بسبب أصولي الآسيويّة. يرافقني دائماً مشاعر مستمرة من الضيق والاستبعاد والغضب، خصوصاً بعدما اشتهر عن كورونا أنه الفيروس الصيني حسب تعبير ترامب الرئيس الأمريكي”، هذا التعبير انتشر، باعتباره تمييزا عنصريا ضد عرق بعينه، فالوصم يمكن أن يمتد للدول وليس فقط الأفراد.
المشهد السابع.. قرية كاملة
الوصم تعدى الأفراد ليصل لقرى بكاملها ، هذا ما جرى فى بلقاس بالدقهلية يوم 17 مارس، بعدما ظهرت أول حالة وفاة بسبب كورونا، وتم وضع 300 أسرة تحت الحجر الصحى هناك، وبعدها بدأ التنمر والتلاسن بسبب الإصابات، وبرزت مقولة “لو سلمت على بلقاسى اقطع دراعي” وفى المقابل أنكر أهالي بلقاس الإصابات بالفيروس، وكذبوا وزارة الصحة خوفا من الوصم، وأصبح كورونا ليس فيروسًا فقط إنما “وصمة” أيضًا يجب مواجهتها.
الإصابة ليست فضيحة
يقول الصحفي شقيق الطاهر:” أخشي ما أخشاه أن يكون البعض قد اتخذ قراراً بالموت في صمت خوفا من “فضيحة” الإصابة بفيروس كورونا، بعد أن لاحظت خوفاً غير مبرر لدى كل من يعلن عن حالة وفاة فى أسرته، خلال الأيام القليلة الماضية، متنصلاً من أن يكون سبب الموت كورونا!! بل ولدى كل من يصاب بنزلة برد قد تكون عادية جداً، ويكمل شقيق:”يا ناس الإصابة بكورونا ليست فضيحة وهو بالتأكيد ليس جريمة، ولا يمس الشرف ولا يقلل من الكرامة، أطلبوا العلاج والمساعدة”
ويقول دكتور إيهاب الخراطـ استشاري الطب النفسي: “الوصم بشكل عام، أن يعتبر البعض إنساناً آخر أو مجموعة من البشر أقل منهم أخلاقياً، أو أخطر عليهم من الآخرين صحياً أو مجتمعياً. وفي حالة انتشار فيروس كورونا، هناك شقين للموضوع الشق الأول، أن المصاب المعروف أنه مصاب بالفيروس، يشكل مصدراً للعدوى فمن الطبيعي أن ينظر إليه باعتباره خطراً علينا. لكن الواقع أن عدداً كبيراً من حاملي الفيروس لم تظهر عليهم الأعراض بعد، أو قد لا تظهر أبدا وربما لن يتم تشخيصهم أبدا. وهم يشكلون أيضاً مصدراً للعدوى، لذلك علينا أن نتعامل مع كل الناس، وخاصة أن نتعامل مع أنفسنا كأننا حاملين للفيروس، لأننا لا نعرف إن كنا نحمله أم لا. وهذا في حد ذاته يشكل موقفاً سليما صحياً، ويدفعنا في اتجاه الوقاية السليمة، إنما أيضا يمنعنا من وصم المرضى بأنهم “أخطر” من غيرهم. لأن من لم تظهر عليه الأعراض، بما فيه نحن- حفظنا الله وإياكم- قد نكون مصدر الخطر الحقيقي.
ويضيف الخراط:” أما الشق الثاني فهو وصمة الضعف الأخلاقي. وهي وسيلة دفاعية غير واعية تصيب أذهاننا أن المريض ربما كان الله يعاقبه على فعل شرير. أو أنه أهمل أو استهتر بتعليمات الوقاية. ومن الواضح حماقة الاتهامين. لكن حتى الأذكياء منا قد يضبطوا أنفسهم متلبسين، بهذا التفكير في أعماق ذهنهم. التضامن الإنساني موقف أساسي لمواجهة الوباء والحب موقف أساسي لمواجهة الخوف الذي يدفعنا لوصم الآخرين من حيث لا ندري.”
أثر الوصمة على الموصوم :
يقول على كريم السيد، الباحث العراقي فى علم الاجتماع:في مقال له منشور على موقع المدى إن الوصمة الاجتماعية تجرد الفرد من أهلية القبول الاجتماعي الكامل، وتنسب الأخطاء والآثام، التي هو غير مسئول عنها، ولا تكمن آثار الوصمة فقط في قدرتها على زرع الاكتئاب والقلق في قلب الموصوم، إلا أنها تعمل على انهيار الضابط الأخلاقي والثقة بالنفس، ومن ثَمَّ الإصابة بالوهن والجمود وعدم القدرة على الإبداع أو حتى العمل.
ويكمل قائلا:” وصم كورونا فى كل المجتمعات فهنا فى العراق، شاهدت قبل أيام مقطعاً مرئياً، لعائلة كان لديها مصاب وتوفي بسبب المرض، وتم فرض الحجر المنزلي على العائلة، التي أكملت فترة العزل ثم أرادت الحصول على حريتها مرة أخرى، لكنها فوجئت بمقاطعة المجتمع، والمعاملة السيئة فما كانت إلا أنهم هددوا بالانتحار في حال استمرت المعاملة السيئة من قبل المؤسسة الرسمية والمجتمع المحلي.
كيف نكافح العار؟
وقال الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو جويتريش، إنه يمكن للناس مكافحة وصمة العار من خلال تقديم الدعم الاجتماعي. وتعلم وتبادل الحقائق. وإيصال الحقائق بأن الفيروسات لا تستهدف مجموعات عرقية أو اثنية محددة ورفع مستوى الوعي حول COVID-19 دون زيادة الخوف. بمشاركة المعلومات الدقيقة حول كيفية انتشار الفيروس. كن حذرًا بشأن الصور التي تتم مشاركتها. تأكد من أنها لا تعزز الصور النمطية. والانخراط مع المجموعات الموصومة شخصيًا وعبر القنوات الإعلامية بما في ذلك وسائل الإعلام الإخبارية ووسائل التواصل الاجتماعي.
ماذا فعل الآخرون
حينما تعالت شكاوى أفراد طاقم طيران هندى من مقاطعة جيرانهم بسبب وصمهم أنهم يختلطون بجنسيات أخرى. وبرغم أن الحكومة في “دلهي” قامت بتطهير منازلهم ومنازل كل من هم في الحجر الصحي، إلا أن الوصمة الاجتماعية تزداد، كلما زادت أعداد المصابين بالفيروس لذلك قدمت الهند نموذجاً ايجابياً، وأثني رئيس الوزراء ناريندرا على مقاطعة جانتا تحديداً، حيث وقف الهنود في مجموعات للتصفيق بالأواني لدعم عمال الخطوط الأمامية، الذين يتضررون جراء تزايد احتمالية إصابتهم بالفيروس. فكيف ستسير الأمور فى العالم كله خلال الأيام القادمة؟ هل يزداد الوصم أم ينحسر مع تزايد الأعداد؟
Pingback: درب – الوصم بسبب كورونا.. 7 مشاهد لمعاملة المصابين في مصر.. وممرضة مصابة: الناس حسستني أن الإصابة وصمة عار – جديد نيوز